ملفات وتقارير

هل يضحي السيسي بحزب النور بعد قانون حل الأحزاب الدينية؟

تنص المادة (54) من دستور 2014 المصري على "حظر إنشاء الأحزاب السياسية على أساس ديني"- أرشيفية
تنص المادة (54) من دستور 2014 المصري على "حظر إنشاء الأحزاب السياسية على أساس ديني"- أرشيفية

أثار تحرك برلماني لحل الأحزاب الدينية التكهنات حول احتمالات تضحية النظام العسكري الحاكم في مصر بحزب "النور" السلفي، الذراع السياسي للسلفيين بمصر، والظهير الديني للنظام بمجلس النواب، وداعمه الأساسي بأوساط السلفيين.


عضو لجنة الاتصالات بمجلس النواب، النائب أحمد رفعت، أعلن بمداخلة هاتفية لفضائية"TEN"، مساء الأربعاء، أنه بصدد إعداد مشروع قانون لحل الأحزاب الدينية لمخالفتها الدستور وتقديمه رسميا للمجلس، مؤكدا أن هذا الأمر يرتبط بالأمن القومي المصري وليس للعبث بالخريطة السياسية لمصر.


النائب المثير للجدل بدعواته السابق لحرمان مقاطعي الانتخابات الرئاسية من التموين، وحظر الدخول للمواقع الإباحية إلا بالبطاقة؛ زعم أن هناك أمورا خطيرة تحت الرماد اسمها الأحزاب الدينية وأن أحزاب "النور"، و"البناء والتنمية" الذراع السياسي للجماعة الإسلامية، وحزب "الوسط" ذا التوجه الإسلامي، تآمرت على الدولة وكيانها وسعت لتقسيم الشعب وما زالت قائمة ويمكن أن تعيد ما حدث.

 

اقرأ أيضا: لماذا يعقد حزب النور السلفي مؤتمراته بعيدا عن أعين الإعلام؟


وبمداخلة أخرى مع نفس الفضائية، دعا المرشح الرئاسي السابق موسى مصطفى موسى، إلى شطب الأحزاب الدينية من خريطة الحياة السياسية، مستثنيا حزب النور بدعوى أنه متفاعل مع الدولة وموجود بكل المحافل، ولم يقم بأي خروقات حتى الآن، ولا يتكلم إلا بالدين البحت.


ومرارا طالب النائب محمد أبو حامد، بحل الأحزاب القائمة على أساس ديني، مثل "مصر القوية" و"الوسط" زاعما أنها خطر كبير على الأمن القومي، فيما دعا أستاذ القانون بجامعة القاهرة، شوقي السيد، لجنة شؤون الأحزاب بالنظر للأحزاب التي تأخذ الدين غطاء لها، متهما إياها بالقيام بأدوار خفية.


انطلاقة ثم خفوت


وتم تدشين عدة أحزاب ذات توجه إسلامي منذ ثورة يناير 2011، في انطلاقة قوية لها وأبرزها "الحرية والعدالة" الذراع السياسية للإخوان المسلمين، و"النور"، و"البناء والتنمية"، و"الوسط"، و"مصر القوية"، و"النهضة"، و"الريادة"، و"التيار"، و"الأصالة"، و"الفضيلة"، و"الإصلاح"، فيما تتجاوز أعداد الأحزاب الأخرى بالبلاد المئة حزبا.


ومع الانقلاب العسكري منتصف 2013، بدأ خفوت نجم أحزاب الإسلاميين التي واجهت بطش النظام بحل "الحرية والعدالة" واعتقال قياداته، والضغوط والدعاوى القضائية لحل "البناء والتنمية"، وتعرض قيادات "الوسط" للاعتقال، لكن الحال على عكس ذلك بالنسبة لـ"النور".


ومنذ اللحظة الأولى شارك الحزب السلفي، بالانقلاب العسكري على أول تجربة ديمقراطية لمصر والانقلاب على الرئيس محمد مرسي، وأيد قائد الجيش المنقلب عبدالفتاح السيسي للفوز بمدتين رئاسيتين والدفاع عن سياساته وإقرار قوانينه وتشريعاته بمجلس النواب، حيث يحظى الحزب بتمثيل 12 نائبا له بالبرلمان؛ ولكن من آن لآخر تسري دعوات من سياسيين وإعلاميين للتخلص من "النور" أيضا.


وتنص المادة (54) من دستور 2014، على "حظر إنشاء الأحزاب السياسية على أساس ديني أو بناء على التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو على أساس طائفي أو جغرافــــــي أو معـــــــاد لمبادئ الديمقراطية".


التحضير للدولة اللادينية


وحول دلالات تصريحات النائب البرلماني حول الأحزاب الدينية، وإمكانية تضحية النظام بحزب "النور" بشكل خاص، يرى الباحث والإعلامي أحمد رشدي، أن "(البناء والتنمية) الوحيد الذي لا يزال قائما على أسس ومبادئ ثورة يناير ولم يكن جزءا من انقلاب يوليو، بعدما جمد (الوسط) أنشطته بعد اعتقال رئيسه أبو العلا ماضي وخروجه مؤخرا، لذا فالحديث عن حله رغم قيامه بحكم من الإدارة العليا -هناك قضية بهذا الصدد- قد يكون له ما يبرره لدى الانقلابيين".


واستدرك رشدي قائلا لـ"عربي21" إن "الحديث عن (النور) له وجهة أخرى، هي أن مصر الانقلاب تتجه بخطى حثيثة نحو اللا دينية بالحكم والفكر والسياسة والقيم ونحو التصوف والاعتزال في الدين؛ بحيث يطلقون التصوف والجامية مدخلا للتدجين للشعب، والاعتزال كبوابة لتقديم العقل على الشرع بما يسمح بتسويق العلمانية بشكل شرعي".

 

اقرأ أيضا: دعاة وبرلمانيون يطالبون بحظر النقاب.. هل يفعلها السيسي؟


وأكد أن "الدلالات على ذلك أكثر من أن تحصى؛ ولا تزال الحركة السلفية بالرغم من تدجينها سياسيا هي العائق أمام الفكر الاعتزالي واللا دينية"، مضيفا أن "مقتضيات المرحلة القادمة لدى عصابة الانقلاب، كما أقرؤها من مفردات الواقع، لا تتسع أبدا لوجود الفكر السلفي بكل أطيافه وسيكون التخلص منه بشكل مرحلي".


وأشار إلى أن "البداية بالوسط، والبناء والتنمية، لعدم تأييدهم للانقلاب ومن ثم النور، لانتهاء دوره بالمشهد السياسي وعدم الرغبة بوجوده بمراحل التحضير الأخيرة للدولة اللا دينية"، متوقعا أن يأتي "من بعدهم السلفية الجامية كآخر المرحلة قبل الانتقال للإجهاز على الأزهر الشريف أو تحويله لمنارة للفكر المعتزلي الذي يخدم دولة العلمانية".


صنيعة أمنية


رؤية وجوب التخلص من الأحزاب الدينية وعلى رأسها النور يدعمها اليسار المصري أيضا، وفي تعليقه يرى الناشط ذو التوجه اليساري، المستشار صابر شاهين، أن "النظام بحاجة دائما إلى الواجهة الدينية بكثير من أفعاله المنافية للدين"، قائلا: "جماعة الإخوان لم تك حزبا وركبت الثورة والسلفيين مشوا في ركبهم وكان سلوكهم بمنتهى السوء".


وأضاف شاهين لـ"عربي21"، أن "خلاص النظام من السلفيين لا يكون قاصرا على حزب النور، ولكن يجب أن يشمل جميع التيارات الدينية وجميع البرامج التليفزيونية"، ناصحا النظام بأن "يتجه لتخفيف القيود الأمنية على اليسار وأظن أن النظام يخشى من اليسار أكثر من أي فكر سياسي آخر"، حسب تعبيره.


وأكد أن "حزب النور الحالي هو صنيعة أمنية ديكورية للنظام؛ قد يتخلص منه النظام وإن كنت أراه ليس قريبا، فمن واقع النظام فقد تخلص من كل معاونيه ويجب التخلص من جميع الأذرع السياسية لجميع الأحزاب ذات الصبغة الدينية، لأنها دائما تعمل بالخفاء وتتآمر على النظام وعلى بعضها البعض"، بحسب قوله.

التعليقات (0)