حقوق وحريات

شهادات مرعبة عن "مقابر" الحبس الانفرادي بالسجون المصرية

يؤكد التقرير أن الحبس الانفرادي المطوَّل يُستخدم لإجبار السجناء للإدلاء باعترافات أو معاقبتهم لاعتراضهم على المعاملة السيئة
يؤكد التقرير أن الحبس الانفرادي المطوَّل يُستخدم لإجبار السجناء للإدلاء باعترافات أو معاقبتهم لاعتراضهم على المعاملة السيئة

كشف أهالي المعتقلين المصريين بعنبر 2، وزنازين العزل بعنبر 4 بسجن العقرب، أن ذويهم على وشك الموت للظروف المعيشية القاسية التي يتعرضون لها في فصل الشتاء؛ نتيجة حبسهم في زنازين انفرادية، ليس بها أي شيء من مقومات الحياة، بهذا البرد القارس، الذي يؤدي لانخفاض درجة حرارة الزنازين لأقل من 3 درجات مئوية، بالإضافة لحبس بعضهم انفراديا لمدة تجاوزت خمس سنوات متصلة.


وحسب تقرير أصدرته منظمة العفو الدولية عن الحبس الانفرادي بالسجون المصرية، فإن السلطات تقوم باحتجاز عشرات الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان وقيادات جماعة الإخوان المسلمين بالحبس الانفرادي، في ظل ظروف مروِّعة تقتل كل معاني الإنسانية، وفق وصف المنظمة.

 

ويؤكد التقرير أن الحبس الانفرادي المطوَّل يُستخدم لإجبار السجناء للإدلاء باعترافات، أو معاقبتهم لاعتراضهم على المعاملة السيئة من مسؤولي السجون، وفي بعض الحالات يستمر الحبس الانفرادي لعدة سنوات، وهو الأمر الذي يُعد نوع من التعذيب، حيث يجبر المعتقلين على البقاء في ظروف مروِّعة بالزنازين.

 

وقد استمعت "عربي21" لشهادات عديدة لمعتقلين سابقين، كانت لهم تجارب قاسية مع الحبس الانفرادي بسجن العقرب وعنبر التجربة بسجن ليمان طرة، وعنبر العزل بسجن وادي النطرون، وعنبر التأديب الانفرادي بسجون الاستقبال والمحكوم وأبو زعبل.


ثلاجة الموتى


وتشير شهادة المعتقل السابق سعيد عبد الله، التي عرضها من خلال "عربي21"، أنه دخل سجن العقرب بشهر آذار/ مارس 2014، واستمر محبوسا في زنازين الدواعي الأمنية بعنبر 4 المخصص للمحكوم عليهم بالإعدام، وهي زنازين انفرادية مساحتها 2 متر × 3 متر، وليس بها سوى حنفية مياه، أما دورة المياه فهي جزء من الزنزانة، رغم أنه كان رهن الحبس الاحتياطي، ولم يكن محكوما عليه.


ويضيف عبد الله أن الزنزانة مدهونة باللون الأسود كجزء من العقاب الاستباقي، وللضغط على أعصاب المعتقل، ورغم أن العرف بالسجن أن يظل المعتقل الجديد في هذه الزنزانة لمدة 40 يوما كحد أقصى، إلا أنه ظل بها لمدة 9 أشهر كاملة، قبل أن يتم نقله لعنبر آخر، بعد زيادة أعداد المحكوم عليهم بالإعدام من معارضي السيسي.

 

ويشير عبد الله إلى أن الزنزانة ليس بها أي شيء من مقومات الحياة، كما أن الطعام الذي يقدم لعنابر

التأديب والدواعي هو نصف كمية الطعام الذي يقدم لباقي المساجين، وهو عبارة عن رغيف ونصف من الخبز باليوم، و50 جراما من الفول بالإفطار ومثلهم أرز في الغذاء، أما مياه الشرب فهي مخلوطة دائما بمياه الصرف الصحي.

 

وعن الوضع بعيدا عن زنازين الدواعي، يؤكد المعتقل السابق أن سجن العقرب به 4 عنابر منها عنبر كامل يسع لـ80 زنزانة كلهم حبس انفرادي، وهو العنبر الخاص بقيادات الإخوان المسلمين وبعض قيادات الجماعات الإسلامية الأخرى التي تثير القلق داخل السجن، موضحا أن الوضع في هذه الزنازين أفضل من الدواعي لكونها باللون الأبيض وليس الأسود، ولكنها أقرب لثلاجة الموتى في فصل الشتاء، حيث تنخفض درجة الحرارة فيها عن 3 درجات مئوية.

 

انتهاكات جنسية

 

ولم يختلف الوضع في عنبر الانفرادي بسجن أبو زعبل، حيث يروي الداعية الأزهري عبد الرحمن العقبي شهادته لـ "عربي21"، موضحا أنه سجن بالانفرادي لعدة أشهر، نتيجة مشادة حدثت بينه وبين أحد ضابط السجن.

 

ويحكي العقبي أن إدارة السجن قامت بحلق شعره "زيرو"، كما جردوه من ملابسه الداخلية، وابقوا على ملابس السجن الخفيفة فقط، وجردوه من نظارته الطبية، وأدوية الضغط التي يتناولها طبقا لتوصية طبيب السجن، وحرموه من الزيارة والتواصل مع أي مخلوق طوال وجوده بالانفرادي، كما منعوه من رؤية الشمس لمدة 6 أشهر متصلة.


ويشير العقبي إلى أنه في بداية حبسه انفراديا، كان يتعرض لحفلتي تأديب، الأولى قبل الظهر والثانية بعد العشاء، حيث يقوم مجموعة من مخبري السجن بفتح الزنزانة عليه وتعصيب عينيه، وتجريده من ملابسه، ويقومون بضربه والتحرش به بشكل مهين، بالإضافة للشتائم والألفاظ الخارجة، والتهديد باغتصابه، إلا أن أصعب الأوقات التي مر بها كانت في أثناء التحقيق معه من ضابط الأمن الوطني بالسجن.

 

وعلى حد وصف العقبي، فإنه لم يكن تحقيقا على الإطلاق، وإنما اختبارا للموت، وهل يمكن لميت أن يعود للحياة مرة أخرى، حيث كان يتم صعقه بالكهرباء بأعضائه التناسلية، وإغراقه في برميل مياه، وعندما يفقد الوعي كان يتم إفاقته بأساليب قذرة، لم يكن يتخيل أن يتعرض لها إنسان على وجه الأرض، وعندما قال للضابط إنه سوف يشتكيه، قال له بكل غرور: "حتى لو نزل هنا ربنا ميهمنيش".

 

ويشير العقبي إلى أنه حاول التقدم ببلاغ للنائب العام أو للمجلس القومي لحقوق الإنسان بعد خروجه من السجن، لكنهم في المجلس القومي رفضوا مقابلته، كما أن أقاربه نصحوه بعدم الذهاب للنيابة؛ حتى لا يتم اعتقاله مرة أخرى.

التعليقات (0)