ملفات وتقارير

ماذا بعد التصعيد الأمريكي بخصوص معاهدة الأسلحة النووية؟

موسكو عرضت مؤخرا نظاما لصواريخ كروز تقول الولايات المتحدة إنه ينتهك المعاهدة- جيتي
موسكو عرضت مؤخرا نظاما لصواريخ كروز تقول الولايات المتحدة إنه ينتهك المعاهدة- جيتي

أثار طلب الولايات المتحدة من روسيا تدمير نظام جديد لصواريخ كروز الموجهة، واعتباره انتهاكا مباشرا لمعاهدة الأسلحة النووية المتوسطة المدى، التكهنات حيال مستقبل هذه المعاهدة ومخاوف من تجدد الحرب الباردة بين البلدين.


وزاد من المخاوف الرد الروسي على الطلب الأمريكي، حيث قال سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية: "إنه من غير المقبول أن تطالب واشنطن روسيا بتدمير نظام 9M729 وروسيا مستعدة لاتخاذ تدابير عسكرية حال استمرار الانسحاب الأمريكي من معاهدة الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى".


وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هدد في شهر تشرين الأول/أكتوبر العام الماضي بالانسحاب من عدة اتفاقيات ومنها معاهدة الأسلحة النووية متوسطة المدى مع روسيا فما جدية هذا التهديد؟


جدية التهديدات

 

 وحيال هذه التطورات يرى المحلل السياسي والمختص بالشأن الأمريكي خالد صفوري أنه "من الوارد جدا أن تنسحب أمريكا من هذه المعاهدات إذا لم يتم الاتفاق بين الطرفين، خاصة أن العلاقة الأمريكية الروسية هي سيئة جدا نتيجة لمشاكل كثيرة وأهمها أوكرانيا وأيضا الموضوع الإيراني".


وتابع صفوري في حديث لـ"عربي21": "هناك معاهدات حول الصواريخ بين الدولتين، وأمريكا تتهم روسيا بأنها خرقتها، وكانت موسكو أعلنت عن تطويرها لصاروخ لا تستطيع المضادات الأرضية التصدي له".


وأضاف: "بالمقابل قال لي مسؤول أمريكي قبل فترة إنهم يطورون مدفعية لا تحتاج لمدفع لإطلاقها، وإنما يتم الإطلاق بواسطة الليزر بمدى يصل 150 ميلا، بالتالي هناك حرب علمية وتكنولوجية بين الدولتين تدور رحاها في الخفاء".


واستدرك صفوري بالقول: "قبل الحديث عن جدية تهديد واشنطن بالانسحاب من المعاهدة، علينا أن نفهم نقطة مهمة وهي أن الإدارة الأمريكية الحالية تعيش حالة من التخبط فيما يخص السياسة الخارجية وفي الالتزام بالاتفاقيات ضد روسيا".


وسرد مثالا على تخبط الإدارة الأمريكية، "بتشريع الكونغرس الأسبوع الماضي قرار يرفض فيه رفع العقوبات عن بعض المقربين من الرئيس الروسي بوتين، على الرغم من أن الرئيس ترامب قال بأنه سيرفع هذه العقوبات، لكن المجلس وحتى الجمهوريين رفضوا طلبه".


وخلص بالقول: "بالتالي الصورة إلى الآن غير واضحة نتيجة للتخبط، فإدارة الرئيس ترامب تريد شيئا، والكونغرس يفرض عليها شيئا آخر".


الرد الروسي

 

 من جهته، اعتبر المحلل السياسي الروسي أندريه أونتيكوف المطالبات الأمريكية بتدمير صواريخ كروز "غير منطقية" معللا ذلك بأن "هذه الصواريخ لا تهدد معاهدة الصواريخ القصيرة ومتوسطة المدى".


وتابع أونتيكوف في حديث لـ"عربي21: "هناك نقطة مهمة لا بد من الإشارة إليها وهي أن معاهدة خفض الصواريخ لا تشمل تلك التي تكون على السفن، وإنما فقط التي تنطلق من الأرض".


وأضاف: "لذلك كما أشار المسؤولون الروس يمكن لروسيا نشر هذه الصواريخ متوسطة المدى على السفن، ويمكن إرسالها قرب الشواطئ الأمريكية وبهذه الطريقة يمكن أن تهدد أمريكا، بالتالي هذه المطالبات لا مجال لها سواء من الناحية القانونية أو الأمنية".


وأشار إلى أن أمريكا "قررت الانسحاب من المعاهدة وستنسحب منها حتى لو قامت روسيا بتدمير الصواريخ المختلف عليها، بالتالي حتى لو فعلت موسكو ذلك ستجد واشنطن ذريعة أخرى للانسحاب".


وأكد بأنه إذا "أرادت واشنطن تعديل المعاهدة يمكن أن تجلس الدولتان على طاولة الحوار وبحث الأمر بشكل جدي، ولكن كما أشار مؤخرا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف تم عقد جلسة بين الخبراء الروس والأمريكان بهذا الخصوص في 15 يناير، وفشلت بسبب المطالبات الأمريكية غير المقبولة".


وحول الرد الروسي المتوقع على طلب واشنطن تدمير الصواريخ أو انسحابها من معاهدة الأسلحة النووية، قال أونتيكوف: "روسيا لن تدمر صواريخ كروز، وهي جاهزة للحوار إذا رغبت واشنطن، ويمكن أن نعيد النظر في بنود هذه المعاهدة، أو حتى التوصل لتغيير بعض هذه البنود ولكن كل هذا يجب أن يكون عبر الحوار وليس التهديدات".


وتابع المحلل الروسي: "وإذا انسحبت واشنطن من المعاهدة يجب أن نتابع خطواتها التالية، فمثلا إذا قامت بنشر صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى بعد انسحابها في الدول الأوربية قرب الحدود الروسية، فإن روسيا ستقوم كذلك بنشر الصواريخ المماثلة قرب حدود تلك الدول الأوروبية".


وخلص بالقول إلى أن روسيا "لن تبدأ بالخطوة الأولى في مسألة نشر الصواريخ أو الانسحاب من المعاهدات، ولو قامت أمريكا بالانسحاب لكنها لم تنشر الصواريخ في المناطق الأوروبية القريبة من روسيا موسكو لن ترد".


احتمالات الحرب الباردة

 

 وعن احتمالات عودة الحرب الباردة واشتداد وتيرة سباق التسلح بين الدولتين، يقول المحلل السياسي خالد صفوري: "بالتأكيد لن نرى حربا باردة أو سباق تسلح جديد، وفي الوضع العالمي الحالي لا تسعى أي دولة وخاصة أمريكا لصراع جديد، فالقديم كان يستهلك من واشنطن من الناحية المادية الكثير، وهناك قناعة أمريكية برفض صرف كمية هائلة من المال في سباق تسلح جديد".


في المقابل، يقول أندريه أونتيكوف: "موسكو لا تريد التورط في سباق تسلح جديد، ولكن في حال انسحبت واشنطن من المعاهدات الثنائية سيكون الرد الروسي بحماية السيادة والأراضي الروسية وأمنها القومي".


وختم بالقول: "انسحاب واشنطن سيهدد السلم العلمي فهي قد تجبر الدول الأوروبية بعد انسحابها من المعاهدة على نشر الصواريخ الأمريكية على أراضيها وهذا الأمر تهديد واضح للأمن القومي لروسيا والتي سترد على ذلك بالمثل".


التعليقات (0)