سياسة عربية

لماذا لم تغضب مصر من زيارة سفير إسرائيل لمعرض الكتاب؟

السفير الإسرائيلي دافيد غوفرين زار معرض القاهرة الدولي للكتاب بصحبة عدد من موظفي السفارة- فيسبوك
السفير الإسرائيلي دافيد غوفرين زار معرض القاهرة الدولي للكتاب بصحبة عدد من موظفي السفارة- فيسبوك

أكد سياسيون وإعلاميون ومثقفون مصريون أن زيارة السفير الإسرائيلي بالقاهرة لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، تمثل خطوة جديدة في سعي رئيس نظام الانقلاب عبد الفتاح السيسي لفرض التطبيع الشعبي مع إسرائيل كأمر واقع.


وحسب الخبراء الذين تحدثوا لـ "عربي21" فإن تبرير رئيس الهيئة العامة للكتاب، بأن الزيارة تمت بشكل شخصي تمثل عذرا أقبح من الذنب نفسه، خاصة أن تحركات المسؤولين الإسرائيليين تتم وفق إجراءات أمنية صارمة من أجهزة المخابرات والأمن المصرية.


وكان الموقع الرسمي لسفارة إسرائيل بالقاهرة، نشر خبرا عن قيام السفير دافيد غوفرين لمعرض القاهرة الدولي للكتاب بصحبة عدد من موظفي السفارة، بجولة يوم الثلاثاء الماضي بأرجاء المعرض الذي يجري للمرة الأولى بمركز مصر للمعارض الدولية التابع للقوات المسلحة.

 


وفي تعليقه على الزيارة، اكتفي رئيس الهيئة العامة للكتاب هيثم الحاج علي، بتصريح مقتضب أكد فيه أنَّ الزيارة غير رسمية، وأن الجهات المعنية لم تخبر إدارة المعرض بها، وأنهم لم يسمعوا عن الزيارة إلا بعد انتهائها.


وحسب التصريح الصحفي الذي تناقلته وسائل الإعلام عن الحاج، فإن السفير الإسرائيلي زار المعرض كزائر عادي، مر بالخطوات الطبيعة للزوار من قطع تذكرة عبر "شباك التذاكر"، والوقوف في "طوابير الدخول"، وبالتالي لا يمكن لأحد منعه.


تصرفات صبيانية

 
من جانبها عبرت اللجنة الثقافية بنقابة الصحفيين المصريين عن استيائها من الزيارة وتبرير المسؤولين عن معرض الكتاب لها، مؤكدة في بيان وصل "عربي21" نسخة منه أن هذه التصرفات الصبيانية للسفير ومحاولته الإيحاء بوجود حالة من التطبيع الثقافي، لن تثني الشعب المصري عن التأكيد على رفضه لكل أشكال التطبيع.


وفي تعليقه على غياب التعاطي الرافض للزيارة أكد عضو مجلس نقابة الصحفيين ومقرر اللجنة الثقافية عمرو بدر لـ "عربي21" أن هناك عدة أسباب أدت لذلك، منها أنها جاءت في وقت انشغل فيه الرأي العام بقضية الاعتقالات التي نفذها النظام المصري خلال الأيام الماضية ضد الناشطين السياسيين الذين أرادوا الاحتفال بذكري ثورة يناير، بالإضافة لتزايد الحديث عن التعديلات الدستورية المرتقبة، وما جرى في زيارة الرئيس الفرنسي للقاهرة.


ويؤكد بدر أن الزيارة في كل الأحوال مرفوضة وتمثل عارا لمن وجه الدعوة للسفير، مشيرا إلى أن ما يتم ترديده بأنها زيارة غير رسمية مبرر ساذج، في ظل الإجراءات الأمنية التي تحيط بتحركات السفير الإسرائيلي تحديدا، وبالتالي فإن التبريرات تمثل إهانة للمشاعر المصرية الوطنية الرافضة للتطبيع.


لهذه الأسباب


ويحدد عضو البرلمان المصري السابق عزب مصطفي لـ "عربي21" أسباب غياب ردود الفعل الشعبية تجاه الزيارة، بأنها نتيجة طبيعية لغياب الشخصيات والهيئات الفاعلة التي كانت تتصدى لخطوات التطبيع، إما نتيجة الاعتقال، أو التصفية الجسدية، أو لكونهم هاربين من بطش النظام العسكري الحاكم.


ويضيف النائب السابق أن النظام العسكري برئاسة السيسي، يعمل بكل طاقته لتغييب الرافضين للتطبيع مع إسرائيل، سواء كانوا من جماعة الإخوان المسلمين أو من باقي القوي المناهضة للتطبيع، بالإضافة لغياب دور النقابات المهنية التي كانت حاضنة قوية للجان التطبيع خلال حكم مبارك، وهي اللجان التي كان لها مواقف صلبة أجبرت نظام مبارك على أن يظل التطبيع في نطاقه السياسي الرسمي المحدود.


ويرى مصطفى أن المشكلة الأخري تتمثل في القبضة الأمنية الشرسة لنظام السيسي والتي لم تعد تهتم إلا بحماية أمن نظامه العسكري، وكل ما يرتبط به من مكونات داخلية وإقليمية، ومنها علاقته المشبوهة بإسرائيل التي تعتبر السيسي واحدا من أهم داعمي أمنها الإقليمي.


ويشير مصطفى إلى أن زيارة السفير الاسرائيلي لمعرض الكتاب وزيارة وزير الطاقة الإسرائيلي لقلعة صلاح الدين ومسجد محمد علي قبل أسابيع، وقبلهما حفل السفارة الإسرائيلية بأحد فنادق القاهرة بمناسبة ذكرى النكبة، تأتي ضمن خطوات التطبيع الشعبي التي يحاول نظام السيسي فرضها كأمر واقع على الشعب المصري.

 

اقرأ أيضا: السفير الإسرائيلي يغرس شجرة زيتون في مصر (شاهد)

ووفقا للنائب السابق والعضو بمنتدى البرلمانيين الدولي الداعم لفلسطين، فإن الشعب المصري يتعرض لحملة غسيل مخ في ظل السيطرة الأمنية على وسائل الإعلام، مشيرا إلى أن غياب قيادات العمل الإسلامي عن الشارع المصري، كشف حقيقة مواقف كثير من الشخصيات السياسية والفكرية والنقابية في قضية التطبيع.


وفي نفس الإطار يؤكد رئيس تحرير جريدة البديل ووكيل نقابة الصحفيين السابق خالد البلشي لـ"عربي21" أن أية تحركات إسرائيلية بالوسط الثقافي أو الشعبي مرفوضة، سواء كانت بتنسيق أو بغير تنسيق، مؤكدا أن المثقفين المصريين سوف يظلون السند الأول للقضية الفلسطينية.


ويشير البلشي إلى أن محاولات التطبيع الشعبي سوف تفشل، مهما كانت الضغوط التي تتم ممارستها من قبل النظم الحاكمة، ورغبات بعض الفئات التي لا ترى في التطبيع مع إسرائيل مشكلة، مؤكدا أن البوصلة الوطنية مازالت واضحة رغم كل ما يجري، وأنها لن تتغير بالأوضاع القائمة، وإنما هي مستمرة، وأنه لو صح أن السفير ذهب دون تنسيق فهي افعال صبيانية تستهدف فرض أمر واقع ولكنه لن ينجح في النهاية.

 

التعليقات (0)