صحافة دولية

صحيفة تركية: هكذا تُرمم أنقرة آثارها التاريخية

سلطت الصحيفة الضوء على أسرار جديدة عُثر عليها أثناء عمليات الترميم- جيتي
سلطت الصحيفة الضوء على أسرار جديدة عُثر عليها أثناء عمليات الترميم- جيتي

نشرت صحيفة "صباح" التركية، تقريرا سلطت فيه الضوء على عمليات الترميم التي تقوم به تركيا لآثارها التاريخية والتي يعود عمرها لمئات السنين.


وقالت الصحيفة في تقريرها، الذي ترجمته "عربي21"، إن إدارة القصور الوطنية في تركيا تقوم بترميم الآثار التركية التاريخية، وفقا للمعايير العالمية، وغالبا ما تعثر طواقم الترميم على أسرار تاريخية تثير حماسهم أثناء عمليات ترميم هذه الآثار.


وأشارت الصحيفة إلى أن التقدم في العمر ليس أمرا خاصا بالبشر، بل إن مرور الزمان يُؤثر أيضا على الجماد، ويحدث ذلك من خلال تغير ألوانه وتشققه وتآكله وغيرها من الأمور التي تصيب الأشياء والجمادات عبر توالي الأزمان، ولذلك تحتاج الأشياء والجمادات لطواقم تقوم بترميمها، تماما مثلما يحتاج البشر للأطباء من أجل تجاوز الأمراض والبقاء على قيد الحياة.


وتابعت الصحيفة عمليات الترميم هذه عن قرب، حيث تم تسجيل الملاحظات لعمليات ترميم جرت لبساط موجود في صالون السفراء في قصر دولمة باهتشة، وكذلك ترميم لوحة "الصيد في الصحراء" المُعلقة في قصر مطل على البحر منذ أكثر من 140 سنة.


وذكرت الصحيفة أن السلطان عبد الحميد الثاني كان قد أمر بحياكة سجادة مساحتها 468 مترا مربعا، وهو ما تطلب تخصيص مساحة خاصة من الأرض لحياكتها، كما تم توظيف 20 عاملا عملوا عليها على مدار 10 سنوات، من أجل وضعها في صالون السفراء، حيث عُرضت أثناء استقبال الإمبراطور الألماني فيلهلم الثاني سنة 1897، لتصبح السجادة شاهدة على التاريخ على مدار 120 سنة، بعدما أصبحت أكبر سجادة في تركيا.

 

اقرأ أيضا: فايننشال تايمز: لماذا تتواصل معركة بناء مسجد للمسلمين بأثينا؟


وأضافت الصحيفة أن رئاسة إدارة القصور الوطنية قررت إجراء ترميم للسجادة خارج مكان عرضها، وهو ما تطلب عملا دقيقا وحساسا للغاية، حيث أن السجادة لم تُرسم أو توضع بصورة عشوائية، بل كان تصميمها متناسقا مع الصالون المعروضة فيه، وقد كانت رسمتها متوافقة مع الباب والجدران والزخارف المتواجدة في الصالون، ولذلك تتطلب عمليات الترميم دقة متناهية.


وكشفت الصحيفة أن وزن السجادة يبلغ 3 أطنان، وعرضها 14.5 مترا، وطولها 29 مترا، ولذلك لم يكن من السهل إخراجها من الصالون ومن القصر، وقد تطلب نقلها طاقما مكونا من 50 شخصا قاموا بفضل أدوات وآلات خاصة بلفها، كما استخدموا شاحنتين بحاملات خاصة من أجل إخراجها من القصر، وجرى تنظيف السجادة بصورة جافة من الغبار كمرحلة أولى، قبل نقلها إلى مسبح خاص في جامعة إسطنبول التقنية، حيث تم تنظيفها هناك باستخدام مواد مخبرية حتى لا تلحق أي أضرار بها، واستمرت عمليات غسلها 24 ساعة كاملة، ليتم العمل على تجفيفها بعد ذلك باستخدام آلية خاصة.


وأجرت الصحيفة مقابلات مع طاقم الترميم، الذين عبروا بدورهم عن فرحتهم وسعادتهم لمساهمتهم الكبيرة في ترميم الآثار التي تركها الأجداد، من أجل المحافظة عليها لنقلها إلى الأحفاد، في هذا الصدد، ذكر مصطفى كوكسال، رئيس خبراء طاقم الترميم، أن السجادة تحتاج إلى الكثير من الترميمات بسبب ما تعرضت له من تآكل عبر السنين، فضلا عن التغير الحاصل في بعض ألوانها، كما أن المناطق الموجودة بجانب المدفئة بحاجة إلى رعاية خاصة كونها متآكلة من الأطراف.


وسلطت الصحيفة الضوء على أسرار جديدة عُثر عليها أثناء عمليات الترميم، ومنها العثور على عبوة صغيرة أسفل خشب أرضية صالون السفراء، ولم يعلموا سبب وضعها هناك، لكنهم يعتقدون أنها تحتوي على مواد استُخدمت في بناء الصالون أو أرضيته، ومع ذلك قرروا نقلها إلى مختبر خاص من أجل فحصها.

 

اقرأ أيضا: العثور على غواصة ألمانية من الحرب العالمية الثانية بإسطنبول


وأضافت الصحيفة أنه من الأمور التي لفتت الأنظار أيضا خلال عمليات الترميم، العثور على كتابات باللغة العثمانية أسفل أرضية هذا الصالون، التي يُعتقد أن عمرها أكثر من 100 سنة وتعود لشخص سمّى نفسه "الحارس يونس"، الذي دوّن التاريخ الهجري لبناء الصالون بسنة 1333 هجرية، كما عثرت طواقم الترميم على كتابات باللغة الأرمينية تعود إلى أحد العاملين في إنشاء أرضية الصالون.


وتطرقت الصحيفة إلى أسرار لوحة "الصيد في الصحراء" المعلقة منذ 150 سنة في قصر سعيد حليم باشا المتاخم للبحر، وقد رسم هذه اللوحة الفنان فيليكس أوغست كليمان في سنة 1865، الذي كان أيضا المهندس المعماري للقصر، وصديق الصيد لمحمد علي باشا. وتعود قصة رسمة اللوحة لوجود مجموعة مكونة من 13 صيادا، يأخذون قسطا من الراحة بعد صيد الغزلان في الصحراء، ومن المثير للدهشة في اللوحة أن عيون الأحصنة فيها تنظر إلى المتأمل في اللوحة مهما كان موقعه أو زاوية نظره تجاهها.


وفي الختام، وصفت الصحيفة هذه اللوحة "بالمسحورة"، نظرا لأن القصر تعرض إلى العديد من الحرائق والزلازل وكذلك حوادث اصطدام السفن به، غير أن الشيء الوحيد الذي بقي في مكانه هو هذه اللوحة التي تبلغ مساحتها 35 مترا مربعا، والتي سيُعاد عرضها في قصر يلدز بعد ترميمها المتوقع أن يستغرق 3 أشهر من العمل.

التعليقات (0)