سياسة عربية

لماذا أعلن السيسي عن تنظيم منتدى أسوان في هذا التوقيت؟

خبراء: منتدى أسوان يأتي ضمن سلسلة المؤتمرات الكلامية للسيسي منذ توليه الرئاسة عام 2014- جيتي
خبراء: منتدى أسوان يأتي ضمن سلسلة المؤتمرات الكلامية للسيسي منذ توليه الرئاسة عام 2014- جيتي

أعلن رئيس سلطة الانقلاب العسكري في مصر عبد الفتاح السيسي، خلال كلمته بعد تسلم مصر رئاسة الاتحاد الإفريقي بدورته الجديدة، أنه سيعقد منتدى يبحث عن السلام والأمن والتنمية في القارة السمراء، وسيكون مقره مدينة أسوان، على أن تكون النسخة الأولى منه خلال عام 2019، بمشاركة قادة السياسة والفكر وصناع السلام وشركاء التنمية بالقارة السمراء وغيرها من دول الإقليم.

 

وأكد خبراء سياسيون مصريون أن "منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة"، الذي أطلقه السيسي خلال قمة الاتحاد الإفريقي التي عقدت بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، يأتي ضمن سلسلة المؤتمرات الكلامية للسيسي منذ توليه الرئاسة عام 2014.


الخبراء الذين تحدثوا لـ"عربي21" عن المنتدى، أكدوا أن السيسي تحدث عن الهدف منه، ولكنه لم يعلن الجدول الزمني له، ما يشكك في جدواه، لعدم وجوده على خريطة المؤتمرات الدولية منذ وقت مبكر.


ويرى الخبراء أن تهليل الإعلام المصري لرئاسة مصر للاتحاد الإفريقي، مبالغ فيه بشكل كبير، لأن هذه الرئاسة تكون بالدور بين الدول الأعضاء، مثل باقي المؤسسات الدولية والإقليمية، وهو ما يعكس الشعور بالنقص الدولي الذي يعيش فيه النظام السياسي المصري.

 

اقرأ أيضا: الأفارقة يختتمون قمتهم بتوصيات الاندماج والشراكة

فشل سابق


من جانبه أكد الباحث بمعهد الدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة، وائل الصفطي لـ "عربي21" أن المنتدى الذي أطلقه السيسي له مميزات، وعليه تحفظات، أما مميزاته فلأنه يعقد بمدينة أسوان التي تعد همزة الوصل بين مصر والقارة الإفريقية، ويعيبه أنه لن يقدم لشعوب القارة السمراء أي جديد.


ويشير الصفطي إلى أن هناك منتدى مشابها ينظمه السيسي وهو مؤتمر رواد الأعمال في القارة الإفريقية، الذي عقد على مدار دورتين بشرم الشيخ، ولكنه لم يحظ بالاهتمام المتوقع من القادة والمسؤولين الأفارقة، رغم الدعاية الإعلامية الكبيرة التي استخدمها النظام المصري في الترويج له.


ويرى الباحث بالشؤون الأفريقية أن مصر غائبة عن القارة، ودائما تتحرك متأخرة عن باقي الأطراف الدولية التي تشكل القارة طبقا لأهدافها ومصالحها، كما أن دول القارة على مستوى الشعوب والحكومات، لا يعنيهم إطلاقا المشاركة في منتديات كلامية، وإنما يعنيهم المشروعات والاستثمارات والدعم الاقتصادي والسياسي الذي يحصلون عليه.


وحسب الصفطي، فإن تحقيق هذه الأمور، لن يكون من خلال منتديات أو مؤتمرات السيسي التي تتحول إلى "مكلمة" الهدف منها "الشو الإعلامي" كما حدث في المؤتمر الاقتصادي الدولي، ومنتدى شباب العالم بدورتيه، ومنتدى رواد الأعمال بإفريقيا بدورتيه أيضا.

 

اقرأ أيضا: قمة رئاسية لدول "سد النهضة".. والسيسي يلتقي هؤلاء بإثيوبيا

ويوضح الصفطي أن هناك دولا غير إفريقية أصبح لها تأثير كبير داخل القارة بمشروعاتها واستثماراتها وكذلك قواعدها العسكرية، من أبرزها على الصعيد الدولي روسيا والصين وفرنسا ثم أمريكا، وعلى الصعيد الإقليمي تركيا وإسرائيل وقطر والإمارات وإيران وأخيرا السعودية، وعلى المستوى القاري تأتي دول جنوب إفريقيا وإثيوبيا ونيجريا ومؤخرا المغرب، وكل هذه الدول قامت بتنفيذ مشروعات مشتركة مع الدول الإفريقية، وهو ما فشلت فيه مصر بشكل كبير.


وانتقد الصفطي التهليل الإعلامي لرئاسة مصر للاتحاد الإفريقي بدورته الحالية، مؤكدا أن هذه الأمور ليست محل اجتهاد أو تقدير، وإنما هي أمور تدار وفقا للنظام والقانون الأساسي للمنظمة الإفريقية، والذي يكون بالدور وحسب الترتيب الأبجدي ليس إلا.


حسابات محددة


في إطار متصل يضيف خبير العلاقات الدولية السفير السابق باهر الدويني لـ "عربي21" أن المنتدى في حد ذاته فكرة قيمة، باعتبار أن مصر دولة محورية على الصعيدين الإقليمي والدولي والصعيدين العربي والإسلامي، ولكن كل هذا لم يعد كافيا لأن يكون لمصر دور مؤثر في الملفات الإقليمية، باستثناء الملفات التي تقوم فيها بدور "قذر" لصالح الغير، مثل دورها في ليبيا.


ويؤكد الدويني أن المنتديات العالمية والإقليمية أصبحت صناعة لها ما يقوم عليها، وبالتالي فإن المنتدى يجب أن يكون له جهات مانحة ورعاة دوليون، لتبني المشروعات التي يمكن طرحها، وهو ما لم يتحقق في المنتديات المشابهة التي سبق للسيسي أن نظمها وأبرزها المنتدى الاقتصادي الدولي الذي استهل به مشواره الرئاسي.

 

اقرأ أيضا: هكذا شغل "إعلام السيسي" المصريين عن تعديل الدستور

ويرى خبير العلاقات الدولية أن أهداف السيسي من هذا المنتدى ليس لها علاقة بالتنمية، وإنما لها علاقة برغبته في تقديم نفسه باعتباره قاهر الإرهاب والتنظيمات الإسلامية المسلحة ذات التواجد الدولي مثل تنظيم داعش، الموجود بإفريقيا بشكل مؤثر، وهو ما يعتبره السيسي فرصة لدفع المجتمع الدولي لمعرفة أهمية الدور الذي يقوم به في هذا المجال.


ووفقا للدويني فإن الحسبة بسيطة، لأن إفريقيا تحتاج ما لا يقل عن 200 مليار دولار، لإحداث فارق في ملف التنمية، فهل يمكن لمصر أن توفر هذا التمويل من الجهات المانحة التي لها ارتباطات قائمة بالفعل بالدول الإفريقية، أم لا؟ موضحا أن السيسي إذا استطاع توفير ذلك سيكون بطلا إفريقيا كبيرا، وإن لم يستطع فسوف يضاف المنتدى للمنصات الكلامية التي يطلقها السيسي من فترة لأخرى.

التعليقات (0)