سياسة دولية

انتقادات ومخاوف بعد دخول الجيش المصري قطاع الاتصالات

مراقبون ومختصون اعتبروا القرار تغولا للجيش على القطاعات المدنية في الدولة- جيتي
مراقبون ومختصون اعتبروا القرار تغولا للجيش على القطاعات المدنية في الدولة- جيتي

أثار قرار رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي بالموافقة على الترخيص لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية، التابع للقوات المسلحة بتأسيس شبكات اتصالات مخاوف من اقتحام الجيش عالم الاتصالات والتحكم فيه.


ووافق رئيس الوزراء، الجمعة، على منح الجيش ترخيصا بتأسيس شركة مساهمة لإقامة وإدارة وتشغيل وصيانة محطات وشبكات الاتصالات اللاسلكية والسلكية والأقمار الصناعية، لتصبح الشركة الخامسة في السوق المصري.


ويعمل في السوق المصري أربعة مشغلين، هم شركات: أورانج، وفودافون، واتصالات مصر (إماراتية)، والمصرية للاتصالات، حكومية، (WE)، التي انطلقت في أيلول/ سبتمبر 2017 وتقدم خدمات الجيل الرابع.


وانتقد خبراء ومختصون القرار الحكومي واعتبروا أنه ضمن رغبة الجيش المصري في التحكم بخدمات بالبث الفضائي والإنترنت.

وفي هذا السياق يؤكد الخبير الاقتصادي سمير أبو الخير أن القرار "يتيح للجيش السيطرة التامة على شبكات الاتصالات الأرضية والمحمولة، وكذلك حقه في إطلاق وتأجير محطات البث الفضائي، والأقمار الصناعية".

الجيش المستثمر الأول

 

ويشير أبو الخير في حديث لـ"عربي21" أن "ما يدعم أن هذا القرار متعلق بالجانب المدني وليس العسكري، أن الترخيص ممنوح لجهاز الخدمة العامة، وهو الجهاز المعني داخل الجيش بإنشاء مشروعات للقطاع المدني، مثل محطات الوقود والطرق السريعة والمدن السكنية، كما أن إنشاء شبكات اتصالات خاصة بالجيش للشؤون العسكرية لا تكون من اختصاص جهاز الخدمة المدنية، وإنما تخضع لسلاح الإشارة".

ويوضح أبو الخير أن "معدل النمو بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصري خلال عام 2018، وصل إلى 80 مليار جنيه (485 مليون دولار) بزيادة قدرها عشرة مليارات جنيه عن عام 2017، وقد استحوذت الشركة المصرية للاتصالات المملوكة للدولة على النصيب الأكبر من صافي أرباح هذا القطاع بقمة 5 مليارات جنيه".

ويوضح أن هذه الأرقام "لا شك أنها أغرت القوات المسلحة التي توسعت خلال السنوات الماضية في منافسة الشركات المدنية داخل السوق المصري، سواء في مجال العقارات الذي أصبح الجيش المستثمر الأول فيه بدون منازع، أو في مجال توريد الخدمات الحكومية التي تستولي عليها وزارة الإنتاج الحربي بأمر مباشر من رئيس نظام الانقلاب عبد الفتاح السيسي، وكذلك قطاع الإعلام الذي أصبح مملوكا بنسبة 80% لشركات الأجهزة المخابراتية".

"طمع وخطر"

من جهته، يرى عضو مجلس الشعب السابق طارق مرسي أن السيسي "يقدم المزيد من المميزات لصالح قيادات الجيش، في إطار خطته بأن الجيش هو مالك مصر وأنه صاحب هذا البلد، ومن حقه الاستفادة من كل جنيه بجيوب المصريين، وهي الخطة التي تهدف في الأساس لإغراء الجيش، حتى لا يفكر مرة أخرى بالعودة إلى الثكنات".

ويشير مرسي في حديثه لـ"عربي21" إلى أنه "لا يمانع إطلاقا من أن يكون للجيش أقمار صناعية خاصة بالنشاط العسكري، أو أن يكون لديه شبكات محمول واتصالات متطورة لخدمة نفس الغرض، ولكن أن يزاحم الجيش القطاع المدني في مشروعاته، فهو أمر مرفوض".


ويرى النائب السابق الذي عمل لسنوات في شركات الإنتاج الحربي أن "توسع تواجد الجيش في المشروعات الخدمية يمثل خطرا على المؤسسة العسكرية، والاقتصاد المصري على حد سواء، لأنه يخرج بالقوات المسلحة عن الدور الأساسي لها وهو الدفاع عن الحدود حمايتها، وتحولها بشكل سريع لأن تكون هي المستثمر الأساسي في كل القطاعات بمصر، بما سيكون له تأثير سلبي واضح على جذب الاستثمارات الأجنبية التي ستجد نفسها أمام منافس يمتلك القوة والمال في نفس الوقت".

"تغول وسيطرة"

 

 بدوره، انتقد عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشعب السابق، أسامة سليمان، القرار ووصفه بالخطير، وقال إن "الخطورة تتمثل في انتهاك خصوصية المعلومات، والكل يعلم ما يحدث الآن لأي معارض من نشر خصوصياته التي سبقها التجسس عليه".


وأضاف لـ"عربي21": أن "الأمر ليس مجرد شركة اتصالات بقدر ما هو مزيد من السيطرة على الشعب من خلال التنصت عليه، والتدخل في شؤونه وتوجيهه في الاتجاه الذي يريده النظام الحاكم باستغلال بيانات المواطنين".


ولفت إلى أن "الإصرار على تخطي الجيش لمهامه المنصوص عليها في الدستور هدفه التغول والسيطرة على كل مقومات الدولة، والانتقاء في المشاريع ذات العائد المبالغ فيه وفوق رقابة الدولة أو محاسبتها تجاه أي مخالفة ترتكب".

 

مقاطعة شركات الجيش


أما البرلماني السابق، جمال حشمت، فأشار بدوره إلى أن: "التصريح الجديد للجيش بإقامة وإدارة وتشغيل وصيانة محطات وشبكات الاتصالات اللاسلكية والسلكية والأقمار الصناعية، هو أمر طبيعي في ظل سيطرة العسكر، ومحاولة دسترة سيطرتهم على مصر".

وأوضح في حديث لـ"عربي21" أنه "قد سبق للجيش السيطرة على كل المشاريع الإنتاجية والاستهلاكية التي تتعامل مع الشعب، آخرها حق إدارة منطقة الداون تاون في الأسكندرية، وهي منطقة مدنية لمحلات ومطاعم وقاعات أفراح؟!".

وبشأن تداعيات القرار على انتهاك الحريات والمعلومات الشخصية، أكد أن "المعلومات سواء تدخل الجيش بنفسه أو لم يتدخل فله السيطرة على كل الشبكات العاملة"، مؤكدا أنه "لا حرمة لأحد عنده".

ودعا حشمت إلى "مقاطعة شركات الجيش التي تهدف إلى تغول والاستحواذ على مقدرات الدولة المصرية، قائلا: "لابد من مقاومة مدنية ترفض التعامل مع هذا النظام وخدامه للحفاظ على أمن وسلامة واستقرار الوطن".


التعليقات (1)
مصري
الأحد، 17-02-2019 02:57 م
لم يعد هناك سوي دور العبادة و بكرة تشوفوا مصر .