صحافة دولية

فورين بوليسي: كيف كان مؤتمر وارسو "قمة حرب" ضد إيران؟

فورين بوليسي: مؤتمر وارسو "قمة حرب" ضد إيران- جيتي
فورين بوليسي: مؤتمر وارسو "قمة حرب" ضد إيران- جيتي

نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا للكاتب الأمريكي والزميل في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي ستيفن كوك، يصف فيه مؤتمر وارسو، الذي قدمته أمريكا، على أنه "قمة حرب".

ويقول كوك في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن إدارة ترامب أكدت في الأسبوع الماضي أن مؤتمر الشرق الأوسط في وارسو، الذي عقد على المستوى الوزاري، هو من أجل "نشر مستقبل السلام والأمن في الشرق الأوسط"، وكان محاولة لإظهار التضامن الدولي والدعم لعزل إيران، وبالتأكيد ظهر وكأنه قمة حرب". 

ويشير الكاتب إلى أن نائب الرئيس مايك بنس، ووزير الخارجية مايك بومبيو، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حضروا المؤتمر، بالإضافة إلى حضور لوزراء الخارجية العربية، ووزير الخارجية البولندي والبريطاني، لافتا إلى أنه تزامن مع ذكرى الأربعين على نشوء الجمهورية الإسلامية. 

وتلفت المجلة إلى أن مستشار الأمن القومي جون بولتون قدم في فيديو سجله سلسلة من المظالم والاتهامات ضد القادة الإيرانيين، وأنهى بولتون موجها كلامه إلى المرشد الأعلى للجمهورية آية الله خامنئي، بالقول: "لا أعتقد أنك ستحتفل بمناسبات أخرى كثيرة"، فيما استخدم بنس المؤتمر لتوجيه كلمات قاسية إلى حلفاء أمريكا الأوروبيين، واتهمهم بالتحايل على العقوبات الأمريكية على إيران، من خلال الآلية الخاصة التي اقترحها الاتحاد الأوروبي. 

ويعلق كوك قائلا: "لو أخذت الأمور مجموعة: بلطجة بنس على الأوروبيين، وفيديو بنس المهدد، والأصوات الصاعدة من واشنطن، فإنها كلها نذير للقادم، فالثرثرات حول إيران لم تصل إلى حد حمى الحرب التي سيطرت على واشنطن عام 2002  قبل غزو العراق بعام، إلا أن صدى تلك السنة لم يفت على بال الكثيرين وهم يلاحظون محاولات الإدارة تشكيل النقاش المحلي والدولي حول إيران، ولم يتطرق أحد إلى الدليل القاطع، إلا أن السؤال هو إلى أي مدى وصلت فيه التحضيرات عندما وصف الأمريكيون الجانب الإيراني بعصابة مصممة للسيطرة على العالم؟ وهي الرسالة ذاتها التي أكدها جورج دبليو بوش عن صدام حسين في العراق".

ويقول الكاتب: "كان من الممكن لبنس أن يوفر على نفسه عناء السفر إلى بولندا ويرسل مكانه دونالد رمسفيلد ليأخذ مقعده، ليعيد التذكير بنقده للألمان والفرنسيين باعتبارهم (أوروبا القديمة)". 

ويرى كوك أن "المؤتمر الحزين هو تذكير بالطريقة التي حاولت فيها إدارة جورج دبليو بوش البحث في زوايا الكرة الأرضية عن دعم لبناء تحالف دولي، وما يثير المخاوف هو تلك الثرثرات الكثيرة التي تقول إن إدارة ترامب قد تجاهلت المهنيين من مسؤولي الاستخبارات ووزارة الدفاع والبيروقراطيين، من صناع السياسة الأجانب الذين يعتقدون أن إيران التزمت ببنود الاتفاقية النووية الموقعة معها عام 2015". 

ويبين الكاتب أن "هذا كله لا يشير إلى أن إيران كانت لاعبا لطيفا في المنطقة، فعدوان إيران معروف، وساعد على قتل مئات الآلاف من السوريين، واستثمرت في الحوثيين، في محاولة لجعل السعودية تنزف في اليمن، وهددت استقرار البحرين، وهناك حزب الله الذي تقول الحكومة الأمريكية إنه يحصل على 700 مليون دولار أمريكي من إيران، وأصبحت قوة استطلاعية لإيران في سوريا واليمن وربما أفغانستان، ودعم الإيرانيون الذين لا يعترفون بوجود إسرائيل حركة حماس الفلسطينية". 

ويرى كوك أن "هذه جهود خبيثة، إلا أن جهود الولايات المتحدة لبناء تحالف دولي ضدها تكون قد تجاوزت أمرين، الأول أن الايرانيين حتى لو كانوا كما تقول الإدارة يريدون تحويل المنطقة إلى منطقة تأثير فارسي، فإنهم ليسوا مناسبين أو جيدين في هذا، فنجاحهم جاء بسبب الأخطاء الكارثية التي ارتكبها الآخرون، الولايات المتحدة في العراق، والحوثيين في اليمن، وبشار الأسد في سوريا. وفي هذه المناسبة عندما أصبحوا تهديدا على إسرائيل تم ضربهم، وكان رد قاسم سليماني على عمليات إسرائيل ضد إيران في سوريا ضعيفا، ما يؤكد أن إدارة ترامب تبالغ في وصف التحدي الإيراني".

ويلفت الكاتب إلى أن "الأمر الثاني أن ما تقوم به إيران ليس مفاجئا أو غير عقلاني، فهي تريد الحفاظ على العراق ضعيفا حتى لا يصبح تهديدا عليها، وجاءت لمساعدة بشار الأسد وسيلة للحفاظ على علاقتها مع حزب الله، الذي يعد وسيلتها للتأثير بطريقة خبيثة على المنطقة وتهديد إسرائيل، وتهدد البحرين لتزعج السعودية، وبعبارات أخرى يحاول الإيرانيون عرقلة النظام الإقليمي بقيادة أمريكا، الذي يميل لصالح إسرائيل والسعودية".

ويؤكد كوك أن "لا شيء يقوم به الإيرانيون جيد للمنطقة، إلا أن السؤال هو هل هي سبب الحرب وتغيير الأنظمة؟ إن إيران لم تكن تنوي الخير للمنطقة منذ وقت طويل، لكن أمريكا لا تزال القوة العظمى في المنطقة، وإسرائيل آمنة، والنفط يتدفق من الخليج، صحيح أن الصواريخ تطلق على السعودية من حلفاء إيران في اليمن، لكن هذا سيتوقف عندما تتوقف العمليات هناك".

ويفيد الكاتب بأن "الرئيس الأمريكي باراك أوباما حاول حل المشكلة، بدءا من الاتفاقية النووية (خطة العمل المشتركة الشاملة)، من أجل وقف النشاط النووي، وفتح المجال أمام الحوار، لكن هذا لم ينجح، حيث استخدمت إيران الاتفاقية لتوسيع تأثيرها في المنطقة، وكرهها ترامب ومستشاروه والحزب الجمهوري لاعتقادهم أن إيران غير قابلة للإصلاح". 

ويقول كوك: "ربما كان هذا الكلام صحيحا، إلا أن السياسة الصحيحة كانت الموازنة بين تفاؤل أوباما وخطاب ترامب الداعي للحرب، وبعبارات أخرى لعمل ما قامت به الولايات المتحدة وبشكل أوسع إسرائيل لردعها، وهو ما قامت به الولايات المتحدة في عام 1988، عندما تحدت إيران تفوق الولايات المتحدة في الخليج، بشكل أدى إلى إغراق نصف البحرية الإيرانية في قاع البحر". 

 

ويتساءل الكاتب عن الخطأ في هذا النهج، مشيرا إلى أن "الردع لا يحتاح لتوقف الواقع، أو إقناع النفس بأن إيران ستؤدي دورا بنيويا في المنطقة، إن هذه النهج -الردع- صعب لحل مشكلة لا تحتاج إلى الحرب، ويمكن أن يحظى هذا النهج بدعم دولي واسع، بدلا من التسرع نحو النزاع".

ويجد كوك أن "الخلاف الوحيد بين عام 2002 و2019 هو تصميم الديمقراطيين على عدم ارتكاب الخطأ الذي ارتكبوه قبل 17 عاما ذاته، عندما سمحوا لجورج دبليو بوش بتحديد شروط النقاش الذي عبد الطريق لعملية الحرية للعراق، ورغم مخاوف الكثير من أعضاء الكونغرس من إيران، إلا أن الديمقراطيين ليسوا مستعدين لدعم حرب وقائية جديدة في الشرق الأوسط". 

ويختم الكاتب مقاله بالقول: "ربما تغير هذا الموقف لو حدث أي نوع من الاستفزاز في المنطقة، لكن الإيرانيين ليسوا مستعدين على ما يبدو لاتخاذ الخطوة القادمة، ومع ذلك فإن احتمال الدخول في حرب مع إيران أصبح أكبر مما كان عليه قبل ستة أشهر، وفي وقت يسيطر فيه المتشددون على الخطاب في الإدارة، والخطاب الداعي للحرب، فإن خيار الحرب أصبح في يد الإدارة لا إيران".

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)