صحافة دولية

وول ستريت: لماذا قدم ابن سلمان بكين على مسلمي الإيغور؟

وول ستريت: الدين بالنسبة للسعودية مهم لكن شي جينيبنغ يبدو أهم- جيتي
وول ستريت: الدين بالنسبة للسعودية مهم لكن شي جينيبنغ يبدو أهم- جيتي

نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" مقال رأي للمعلق وولتر راسل ميد، تحت عنوان "السعوديون يسيجون رهاناتهم الأمريكية"، يبدأه بالإشارة إلى مشهد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في بكين، لافتا إلى أنه يذكر بالمعاهدة السوفييتية النازية المعروفة بمعاهدة ريبنتروب- مولوتوف عن الحياد التي وقعت بين البلدين عام 1939.

 

ويشير راسل ميد في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه "في الوقت الذي تزيد فيه بكين من اضطهادها للمسلمين الإيغور، فإن ولي العهد محمد بن سلمان تقارب مع الرئيس الصيني شي جينبينغ في رحلته إلى الصين الأسبوع الماضي".

 

ويلفت الكاتب إلى اعتقال السلطات الصينية أكثر من مليون مسلم إيغوري في معسكرات اعتقال لـ"إعادة تعليمهم"، حيث ذكرت تقارير موثوقة أنهم تعرضوا للضرب والاغتصاب، مشيرا إلى أنه "مع ذلك فإن ولي عهد دولة سنية قيادية وقع اتفاقيات تجارية مع الصين بقيمة 30 مليار دولار، وثمّن العلاقة الطويلة التي لا تشوبها المشكلات معها، وتعهد بدعم مبادرة الحزام والطريق، وأعلن احترام السعودية لحاجة الصين لحماية أمنها المحلي بالطريقة التي تراها مناسبة".

 

ويعلق راسل ميد قائلا إن "الدين مهم، لكن شي جينيبنغ يبدو أهم، والسعودية ليست الدولة المسلمة الوحيدة التي أذعنت للصين، فقد التزمت باكستان الصمت عندما كان الأمر يتعلق بمعسكرات الاعتقال التي تنتشر الآن في إقليم تشينجيانغ، رغم أن باكستان عادة ما تعبر عن نوبات من الغضب على مأساة المسلمين في كشمير والقمع الذي تمارسه جارته القوية ضدهم".

 

وينوه الكاتب إلى أن "هناك إشارة إلى الأخوة الجديدة بين السعودية ومضطهدي المسلمين في الصين، وهي التعهد ببناء مصفاة نفط في ميناء غوادار لتسريع نقل النفط السعودي إلى مناطق يوروسيا، ومن بين الأشياء التي ستوفرها المصفاة هو الوقود للسيارات الصينية التي تقوم بنقل المسلمين إلى معسكرات الاعتقال". 

 

ويرى راسل ميد أن "التقارب الصيني السعودي لا يمثل بالنسبة لأمريكا النفاق الواضح، فالبشر عادة ما يظهرون مرونة حول المبادئ فيما تتغير المصالح، فما يقدم للمراقبين هو الطريقة التي تقوم بها واشنطن بتشكيل حساباتها في الشرق الأوسط، و(الأخبار ليست جيدة)، وعبر البيت الأبيض عن أمله بأنه من خلال مواجهة إيران، ودعم الخطط الاقتصادية لولي العهد فإن السعودية ستكون الحليف القوي للولايات المتحدة". 

 

ويجد الكاتب أنه "في الوقت الذي يتمتع فيه الرؤساء بالصوت الراجح، إلا أن السياسة الخارجية عادة ما تنبع من خلال تفاعل بين البيت الأبيض والكونغرس والمصالح المختلفة التي تعبر عنها الفروع التنفيذية للحكومة، وكان رد الكونغرس على مقتل خاشقجي، بالإضافة إلى التشكك حول الحرب التي تخوضها السعودية في اليمن، يهدد بضرب استراتيجية ترامب في الشرق الأوسط".

 

ويفيد راسل ميد بأنه "في الوقت الذي تحاول فيه الولايات وقف الدعم عن الحرب السعودية في اليمن، ويدفع الكونغرس باتجاه فرض العقوبات على النخبة السعودية المتورطة بجريمة قتل خاشقجي، خاصة ولي العهد، فإن عددا من أعضاء النخبة السعودية توصلوا إلى نتيجة مفادها بأنه ليست هناك فرصة لشراكة استراتيجية مستقرة مع الولايات المتحدة، وهم قلقون من ألا يتمكن الرئيس ترامب من الوفاء بوعده". 

 

ويقول الكاتب إنه "من هنا فإن ولي العهد يحاول تقوية العلاقات مع باكستان والصين وكذلك روسيا، حيث يبحث عن بدائل للتحالف مع أمريكا، وإن كانت هذه البدائل على حساب غض النظر عن معاناة المسلمين في الصين، فليكن هذا، خاصة أن آل سعود قاموا بخيارات صعبة في الماضي". 

 

ويعتقد راسل ميد أن "نهج الكونغرس سيفشل بحد ذاته ودون استراتيجية شاملة لفرض العقوبات على السعوديين في جريمة قتل خاشقجي، وهي أمور تتعلق بالأخلاق وكيف ينظر الأمريكيون لأنفسهم، لا لتغيير طريقة الرياض، وهذا بسبب أن العالم اليوم متعدد القطبية، ولم يعد التعبير عن المواقف الأخلاقية مهما بالنسبة لأمريكا، كما كان الحال قبل 20 عاما، فلو تخلى عنهم الأمريكيون فإن السعوديين سيجدون بديلا في بكين أو نيودلهي".

ويرى الكاتب أن "العقوبات ليست فاعلة، ولا تدعمها الإدارة الحالية، ورغم التحولات والتغيرات في النقاش حول الشرق الأوسط، فإن الولايات المتحدة ليست لديها استراتيجية واضحة بعد هجمات 11/ 9، بل هناك دعم سياسي مستقر، فاستراتيجية أوباما مع إيران أو إدارة ترامب السعودية- الإسرائيلية، ونشر الديمقراطية التي تبنتها إدارة جورج دبليو بوش، أو التعاون مع القوى الإسلامية المعتدلة، أو حتى سياسة تقليل الخسائر في المنطقة، لا تخدم بصفتها استراتيجية طويلة الأمد في الشرق الأوسط".

 

ويختم راسل ميد مقاله بالقول: "عادة ما لا يكون غياب الإجماع نهاية العالم، أو حتى التعثر فيه وصفة للكارثة، لكن النتيجة الحالية واضحة ولا مفر منها، فمحمد بن سلمان لم يتخل عن المسلمين الإيغور فقط، بل عن أمريكا أيضا، ولو لم تتبع الأخيرة سياسة موحدة ومتماسكة في الشرق الأوسط فإن السعودية ستبحث عن طرق لتحويط رهاناتها". 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)