صحافة دولية

نيويورك تايمز: هل يفهم المصريون التعديلات الدستورية؟

نيويورك تايمز: حقائق الحياة اليومية الصعبة هي ما يحدد تفكير المصريين بالنسبة لمراجعة الدستور- جيتي
نيويورك تايمز: حقائق الحياة اليومية الصعبة هي ما يحدد تفكير المصريين بالنسبة لمراجعة الدستور- جيتي

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا للكاتبة والصحافية المصرية ياسمين الرشيدي، تتحدث فيه عن التعديلات الدستورية في مصر، بما يسمح بتمديد ولاية الرئيس عبد الفتاح السيسي.

 

وتقول الرشيدي في مقالها، الذي ترجمته "عربي21، إنه "مر ثماني سنوات على نزولنا إلى الشارع في المظاهرات التي أدت إلى الإطاحة بالرئيس الذي حكم لأطول فترة، حسني مبارك، الملقب بـ(الفرعون)، بعد 30 عاما من الحكم، ومنذ ذلك الحين تحولنا من ناخبين لأول مرة إلى ناخبين مخضرمين، حيث شاركنا في تسعة انتخابات للتصويت للبرلمان والرئيس والدستور". 

 

وتضيف الكاتبة أن "الرئيس الحالي تم انتخابه مرة ثانية في شهر نيسان/ أبريل لفترة رئاسية مدتها أربع سنوات، وبحسب دستور عام 2014 هذه هي الدورة الأخيرة له.. أو هذا ما كنا نظن".

 

وتشير الرشيدي إلى أنه "في وقت سابق من هذا الشهر، قام البرلمان المصري بطرح حزمة من التعديلات للدستور ومناقشتها والموافقة عليها، وبحسبها سيتم توسيع صلاحيات الرئيس وإعطاؤه سلطات إشراف أوسع على أعمدة الدولة الرئيسية، بما في ذلك سلطة تعيين رؤساء أجهزة القضاء، وستبقى الرئاسة لدورتين فقط، لكنها ستمدد إلى ست سنوات مع استثناء خاص يحق فيه للسيسي أن يترشح ثانية بالشروط الجديدة، وبذلك يمكن له أن يحكم حتى عام 2034".

 

وتقول الكاتبة إن "تلك التغييرات المقترحة تشبه التعديلات التي أدخلتها تركيا على الدستور عام 2017، التي قام الكثير من مقدمي البرامج المصريين بانتقادها في وقتها، وهناك فيديو يتداوله الناشطون المصريون على منصات التواصل الاجتماعي يسخر من الوضع الحالي في مصر، لكن بمجموعة من اللقطات التي تنتقد الرئيس رجب طيب أردوغان في وقتها، تعليقات مثل: (نصب نفسه اليوم ديكتاتوريا رسميا) و(قام بتفصيل الدستور على مقاسه) و(كل شيء أصبح في يده) و(قرر أن السنوات السابقة كلها غير محتسبة)".

 

وتلفت الرشيدي إلى أن "صفحة (فيسبوك) مصرية أطلق عليها (الموقف المصري) تتعامل مع الموضوع في البلاد من خلال نشر فيديوهات لمواطنين عاديين، وبعض الوجوه المعروفة (مثل العالمة السياسية رباب المدني)، التي حذرت من أن التلاعب بالدستور سيخلق فرعونا آخر، بالإضافة إلى أن تسجيلا تضمن عدة أعضاء برلمان يسخرون من التعديلات انتشر انتشارا واسعا على منصات التواصل، وصوت 16 نائبا (والبعض يقول 17) في 14 شباط/ فبراير ضد التعديلات المقترحة للدستور، مقارنة مع 485 لصالح التعديلات/ وعلق أحد المصوتين ضد التعديلات، وهو أحمد الطنطاوي/ بقوله إن التعديلات هي (تراجع إلى نظام أسوأ) مما كان عليه قبل الثورة عام 2011، وحتى تحت حكم مبارك لم يكن الجيش يتدخل في الشؤون اليومية للحكومة، ولم تكن المعارضة مقموعة إلى هذه الدرجة".

 

وتذكر الكاتبة أنه "لا تزال هناك حاجة لمراجعة التعديلات ومناقشتها والموافقة عليها من لجنة خاصة، ثم تعاد للبرلمان للتصويت عليها وإجراء استفتاء شعبي عليها، ويمكن إتمام العملية كاملة مع منتصف نيسان/ أبريل".

 

وتعلق الرشيدي قائلة إن "المسألة لا تتعلق فقط بماذا سيحصل في التصويت، لكن أيضا والأهم، ما يمكن أن يحصل بين الآن وحينها، فاعتبر الكثير من المعلقين أن نتيجة الاستفتاء معروفة، حيث سيكون الاستفتاء عبارة عن اقتراع مزور تكون نتيجته (نعم)، لكن السؤال الذي يطرحة الكثيرون من أبناء الطبقة المتعلمة -الأطباء والأساتذة وأعضاء البرلمان السابقين- هو هل سيفهم المصريون تداعيات ما يطلب منهم التصويت عليه، أم أنهم مثل البريطانيين في موضوع بريكسيت ليسوا مدركين تماما للتداعيات؟". 

 

وتؤكد الكاتبة أنه "لا أهمية لهذا السؤال، وما يفهمه المصريون هو أن السيسي قد يحكمهم 15 سنة أخرى، وما يعرفونه هو أنهم بالكاد يستطيعون العيش".

 

وتستدرك الرشيدي قائلة: "عندما تتحدث مع الناس في الشارع في القاهرة أو في أطرافها، أو في العشوائيات، حيث يعيش الفقراء، وعندما تسافر للإسكندرية والمنيا وإلى الجنوب، يصبح واضحا أن حقائق الحياة اليومية المرة هي ما يحدد تفكيرهم بالنسبة لمراجعة الدستور، وما يعرفه الناس هو أنه منذ انتخاب هذا الرئيس، ارتفعت الأسعار وتراجع سعر الجنية المصري، وأصبح ثمن تذكرة المترو، التي كانت تكلف عام 2014 جنيها واحدا، سبعة جنيهات اليوم، وجرة الغاز التي كانت تكلف 8 جنيهات أصبحت تكلف 50 جنيها، ويعلمون أن إجراءات التقشف التي طبقتها الحكومة مقابل الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي قد أضرتهم، ويعرفون أنهم يريدون تغييرا".  

 

وتنوه الكاتبة إلى أن "معارضي الحكومة انتقدوا هذه التعديلات الدستورية المقترحة، لكن إلى الآن ليس هناك تحد قانوني رسمي، وليست هناك حملة قوية تحمل شعار (لا) لتعديل الدستور، إلا أن الوضع الحالي يوفر فرصة جديدة، خاصة للمعارضة، لإعادة توجيه المسار السياسي".

 

وتجد الرشيدي أن "نقطة التحول جاءت في ثورة عام 2011، في تاريخ 1 شباط/ فبراير من ذلك العام، بعد عدة أيام من هروب شرطة الشغب من مواقعها، ودعا المتظاهرون إلى مليونية، وكان ذلك هو الوقت الذي سمع فيه الأصدقاء والأقارب، الذين كانوا حتى وقتها يخشون التظاهر، يقولون بأنهم سيشاركون في المظاهرات، وكانوا يريدون أن يكونوا جزءا من المليونية، وتلك اللحظة هي التي أدت في النتيجة إلى الإطاحة بمبارك، وفي المقياس ذاته يمكن تحشيد الناس حول المسألة غير المرضية لهم ذاتها".

 

وترى الكاتبة أنها "فرصة لليسار ومن يتمتعون بنفوذ سياسي واقتصادي أن يقوموا بحملة تدعو الناس للتصويت بـ(لا)، والاستفادة من روح التنظيم الاجتماعي التي سادت إبان الثورة لحماية الناس من البلطجة والتخويف في محطات التصويت، وهي فرصة لاستعادة بعض الحقوق السياسية التي خسرناها".

 

وتقول الرشيدي: "هي فرصة أيضا للسيسي، وسأل البرلماني طلعت خليل عندما عارض التعديلات: (هل استشار أحد الناخبين في دائرته أو حتى الرئيس السيسي نفسه؟ هل نعرف أنه يريد البقاء؟)، وكان رأيه هو أن تلك التعديلات قامت باقتراحها مجموعة من البرلمانيين المتحالفين مع الرئيس لمصالحهم الشخصية، لكن بإمكان السيسي رفض هذه التعديلات الآن، أو عندما تتم صياغتها بالشكل النهائي؛ على أساس أنها تخل ببنود العقد بينه وبين الشعب المصري".

 

وتختم الكاتبة مقالها بالقول: "كان السيسي في مقابلة مع (سي أن بي سي) عام 2017، قد وعد بالالتزام بقواعد الدستور، خاصة محدودية الولاية الرئاسية، فهل الالتزام بهذه المبادئ سيعرض لتصويت الشعب في الأشهر القادمة؟ لكن يمكن أن يقوم الرئيس نفسه باستغلال هذه الفرصة، وذلك سيكون أهم للبلد كلها".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (1)
مصري جدا
الأربعاء، 27-02-2019 06:52 م
الفاهمون والمهتمون داخل السجون او في المنفى ،،، باقي الشعب ،،، بين مؤيد للسيسي حتى لو عدل القران والسنة ،،، وبين مشغول بلقمة عيشه المره لا يعنيه الدستور ولا القانون ، ،،، وبين شريحة ليست بالقليلة مستفيدة في جميع الأحول ،،