سياسة عربية

لماذا اختير العراق للتخلص من مقاتلي "داعش" الفرنسيين؟

عناصر مشتبه بانتمائهم لتنظيم الدولة في الباغوز- جيتي
عناصر مشتبه بانتمائهم لتنظيم الدولة في الباغوز- جيتي

كشفت تصريحات الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بشأن تسليم عناصر تنظيم الدولة من الأجانب، خاصة الفرنسيين، مدى "تنصلهم من المسؤولية عن أفعالهم، والرغبة في التخلص منهم، وعدم إعادتهم إلى دولهم"، وفقا لسياسيين ومحللين.

وقال الرئيس الفرنسي اليوم، في تصريحات في العاصمة باريس، إن محاكمة مقاتلي تنظيم الدولة من الفرنسيين، الذين أسروا في العراق وسوريا، "يجب أن تتم في الدول التي يواجهون فيها اتهامات".

لكن اللافت في الأمر أن أغلب الفرنسيين الذين تحدث عنهم ماكرون جرى أسرهم خلال معارك داخل سوريا، من قبل قوات "سوريا الديمقراطية" (قسد)، التي قامت بتسليمهم لبغداد، بعد موافقة الأخيرة.

 

اقرأ أيضا: ماكرون يرفض عودة مقاتلي "الدولة" الفرنسيين إلى بلادهم

ومن المعلوم أن القانون العراقي يفرض عقوبة الإعدام على المنتمين لتنظيمات مصنفة بالإرهاب، وهو ما يشير إلى رغبة الدول الغربية بالتخلص نهائيا من مواطنيها المنتمين إلى تنظيم الدولة.

واستباقا لذلك، قال ماكرون إن بلاده سـ"تطلب تحويل أحكام الإعدام المحتملة ضد المتهمين في تلك الدول إلى أحكام بالسجن مدى الحياة، ما يطرح تساؤلات بشأن سيادة الدول التي ستحاكمهم، خاصة العراق".

وكان الرئيس العراقي، برهم صالح، قال خلال مؤتمر صحفي مشترك مع ماكرون في الإليزيه، إن "13 إرهابيا فرنسيا من عناصر داعش تم تسليمهم للعراق، وإنه ستتم محاكمتهم هناك".

 

غوانتانامو ثانية


النائب العراقي السابق، رئيس كتلة الحل، أحمد السلماني، انتقد تسلم العراق لعناصر أجانب من تنظيم الدولة، وقال إن "المفترض محاكمة هؤلاء في دولهم، أو في مواقع اعتقالهم".

وأوضح السلماني لـ"عربي21"، أنه يمكن "فهم استلام عناصر عراقيين منضمين لداعش، وكانوا داخل سوريا، لكن نقل الأجانب ما حاجة العراق به"، وتابع: "هل نحن بحاجة لإطعام إرهابيين في سجوننا بعد كل الجرائم التي ارتكبوها، خاصة أنهم يحملون فكرا دمويا، يجعل من وجودهم في العراق معضلة".

وأضاف: "تحويل العراق إلى غوانتانامو ثانية أمر غير مقبول، والحديث عن ضغوط ستمارس من أجل عدم إعدامهم، في حال إدانتهم، تدخل في السيادة العراقية والقضاء، وهذا يدخلنا في منزلق خطر".

وبشأن اختيار العراق لنقل أسرى تنظيم الدولة، قال السلماني: "بالطبع قسد لن تسلمهم للنظام السوري، لاعتبارات كثيرة، والدولة الأقرب التي تحتوي على محاكم وقضاء معترف به دوليا وسجون هي العراق".

وأشار إلى أن "قسد" ليس بمقدورها محاكمة هؤلاء؛ لأنها "مجموعة مسلحة، وليست دولة، وليس لديها محاكم، ولا حتى التخلص منهم ممكن"؛ لأنه سيصنف في خانة جرائم الحرب".

 

الإعدامات السريعة


من جانبه، قال أستاذ العلاقات الدولية، الدكتور مؤيد الوندي، إن الأوروبيين "يدركون أكثر من غيرهم أن المكان الوحيد الذي ينفذ الإعدامات بشكل سريع هو العراق".

وأشار الوندي لـ"عربي21"، إلى أن العراق اليوم "من أكثر دول العالم تنفيذا لعقوبة الإعدام؛ بسبب القوانين المنصوص عليها بشأن الجماعات الإرهابية والمنضمين لها، وهو المكان الأنسب للأوروبيين للتخلص من مقاتليهم".

وبشأن الثمن الذي ستجنيه بغداد من هذه العملية، أوضح أستاذ العلاقات الدولية، أن "السلطة الموجودة في العراق اليوم لا تفكر بهذه الطريقة، بل يهمها الاستلام والإعدام المستعجل، أو الإبقاء عليهم لحين انتزاع كافة المعلومات منهم، ثم إعدامهم". 

وأضاف الوندي: "الوفيات -إن جاز التعبير- للمعتقلين داخل السجون العراقية نتيجة سوء المعاملة أكثر ممن يجري إعدامهم، والسجناء الغربيون في حال لم يعدموا، سيجري عليهم المصير ذاته، ولن يسأل عنهم أحد، خاصة دولهم".

 

اقرأ أيضا: ألمانية انتمت لـ"داعش" تروي قصة زفافها في غرفة تعذيب (صور)

لكنه حذر الحكومة العراقية في الوقت ذاته من عواقب نقل مقاتلي تنظيم الدولة الأجانب للعراق، وقال: "يجب على بغداد عدم تحمل عواقب هذه العملية وحدها، ويجب ألّا تكون أداة في يد غيرها".

وتابع: "الدول الغربية لا تريد استعادة مقاتليها؛ لأن هناك محاكمات وتحقيقات ستجرى لبيان أسباب دخولهم في هذا المسار، وقد تحمّل تلك النظم المسؤولية عن تقصير أمني أو اجتماعي، ويتسبب لها بدوامات داخلية".

وختم بالقول: "من حق بغداد المطالبة بعناصر داعش العراقيين، لكن من غير المفهوم تسلم الأجانب، خاصة أن قسد لديها علاقات قوية مع أمريكا وفرنسا وأوروبا عموما، وبمقدور هؤلاء إنهاء معضلتهم بعيدا عن العراق".

التعليقات (0)

خبر عاجل