صحافة دولية

هكذا يستخدم "السلاح الرقمي" لتحفيز التونسيين على التصويت

 صناديق الاقتراع لا تثير اهتمام الفئة الشابة، على وجه الخصوص، التي أكدت ميلها نحو مقاطعة السياسة- جيتي
صناديق الاقتراع لا تثير اهتمام الفئة الشابة، على وجه الخصوص، التي أكدت ميلها نحو مقاطعة السياسة- جيتي

نشرت مجلة "جون أفريك" الفرنسية، تقريرا سلطت فيه الضوء على اعتماد حزبي حركة النهضة، وتحيا تونس، السلاح الرقمي من أجل الوقوف في وجه ظاهرة الامتناع عن التصويت في الانتخابات.

وقالت المجلة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه في مواجهة انعدام الثقة في الطبقة السياسية، تسعى الأحزاب التونسية لإثارة الانتباه واستقطاب منخرطين جدد.

 

فهل هناك طريقة أفضل من شبكة الإنترنت، تعتمدها الأحزاب السياسية لإعادة تشكيل صورتها واستمالة الأفراد؟

في هذا الصدد، اعتنى كل من حركة النهضة وتحيا تونس، الواقعان على نقيضي الطيف الأيديولوجي في البلاد، باستراتيجيتهما الرقمية.

 

وفي الوقت الذي يعيش فيه العالم على وقع "الاتصال المفرط"، غالبا ما تحظى الصورة بالأولوية القصوى. وتتقن الأحزاب التونسية إعداد استراتيجيتها من أجل ضمان التفرد والتميز.

وأوردت المجلة أنه بعد أن اكتسح البلاد، في المنازل والطرقات والمظاهرات وأثبت انضباطه في مجلس النواب الذي يحظى فيه بالأغلبية، أعلن حزب حركة النهضة في منتصف شباط/ فبراير، إطلاق خدمة الانخراط "عن بعد".

 

وفي إعلان هذه الخدمة، تظهر صورة لقادة الحركة بما في ذلك زعيمها راشد الغنوشي، والابتسامة تعلو وجوههم، وهم يقصّون كعكة كبيرة مغطاة بالكريمة المخفوقة.

وذكرت المجلة أنه في الوقت الحالي، اختُبرت منصة الانخراط هذه داخليا من طرف قادة الحزب، حيث جدد المديرون التنفيذيون وممثلو مجلس الشورى انخراطهم بالاعتماد على هذه الطريقة.

 

وفي الأسابيع المقبلة، من المتوقع أن يتوسع نطاق هذا المشروع ليشمل جميع الأعضاء على إثر المؤتمرات المحلية التي ستنتهي في 17 آذار / مارس المقبل. وستكون بطاقات الانخراط متوفرة في مكاتب الحزب للاحتفاظ بعلاقة "مادية" مع الحركة.

وفسر عضو المكتب التنفيذي، بدر الدين عبد الكافي، أن هذا الأمر يعتبر "طريقة للتعريف بحركة النهضة، من خلال مشاركة نظامنا الداخلي وأخبارنا".

 

كما يعزز ذلك الشعور بالانتماء إلى شبكة معينة، أما بالنسبة لتحيا تونس، الحزب الجديد في المشهد السياسي التونسي، وعلى الرغم من أن العديد من وجوهه معروفة، إلا أن التحدي يتمثل في إنشاء شبكة وسمعة جيدة لا سيما وأنه يحاول استغلال أرضية حزب نداء تونس.

 

في الواقع، لا زال حزب رئيس البلاد يستفيد من صورة وشعار معروفَين. وسيؤثر هذا التفصيل على نتائج الانتخابات في صندوق الاقتراع.


اقرأ أيضا :  تصاعد الاتهامات ضد الشاهد بتوظيف أجهزة الدولة خدمة لحزبه


وأردفت المجلة أن حزب "تحيا تونس" عدل عن طموحه المتمثل في اقتراح تصويت عبر الإنترنت لانتخاب هياكله الداخلية، بسبب عدم امتلاكه لنظام آمن.

 

وحتى بعد أن طلب من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تحقيق ذلك، لم تتمكن هذه الأخيرة من ضمان مثل هذا النظام.

 

مع ذلك، أنشأ حزب تحيا تونس واجهة تسجيل في اجتماعه الافتتاحي في 27 كانون الثاني/ يناير، حيث أُرسلت إشعارات بواسطة الرسائل القصيرة.

 

كما أطلق منصة ما قبل التسجيل يوم الخميس 21 شباط / فبراير، في انتظار التصديق عليها. ويوضح المسؤول الاستراتيجي لحزب "تحيا تونس"، رياض أم هاني، أنه "من أجل التقرب من الناشطين، لا شيء يعادل التواصل المباشر".

وأضافت المجلة أنه وفقا لرياض أم هاني، يتمثل الهدف الثاني من التعويل على السلاح الرقمي في "خلق تقارب بين قواعد الحزب ومركزه من أجل ضمان لامركزية المعلومات وصنع القرار".

 

ومن المتوقع أن يسمح صندوق الاقتراحات للناشطين باقتراح توجهات سياسية ومشاريع ملموسة. إثر ذلك، سيتم تنظيمها حسب الحرف المهنية أو المجال (الزراعة، أو الهندسة المعمارية، أو الصحة ...)، والمنطقة أيضا.

 

وبرر رياض أم هاني هذه الخطوة بالقول إن "المساحة الفاصلة بين سوسة والمنستير، على سبيل المثال، لا تتجاوز حوالي 20 كيلومترا ولكن ليس لدى الولايتين الأولويات ذاتها".

ونقلت المجلة عن بدر الدين عبد الكافي أن "التسجيل عبر الإنترنت أو عن بعد سيُسهّل انضمام الشباب والنساء".

 

في هذا الإطار، تعتبر نسبة الامتناع عن التصويت خلال الانتخابات البلدية، التي بلغت 66 بالمائة، معبرة.

 

اقرأ أيضا : أمين عام "نداء تونس" يعلن استقالته.. ويوضح الأسباب

 

وتجدر الإشارة إلى أن صناديق الاقتراع لا تثير اهتمام الفئة الشابة، على وجه الخصوص، التي أكدت ميلها نحو مقاطعة السياسة، وهو ما يعد عنصرا مربكا للبلاد ومقلقا بالنسبة للأحزاب في الوقت الذي تتشكل فيه حملة الانتخابات التشريعية والرئاسية التي ستعقد خلال تشرين الأول / أكتوبر وتشرين الثاني / نوفمبر من سنة 2019.

ويوضح رياض أم هاني، الذي لا يتردد في ذكر "تلعيب" العمل السياسي، أن "عليك التكلم بلغة المواطنين. فحين لا تكون أصوات السياسيين مسموعة، نفكر في طرق مدروسة بشكل أكبر مقارنة بالنشرات الإعلامية التي ينتهي مصيرها في السخام الإلكتروني".

وفي الختام، تطرقت المجلة إلى أن حزب حركة النهضة لم يتوقف عند مستوى الاتصال والانخراط عن بعد.

 

فخلال الشهرين الماضيين، وضع الحزب منصة رقمية لإدارة مشاريع البلديات، والتي يمكن لإطاراتها وممثليها المحليين البالغ عددهم 2139 شخصا النفاذ إليها داخليا.

 

ويبين النائب نوفل جمالي، الذي يشرف على هذه العملية، أن "الأمر شبيه بلوحة القيادة التي تساعد على متابعة تقدم المناقصات والبرامج المدرجة في الميزانية، حتى تكون أكثر فاعلية في التطبيق وفي التشخيص أيضا".

التعليقات (0)