صحافة دولية

FT: هذا ما كشفته احتجاجات الجزائر.. من يدير البلاد؟

فايننشال تايمز: احتجاجات الجزائر كشفت عن الزمرة الغامضة حول بوتفليقة المريض- جيتي
فايننشال تايمز: احتجاجات الجزائر كشفت عن الزمرة الغامضة حول بوتفليقة المريض- جيتي

نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا لمراسلتها في القاهرة هبة صالح، تتحدث فيه عن التظاهرات التي عمت الجزائر؛ احتجاجا على ترشيح الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة نفسه لولاية خامسة. 

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه في الوقت الذي عم فيه الغضب الجزائر كلها، فإن الرئيس كان راقدا في مستشفى في سويسرا، حيث تم التعتيم على وضعه الصحي، لافتا إلى أن بوتفليقة لم يتحدث علنا منذ عام 2013، عندما أصيب بجلطة دماغية أقعدته عن الحركة، وظهر الرئيس البالغ من العمر 82 عاما في صورة نادرة على كرسي متحرك وبدا هزيلا. 

وتلفت صالح إلى أن مرض الرئيس وغيابه الكامل هما في قلب تظاهرات الشارع الحاشدة التي عمت الجزائر خلال الأسبوعين الماضيين، مشيرة إلى أنها الأضخم منذ ثلاثة عقود. 

 

وتقول الصحيفة إن "احتمال حكم الرئيس المشلول، الذي انتخب لأول مرة عام 1999، خمس سنوات أخرى أغضب الجزائريين، واعتبروا ترشيحه إهانة، ويعتقدون أن السلطة السياسية في البلد الغني بالغاز الطبيعي تتحكم فيها زمرة غامضة من الرموز المدنية والعسكرية ورجال الأعمال، بينهم شقيق الرئيس، ويعد المحتجون ترشيح بوتفليقة محاولة من هذه الزمرة للحفاظ على مصالحها والتحكم في مفاصل السلطة في البلاد". 

 

وينقل التقرير عن المحامي في مجال حقوق الإنسان مصطفى بوشاشي، قوله: "لا نعرف من يحكم البلاد"، وأضاف: "من يعين الحكومات والسفراء والوزراء؟ هناك أشخاص يقومون باتخاذ القرارات في هذا البلد دون أن يكون لهم موقع رسمي أو محاسبة".

 

وتكشف الكاتبة عن أن الشخصيات المؤثرة في جزائر بوتفليقة تضم شقيق الرئيس سعيد، الذي يعمل مستشارا له وحاجبه، ورئيس هيئة الأركان في الجيش أحمد قايد صالح، الذي حذر المتظاهرين بأنهم يدخلون البلد البالغ عدد سكانه 40 مليون نسمة في المجهول، مشيرة إلى أنه منذ حصول البلد على الاستقلال من فرنسا عام 1962 عكست السلطة واتخاذ القرار التوازن بين مصالح الفصائل المتنازعة والمؤسسة الحاكمة، بما فيها مؤسسة الجيش القوية. 

وتورد الصحيفة أن المحللة في مجموعة الأزمات الدولية حنا آرمسترونغ، حذرت من ميل المراقبين "التأكيد على دور الجنرالات"، مشيرة إلى أن المدة الرابعة من حكم بوتفليقة شهدت "عملية تطهير للجنرالات وفي داخل المؤسسة الأمنية وعدد من الرموز ممن كانوا ملتزمين برؤية النظام"، وقالت: "لا يزال سلطة الجيش والخدمات الأمنية مهمة لكنها ليست سلطة منفصلة". 

 

وينوه التقرير إلى النخبة التجارية والاقتصادية الجديدة التي أصبحت ثرية من خلال مشاريع البنية التحتية التي مولتها أموال البترول، وأصبحت قوية، وتمارس نفوذا على القرار السياسي، لافتا إلى أن من بين هؤلاء علي الحداد، رئيس شركة بناء، التي استفادت بشكل رئيسي من مشاريع البناء التي قامت بها الحكومة، وهو رئيس جمعية رجال الأعمال المهمة في البلاد، وهي الجمعية التي ترعى مصالح مجموعة من رجال الأعمال الذين استفادوا في بلد لا تزال الحكومة تسيطر فيه على الاقتصاد.

 

وتفيد صالح بأن المتظاهرين عدوا عرض بوتفليقة يوم الأحد، الذي تعهد فيه بالتخلي عن السلطة بعد الانتخابات، وإجراء حوار وطني، مجرد حيلة لحماية النخبة التي تستفيد من بقائه على رأس الحكم، مشيرة إلى أن محاولات رئيس الوزراء أحمد أويحيى في منع المتظاهرين من مواصلة احتجاجاتهم من خلال تذكيرهم بما حصل في سوريا أو السنوات السوداء التي شهدتها الجزائر، التي قتل فيها أكثر من 200 ألف شخص، قد فشلت. 

 

وتستدرك الصحيفة بأن قرار النخبة الحاكمة وضع الرئيس بوتفليقة المريض مرشحا لها يشير إلى أنها تعيش في حالة أزمة، حيث ترى داليا غانم يزبك من مركز كارنيجي في بيروت أن الدفع برجل على كرسي متحرك في الثمانينيات من العمر، ولم يتحدث لشعبه منذ سنوات، يعكس فشل النخبة في تقديم بديل حقيقي عنه قادر على حماية مصالحها. 

 

وينقل التقرير عن يزبك قولها: "هذا لا يتعلق ببوتفليقة.. لكنه مرتبط بالمصالح المتداخلة داخل القبيلة، شقيقه والناس في منطقته والنخبة الاقتصادية، ويقوم المتظاهرون بتعريض المصالح كلها للخطر، بالإضافة إلى مصالح البعض في الجيش وجبهة التحرير الوطني الحاكمة". 

 

وتذكر الكاتبة أن بوتفليقة حظي بشعبية عندما وصل إلى السلطة نظرا للدور الذي قام به في إعادة الاستقرار إلى البلاد، بعد سنوات من الحرب الدامية، بالإضافة إلى أنه واحد من الجيل الذي يتلاشى ممن قاتل الفرنسيين وتحرير الجزائر، وهو الكفاح الذي استخدم للحصول على الشرعية، مستدركة بأن الانتخابات المبكرة فاجأت النخبة الحاكمة التي حاولت العثور على مرشح مناسب. 

 

وبحسب الصحيفة، فإن المحللة آرمسترونغ من مجموعة الأزمات الدولية ترى أن مؤسسات الحكم، مثل البرلمان والأحزاب والمعارضة، ضعيفة جدا، لدرجة أنها لا تستطيع تقديم مرشحين أقوياء، لافتة إلى أن النخبة العاملة في الظل ستواجه نفسها أمام ضغط مع قرب الانتخابات الشهر المقبل. 

 

وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول آرمسترونغ: "بالنسبة لنظام معزول، فإن عملية الخروج بمرشح جديد أصبحت صعبة، وسيزداد الضغط من الشارع"؛ لأن الجزائريين قرروا الخروج من هذه المهزلة وملابس الإمبراطور الجديدة.

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (1)
امازيغي
الثلاثاء، 05-03-2019 04:21 م
من يدير البلاد ويصادق على التعيينات هو الرئيس الميت الحي بوتفليسة الم تسمعوا الى سفير الجزائر بفرنسا الذي قال ان لبوتفليسة عقل مثل عقل الاطفال الاطفال