ملفات وتقارير

هكذا قرأ مختصون مظاهرات "بدنا نعيش" وقمع أمن غزة لها

استنكر المبعوث الأممي ملادينوف قمع أجهزة الأمن بغزة للاحتجاجات- فيسبوك
استنكر المبعوث الأممي ملادينوف قمع أجهزة الأمن بغزة للاحتجاجات- فيسبوك

أجمع مختصون، على أن مطالبة الشباب الفلسطيني الذي يعيش في ظل أوضاع كارثية تعصف بقطاع غزة بحياة كريمة، هي ضرورة إنسانية، تتطلب تفهم موقفهم والاستماع لمطالبهم، مؤكدين أن السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي يحاولان استغلال هذا الحراك.

عائلات معدومة

وخرجت مظاهرات في العديد من مدن قطاع غزة بتنظيم ما يعرف بـ"الحراك الشبابي"، احتجاجا على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة.

وللوقوف على متطلبات حراك "بدنا نعيش"، أوضح الناشط الفلسطيني "أبو جهاد"، أن المواطنين في قطاع غزة؛ منهم من يتقاضى راتبه ولو بشكل محدود من السلطة الفلسطينية أو الحكومة بغزة التي تديرها "حماس"، وآخرين من الأعمال الخاصة والمؤسسة الاجتماعية؛ الرسمية والأهلية إضافة إلى الفصائل، وهناك عدد كبير معدوم الدخل".

وطالب في حديثه لـ"عربي21"، أن "يتم توفير مبلغ مالي – راتب مقطوع - للعائلات معدومة الدخل كي تتمكن من العيش، إضافة لرفع أو تخفيض الضرائب عن السلع الأساسية وخاصة ما يتعلق بالطعام"، مشددا على أهمية "التوزيع العادل للأموال والمساعدات التي تصل قطاع غزة من مختلف الجهات المانحة".


واستنكر "أبو جهاد"، "طريقة تعامل وقمع بعض أفراد أجهزة الأمن التابعة لوزارة الداخلية بغزة للمتظاهرين، الذين خرجوا للتعبير عن رأيهم ومطالبهم العادلة بتوفير حياة كريمة لهم"، محملا السلطة الفلسطينية في رام الله "المسؤولية عما وصلت إليه الأحوال في قطاع غزة"، وقال: "لو بقيت رواتب الموظفين كما هي لما تدهورت الأوضاع الاقتصادية في القطاع إلى هذه الحالة".

وللتعليق على قمع المتظاهرين، حاولت "عربي21" التواصل مع المتحدث باسم وزارة الداخلية والأمن الوطني بغزة، إياد البزم، لكنه لم يرد على الاتصالات المتكررة.

أوضاع اقتصادية صعبة للغاية 

وأوضح رئيس معهد فلسطين للدراسات الاستراتيجية، إياد الشوربجي، أن "الأوضاع الاقتصادية في القطاع صعبة للغاية، خاصة في ظل تشديد الحصار الإسرائيلي وفرض السلطة عقوباتها على غزة بهدف إسقاط حكم حماس، وهو ما أثر على جميع مناحي الحياة وساهم بشكل كبير في إفقار الناس وزيادة معاناتهم".

 

اقرأ أيضا: تصاعد للتوتر بعد قمع شرطة غزة لمظاهرات "بدنا نعيش" (شاهد)

ولفت في حديثه لـ"عربي21"، أن "فئة الشباب من أشد الفئات معاناة وتضررا، وهذا يتطلب تفهم موقفهم والاستماع لمطالبهم وتلمس حاجاتهم".

ورأى الشوربجي، أن "الناظر لتفاصيل الأحداث وسياقاتها، يعلم أن هدف الحصار الصهيوني على غزة هو عقابها على مقاومتها وإفشال تجربتها، كما أن السلطة تهدف عبر عقوباتها إلى إحداث حالة من الضغط الشديد على سكان القطاع بهدف؛ إما تفجير ثورة داخلية في وجه حماس أو تفجير الوضع باتجاه إسرائيل، وفي كلتا الحالتين يعني طحن غزة وزيادة الضغط على حماس".

وأضاف: "المشكلة تكمن، أن هذه المقاربة الصعبة والتي يعيها الكثير من الناس، تحاول إيهام الناس بالخلاص من الفقر والجوع دون أن تقول لهم أن الثمن هو الذل والخضوع للمحتل والعيش تحت بساطيره، هذا فضلا عن إمكانية ضياع القضية وتصفيتها عبر تنفيذ صفقة القرن بعد إخضاع غزة كقلعة أخيرة من قلاع المقاومة".

 

الحكمة والنزاهة

وشدد رئيس معهد فلسطين، على ضرورة "العمل على تلمس حاجات الناس وحل مشاكلهم وتحقيق أكبر قدر من العدالة، عبر إدارة الواقع بأقصى درجة من الحكمة والنزاهة والشراكة الوطنية، وتكثيف الجهود لرفع الحصار الظالم والتحرر من الاحتلال سبب كل المعضلات، مع ضرورة حماية المقاومة".

وحول الأطراف التي تحاول استغلال الحراك، قال: "الاحتلال وسلطة رام الله أكبر المستفيدين من تفجر الأوضاع في غزة، إضافة لبعض الأطراف الإقليمية التي تعادي التيارات السياسية الإسلامية ولا يروق لها بقاء أي نفوذ لهذه التيارات في غزة".

ونبه الشوربجي، إلى وجوب الفصل بين "مطالب الناس المشروعة وبين من يسعى لتفجير الأوضاع وإثارة الفتن لتحقيق مآرب سياسية".


من جانبه، أكد الكاتب والناشط الفلسطيني محمد عوض، أن "المطالبة بالحقوق المشروعة المبنية على التكافل الاجتماعي وإعادة دفة المجتمع للعدالة والتوزيع المستحق لمفرزات الوطن"، معتبرا أن "الشعب الذي يشعر بالظلم وغياب الرؤية وضياع حقوقه هو شعب حيّ، لا سيما أن غزة تعيش في بيئة محاصرة من جميع الجهات".


وأوضح في حديثه لـ"عربي21"، أن "الحصار ازداد ألما مع عقوبات السلطة؛ وهذا أمر مؤسف أن نقول أنه يتماهى مع رغبات الاحتلال في تمييع القضية وتضييع الشعب".

ونوه عوض، إلى "وجود أيد عابثة قد تتجه للاستفادة من هذا الحراك، والواقع للأسف شهد بذلك؛ حيث تبجح ناطقون في السلطة الفلسطينية بتوجيه طاقات هذا الحراك لكي يكون له واجهة سياسية ضد حماس والمقاومة"، مضيفا: "وهذا ما جعل بعض الناس في مواجهة مباشرة ليس مع المتسبب الحقيقي في تجويعهم، وفي جانب آخر يرفع العتب عن انتهاكات السلطة والاحتلال ضد قطاع غزة المحاصر".

 

اقرأ أيضا: الشرطة بغزة تقمع احتجاجا ندد بالأوضاع الاقتصادية (شاهد)

من جانبه، أوضح الباحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية منصور أبو كريم، أن "تظاهرات "بدنا نعيش" وغيرها، جاءت بعد ما وصلت الأمور في غزة حد الانهيار بسبب الحصار والانقسام، في ظل استمرار حكم حركة حماس المنفرد لغزة".

تلاعب الاحتلال

وأضاف في حديثه لـ"عربي21": " لقد خرجت للتنديد بالوضع القائم وللمطالبة بسرعة تغير الواقع، ورفضا للضرائب والجمارك التي فرضتها حماس مؤخرا على بعض السلع والخدمات".

ونوه أبو كريم، أن "هناك أزمة سياسية فلسطينية بعد فشل مسار المصالحة، وما يحدث يصب بلا شك في مصلحة السلطة الفلسطينية، كون السلطة تسعى للضغط على حماس، عقب فشل مسار المصالحة لدفع الحركة للقبول بشروط ومتطلبات المصالحة الفلسطينية".

ورأى أن هذا "الحراك الشبابي الاجتماعي؛ لا توجد جهة تحركه، كما يغيب عنه البعد السياسي"، متوقعا أن تستمر هذه المظاهرات التي "لن تتوقف إلا بإحداث تغيير جوهري في الوضع في القطاع".

من جهته، أوضح الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، أن هذا "الحراك يأتي على خلفية وضع اجتماعي ومعيشي يزداد تدهورا يوما بعد يوم، وهو ليس سياسيا أو فصائليا"، منوها إلى أن "الناس تفاءلت بمسيرات العودة التي لم تحقق الهدف بعد عام على انطلاقتها، وبقيت الأمور تتدهور والإسرائيلي يتلاعب بصيغة هدوء مقابل هدوء".

 

استخدام القمع

ورجح في حديثه لـ"عربي21"، أن "يستمر هذا الحراك الذي سيعاود الظهور في المستقبل"، مؤكدا أن "استخدام حماس الوسيلة الأمنية والقمع في تعاملها مع الحراك، لن يحقق أي نتائج؛ والوضع العربي المحيط بنا يؤكد ذلك".

ورأى عوكل، أن الأسلوب الذي اتبعته أجهزة الأمن بغزة، تسبب بـ"استنفار قطاعات واسعة من الشعب الفلسطيني، بسبب القمع الواسع".

وذكر أن "حماس لا تستطيع أن تحل مشاكل الناس، لكن بإمكانها أن تخفف عنهم، خصوصا فيما يتعلق بموضوع الضرائب، كما كان عليها أن تلجأ وتتفاعل مع الكل الوطني، وتقديم خطاب إيجابي واتخاذ بعض الإجراءات؛ ولكن هذا لم يحصل، وبالتالي مزيد من الاحتقان الذي سيعكس نفسه على أداء مسيرات العودة وتحالفات حماس من الفصائل".

 

ملادينوف يدين

 

وأدان نيكولاي ملادينوف، المنسق الخاص للأمم المتحدة في الشرق الأوسط، حملة الاعتقالات والعنف في مواجهة الاحتجاجات.

وقال في بيان "احتج أهالي غزة الذين طالت معاناتهم على الوضع الاقتصادي المؤلم وطالبوا بتحسين نوعية الحياة في قطاع غزة، لهم الحق في الاحتجاج دون خوف من الانتقام".

 

اقرأ أيضا: ساسة الاحتلال وإعلاميوه يؤيدون مظاهرات غزة وناشطون يعلقون

وأضاف "أدين بشدة حملة الاعتقالات والعنف التي استخدمتها قوات الأمن التابعة لحماس ضد المتظاهرين بمن فيهم النساء والأطفال في غزة خلال الأيام الثلاثة الماضية".

 

وقال ملادينوف في بيانه إنه يشعر بالقلق بشكل خاص "من الاعتداء بالضرب بشكل وحشي على الصحفيين والموظفين من الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان ومداهمة المنازل".

التعليقات (0)