سياسة عربية

وزير الخارجية التونسي الأسبق: فلسطين أولوية للأمن القومي

وزير خارجية تونسي سابق: هذا هو موقف الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة من عدوان حمام الشط (عربي21)
وزير خارجية تونسي سابق: هذا هو موقف الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة من عدوان حمام الشط (عربي21)

رأى الحبيب بن يحيي وزير خارجية تونس سابقا والأمين العام للاتحاد المغاربي لمدة 10 أعوام، أن القمة العربية في دورتها الـ 30 المقرر عقدها بتونس يوم 31 آذار (مارس) الجاري، يمكن أن تنجح في تحسين واقع الوطن العربي وفرص التكامل والشراكة الاقتصادية والسياسية والتنسيق الأمني بين الدول العربية.

ودعا ابن يحيي في حديث مع "عربي21"، إلى أن تكرس قمة تونس مرجعيات الجامعة العربية وثوابتها القومية والمقررات السابقة للقادة العرب ومجلس جامعة الدول العربية في مستوى وزراء الخارجية، بما في ذلك ما يتعلق بأولوية الأمن القومي العربي وقضية فلسطين وقيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشريف.

المفتاح بأيدي وزراء الخارجية

واعتبر ابن يحيى أن مشاركاته في الأعمال التحضيرية للقمم العربية لمدة طويلة، ثم مشاركته في عدد من القمم الدولية وفي لقاءات القادة العرب وزعماء الدول الإسلامية الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي (المؤتمر الإسلامي سابقا)، أقنعته أن حصيلة أعمال أي قمة رهينة الاجتماعات التمهيدية التي يعقدها المندوبون ووزراء الخارجية.

واستحضر الحبيب بن يحيي مشاركاته في الاجتماعات التحضيرية للقمة العربية في عدد من دوراتها السابقة، وبينها بالخصوص القمة التي عقدت في 2004 بتونس بعد حرب غزو العراق في 2003.

وقد خصص وزراء الخارجية العرب وقتا طويلا لمناقشة جدول الأعمال والمستجدات في المنطقة، وعندما تبين في آخر لحظة أن الأوضاع لم تكن مهيأة لعقد لقاء القمة، وقع تأجيلها واستؤنفت المحادثات في مقر الأمانة العامة للجامعة العربية في القاهرة، ثم في اجتماعات مصغرة أشرف عليها الأمين العام السابق للجامعة عمرو موسى.

 



ورغم عمق الاختلافات أمكن التوصل إلى تفاهمات وتوافقات مكنت من عقد اجتماع مجلس الرؤساء والملوك العرب في ظروف أفضل بتونس. وصادقت القمة على مقررات مهمة شملت الأمن القومي والإصلاح السياسي والشراكة وفق أسس جديدة.

التطبيع مع إسرائيل

وماذا عن الأخبار التي تروج عن كون القمة العربية التي سوف تعقد بتونس سوف تصادق على مشروع قرار يبرر التطبيع الشامل مع سلطات الاحتلال الإسرائيلية، تطبيقا للتطورات في السياسة الخارجية لإدارة دونالد ترامب وعدد من حلفائه؟


رئيس الديبلوماسية التونسية السابق أورد جوابا عن السؤال، أنه يعتبر أن "الأهم اليوم هو تطبيع العلاقات العربية العربية، وتحسين مستوى المشاورات والتعاون ومنسوب الثقة المتبادلة بين القادة العرب".

وأكد ابن يحيي كون مثل هذا "التطبيع الشامل في العلاقات بين الدول العربية سيؤدي إلى تحسين فرص التنمية والشراكة بين الدول والشعوب ورجال الأعمال في الدول العربية، بما يخدم مصلحة المواطنين والحكومات ويحسن الموقع التفاوضي للقادة العرب في القضايا الإقليمية والدولية".

الديبلوماسية تحاصر النزاعات

واعتبر وزير الخارجية التونسي الأسبق أن دور وزراء الخارجية والسفراء محاصرة النزاعات والخلافات بطرق سياسية، عبر المثابرة على الحوار وتعميق المشاورات السياسية الهادئة.

واستحضر ابن يحيى تجربته الديبلوماسية الطويلة في عدد من عواصم العالم وبينها واشنطن، عندما كان ديبلوماسيا عاديا في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، ثم سفيرا لتونس في الولايات المتحدة، قبل أن يعين كاتب دولة للخارجية (وكيل وزارة)، ثم وزيرا للخارجية في التسعينيات ثم في مطلع القرن الجاري.

ونوه ابن يحيي إلى تجربة التفاوض الناجحة التي قامت بها الديبلوماسية التونسية على هامش العدوان الإسرائيلي على مقر قيادة منظمة التحرير الفلسطينية في تونس في تشرين أول (أكتوبر) 1985، مما تسبب وقتها في حالة احتقان شعبي وسياسي كبير في تونس وفي دول المنطقة.

العدوان على مقر القيادة الفلسطينية بتونس

وكشف الحبيب بن يحيى أن الرئيس التونسي ـ وقتها ـ الراحل الحبيب بورقيبة اتصل به وطلب منه إبلاغ الإدارة الأمريكية في أعلى مستوى، بكون تونس سوف تغلق سفارتها في واشنطن وستقطع علاقتها بها في صورة استخدامها حق النقض، الفيتو، في مجلس الأمن الدولي ردا على الشكوى التي تقدمت بها تونس.

وكان الباجي قائد السبسي وقتها وزيرا للخارجية ومحمد مزالي، رحمه الله، رئيسا للحكومة، وقد تحركا بقوة دعما للمساعي الديبلوماسية ولموقف الرئيس الحبيب بورقيبة رحمه الله.

وقد انتقل ابن يحيي إلى البيت الأبيض وقابل الجنرال كولن باول، الذي كان من أقرب المقربين إلى الرئيس الامريكي ريغن وأعلمه بقرار الرئيس بورقيبة. وقد طلب منه كولن باول الانتظار في البيت الأبيض حتى يقابل الرئيس ريغن وينقل إليه مشاغل تونس ومطالبها.

وكانت الإدارة الأمريكية قد علمت بموقف الزعيم بورقيبة الذي أبلغ بنفسه في مكتبه بقرطاج السفير الأمريكي في تونس سيبستيان بحضور الحبيب بورقيبة الابن.

وقد أعلمه بورقيبة وقتها أن تونس ستغلق السفارة الأمريكية في تونس ولن تقبل إقامة علاقات ديبلوماسية مع الولايات المتحدة، إذا استخدمت واشنطن حق النقض ضد مشروع القرار الأممي الذي يدين العدوان الإسرائليي على حمام الشط.

وقد أكدت تحركات الديبلوماسية التونسية ومواقف الرئيس بورقيبة وحكومته اعتبار الاعتداء على مقر منظمة التحرير الفلسطينية في تونس، اعتداء على السيادة التونسية وعلى منطقة مدنية آهلة بالسكان، مما تسبب في أضرار بشرية ومادية من الجانبين الفلسطيني والتونسي.

وكانت نتيجة تلك التحركات تراجع واشنطن عن استخدام حق النقض، واكتفت بالاحتفاظ بصوتها، وكانت سابقة في تاريخها.

ومكن القرار من حصول تونس على إدانة سياسية دولية غير مسبوقة للعدوان الإسرائيلي، مع مطالبة حكومة الاحتلال بدفع تعويضات عنه.

الاتحاد المغاربي.. إلى أين؟

وماذا عن مستقبل العلاقات بين دول الاتحاد المغاربي الخمس التي تتعثر منذ تجميد الرباط عضويته في الاتحاد قبل 25 عاما؟

 

وهل من المتوقع أن يجري القادة المغاربيون أو وزراء خارجية الدول الخمس مشاورات على هامش قمة تونس مثلما جرت عليه العادة؟


ابن يحيى الذي واكب مسيرة بناء الاتحاد المغاربي منذ مؤتمر مراكش 1989 ثم تولى الأمانة العامة للاتحاد مدة 10 أعوام ما بين 2007 و2016، لا يزال مقتنعا أن فرص تحقيق التكامل وتطوير الشراكة والتعاون بين الـ 100 مليون مغاربي ممكن إذا توفرت شروطه، ومن بينها عدم الخلط بين عمل مؤسسات العمل المغاربي المشترك وبعض الخلافات الثنائية، وبينها الخلاف حول الملف الصحراوي.

واعتبر ابن يحيي أن أهم نجاح تحقق خلال توليه مهمة الأمانة العامة للاتحاد المغاربي، إحداث مؤسسة مشتركة لرجال الأعمال في البلدان المغاربية وأخرى لسيدات الأعمال.

وقد أسفرت لقاءات رجال الأعمال الجزائريين والمغاربة وشركائهم في بقية الدول الأعضاء في الاتحاد، إلى حركية مالية واقتصادية وتقاطع للمصالح، ثم إلى إعادة الاجتماعات الوزارية وبينها مؤتمرات وزراء الخارجية والاقتصاد والمالية والتجارة والزراعة، فضلا عن إحداث آليات للتنسيق والتعاون بين البنوك ومؤسسات التمويل في البلدان المغاربية.

إذن، فالمطلوب حسب الحبيب بن يحيى بعد خبرة طويلة سياسيا وديبلوماسيا وطنيا ومغاربيا وعربيا، المثابرة وتشجيع فرص تقاطع المصالح بين رجال الأعمال والمؤسسات الاقتصادية والشعوب.

التعليقات (1)
محمد ييعقوب
الجمعة، 22-03-2019 04:41 م
قال وزير الخارجية التونسى ألأسبق، إن فلسطين أولوية للأمن القومى!!!! ألله أكبر! إذا كانت فلسطين أولوية ويحصل لها ما حصل، وكل عام يزداد الوضع سوءا لفلسطين وقضيتها، حتى جاء اليوم الذى قام به بعض العرب بالتطبيع الكامل مع إسرائيل المحتلة لفلسطين والمضطهدة للفلسطينيين، والتي تهدد لهدم ألأقصى قبلتهم ألأولى. حتى فلسطين نفسها أصبحت ثلاث، جزء كبير إحتلته إسرائيل وأعلنته دولتها وجزء ثان في الضفة الغربية تحكمه سلطة عميلة لإسرائيل تعمل على تهيئة الظروف لتسليمه بالكامل لإسرائيل. وقسم ثالث وهو قطاع غزة، مجوع ومحاصر ومحارب من أكبر دولة عربية وهى مصر العربية ألتى أصبحت عبرية بقيادة السيسى اللعين!!! كيف لو لم تكن فلسطين أولوية كما صرح وزير الخارجية التونسى ألأسبق؟؟؟!!!