مقالات مختارة

حل الأزمة بين المنزلتين

حبيب راشدين
1300x600
1300x600

عند تحليل المسارين المقترحين من قبل السلطة والمعارضة، لا يبدو لي أن الهوة بينهما كبيرة غير قابلة للردم، متى ما انتقلنا من البحث والجدل العقيم في مشروعية وأهلية من يتولى إدارة المرحلة الانتقالية إلى التوافق حول ما بات مطلبا شعبيا، تؤازره رغبة حاضرة لدى مؤسسة الجيش في إحداث تغيير عميق في طبيعة النظام، بإعادة تأسيس دستور جديد، نحتاج معها بالضرورة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لإعادة بناء الثقة، وتطمئن الشارع، وتأمين مطالبه من العبث والالتفاف والمراوغة.

في تقديري ليس ثمة من بأس أو عيب ظاهر في خارطة الطريق التي عرضتها السلطة في الرسالة الثانية ثم في رسالة التأكيد بتاريخ 18 مارس، سوى أنها معوقة ابتداء من جهة انعدام الثقة في السلطة، ومن جهة خروجها عن أحكام الدستور بصيغة التمديد، كان بوسع السلطة أن تغطيه بتفعيل المادة 107 ربما لم تفعل لأن مؤسسة الجيش لم تكن راغبة في إشراكها مبكرا كطرف في حلّ سياسي ينفذ خارج الدستور، قد يضعها في الواجهة داخليا وخارجيا.

وفي مكان ما نلمس ما لم تفصح عنه مؤسسة الجيش من مخاوف مشروعة، مما قد يترتب عن إدارة مرحلة انتقالية خارج الدستور (وفي ظرف إقليمي ودولي ملغم ومتوتر) حتى وإن كانت تميل إلى القبول بخارطة الطريق لأسباب لها صلة ببعض المهام والصلاحيات التي لا يمنحها الدستور سوى لرئيس جمهورية منتخب (انظر المواد 92 وصلاحيات التعيين في الوظائف السامية المدنية والعسكرية، والمواد من 106 إلى 111 الخاصة بإعلان حالة الطوارئ والحالة الاستثنائية وإعلان الحرب) هي مهام وصلاحيات لن يضطلع بها لا رئيس الدولة وفق المادة 104 ولا هيأة رئاسية تنشأ خارج الدستور كما تقترح المعارضة.

بين الصيغتين السياسيتين للسلطة والمعارضة، يمكن التوصل إلى نقطة تقاطع، توظف -عبر التمديد- ما يحتفظ به الرئيس الحالي طيلة المرحلة الانتقالية من “صلاحيات رئيس الجمهورية” كاملة، شريطة اتخاذ إجراءات عاجلة، تطمئن المعارضة والشارع ، أرى أنها ممكنة مع استعداد الرئيس الحالي للمساعدة في دعم مسار التغيير تسمح له صلاحياته حتى 28 أبريل من اتخاذ قرارات عاجلة أوجزها في خمس نقاط سريعة:

أولا: الإسراع بإعادة هيكلة مؤسسة الجمهورية وتطهيرها من البؤرة المتهمة باختطاف قرار الرئيس بإبعاد شقيق الرئيس ونزع صفة المستشار عنه، هو ومن كان يشاركه على مستوى هياكل مؤسسة الجمهورية، يتبع بتعيينات من شخصيات سياسية عسكرية وأمنية بعيدة عن الشبهة تشكل محيطا مساعدا للرئيس مؤتمن على قرارات الرئيس يعمل بشفافية مطلقة.

ثانيا: الإسراع بإصدار مرسوم أو تقديم تعديل أمام البرلمان ينشئ من الآن الهيئة المستقلة لإدارة ومراقبة الانتخابات تكون ملزمة للرئيس الحالي ولأي رئيس بعده تحسبا لحصول شغور بسبب الوفاة قبل نهاية المرحلة الانتقالية

ثالثا: تقال الحكومة الحالية وتسند رئاستها لشخصية وطنية عليها توافق كبير مسنود بنائبين من الموالاة والمعارضة، وتوزيع باقي الحقائب على كفاءات تكنوقراطية من إطارات الدولة غير المطعون فيهم.

رابعا: حث أحزاب الموالاة والمعارضة على انفتاح سريع على فئة الشباب بالانخراط حسب قربهم من المعلن من عناوين الأحزاب والشروع بسرعة في إعادة هيكلة جميع الأحزاب بطرق ديمقراطية تسمح للشباب بوصول سريع لمناصب القيادة ومن ثمة ضمان حضورهم المنظم في المؤتمر الوطني الوارد في خارطة الطريق.

خامسا: إصدار الرئيس لقرارات ومراسيم تحرك من الآن قطار المحاسبة القانونية عبر القضاء لكل من أجرم أو أفسد أو تطاول على المال العام، مع تأمين البلد من محاولة تهريب الثروات إلى الخارج، وتجميد بيع أصول الشركات الخاصة حتى نهاية المرحلة الانتقالية، وتحرير قضاة مجلس المحاسبة لمراجعة حسابات الحكومات المتعاقبة خلال العهدة الرابعة في الحد الأدنى.

عن صحيفة الشروق الجزائرية

2
التعليقات (2)
متفائل
الخميس، 28-03-2019 09:49 ص
الحل سياسي ، ولن يكون إلا سياسيا ، من بعد الانقلاب على اختيار الشعب الحر ، لم يعد الجزائريون يثقون .
متفائل
الأربعاء، 27-03-2019 07:16 م
ماذا دهاك ، انطلقت جيدا ، لكنك سرعان ما تعثرت ، رجع أوراقك فقد باتت مبعثرة ، يمكنك استجماع قواك العقلية والعاطفية لتقول قول الفصل ، خصوصا أن لقبك يوحي برشدك يا حبيب .