ملفات وتقارير

غانتس ونتنياهو.. انتخابات الابتزاز وتلطيخ "السمعة"

تنافس محموم على من هو الأكثر إخلاصا للمستوطنات و"شبان التلال" الذين ينغصون حياة الفلسطينيين كل يوم
تنافس محموم على من هو الأكثر إخلاصا للمستوطنات و"شبان التلال" الذين ينغصون حياة الفلسطينيين كل يوم

انتخابات بلا خطوط حمراء، تجاوزت كل المقاييس الإسرائيلية في أي انتخابات أخرى، تشهير وتلطيخ سمعة، وتخوين، وسلسلة طويلة من الأكاذيب والتقارير المزيفة.

بنيامين نتنياهو يريد الفوز بدورة خامسة بأي طريقة، حتى لو ألقى بنفسه في أحضان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وتحالف مع حركة "كهانا حي" التي تعتبرها الولايات المتحدة وحتى "إسرائيل" منظمة إرهابية.

بيني غانتس و"اليسار" الإسرائيلي يجدانها فرصه سانحة لا تتكرر لإسقاط نتنياهو، وجره إلى المحكمة بتهم الفساد؛ لذلك سعوا إلى بناء تحالف من أربعة جنرالات سابقين في الجيش الإسرائيلي.

تنافس محموم ليس على من سيصنع التغيير، وإنما من الأكثر إخلاصا للمستوطنات و"شبان التلال" الذين ينغصون حياة الفلسطينيين كل يوم، من سيكون صاحب السابق في ضم ما تبقى من الأراضي الفلسطينية وتطبيق مزيد من الضغط على غزة.

من يحسم نتيجة انتخابات الكنيست اليوم الثلاثاء؟ هل يكون "الليكود" برئاسة نتنياهو أم غانتس رئيس تحالف" أزرق أبيض"؟

من سيكون صاحب العدد الأكبر بالمقاعد ليكلف بتشكيل الحكومة الإسرائيلية المقبلة؟ ومن هو الأكثر قدرة على عقد الصفقات مع الأحزاب الأخرى الفائزة؟

هذا يعني أن رئيس الوزراء ليس دائما هو الشخص الذي يفوز حزبه بأعلى الأصوات، بل الشخص الذي يستطيع أن يجمع معا عددا كافيا من الأحزاب ليسيطر على ما لا يقل عن 61 مقعدا من مقاعد "الكنيست"، البالغ عددها 120 مقعدا.

كلاهما يزعم أنه الفائز، وكلاهما تفوق على الآخر في استطلاعين للراي أجريا أخيرا، وكلاهما يحتاج الأحزاب اليمينية والدينية لعقد تحالف يحقق 61 مقعدا في "الكنسيت"، وهما أيضا لا يرغبان معا في عقد أي صفقة مع تحالف "الجبهة" و"العربية للتغيير" (من فلسطيني الداخل المحتل عام 1948).

وسيكونان في ساحة مزايدات وابتزازا مفتوحة ومكشوفة لم يشهد لها انتخابات "الكنيست" مثيلا، فالأحزاب الصغيرة والمتوسطة ستكون بيضة الميزان، وستحسم من سيكون رئيس الوزراء المقبل.
هنا سيرتفع السعر، كم وزير سيكون نصيب كل حزب؟ وماذا بشأن المليارات التي ستطلبها الأحزاب الصغيرة لقاء دخولها في الحكومة؟ وما هي الميزانية لكل وزارة؟

في الخارطة الحزبية الإسرائيلية، نتنياهو سيكون أمام حلفائه الدائمين: "اليمين الجديد"، و"شاس"، و"يهدوت هتوراة"، و"كولانو"، و"إسرائيل بيتنا"، و"زهوت" و"غيشر".

غانتس هو الآخر سيخطب ود أحزاب "زهوت" و"كولانو"، إضافة إلى "العمل" و"ميرتس" و"حداش".
غانتس سيكون مفاجأة الانتخابات، فهو وجه جديد على الساحة الحزبية الإسرائيلية، ورغم مرور فترة قصيرة على تأسيس حزبه "مناعة لإسرائيل"، إلا أن رئيس أركان الجيش السابق استطاع أن يجعل من نفسه وحزبه "رقما صعبا" في انتخابات "الكنيست"، مهددا "عرش" نتنياهو.

غانتس منذ اليوم الأول لإعلان ترشحه، هاجم بضراوة سياسة نتنياهو في الداخل والخارج. كما لعب على الوتر العاطفي لدى الإسرائيليين، حيث تعهد بالإفراج عن أسراهم المحتجزين لدى حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في غزة. ورأت فيه وسائل الإعلام العبرية "منافسا بوزن ثقيل في مواجهة نتنياهو".

غانتس المولود في عام 1959، لأم من المجر وأب من رومانيا، انخرط في نهاية عام 1977 في صفوف الجيش الإسرائيلي، وانضم إلى لواء المظليين، وشارك بعملية الليطاني بلبنان.

وفي عام 1979، تخرج غانتس من مدرسة تأهيل الضباط لجيش الدفاع، وأصبح قائد فصيلة، ثم قائد سرية في لواء المظليين، كما أكمل دورة الوحدات الخاصة في الولايات المتحدة، وعاد منها بعد شهرين من اجتياح القوات الإسرائيلية لبنان في عام 1982 .

ترقى في الخدمة العسكرية، وأجريت تحت قيادته عملية "شالمه" في عام 1991، التي انتهت بنقل نحو 14 ألفا من يهود "الفلاشا" من إثيوبيا إلى الأراضي المحتلة .

عين قائدا عسكريا على الضفة الغربية في أثناء اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية، نقل بعدها قائدا للمنطقة الشمالية، وفي الفترة ما بين عامي 2007 و2009 عين ملحقا عسكريا لدى الولايات المتحدة.

وسيصبح فيما بعد نائبا لرئيس هيئة الأركان العامة، ليبقى في منصبه حتى عام 2011 حين عين في منصب رئيس هيئة الأركان العامة في الجيش الإسرائيلي.

غانتس حاصل على درجة البكالوريوس في التاريخ من جامعة تل أبيب، ودرجة الماجستير في العلوم السياسية من "جامعة حيفا"، ودرجة ماجستير أخرى من جامعة الأمن القومي الأمريكية في الإدارة والموارد الوطنية.

ومن أجل استمالة الناخبين اليمينيين للتصويت له بدلا من التصويت لنتنياهو، تحدث غانتس بلهجة حادة ضد إيران، وكرر مواقف رئيس الوزراء الإسرائيلي ذاتها بخصوص النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. وتجنب ذكر حل الدولتين. كما نفى الانسحاب أحادي الجانب من الضفة الغربية المحتلة، متعهدا بتعزيز بناء المستوطنات هناك، والحفاظ على حرية حركة القوات الإسرائيلية في الضفة.

حملة غانتس الانتخابية تروج لسجله العسكري الحافل، وتضع على لافتاتها الدعائية صورا لشهداء فلسطينيين ومشاهد دمار من آثار الحرب على غزة التي أشرف عليها غانتس في عام 2014.

وقبل أن يعلن رسميا إطلاق حملته، نشر فريق غانتس الانتخابي فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي، تباهى فيها بعدد المسلحين الفلسطينيين الذين قتلوا، والأهداف التي تم تدميرها تحت قيادته في حرب عام 2014، قائلا إنه تم قتل "1364 إرهابيا" في القطاع المحتل الذي "أعيد إلى العصر الحجري". وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" اتهمت الدولة العبرية بارتكاب جرائم حرب خلال تلك الحرب المدمرة.

"صوتوا لي: أنا أكثر شرا من نتنياهو، لكنني نظيف"، هكذا كتبت صحيفة "هآرتس" في عنوان ساخر، ووصفت الرئيس السابق لوحدات النخبة "شلدغ" بأنه مرشح "اليمين البائد".

جدعون ليفي، الكاتب اليساري الإسرائيلي في صحيفة "هآرتس" يقول إن غانتس "يوما ما سيضطر إلى دفع الحساب على أعماله، في القدس أو في لاهاي. مثل المغتصب المهذب، فإن الجنرال اللطيف والساحر مسؤول عن أعمال خطيرة، جرائم الحرب التي ارتكبها الجيش في غزة والضفة". يضيف ليفي: "مئات القتلى الأبرياء من قتلوا عبثا منقوشة على كعب بندقيته".

في مقابل غانتس، يقف نتنياهو الذي يرسم في أثناء رئاسته الوزارة وفي حملته الانتخابية صورة لإسرائيل على أنها تواجه تهديدات منظمة من قبل إيران، وحزب الله اللبناني، وحركة حماس، على سبيل المثال لا الحصر.

وأحدث قرار النائب العام الإسرائيلي بتوجيه تهم إلى نتنياهو في ثلاث قضايا فساد، وتنتظر جلسات الاستماع الأخيرة شرخا في الحملة الهادفة لإعادة انتخابه رئيسا للوزراء. ويظل الوضع حتى الآن مبهما بشأن ما إذا كانت هذه التهم، في نهاية الأمر، ستدفع المؤيدين للالتفاف حوله أم أنها ستبعد الناخبين عنه.

فكر نتنياهو السياسي وعقيدته الدينية التوراتية تشكلت بين أنامل ثلاث شخصيات، والده المشبع بتعاليم جابوتنسكي الأب والمنظر للصهيونية، وشقيقه جونثان الذي قتل في عملية إطلاق سراح رهائن مطار "عنتيبي" بأوغندا، والزعيم الليكودي موشيه ارينز الذي ضمه للحزب ودفعه إلى بؤرة العمل السياسي.

ينحدر من نخبة اليهود الأشكيناز التي أسست الدولة العبرية، والذين ترجع أصولهم إلى أوروبا الشرقية، في مواجهة اليهود السفارديم المنحدرين من اليهود الذين استقر بهم المقام في منطقة حوض البحر المتوسط والبلقان، و اليهود "المزراحيون" يهود الشرق الأوسط.

نتنياهو المولود في عام 1949، الذي يطلق عليه اسم الدلع "بيبي"، ولد لأب من أصول بولندية وأم ولدت بالولايات المتحدة الأمريكية.

تخرج من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بدرجة البكالوريوس في الهندسة المعمارية، ودرجة الماجستير في إدارة الأعمال، وعمل مستشارا في مجموعة بوسطن الاستشارية، وبعد أن أنهى تعليمه المدرسي عام 1967 عاد إلى إسرائيل لينضم في صفوف الجيش، وخدم في القوات الخاصة للجيش الإسرائيلي.

جمع خبرة في بداية حياته السياسة حين عمل دبلوماسيا في الأمم المتحدة، قبل أن ينتخب عضوا في الكنيست الإسرائيلي عام 1988، دخل بعدها "دوامة مفاوضات السلام" مبكرا عضوا في الوفد الإسرائيلي لمؤتمر "مدريد للسلام " في 1991، ولمحادثات "السلام " في واشنطن التي أعقبت هذا المؤتمر.

عمل جاهدا طيلة تسلمه لمنصب رئيس الوزراء عام 1996 على تعطيل "عملية السلام"، دون أن يثير غضب الولايات المتحدة الأمريكية التي سعت إلى إنجاح المفاوضات، ما دفع منتقديه في اليمين الإسرائيلي إلى وصفه بأنه "انتهازي"، لكن واقعيا بقيت تلك الاتفاقيات تراوح مكانها دون أن تحقق شيئا يذكر، وكانت "هوايته الأولى" إعاقته الدائمة لأي تقدم في سير المفاوضات.

بعد هزيمته الانتخابية الكبيرة عام 1999 أمام الزعيم العمالي يهودا باراك، اشتبه بضلوعه في عمليات فساد، بيد أن القضاء تخلى في النهاية عن ملاحقته "لعدم توافر الأدلة"، ويزعم نتنياهو أنه تمكن خلال توليه حقيبة المالية من تصحيح مسار الاقتصاد الإسرائيلي المتعثر بسبب الانتفاضة الفلسطينية.

في عام 2002، عينه رئيس الوزراء أرئيل شارون وزيرا للخارجية، فعمل على منافسة شارون لزعامة "الليكود"، إلا إنه فشل في المنازلة، وبعد انتخابات 2003 تم تعيينه وزيرا للمالية في حكومة شارون الائتلافية.

وما لبث أن استقال، وسط ضجة كبيرة من وزارة المالية في حكومة شارون؛ احتجاجا على الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة وأربع مستوطنات في شمال الضفة الغربية، الذي أنجز في عام عام 2005.

نتنياهو يريد الفوز في المعركة الانتخابية بأي شكل ليدخل سجل أكثر رئيس وزراء احتفظ بمنصبه في تاريخ دولة الاحتلال. فقد تمكن نتنياهو من الفوز بثلاث مدد انتخابية منذ عام 2009، بالإضافة إلى رئاسته الحكومة في الفترة ما بين 1996 و1998.

بعيدا عن المقاعد التي سيحصل عليها نتنياهو وغانتس، فهما سيخضعان لأكبر عملية ابتزاز ومساومات لم تشهد مثلها تل أبيب، وستكون أحزاب اليمين الصغيرة وحدها صانعة رئيس الوزراء المقبل.

اقرأ أيضا: أوبزيرفر: حان وقت رحيل نتنياهو لأنه خطر على المنطقة

التعليقات (0)

خبر عاجل