صحافة دولية

إنترسبت: هذا ما تعنيه نتائج الانتخابات الإسرائيلية

إنترسبت: الإسرائيليون صوتوا لاستمرار الحكم العسكري للفلسطينيين- جيتي
إنترسبت: الإسرائيليون صوتوا لاستمرار الحكم العسكري للفلسطينيين- جيتي

نشرت مجلة "إنترسبت" مقالا للصحافي روبرت ماكي، يقول فيه إن الناخبين في إسرائيل صادقوا بشكل ساحق على بقاء الوضع الراهن، من خلال إعادة انتخاب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي وعد ببساطة بإهمال الضغط الدولي المتراجع لإنهاء الحكم العسكري المفروض على ملايين الفلسطينيين، الذين يعيشون دون حقوق مدنية في الأراضي التي احتلت عام 1967.

 

ويشير ماكي في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه بعد عد حوالي 97% من الأصوات، فإن نتنياهو كان في موقع رائد للقيام بتشكيل ائتلاف من الأحزاب القومية في الكنيست، بينهم متطرفون عنصريون يريدون نزع الجنسية من غير اليهود، وطرد الفلسطينيين من الأراضي المحتلة.

 

ويلفت الكاتب إلى أنه بمجرد إعلان نتائج الاستطلاع على أبواب محطات الانتخاب، بأن حزب الليكود سيكون أحد حزبين كبيرين في الكنيست، فإن نتنياهو وعددا من مؤيديه قاموا برفع لافتات الليكود، ولافتات تحمل اسم ترامب، وسخروا من "الإعلام المنحاز".

 

ويفيد ماكي بأن نتنياهو وعد عشية الانتخابات الناخبين المتطرفين بضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية، حيث يعيش أكثر من 400 ألف إسرائيلي في مستوطنات، لليهود فقط، وهي غير شرعية بحسب القانون الدولي، والاحتفاظ بالسيطرة العسكرية على بقية مناطق الضفة الغربية.

ويجد الكاتب أن "وعد رئيس الوزراء حول ما كان واضحا خلال عقد من حكمه إلى أمر رسمي، وهو أن إسرائيل لا تنوي أن تفي بالتزاماتها بموجب اتفاقية أوسلو التي تنص على إقامة دولة فلسطينية، وتخطط للاستمرار في حكم دولة واحدة يحرم فيها حوالي نصف الشعب من حقوق المواطنة أو حق التصويت بناء على إثنيتهم". 

 

ويقول ماكي: "يمكن الحكم على حجم الانتصار الذي حققه نتنياهو بالرغم من أن الحزب الذي كان يشكل أكبر تهديد له قاده جنرالات سابقون تفاخروا بضربهم لغزة ولم يقترحوا إنهاء الاحتلال". 

 

ويضيف الكاتب: "كما أوضح الصحافي الإسرائيلي نوعام شيزاف الأسبوع الماضي في نشرة (بودكاست) لمجلة 972+، فإن كلا من حزب الليكود بقيادة نتنياهو ومنافسه حزب أبيض وأزرق بقيادة بني غانتس، رئيس الأركان السابق، خيرت الإسرائيليين للتصويت لصالح الوضع الراهن، حيث يستمرون بالاستمتاع بالأمن الذي يوفره جيش قوي، دون الحاجة في المقابل للتضحية وإنهاء الاحتلال وصناعة السلام". 

 

وتورد المجلة نقلا عن شيزاف، قوله: "إذا نظرت الى الاحتلال وأنواع الحلول المعروضة على الإسرائيليين، فإن أوضحها هو حل الدولتين، وأقلها شعبية هو حل الدولة الواحدة.. وعادة ما يتم التعامل معهما على أنهما خيار بين واحد من اثنين: إن لم توفر حل الدولتين فستضطر إلى حل الدولة".

 

ويذهب ماكي إلى أنه "نظرا إلى أن عدد السكان العرب يساوي عدد اليهود في الأرض التي تسيطر عليها إسرائيل كلها، فإن السلام من خلال بلد لشعبين يتمتع فيها العرب واليهود بالحقوق السياسية والمدنية ذاتها سيضمن الديمقراطية، لكنه سينهي مشروعا صهيونيا عمره قرن لإقامة دولة يهودية تكون، كما صرح نتنياهو مؤخرا، مبدئيا للمواطنين اليهود وليس لغيرهم".

 

ويقول شيزاف: "لكن أظن أنه في الواقع.. هناك خيار ثالث، لإبقاء الأمور كما هي.. ولنسمه الوضع الراهن.. سينظر الإسرائيليون إلى حل الدولتين بالشكل الذي كان يسوق له في التسعينيات.. وهذا عنى بالنسبة للإسرائيليين الانسحاب من الضفة وغزة، وتفكيك المستوطنات الموجودة في الضفة الغربية كلها.. وهو ما يعني معركة داخلية وتكلفة مالية باهظة، ويجب أن نعترف بأنها مخاطرة عسكرية؛ لأنه لا يمكن لأحد أن يتوقع ماذا سيحصل بعد 5 سنوات أو 10 أو 15 سنة من اتفاق السلام، أو ما سيحصل عندما تغادر إسرائيل الضفة".

 

ويضيف شيزاف: "حل الدولة الواحدة من وجهة النظر الإسرائيلية أسوأ، لأنك تتحدث عن ضم الضفة الغربية وغزة، ونظريا إعطاء حقوق التصويت للشعب كله بين النهر والبحر، وحينها وفي أفضل حال سترى نظاما سياسيا مختلفا سيكون نوعا من التعادل، والأسوأ من وجهة نظر إسرائيلية أنه سيكون نظاما سياسيا يسوده الفلسطينيون".

 

ويتابع قائلا إن نتنياهو واليمين يقولون للإسرائيليين بأن الوضع الراهن "ليس فقط أفضل بكثير من حل الدولة الواحدة أو الدولتين، بل إن بعض الأشياء التي قال الناس إنه لا يمكن تحقيقها إلا بصفقة سلام يمكن تحقيقها بالإبقاء على الوضع الراهن".

 

ويرى الكاتب أن "من الفوائد التي استطاع الإسرائيليون الحصول عليها من خلال سياسة القوة هي العلاقات الأقل سرية مع السعودية، والمناورات العسكرية المشتركة في سيناء مع الجيش المصري".

 

ويستدرك ماكي بأنه "بالرغم من بعض النجاحات والهيستيريا لدى الحكومة الإسرائيلية، فإن الجهود الفلسطينية فشلت في جعل إسرائيل دولة مارقة، مثل جنوب أفريقيا من خلال حملة المقاطعة الدولية".

 

وتشير المجلة إلى أن شيزاف يخلص إلى القول: "إذا أخذت هذا كله في عين الاعتبار، فإن الإسرائيلي سيقول إن هناك خيارا ألا يدفع شيئا ويحصل على فوائد عملية السلام، وإن استطعت فهم هذا تدرك أن الوضع الراهن من وجهة النظر الإسرائيلية أفضل بكثير من الخيارين الآخرين".

 

ويورد الكاتب نقلا عن كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات، قوله تعليقا على فوز نتنياهو الآخر وتهديد ضم المستوطنات، إن من الواضح أن الإسرائيليين اختاروا طريقا بعيدا عن حل الدولتين.

 

ويجد ماكي أن "الاستخفاف المفضوح بحقوق غير اليهود الذين تحكمهم إسرائيل بدا واضحا يوم الانتخابات، عندما قام حزب الليكود بإرسال متطوعين ليهربوا كاميرات مخفية إلى 1200 محطة تصويت يستخدمها المواطنون العرب".

 

ويلفت الكاتب إلى أنه "في صباح اليوم الذي تلا الانتخابات، أفاق الناس في قرية عين يبرود في الضفة الغربية، الذين لا يحق لهم التصويت مثل جيرانهم في مستوطنة أوفرا الإسرائيلية، ليجدوا أن المستوطنين المتطرفين قاموا بكتابة الشعارات العنصرية على جدرانهم وعلى السيارات، وقاموا بتمزيق عجلات السيارات، ورسموا نجمة داوود، وكتبوا كلمة (انتقام) باللغة العبرية".

 

ويقول ماكي إن "مدى التفاوت بين حقوق الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الحكم العسكري في عين يبرود، وتلك التي يتمتع بها جيرانهم اليهود في مستوطنة أوفرا، يمكن إيضاحه على أفضل وجه بأن بيوت المستوطنة تقوم على أرض فلسطينية مسروقة، وفي بنائها خرق للقانون الدولي، ويتم عرض تلك البيوت للتأجير على موقع Airbnb".

ويضيف الكاتب أنه "في إشارة أخرى إلى الثمن البسيط الذي تدفعه إسرائيل لاحتلالها، فإن الشركة (Airbnb) أعلنت يوم الثلاثاء أنها قررت العودة عن قرار أعلنت عنه في تشرين الثاني/ نوفمبر، بأنها ستزيل 200 إعلان في مستوطنات الضفة الغربية، بعد التعرض للضغط من ناشطي حركة المقاطعة الدولية، وقالت الشركة إنها لن تزيل أي من الإعلانات في مستوطنات الضفة، وبأنها ستقوم بالتبرع بأي أرباح تجنيها من تلك الإعلانات لمنظمات غير ربحية مخصصة للمساعدات الإنسانية في أنحاء العالم".

 

ويبين ماكي أن تراجع شركة (Airbnb) هذا جاء بعد قضية رفعها إسرائيليون أمريكيون كانت إعلاناتهم من ضمن الإعلانات التي كانت الشركة ستلغيها.

 

وينوه الكاتب إلى أن مركز الحقوق الدستورية قام برفع قضية مضادة في المحكمة الفيدرالية، تتهم المستوطنين بانتهاك قانون الإسكان العادل، مشيرا إلى أن أحد المدعين في القضية هو زياد علوان، وهو فلسطيني أمريكي ولد في قرية عين يبرود بعد الاحتلال، ويعيش الآن في شيكاغو.  

 

وتذكر المجلة أنه بحسب تقرير لميراف زونزين في "ذي نيشين" الشهر الماضي، فإن علوان "لا يستطيع استئجار البيت المعلن في أوفرا؛ لأنه فلسطيني، ولا يستطيع أن يطأه، حتى وإن كانت عائلته تملك الأرض التي يتربح منها المستوطنون وشركة (Airbnb)، وهو يحتفظ بشهادة ملكية الأرض والمسجلة في دائرة الأملاك الإسرائيلية باسم والده". 

وينقل ماكي عن المدير التنفيذي لمنظمة بتسيلم لحقوق الإنسان هاغي إلعاد، قوله في مقال في "نيويورك تايمز" هذا الأسبوع، بأن أيام الانتخابات في الضفة الغربية تبرز عدم ديمقراطية الحكم الإسرائيلي، حيث يقوم الناخبون الإسرائيليون "بالتصويت لبرلمان يحكم المواطنين الإسرائيليين وملايين الفلسطينيين المحرومين من الحق ذاته".

 

ويختم الكاتب مقاله بالإشارة إلى قول العاد: "إن المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية لا يضطرون حتى للسفر إلى إسرائيل للتصويت على مستقبل جيرانهم الفلسطينيين.. وحتى المستوطنين في قلب الخليل يستطيعون التصويت هناك، حيث هناك 285 ناخبا مسجلا من بين ألف مستوطن، يحيط بهم حوالي 200 ألف فلسطيني لا يحق لهم التصويت، أو كما تدعوها إسرائيل (الديمقراطية)".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)