قضايا وآراء

ماذا يريدون من المجتمع المصري؟!

محمد ثابت
1300x600
1300x600
ليس هناك مجتمع إنساني، أو حتى تجمع بشري إلا وله سوءات وعيوب وفضائح.. أمر معروف عبر التاريخ، وذلك بحسب قرب المجتمعات وابتعادها عن العادات والقيم أو الدين، وبحسب قلة أو تزايد المصائب والفضائح الاجتماعية والأسرية؛ وبالتالي الجرائم المجتمعية.

للمجتمع المصري تحديدا خصوصية؛ منها حدود "سايكس بيكو" المصطنعة التي حصرت الملايين من أبنائه في رقعة زراعية محدودة جدا، بالإضافة إلى ازدحام ملايين المصريين وتكدسهم عبر الهجرة الداخلية في المدن الكبرى. وزد على ذلك، اضطرار كثير منهم إلى الهجرة الخارجية طلبا للرزق عقب حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973م.

ولأسباب متعددة، لسنا في مجال بحثها ودراستها هنا، صارت السينما المصرية كاشفة لعورات المجتمع، بخاصة قبل وبعد حرب تشرين الأول/ أكتوبر، في نوبة محمومة من الأفلام المختلطة بمشاهد الجنس، التي أطلق عليها "أفلام النكسة" (بعد حزيران/ يونيو 1967م). والأحرى والأجدر إطلاق اسم "أفلام الهزيمة" عليها، وإن كانت الفترة نفسها شهدت أفلاما جيدة. ثم عرفت مصر بعد الحرب أفلام المقاولات التي أخرجت أحشاء المجتمع وشرحته، بخاصة مع هوجة وموجة انتشار شرائط الفيديو وجهازه القادم من الدول العربية الغنية.

على أن الأمر ظل مقصورا على فئة معينة، وإن كانت قد امتدت إلى الحرفيين أو غيرهم من شرائح المجتمع. وبقدر ما أحدثته هذه الأفلام من هزات، مع غياب رجال عن بيوتهم لسنوات طويلة، بقدر ما جاء الأثر الاجتماعي محدودا مقارنة بما نراه هذه الأيام.

ويبدو أن هناك اتجاها سياسيا قويا لإضعاف مصر اجتماعيا، حتى لا يستطيع أبناء الكنانة حمل سلاح ضد عدوهم الصهيوني. فلاحقا، وفي أيام كهذه، اتسعت دائرة الأزمات والمخاطر الاجتماعية إلى حد يصعب تصديقه، ما يُحتم على المصلحين التفكير في طرق متجددة لمواجهة هذا الطوفان من الإفساد والفساد.

برنامج تلفزيوني على فضائية يقدمه مذيع لبناني كهل، اشتهر بأول برنامج مسابقات مليوني عربي.. اسم البرنامج ينتمي للعامية المصرية، ولا يختلف عاقلان أو يشكان في ضرورته (المسامح كريم)، ولكن مشاهدة بعض فقرات البرنامج على مواقع التواصل الاجتماعي، وهي مشاهد مُنتقاة بعناية للترويج للبرامج ورفع نسبة مشاهداته، تضع المشاهد ذا النخوة والضمير في موقف صعب.

أحد هذه المشاهد تدور حول امرأة وزوجة مصرية لا تخلو من مسحة جمال وشباب، أما المشكلة، فإنها مطلوب منها مسامحة أختها التي كانت تقيم معها في نفس البيت على مدار عام، وتعاشر زوجها معاشرة آثمة، وترتكب معه الخطيئة تحت نفس السقف، دون علم الأولى أو الزوجة!

أي هراء هذا؟ وأي غثيان وأي افتراء على الدين قبل القيم والمحرمات؟ وهل يراد من البرنامج بالفعل نشر ثقافة المسامحة؟ أم نشر الخطيئة والرذيلة على مرأى ومسمع ومشهد من آلاف، بل ملايين المشاهدين، وفيهم صغار السن والشباب ومختلطو السكن؟ مع إبراز أن الخطيئة وزنا المحارم ليس بفجور أو حتى رذيلة تهتز لها السماوات.. بل أمر طبيعي يمكن المسامحة فيه، بحسب قوانين السيد مقدم البرنامج وابتسامته البلهاء!

وخلال الأيام القليلة الماضية، أيضا، قام ممثل من الدرجة الثالثة بزيارة فتاة يتيمة ليلة زفافها بناء على طلبها، ورغم أن الرجل تجاوز الخمسين أو الستين، إلا أنه لم يحترم شيبته ولا حجاب الفتاة، فعانقها طويلا أمام أمها وزوجها، بحجة العطف عليها لغياب أبيها!

إحدى أبرز الصحف الخاصة المحسوبة على النظام المصري الحالي نشرت منذ أيام قليلة أن زوجة رفعت دعوى خلع ضد زوجها لأنه لم يعطها حقوقها الشرعية على مدار عامين، والدعوى أمام محكمة قاهرية خاصة يفترض فيها تمام السرية، والحفاظ على عورات الناس من الافتضاح والانتشار بهذه الصورة القميئة.

ومع غياب المصلحين عن أماكنهم الطبيعية في قلب المجتمع، عبر الشهادة أو الترحيل والمطاردات والسجون، إلا الذين رحم ربي.. صار المجتمع المصري يتخبط، وصار نشر الرذيلة أكثر بل إخراجها إلى العلن أمر مطلوب وطبيعي بل مرغوب فيه، ولم يعد أحد ينظر أو يدقق في قوله تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" (سورة النور: 19).

إن دور المصلحين المصريين والعرب اليوم صار أكثر من خطير، وإن مسؤولية الآباء والأمهات صارت أكثر من مضاعفة في وسط هذه المخاطر والأجواء، حيث تدس الخطيئة والرذيلة تحت مسميات توحي بالإحسان وفعل الخير!
التعليقات (1)
احمد
الأربعاء، 24-04-2019 05:22 م
السينما المصرية هي سبب خراب كل المجتمعات العربية

خبر عاجل