صحافة دولية

فورين بوليسي: ماذا وراء الهجمات الإرهابية في سريلانكا؟

فورين بوليسي: التمكن من شن الهجمات في آن واحد يشير إلى درجة من التمرس والتخطيط والتمويل- جيتي
فورين بوليسي: التمكن من شن الهجمات في آن واحد يشير إلى درجة من التمرس والتخطيط والتمويل- جيتي

نشرت مجلة "فورين بوليسي" تقريرا، تقول فيه إنه قتل حوالي 300 في تفجيرات متزامنة في كنائس وفنادق في سريلانكا، فيما جرح أيضا عدة مئات، مشيرة إلى أن هذه الهجمات المنسقة وقعت صباح الأحد.

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه كانت هناك 8 انفجارات بحسب التقارير الإعلامية، بما في ذلك انفجارات كنيستي نيغومبو وكوتشيكيد في غرب البلد وباتيكالوا في شرقها، وتم استهداف 3 فنادق فاخرة في العاصمة كولومبو.

 

وتورد المجلة نقلا عن الحكومة السريلانكية، قولها إن جماعة التوحيد الوطنية، وهي مجموعة إسلامية راديكالية مغمورة، مشيرة إلى أن كولومبو قامت بإعلان منع تجول، وحجزت مواقع التواصل الاجتماعي؛ لمنع انتشار الشائعات التي قد تثير العنف الداخلي، كما حصل في آذار/ مارس 2018، عندما قامت مجموعات من البوذيين بمهاجمة المساجد والمتاجر والبيوت التابعة للمسلمين.  

 

ويلفت التقرير إلى أن عدد سكان سريلانكا يصل إلى أكثر من 22 مليون نسمة، ثلاثة أرباعهم من الإثنية السنهالية، معظمهم بوذيون، وحوالي سدس الشعب يعرف نفسه على أنهم تاميليون -منحدرون من سريلانكا أو الهند- ومعظمهم من الهندوس، وحوالي 10% من الشعب مسلمون، و7% مسيحيون، وتحتوي هذه المجموعة على كل من التاميليين والسنهاليين.

 

وتقول المجلة إن "كون ثلاثة من الانفجارات وقعت في كنائس، وتم توقيتها لتصادف صلوات عيد الفصح، فإن جزءا من هذه الهجمات على الأقل كان موجها ضد المسيحيين، الذين يبلغ عددهم أكثر من 1.5 مليون، ولم تترك الانفجارات المتزامنة تقريبا مجالا لتحذير مرتادي الكنائس الآخرين".

 

ويورد التقرير أن "رويترز" نقلت عن اتحاد الكنائس الانجيلية في سريلانكا، الذي يمثل أكثر من 200 كنيسة والمنظمات المسيحية، قوله إن 86 حالة تمييز وتهديد وعنف ضد المسيحيين سجلت العام الماضي.

 

وتقول المجلة: "يبدو أن المستهدفين الآخرين كانوا الأشخاص الذين يترددون على فنادق كولومبو، وعادة ما يتكون هؤلاء من مزيج من السياج ورجال الأعمال والأثرياء المحليين، ويعتقد أن 30 من القتلى على الأقل هم من الأجانب".

 

ويجد التقرير أن "التمكن من شن الهجمات في آن واحد يشير إلى درجة من التمرس والتخطيط والتمويل والتغلغل، وفي الوقت الذي لا تزال فيه السلطات السريلانكية تحاول أن تتوصل إلى ما حصل، فإن التفجيرات تشبه إلى درجة ما هجمات مومباي في تشرين الثاني/ نوفمبر 2008، حيث تم استهداف فندقين فاخرين ومركز يهودي في الوقت ذاته". 

 

وتنقل المجلة عن المخابرات الهندية، قولها إن هجمات مومباي هدفت ليس فقط إلى إيقاع أكبر عدد من الضحايا، لكن أيضا إلى استهداف مجموعات مثل السياح الغربيين؛ للحصول على أكبر تغطية إعلامية دولية، مشيرة إلى أنه تم اعتقال أحد المهاجمين، والتعرف على الآخرين، ما جعل السلطات الهندية تعلن أن المسؤول عن الهجوم هو تنظيم عسكر طيبة في باكستان. 

 

ويستدرك التقرير بأن هناك عدة فروقات في هجمات الأحد في سريلانكا، ليس أقلها أنها انتشرت في أنحاء البلاد، بدلا من أن تكون مركزة في مدينة واحدة، بالإضافة إلى أنها تختلف عن هجوم مومباي، حيث لم يتم أخذ رهائن.

 

وتنقل المجلة عن تقارير، قولها بأن مسؤولا كبيرا في الشرطة السريلانكية أصدر تحذيرا في 11 نيسان / أبريل، حول احتمال وقوع هجمات انتحارية ضد كنائس، (لم تتمكن مجلة فورين بوليسي من التأكد من صحة هذا بشكل مستقل)، وفي ذلك التحذير كتب نائب القائد العام للشرطة بريالال داساناياكي، بأن الجماعة الاسلامية المتطرفة جماعة التوحيد الوطنية تخطط للقيام بهجمات على مستوى البلاد.  

 

وينوه التقرير إلى أن وزير الصحة السريلانكي راجيثا سيناراتني، تحدث في مؤتمر صحافي يوم الاثنين، وأشار إلى مساعدات خارجية، وقال: "كانت هناك شبكة دولية دونها لم يكن بالإمكان أن تنجح الهجمات".

 

وتذكر المجلة أن رئيس الوزراء رانيل ويكريمنسينغ أكد للمراسلين يوم الأحد، بأن بعض المعلومات عن هجوم مخطط له كانت متوفرة، وقال: "يجب علينا أن نحقق في سبب عدم اتخاذ إجراءات احترازية".

 

ويعلق التقرير قائلا إن "تصريحات ويكريمنسينغ هذه قد تعد انتقادا للرئيس ميثريبالا سيريسينا، القائد الأعلى لقوات الأمن، وكانت السياسة في سريلانكا في حالة فوضى مؤخرا، وتسلم سيريسينا رئاسة البلد عام 2015، بعد أن فاز بشكل غير متوقع على الرجل القوي ماهيندا راجاباكسا، الذي سيطر على سياسة البلد لأكثر من عقد، وعين سيريسينا حليفه ويكريمنسينغ رئيسا للوزراء، وبدأ الرجلان بإصلاح اقتصاد البلد، وسعيا لمحاسبة المسؤولين عن الجرائم خلال الحرب الأهلية".

 

وتستدرك المجلة بأن سيريسينا وويكريمنسينغ اختلفا في 2018، ما حدا بالأول لتعليق البرلمان، وتعيين منافسه السابق راجاباكسا رئيسا جديدا للوزراء، وقام سيريسينا بعد عدة أسابيع وتحت ضغط من المحكمة العليا بإعادة ويكريمنسينغ إلى منصبه رئيسا للوزراء، إلا أن العلاقة بين الرجلين لم تتعاف، فيما يتوقع المراقبون أن يسعى سيريسينا لمحاولة تجديد رئاسته عبر انتخابات جديدة

 

ويفيد التقرير بأن النمو في الاقتصاد السريلانكي كان فقط 4%، وضعفت العملة المحلية، ووجدت كولومبو صعوبة في سداد الديون من المانحين مثل صندوق النقد الدولي، وخسرت سريلانكا في إحدى الحالات ميناء مهما و15 ألف فدان من الأرض للصين، بعد عجزها عن سداد دين استدانته لمشاريع البنية التحتية.

 

وتقول المجلة إنه "ليس من الواضح إن كان تاريخ سريلانكا قد أدى دورا في هجمات يوم الأحد، فالبلد عانت لعقود طويلة من العنف الطائفي، فسريلانكا، التي كانت تعرف بسيلان، حصلت على الاستقلال من الاحتلال البريطاني عام 1948، وفي محاولة من الأغلبية السنهالية أن يعدلوا ما رأوه تمييزا للمحتل لصالح التاميل، فإنهم قاموا بحرمان المهاجرين التاميل الهنود، ما أدخل هذه المجموعة في دائرة الإهمال.

 

ويشير التقرير إلى أن هذا أدى إلى تمرد مسلح أطلق عليه نمور التاميل عام 1976، وحاولت المجموعة ابتداء الحصول على وطن قومي في شمال شرق البلاد، لكنها تحولت بعد ذلك للعنف، حيث هاجمت محطات الشرطة والجيش، وسعت إلى شهرة على مستوى البلد، وأصبح النمور يعرفون بعملياتهم الانتحارية، فكانوا من بين أوائل المنظمات لاعتماد هذا الأسلوب، كما قامو بتجنيد الأطفال، وفي عام 1997 قامت وزارة الخارجية الأمريكية بإدراج هذه المنظمة على قائمة المنظمات الإرهابية.

 

وتبين المجلة أن الجيش السريلانكي، ذا الغالبية السنهالية البوذية، قام بحملات لاقتلاع المتمردين من أماكن اختبائهم في شمال شرق البلاد، وانتهت الحرب عام 2009، بعد أن قتل الجيش قائد المجموعة فيلوبيلاي برافاركاران، مشيرة إلى أن مجموعات الرصد تقول بأن كلا من الجيش والنمور قاموا بارتكاب جرائم حرب، واعتداء على الحقوق، وبحسب الأمم المتحدة، فإنه قتل في المراحل الأخيرة من الحرب الأهلية حوالي 40 ألف مدني.

 

وبحسب التقرير، فإن السياحة تراجعت بشكل كبير خلال سنوات الحرب، ووصلت إلى الحضيض عندما ضرب سريلانكا تسونامي عام 2004ـ وكان هناك 500 ألف سائح مفقود في عام 2009، مشيرا إلى أن هذا القطاع تعافى، حيث وصل عدد السواح العام الماضي إلى مليوني سائح.

 

وتجد المجلة أنه "مع ذلك، فإن التوتر لم يغادر سريلانكا ذات التاريخ الدامي، وخلفت السنوات الأخيرة من الحرب الأهلية مئات آلاف النازحين التاميل، وهناك آلاف المفقودين، بالإضافة إلى أن التوترات الطائفية اشتعلت ثانية العام الماضي: في وسط منطقة كاندي، حيث قامت مجموعات من البوذيين السنهاليين بمهاجمة المساجد والمؤسسات الإسلامية، وقامت كولومبو بفرض حالة طوارئ في البلاد".

 

وتختم "فورين بوليسي" تقريرها بالإشارة إلى أن السلطات السريلانكية قد أعلنت عام 2016 بأن 32 سريلانكيا انضموا إلى تنظيم الدولة، لكن لم يعرف بأن للتنظيم وجودا في البلد.

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)