ملفات وتقارير

اعتصامات في لبنان ودعوات إلى "الإطاحة بالمفسدين"

برز دخول القطاع المصرفي الإضراب بعد الكشف عن نية الحكومة سحب الامتيازات الواسعة التي يحظى بها موظفو مصرف لبنان- جيتي
برز دخول القطاع المصرفي الإضراب بعد الكشف عن نية الحكومة سحب الامتيازات الواسعة التي يحظى بها موظفو مصرف لبنان- جيتي

دخل لبنان موجة واسعة من الاعتصامات العمالية والنقابية؛ احتجاجا على مخططات الحكومة التقشفية و التخفيضات المتنوعة على صعيد الموازنة العامة لإنقاذ الوضع المالي الآخذ بالتدهور.


وبرز بشكل لافت دخول القطاع المصرفي الإضراب، بعد الكشف عن نية الحكومة سحب الامتيازات الواسعة التي كان يحظى بها موظفو مصرف لبنان التابع للدولة على صعيد الرواتب الحالية والمخصصات الكبيرة والتسهيلات المالية، ويأتي ذلك وسط جدل حول أسباب الترهل والفساد المالي في الدولة المالية، بالتزامن مع حصول العديد من موظفي القطاع العام على امتيازات كبيرة تفوق حجم الخدمات التي يقومون بها، أو بما يعادل ما يحصل عليه موظفو دول تتقدم على لبنان في قدراتها الاقتصادية والمالية.

وتحمل الإضرابات شعارات تطالب بتحييد الموظفين تبعات أي سياسة تقشفية، بينما يبدو أن خيارات قوى الحراك المدني ذاهبة إلى أبعد من ذلك، من خلال الحديث الجدي عن تحرك مدروس للإطاحة بالطبقة  الحاكمة "باعتبارها لب الأزمة والتدهور الاقتصادي".

تحركات جديدة

وعن مدى إمكانية خروج تحركات شعبية جدية في الشارع اللبناني، اعتبر الناشط في حملة "طلعة ريحتكم" كلود جبر أنّ "حالة الإحباط تخيّم على اللبنانيين عامة إزاء السياسات الحكومية العقيمة واستمرار الهدر والتدهور في الوضع الاقتصادي"، متابعا: "خرجت تحركات متفرقة في الفترة السابقة تعبر عن الحالة العامة، ونحن في صدد تنظيم العديد من الفعاليات الهادفة التي نأمل أن تؤدي غرضها في تغيير الوضع الراهن".

ورأى في تصريحات لـ"عربي21" أن الشارع اللبناني يحتاج إلى مزيد من الوقت بغية تحضير نفسه للخروج مجددا إلى الساحات تعبيرا عن الغضب، وللمطالبة بالتغيير، مشيرا إلى أن بعض التحركات التي ترفع شعار حقوق الموظفين تندرج في إطار الصراعات السياسية الداخلية، وقال: "الاتحاد العمالي العام لا يعبر عن مطالب العمال الحقيقية، وإنّما يعد وسيلة يستخدمها طرف سياسي لغايات خاصة"، مضيفا: "نترقب ما الذي ستفرزه مداولات الحكومة بخصوص الموازنة، والتي لا نتوقع أن تصب في صالح اللبنانيين بعد مرور أكثر من مئة يوم على ولادة حكومة لم تحقق أيّا من وعودها الأولية التي أعلنت عنها في برنامجها".

وعن جدوى التحركات مع عدم قدرتها على إحداث تغيير جوهري قياسا إلى تجارب سابقة، قال: "نعمل وفق نسق مختلف لجهة التخطيط المدروس لتحركاتنا التي يجب أن تشمل مختلف قوى المجتمع المدني، وبالتالي فإنّ التحركات لن تقتصر في مسافتها الزمنية على يومين أو ثلاثة، بل سنخوض تحركات مستمرة وصولا إلى أهدافنا".

واستغرب جبر حديث الحكومة عن هدر في رواتب ومخصصات العسكريين وموظفي القطاع العام، وأكد أن "الفساد في جسم الدولة ومؤسساتها والصفقات المشبوهة والاستغلال لموارد الدولة، ومنها مجلس الإنماء والإعمار، هو ما أدى إلى الهاوية على المستوى المالي والاقتصادي"، محذرا من أن المؤشر يتجه نحو "الانفجار بفعل إصرار المسؤولين على عدم معالجة جوهر الأزمة واللجوء إلى وسائل بديلة لا تعالج أصل المشكلة".

ونفى جبر أن يكون المؤتمر التأسيسي حلّا للمعضلة اللبنانية، لأنّ السياسيين أنفسهم سينجزون مشروعا جديدا ربما يكون أسوأ مما سبقه، داعيا إلى "ضرورة اللجوء إلى خطوات عملانية من خلال التحركات الشعبية وصولا إلى انتخابات نيابية مبكرة تطيح برؤوس الفساد".

دور الشباب

وتطرّق الكاتب والمحلل شارل شرتوني إلى المخاطر المحدقة بالطبقة الفتية في لبنان، وحذر في تصريحات لـ"عربي21" من أنّ "نسبة البطالة للشباب بلغت 40 بالمئة، وهي عالية، وتنذر بكارثة على صعيد مستقبل لبنان"، مشيرا إلى أنّ "أعدادا كبيرة من الشباب تنتشر في الطرقات والمقاهي بانتظار فرصة للعمل، على رغم من تجاوزهم الجزء التعليمي المطلوب منهم من دون أن يتاح لهم فرص لدخول معترك العمل".

وحول ارتفاع معدلات هجرة الشباب اللبناني، أشار إلى أن "انسداد الأفق يدفع نحو خيارات لا يمكن إلا أن نتقبلها على مرارتها، لأنّ المستقبل في لبنان يكتنفه الغموض ومحفوف بالمخاطر على المستويات كافة لا سيما الأمنية والاقتصادية".

وصعّد من موقفه تجاه الطبقة الحاكمة في لبنان، داعيا إلى "محاسبتها ومعاقبتها بالسجن ومن خلال القضاء"، مستبعدا حدوث ذلك في الوقت الراهن، قائلا: "فقدنا الأمل في استعادة لبنان لتوازنه في ظل التغوّل السائد لدى المسؤولين".

اقرأ أيضا: هل تنقذ "إصلاحات الحريري" اقتصاد لبنان من الإفلاس؟

التعليقات (0)