أفكَار

تقرير يدعو لوحدة الفلسطينيين تحسبا لصفقة القرن

تقدير استراتيجي يحذّر من حكومة يمينية متطرفة يسعى نتنياهو لتشكيلها- (مركز الزيتونة)
تقدير استراتيجي يحذّر من حكومة يمينية متطرفة يسعى نتنياهو لتشكيلها- (مركز الزيتونة)

دعا تقدير استراتيجي صادر اليوم الثلاثاء، القوى الفلسطينية إلى إنهاء الانقسام وتوحيد الصف، ودعم المقاومة بكل أشكالها في مواجهة خيار حكومة يمينية متشددة يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي الفائز بالانتخابات بنيامين نتنياهو لتشكيلها.

وأكد تقدير استراتيجي أصدره اليوم مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، وأرسل نسخة منه لـ "عربي21"، أنه "أياً تكن القراءات والتقديرات بشأن نتائج الانتخابات الإسرائيلية للكنيست الحادي والعشرين، التي أجريت في 9 نيسان (أبريل) الماضي، فإن ثمة حقيقة لا تقبل الشك ولا التشكيك، وهي أن نتنياهو شخصياً كان بطل هذه المعركة، وكان المنتصر الأول فيها، وكُرس في ختامها زعيم اليمين الذي لا يُهزم". 

وذكر التقرير أن نتنياهو يعمل على تشكيل ائتلاف حكومي يميني جديد، وفق ما بات يُعرف بائتلاف "لائحة الاتهام"، على أساس معادلة "الحصانة مقابل السيادة". 

وأشار إلى أن شركاء نتنياهو يوفرون له مظلة سياسية لمواجهة المسار القضائي الذي ينتظره، وهو بالمقابل يحقق سعيهم لسلب المزيد من الحقوق الفلسطينية، ولا سيّما ضمّ المستوطنات في الضفة الغربية، ورفض منح الفلسطينيين الحد الأقصى مما قد تتضمنه "صفقة القرن".

ورأى التقرير أن الفلسطينيين سيكونون على موعد جديد مع حكومة يمينية متطرفة، لا أُفق معها لأي تسوية تحفظ الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية، ما يفرض على القوى الفلسطينية كافة الاستعداد ووضع الاستراتيجية المناسبة ليس لاستعادة الحقوق المسلوبة فحسب، بل لمواجهة المشاريع لسلب ما بقي لهم، والتصدي لمساعي تصفية قضيتهم.

 

ذكر التقرير أن نتنياهو يعمل على تشكيل ائتلاف حكومي يميني جديد، وفق ما بات يُعرف بائتلاف "لائحة الاتهام"، على أساس معادلة "الحصانة مقابل السيادة".


وذكر التقرير أن "المعركة الانتخابية، التي أرادها بنيامين نتنياهو استفتاء على اسمه وشخصه، وكذلك أرادها خصومه، أعطته ما أراد، فخرج منها منتصراً بعد أن تغلب على ثلاث لوائح اتهام مدعومة برابعة لاحت بوادرها خلال المعركة الانتخابية، وعلى ثلاثة رؤساء أركان مدعومين برابع من خارج السباق الانتخابي، في سابقة لم تعرف الحياة السياسية مثيلاً لها في تاريخها".

ورأى أن "النتائج التي تمخّضت عنها الانتخابات عزّزت حزب الليكود برئاسة نتنياهو بحصوله على 35 مقعداً، بإضافة خمسة مقاعد إلى قوته مقارنة بالكنيست السابق. غير أن تعزّز قوة الليكود جاء على حساب شركائه الطبيعيين في المعسكر اليميني، وعلى حساب قوة هذا المعسكر الذي تراجعت قوته مقعدين مقارنة بما كانت عليه، لترسو على 65 مقعداً".

لكن التقدير أشار إلى أن نتنياهو ربح رهانه في الحصول على مشروعية "شعبية" يواجه بها "المشروعية القضائية"، وقال: "نتنياهو وإن انتصر في هذه المعركة، فإن هدفه المقبل هو الانتصار في الحرب، وحرب نتنياهو الأولى والوحيدة هي مع لوائح الاتهام المقدمة بحقه والمحاكمة التي تنتظره، ومن السابق لأوانه الحكم على نتيجتها. ويمكن القول إن نتنياهو ربح المعركة الانتخابية، وعينه الآن على الحرب القضائية".

وحول سيناريوهات الحكومة الإسرائيلية المقبلة في ظل ترقب الإعلان عن صفقة القرن وانتظار نتائج "لائحة الاتهام"، فإن الأنظار تتوجه لمعرفة طبيعة وصورة الائتلاف الحكومي الذي أعلن نتنياهو أنه سيكون يمينياً صرفاً، أي صورة طبق الأصل عن الائتلاف السابق، في ظل استبعاد كبير للذهاب نحو خيار حكومة وحدة وطنية.
 
ورجح التقدير أن نتنياهو سيسير نحو خيار ائتلاف يميني جديد، شرع أصلاً في بلورة عناصره ومركباته وحتى أولوياته منذ ما قبل صدور نتائج الانتخابات، وفق ما بات يُعرف بائتلاف "لائحة الاتهام"، بمعنى أن نتنياهو يريد ائتلافاً يخدمه في مواجهة المسار القضائي الذي ينتظره، سواء عبر الإسهام في إجراءات دستورية تمنع محاكمته، أم عبر ضمان بقائه في رئاسة الحكومة، وعدم استقالة أي من شركائه منها.

 

تداعيات على الشأن الفلسطيني

وعن تبعات وانعكاسات الحكومة اليمينية على الوضع الفلسطيني، يرى التقدير أنها يمكن أن تندرج ضمن عناوين ثلاثة: "صفقة القرن"، والحصانة مقابل السيادة، وقطاع غزة.

ورأى التقدير أنه وعلى الرغم من الغموض الذي يكتنف مضمون "صفقة القرن"، إلا أنه، وبناء على المواقف التي صدرت عن الشخصيات الأمريكية الضالعة في إعداد "صفقة القرن"، فإن التقدير السائد في "إسرائيل" يفيد بأنها ستتضمن "تنازلات" من الطرفين.

 

السؤال المطروح بقوة هو ما الذي يمكن أن توافق عليه إسرائيل، وما الذي لا يمكن أن توافق عليه في صفقة القرن المفترضة؟


وقال التقدير: "كلمة تنازلات هذه، تثير قلق الأوساط اليمينية في إسرائيل، التي لا تبدي استعداداً للموافقة على الحد الأدنى من المطالب الفلسطينية، ولهذا لم تكن الحكومة الإسرائيلية اليمينية السابقة، بكل مكوناتها، متشجعة لطرح "صفقة القرن"، وتعاملت معها كما لو أنها "وصفة مضمونة" لخلاف مع إدارة الرئيس ترامب، و"لغم داخلي" من شأنه تفجير الحكومة الإسرائيلية في حال وافق نتنياهو عليها، وهو ما يتوقع أن يكون عليه موقف الحكومة الجديدة، لا بل أكثر تشدداً".
 
وأضاف: "إن السؤال المطروح بقوة هو: ما الذي يمكن أن توافق عليه إسرائيل، وما الذي لا يمكن أن توافق عليه في صفقة القرن المفترضة؟

وأكد التقدير جوابا على ذلك، أن الائتلاف الحكومي المتبلور برئاسة بنيامين نتنياهو تعصف به الخلافات بشأن العديد من الملفات، لكن مركباته تتفق في مقاربتها للملف الفلسطيني على قاعدة: "أخذ كل شيء مقابل لا شيء"، والمبنية على "اللاءات الخمس": لا لقيام دولة فلسطينية مستقلة على أراضي الضفة الغربية، ولا حتى على أجزاء منها، لا لتفكيك وإخلاء أي من المستوطنات المعزولة أو الكبيرة، لا لتقسيم القدس في أي ظرف من الظروف، لا للانسحاب من غور الأردن في ظل أي تسوية مستقبلية، على فرض حصولها، ولا لحق العودة للفلسطينيين، الجزئية أو الشاملة، ولو تحت عنوان لم الشمل.

ولفت التقدير الانتباه إلى أن نتنياهو، استبق عرض "صفقة القرن" بتكرار شروطه، وهي: عدم إخلاء مستوطنات، وعدم اقتلاع أي مستوطن، وسيطرة أمنية كاملة غربي نهر الأردن، وعدم تقسيم القدس.

ورأى التقدير أن سياسات الحكومة اليمينية المقبلة ستحافظ على ذات السياسات تجاه قطاع غزة، القائمة على جملة ثوابت: تكريس الانقسام الفلسطيني السياسي والجغرافي بين الضفة الغربية وقطاع غزة؛ واستمرار الخلاف بين حركتي حماس وفتح؛ والعمل ضمان الهدوء على الحدود مع القطاع؛ والسعي ما أمكن لمنع وإحباط تعاظم القدرة القتالية واللوجستية لدى فصائل المقاومة في القطاع.

 

إنهاء الانقسام ضرورة


وأوصى التقدير الطرف الفلسطيني بالسعي لتحقيق المصالحة، ووضع حدٍ للانقسام السياسي والجغرافي بين الضفة الغربية وقطاع غزة، والربط بين ساحتي الضفة والقطاع في المواجهة مع الإسرائيلي، وتمسك فصائل المقاومة في القطاع بالمعادلة التي أرسوها منذ بدء فعاليات مسيرة العودة، وهي معادلة جبي الثمن من العدو الإسرائيلي التي أعادت التوازن إلى ميزان الردع مقابله.

ودعا التقدير إلى الاستفادة القصوى من الإجماع الإسرائيلي على ضرورة عدم "الغرق في مستنقع قطاع غزة"، بالتركيز على تحسين الأوضاع والظروف الاقتصادية والاجتماعية لسكان القطاع، وعلى الصعد المعيشية كافة.
 
وشدد التقدير على ضرورة إعادة الاعتبار لخيار الانتفاضة والمقاومة في الضفة الغربية من قبل الجميع، ولا سيّما من قبل السلطة الفلسطينية كخيار موازٍ للخيار التفاوضي على أقل تقدير، ووقف التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية و"إسرائيل"، ودعم ومساندة وتفعيل الحراك الشعبي أو الانتفاضة الشعبية ضد الاحتلال الإسرائيلي في القدس والضفة الغربية والقطاع (مسيرات العودة) على حد سواء، ودعم وتشجيع كافة أشكال المقاومة ضدّ الاحتلال، دون أن ينسى ضرورة القيام بحملات إعلامية محلية ودولية لمواجهة الحرب الإعلامية الإسرائيلية، التي تشوه الوقائع وتقلب الحقائق.

يذكر أن التقدير الاستراتيجي، الذي يصدره مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في العاصمة اللبنانية بيروت، هو تقدير دوري يتميز بكثافة مادته وتركيزها، ويحاول دراسة حدث أو قضية معينة، والنظر في مساراتها المستقبلية، مع ترجيح السيناريو الأقوى، ثم تقديم الاقتراحات للتعامل معه بالشكل الأفضل.

وعادة ما تتناول مواضيع التقدير، الشأن الفلسطيني وما يتعلق بذلك من أبعاد عربية وإسلامية ودولية، بالإضافة إلى اهتمامه بالخطوط الأخرى التي تدخل ضمن عمل المركز. 

التعليقات (0)

خبر عاجل