ملفات وتقارير

تحقيق إسرائيلي عن زيادة نفوذ قطر في فلسطين والعالم

صحيفة مكور ريشون: قطر تسعى لأن تكون قوة إقليمية مستقلة عن جاراتها الخليجيات- جيتي
صحيفة مكور ريشون: قطر تسعى لأن تكون قوة إقليمية مستقلة عن جاراتها الخليجيات- جيتي

قالت صحيفة إسرائيلية إن "النفوذ القطري آخذ بالتمدد، ليس في الشرق الأوسط وحده، بل في القارة الأوروبية والولايات المتحدة، بما لا يتناسب مع هذه الجزيرة ذات المساحة الصغيرة، لكنها تخفي خلفها تطلعات إسلامية واضحة، ما يطرح أمام إسرائيل تساؤلات مشروعة: هل من أجل هدوء أمني مؤقت في غزة تعمل على تقوية أعدائها على المدى البعيد؟".


وأضافت صحيفة مكور ريشون، في تحقيق مطول ترجمته "عربي21"، أن "الغزيين الذين يعانون ضائقة اقتصادية متفاقمة التقطوا أنفاسهم في الأسابيع الأخيرة بسبب المنحة القطرية المتمثلة بمنح كل عائلة فقيرة مبلغ مئة دولار، وباتت صورة الأمير القطري الشاب تميم بن حمد آل ثاني تتصدر شوارع غزة، وعليها شعار "شكرا قطر"".


وأضاف التحقيق الذي أعده آساف غيبور، الخبير الإسرائيلي في الشؤون العربية، أن "مئة ألف عائلة فلسطينية فقيرة حصلت على هذه المساعدة من خلال تبرع سخي بقيمة 15 مليون دولار، وهي الدفعة القطرية الرابعة لقطاع عزة منذ أكتوبر 2018؛ تطبيقا لتفاهمات التهدئة بين حماس وإسرائيل بوساطة مصرية، كما تبرعت قطر مؤخرا بمبلغ كبير قيمته 480 مليون دولار للأراضي الفلسطينية".


وأشار إلى أن "المنحة القطرية تم تقسيمها على الأراضي الفلسطينية، بحيث أرسلت 300 مليون للضفة الغربية لدعم برامج الصحة والتعليم، و180 لقطاع غزة تقدم لمؤسسات الأمم المتحدة لتطوير البنى التحتية والكهرباء. وبموجب هذه المنحة، حصلت قطر على شكر وثناء من السلطة الفلسطينية وحماس على حد سواء".


وأوضح أنه "بين 2012-2018 أدخلت قطر أموالا لغزة التي تسيطر عليها حماس بقيمة 1.1 مليار دولار، وفي 2018 وحده منحت القطاع 200 مليون دولار، 84% منها تم استثمارها في البنى التحتية والتعليم والطبابة، والباقي لموظفي حماس، و50 مليون دولار ذهبت للأونروا، و20 مليون لمشاريع تشغيل بطالة مؤقتة، وفي أعقاب الدعم القطري أعلنت الأونروا توسيع مشاريعها في غزة، وهي التي توفر 180 ألف فرصة عمل".


وأضاف أن "مساحة قطر لا تتجاوز 12 ألف كيلومتر مربع، وسكانها يزيدون قليلا على مليون ونصف نسمة، معظمهم من العمال الأجانب، وجيشها صغير نسبيا لا يزيد عدده على ثمانية آلاف جندي، لكن القطريين ينجحون بتجاوز أزماتهم بفضل الموارد الطبيعية المتاحة، والسياسة الاقتصادية الصحيحة".


واستطرد قائلا إنه "رغم أن سكان قطر قليلون، ويعتمدون على العمالة الأجنبية، ومساحتها الجغرافية مقلصة جدا، وجيشها لا يقارن قياسا بجيرانها في السعودية وإيران، لكن عائلة آل ثاني التي تحكم البلاد منذ 150 عاما لا يزعجها ذلك كثيرا، فهم يرون في قطر قوة إقليمية ودولية مستقبلية، ويستخدمون أموالهم لشراء نفوذهم السياسي".


وضرب الكاتب على ذلك مثالا بالإشارة إلى "استثمارات قطر في فرنسا من خلال شراء الفرق الرياضية الصاعدة، فالاقتصاد الفرنسي يشعر بالانتعاش بسبب الأموال القطرية، وقد أعلن السفير الفرنسي في الدوحة أن استثمارات الأخيرة في بلاده وصلت 20 مليار دولار، وأعلن البلدان في فبراير اتفاقيات جديدة لتوثيق التعاون الاقتصادي، وبكبسة زر واحدة يمكن للاقتصاد الفرنسي أن يتدهور، إن ساءت علاقتهم مع قطر".


وأشار إلى أن "هذا نموذج فقط على تنامي نفوذ قطر في بلد كبير مثل فرنسا، وكذلك ينطبق الأمر على نفوذها في أوروبا والولايات المتحدة. أما في الساحة المحلية، فتسعى قطر لزيادة نفوذها في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي عبر الدعم المتواصل في غزة، الذي يمنحها نفوذا وتأثيرا لا يخفى على أحد لدى مختلف الأطراف: حماس وإسرائيل ومصر".


إيلي أفيدار، رئيس الممثلية الإسرائيلية في قطر بسنوات التسعينات، عضو الكنيست عن حزب إسرائيل بيتنا، قال إن "قطر تعمل في السنوات الأخيرة لزيادة نفوذها في الساحة الفلسطينية عبر شيكات الأموال التي توزعها على الفلسطينيين، وهذه الأموال لا تتعدى بنسات لا تذكر قياسا بأموالها الهائلة، قطر دولة تبحث عن مصالحها المتمثلة بدفع أيديولوجية الإخوان المسلمين إلى الأمام، وأن تصبح محورا مركزيا يؤثر على المنطقة".


وأضاف أن "ما حصل في جولة التصعيد الأخيرة خير مثال على ذلك، حين حاولت مصر إبرام وساطة بين حماس وإسرائيل لوقف إطلاق النار من خلال تجاهل قطر، حيث سافر السفير محمد العمادي للولايات المتحدة، ما أدى لتفاقم التصعيد، ثم عاد للمنطقة في رسالة واضحة مفادها: إياكم أن تتجاهلوا قطر".


وأكد أن "النفوذ القطري ليس في الأراضي الفلسطينية فحسب، بل امتد داخل الجمهور العربي في إسرائيل، فتبرعت بنصف مليون دولار لمساعدة فريق بني سخنين لكرة القدم، وإقامة ملعب باسم استاد الدوحة، وفي انتخابات الكنيست 2015 قدمت قطر مساعدات للحركة الإسلامية-الفرع الجنوبي، وحزب "بلد" الذي أسسه عزمي بشارة عضو الكنيست السابق المقيم حاليا في قطر، ويمتلك تأثيرا على دوائر صنع القرار هناك".


وختم بالقول إن "قطر تسعى لأن تكون قوة إقليمية مستقلة عن جاراتها الخليجيات، خاصة السعودية، وتنفيذ سياسة غير تابعة لأحد، وبعد فرض الحصار عليها سعت قطر لتقوية علاقاتها بالولايات المتحدة؛ لتوفير حماية لها من أي أخطار يشهدها الشرق الأوسط مقابل خدمة المصالح الأمريكية في المنطقة".


وأوضح أن "قاعدة العديد التابعة لسلاح الجو الأمريكي في قطر منذ 1992، تعدّ القاعدة المركزية في الشرق الأوسط، وتوفر لواشنطن قدرات عسكرية واستخبارية فائقة، وهي نقطة إستراتيجية للولايات المتحدة من الدرجة الأولى، يوجد فيها 11 ألف جندي بصورة دائمة، ومعدات قتالية متأهبة دائما على مدار الساعة لتنفيذ مهام عسكرية خاصة".

0
التعليقات (0)