كتاب عربي 21

حرب طرابلس.. مماطلة الخارج وخلاف الداخل

السنوسي بسيكري
1300x600
1300x600

نقترب من الشهرين على بداية الهجوم على طرابلس من قبل قوات حفتر، والوضع الداخلي أقرب إلى الجمود الذي تتخلله محاولات فاشلة لاختراق السد الذي حال دون دخول القوات المعتدية للعاصمة، لتكون نتائج محاولات الاختراق خسائر في الأرواح والعتاد للمهاجمين.

خارجيا لا يزال المجتمع الدولي منقسما ولم تلح في الأفق بوادر توافق على مقاربة ناجعة لوقف الحرب واستئناف المسار السياسي، ولأن واشنطن ما تزال مضطربة في موقفها فلا يتوقع أن يتبلور موقف دولي يقود إلى حل سلمي للصراع.

ضغوط على البيت الأبيض

هناك حراك مُهمّ لأعضاء من مجلسي النواب والشيوخ في الولايات المتحدة يدين الهجوم على طرابلس ويحمل حفتر مسؤولية الحرب ونتائجها الخطيرة، كان آخرها رسالة عدد من أعضاء مجلس النواب للرئيس ترمب تشير بوضوح إلى خطر التأخر في دعم حكومة الوفاق في مواجهة الاعتداء، إلا أن أصداء هذا الحراك لم تسمع في البيت الأبيض بعد، لهذا فإن موقف وزارة الخارجية الأخير ظل دون السقف الذي حدده بومبيو في الأيام الأولى للحرب.

 

الارتباك في الموقف الدولي، الذي ساهم في تكريسه البيت الابيض والأليزييه، أعطى حفتر متنفسا لاستئناف حربه ويسر لحلفائه الإقليميين الاستمرار في دعمه سياسيا وعسكريا.


وفي اتصال مع وزير الخارجية المصري، ناقش بومبيو مع نظيره ضرورة الحل السياسي والحاجة لمنع التصعيد، وبالقطع ترى الخارجية أن المسار السياسي ينبغي أن يستأنف وحفتر طرف فيه، في جمع بين موقفها المبدئي وضرورة إدماج موقف ترامب المنحاز لحفتر.

ويشارك واشنطن في موقفها هذا الاتحاد الأوروبي وأهم عواصمه، وذلك خلافا لمطلب حكومة الوفاق التي أعلنت أنها لم تعد تثق في حفتر ولا تريده شريكا في أي تفاوض سياسي، كما أنها لم تنجح في بلورة موقف دولي يستجيب لشرطها لوقف إطلاق النار وهو عودة قوات حفتر إلى مواقعها ما قبل 4 نيسان (أبريل) المنصرم.

ارتباك يستغله حفتر وداعموه

هذا الارتباك في الموقف الدولي، الذي ساهم في تكريسه البيت الأبيض والإليزييه، أعطى حفتر متنفسا لاستئناف حربه ويسر لحلفائه الإقليميين الاستمرار في دعمه سياسيا وعسكريا.

ما يربك بل يشل مخطط حفتر وحلفائه هو صمود القوات المساندة لحكومة الوفاق في مواجهة مساعيه الحثيثة لتحقيق خرق في الطوق المضروب حول طرابلس، فقد كانت نتائج آخر هجومين لقوات حفتر خلال الأسبوع الماضي ما يقرب من مائة قتيل وخسائر في العتاد لا يستهان بها، حتى أصبحت محاولات كسر الطوق عبثية ومتهورة إلى درجة كبيرة وهو دافع لا يمكن أن يكون في صالح حفتر، ونتائجه ستكون لا محالة عكسية.

خلاف حول استراتيجية كسر هجوم حفتر

الذراع الأقوى في العملية العسكرية التي يشنها حفتر على طرابلس تتمثل في القوات المنتمية إلى مدينة ترهونة، وهناك ما يشير إلى رغبة جناح ضمن مكونات ترهونة الاجتماعية والعسكرية في وقف القتال، إلا أن شروطا اعتبروها مجحفة حالت دون أن يقع اختراق مهم في جبهة حفتر العسكرية.

أطراف مهمة ضمن جبهة الوفاق تشترط تسليم ترهونة السلاح الثقيل لوقف الحرب ومنع هجوم محتمل على المدينة من قبل قوات الوفاق، وهو مطلب ما يزال مرفوضا من قبل "التراهنة"، ولأن إمدادات السلع تتناقص في المدينة والأسعار مرتفعة بشكل قياسي، وهناك مخاوف حقيقية من نقل الحرب إليها، فإن احتمال الوصول إلى هدنة مع المكونات الاجتماعية والعسكرية الترهونية محتمل، وإذا نجحت الأطراف المتشددة في المدينة في عرقلة الاتفاق فإن سيناريو الصدام المباشر سيصبح هو الأقرب.

عناد حفتر وعبثه يمكن أن يرجح كفة من يطالبون ضمن جبهة الوفاق بتغيير استراتيجية صد العدوان من خلال تحويل جزء من جحيم الحرب إلى قلب ترهونة عبر القصف الجوي وربما المدفعي، ويعزز موقف هؤلاء النجاح في توجيه ضربات قوية وفعالة من خلال الطائرات بدون طيار في مدينة غريان، ويعتقد بعض القادة العسكريين وحتى السياسيين أن إصرار التراهنة على عدم التراجع عن عدوانهم على العاصمة إنما لكونهم لم يذوقوا مرارة الحرب من دمار وتهجير، وفي حال وقع هذا فإن العناد سينكسر وستضطر ترهونة لمراجعة نفسها وتغيير موقفها.

 

عناد حفتر وعبثه يمكن أن يرجح كفة من يطالبون ضمن جبهة الوفاق بتغيير استراتيجية صد العدوان من خلال تحويل جزء من جحيم الحرب إلى قلب ترهونة


والحقيقة أن أطرافا سياسية وعسكرية مهمة ضمن الوفاق لا ترغب في شن غارات وقصف مدفعي على ترهونة خوفا على المدنيين وخشية أن يكون الدمار كبيرا، بل ويترددون حتى في دخول قوات للمدينة لوقف دعمها لمحاور قوات حفتر، في مقابل اعتقاد الطرف الثاني بأن ترهونة محاربة ومعتدية ومن حق قوات الوفاق محاربتها ونقل المعارك إلى عقر دارها.

تحييد ترهونة يمكن أن ينقل المعارك إلى مستوى خطير بالنسبة لحفتر، وفي حال ظلت الأطراف الداعمة لحفتر بعيدة عن التدخل المباشر من خلال طيرانها العسكري، فإن المشهد السياسي محليا ودوليا يمكن أن يتجه في مسار مغاير للجمود والمماطلة الراهنة.

التعليقات (1)
النفاق
الأحد، 02-06-2019 04:39 ص
بعد الزيارة الأخيرة لزفتر مع ماكرون أعلن مبشرة أنه لا يوقف الحرب ،هذا العميل لا يتكلم إلا بلسان أسياده في الغرب وها هم يقولون الآن أن الغول البغدادي في ليبيا . وهكذا يحاربنا الغرب بالديمقراطية و حقوق الإنسان