قضايا وآراء

هجوم تكتيكي على إيران؟!

عبد الناصر عيسى
1300x600
1300x600

ماذا يعني تصريح وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو بأن أمريكا لا تريد الحرب مع إيران، لكنها ستعمل على ردعها والحفاظ على المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط؟ 


هل هو يعكس سياسة أمريكية مدروسة تجاه إيران؟ أم أنه جزء من الارتجالية التي كادت أن تصبح معلما من معالم السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط في عهد ترامب؟ وكيف لبومبيو وإدارة ترامب أن تردع إيران بعد أن استنفدت أو تكاد كل أساليب الضغط السياسي والاقتصادي، دون أن تقرر الدخول في مواجهة عسكرية تكتيكية على الأقل مع إيران؟ ومن يضمن أن لا يتدحرج التكتيكي لاستراتيجي واسع تتجنبه الإدارة بوضوح حتى الآن؟ وهل سيستمر الوضع الحالي في الخليج المرشح لتزايد وتيرة التصعيد؟ 


تتمنى بعض أنظمة الحكم في الخليج أن تقوم إدارة ترامب بتوجيه ضربات عسكرية تكتيكية أو حتى إستراتيجية لإيران، وقد تفضل –لخطأ في قراءتها الإستراتيجية– لو تورطت أمريكا بكامل ثقلها في إيران، للقضاء على (التهديد الإيراني) مرة واحدة وإلى الأبد، ولكن هذا وعلى ما يبدو لن يتم لسببين رئيسيين:


أولهما أن سيناريو الضربات العسكرية المحدودة فما فوق، -وبسبب تكاليفه الباهظة- لا يتوافق مع طبيعة شخصية وحسابات المال والأعمال والانتخابات للرئيس ترامب الذي بدأ وعلى ما يبدو يدرك خطأ تقديراته السابقة أنه يستطيع ترويض إيران وجرها إلى مربع التفاوض على صفقة أفضل من صفقة  خصمه اللدود اوباما، إلا إذا عرض على إيران مقترحا للاتفاق قد يحفظ ماء وجهه ولا يبتعد عن الاتفاق الأول إلا شكليا، بل قد يكون أفضل لإيران.

 

أما السبب الثاني فيتعلق بالموقف الإسرائيلي الذي يبدو حتى اللحظة يميل إلى استمرارية الضغوطات السياسية والاقتصادية ضد إيران، دون الدخول في مواجهة عسكرية قد تكون هي ثاني من يدفع ثمنها بعد السعودية والإمارات، ويعزز هذا ما نقلته صحيفة هآرتس اليوم 19-6 من أن تقديرات الاستخبارات الغربية والإسرائيلية تشير إلى أن من مصلحة إيران المبادرة لتصعيد المواجهة في أحد حدود إسرائيل لإلزام إدارة ترامب بإعادة النظر في مواقفها، التصعيد العسكري إذن مصلحة إيرانية و للعجب خليجية أيضا، وليس هذا ما يحدد قرارات الحرب والسلم لدى الإدارة الأمريكية، بل مصلحة أمريكا وإسرائيل أولا وآخرا.

 

يمكن القول إن ترامب في مأزق أمام إيران حاليا، فالردع لن يتم دون حرب، والردع الإسرائيلي المتهالك أمام غزة خير دليل على ذلك، والحرب لن تتم على الأرجح لتكاليفها الباهظة خاصة وترامب على أبواب انتخابات يسعى فيها للظهور بمظهر الملتزم بوعوده السابقة حول الحرب، ومن جهة ثالثة فإن استمرار التوتر الحالي في الخليج أو تصاعده بسبب هجمات الحوثيين واحتمال تكرار سيناريو "الفجيرة" و"ناقلتي خليج عمان" لا يخدم المصالح الأمريكية أيضا، فما هو الحل إذن؟

 

من غير المستبعد أن يتم من خلال تراجع أمريكي معين قد يكون إرسال 1000 جندي أمريكي للمنطقة نوعا من التغطية عليه، وحتى ذلك الوقت ستستمر أمريكا في "حلب" واستدرار المليارات الخليجية بحجة الحماية "protection".


0
التعليقات (0)

خبر عاجل