قضايا وآراء

رسائل جيمس جيفري في مؤتمر هرتسيليا

1300x600
1300x600

الغارات الإسرائيلية على المواقع التي تتبع للنظام السوري وحلفائه بالقرب من حمص ودمشق تزامنت مع انعقاد مؤتمر هرتسيليا الثلاثاء 2 تموز (يوليو) الجاري في تل أبيب؛ وهو المؤتمر الذي يناقش التحديات التي يواجها الكيان الإسرائيلي ويشارك فيه نخبة من الساسة والمخططين الاستراتيجيين.

 

القوات الأمريكية باقية في سوريا


مؤتمر وجد فيه جيمس جيفري مبعوث الولايات المتحدة الأمريكية الخاص إلى سوريا وممثلها في التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب فرصة للتعويض عن غيابه عن الاجتماع الثلاثي في القدس يوم الأحد والإثنين 24 و25 حزيران (يونيو) الماضي، الذي ضم مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون، وأمين مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف، ومستشار الأمن القومي الإسرائيلي مئير بن شبات؛ إذ قال جيفري وبوضوح: "إن نظام الأسد لم ينتصر بعد"؛ محددا ثلاثة أهداف لبقاء القوات الأمريكية في سوريا يقف على رأسها ضمان الهزيمة الدائمة لداعش، وانسحاب القوات الإيرانية بشكل كامل من سوريا، وعملية سياسية بموجب قرار الأمم المتحدة الصلة 2254 لعام 2015.

 

أمريكا لن تقبل تغلغل النفوذ الروسي العسكري والسياسي وتجذره كما لم تقبل من قبل بالنفوذ الصيني الاقتصادي في المنطقة


تصريحات جيمس جيفري بهذا المعنى جاءت لتقاطع توجهات بولتون ورؤيته التي عبر عنها اجتماع القدس الثلاثي الذي جرى بعيدا عن أعين وزارة الخارجية الأمريكية وممثلها الخاص في سوريا؛ الاجتماع الذي ناقش الوجود الإيراني ومستقبل الحل في سوريا؛ مستبقا بذلك اللقاء بين بوتين وترامب في (أوساكا) اليابانية المنعقد على هامش قمة العشرين في 28 حزيران (يونيو) الفائت .

فجيمس جيفري يرى في بقاء القوات الأمريكية ضرورة قصوى لضمان القضاء على تنظيم الدولة داعش وانسحاب إيران من سوريا وأخيرا الوصول إلى تسوية سياسية وفقا لقرار الأمم المتحدة؛ مخالفا توجهات الرئيس الأمريكي وواضعا حجر عثرة أمام خارطة الطريق الروسية (الترامبية) التي تشترط انسحاب القوات الأمريكية بالتزامن مع القوات الإيرانية والأجنبية متجاهلة حقيقة راسخة تولدت عن توقيع موسكو والنظام السوري اتفاقا يحفظ وجودها العسكري في حميميم وطرطوس 50 عاما قادمة؛ فروسيا لن تتأثر بانسحاب إيران أو أمريكا وستتحول إلى ضامن لأمن إسرائيل وبدون منافس معززة نفوذها في المنطقة وفارضة رؤيتها للسلام والاستقرار شرق المتوسط.

 

رفض للتقارب بين ترامب وروسيا 


الدولة العميقة في أمريكا ومؤسساتها البيروقراطية ممثلة بجيمس جيفري لا تبدو راضية عن التقارب بين إدارة ترامب وروسيا؛ الأمر الذي ظهر جليا على لسان جيمس جيفري الغائب عن الاجتماع الثلاثي في القدس والحاضر في هرتسيليا؛ فجيفري سليل الدولة العميقة والمؤسسة البيروقراطية الأمريكية وممثلها بعيد استقالة المسؤول السابق بريت ماكغورك على خلفية إعلان ترامب نيته الانسحاب من سوريا العام الماضي؛ قال وبوضوح في هرتسليا: "إن قواتنا موجودة في سوريا لمحاربة داعش، وما زال هناك وجود لداعش، وسنواصل وجودنا في المنطقة حتى وإن قال الرئيس إننا سنسحب بعض قواتنا" .

الحسابات الاستراتيجية الأمريكية المنطقية التي عبر عنها جيمس جيفري برزت واضحة في كلمته بمؤتمر هرتسيليا؛ فأمريكا لن تقبل تغلغل النفوذ الروسي العسكري والسياسي وتجذره كما لم تقبل من قبل بالنفوذ الصيني الاقتصادي في المنطقة، الأمر الذي عبرت عنه صراحة بمطالبة الكيان الإسرائيلي إلغاء العقود مع الشركات الصينية لتطوير ميناء حيفا؛ فكما لم تقبل أمريكا بالنفوذ الاقتصادي الصيني في غرب آسيا مستثمرة بآليات التطبيع والسلام؛ فإنها من باب أولى لن تقبل بتعاظم النفوذ الروسي  وتعاظم اعتماد الكيان الإسرائيلي أمنيا على روسي؛ خصوصا وأن التأثير الروسي تعاظم بعد التدخل الروسي في سوريا وبعد نشر منظومة اس 300 في سوري.

 

روسيا لن تتأثر بانسحاب إيران أو أمريكا وستتحول إلى ضامن لأمن إسرائيل وبدون منافس


ختاما: روسيا والصين خطر يتهدد نفوذ واشنطن في المنطقة؛ رسائل نقلها جيمس جيفري إلى الكيان وعبر عنها بوضوح عندما قال: "سنواصل وجودنا في المنطقة حتى وإن قال الرئيس إننا سنسحب بعض قواتنا"؛ فالمعضلة الحقيقية لأمريكا في سوريا ليست إيران أو الأكراد أو الأتراك بل وروسيا فهي الخطر من وجهة نظر استراتيجية أمر عكسه الاعتماد المتزايد لنتنياهو والنخبة الإسرائيلية ومن ورائهم ترامب على روسيا لضبط الإيقاع السياسي والأمني في سوريا.

التعليقات (0)