مقالات مختارة

هل تخشى أمريكا من إيران في الخليج أم تتقاسمان المرابح؟

فيصل القاسم
1300x600
1300x600

ما الذي يحدث في الخليج؟ فجأة تبدو أمريكا أو بالأحرى تتظاهر بأنها غير قادرة على حماية ممرات النفط، وبأن لا حول ولا قوة لها في مواجهة التهديدات الإيرانية.

 

ظن البعض أن أمريكا ستضرب إيران بيد من حديد بعد تعرض سفن نفط إماراتية للتفجير في إمارة الفجيرة.

 

لكن بدلاً من التحرك ضد إيران التي ألمحت إلى أنها تقف وراء التفجيرات، سكتت أمريكا واكتفت بالتحقيق في الحادث.

 

متى كان الكاوبوي الأمريكي يصمت أمام التهديدات التي تواجه شريان الاقتصاد العالمي والأمريكي خاصة، ألا وهو النفط؟ لكن للغرابة لم تفعل أمريكا أي شيء لردع إيران أو على الأقل تهديدها.


مضت أيام وإذ بناقلتي نفط يابانيتين تتعرضان لاعتداء مباشر في بحر عمان، وقد أكدت أمريكا أن أقمارها الصناعية وأسطولها البحري الذي يراقب كل شيء في الخليج سجلت هجوماً لزوارق إيرانية على الناقلتين.

 

وهنا ظن البعض، وكل الظن إثم، أن أمريكا هذه المرة لن تكتفي بتوجيه أصابع الاتهام، بل ستضرب إيران وتلقينها درساً لن تنساه لمنعها من تهديد ممرات النفط العالمية التي كانت أمريكا تقيم الدنيا ولم تقعدها فيما لو حاول عصفور أن يهاجمها في الماضي. لكن مرة أخرى، اكتفت أمريكا بتوجيه اتهامات باهتة لإيران دون أن تفعل شيئاً.


والمضحك أكثر أن إيران التي تتهمها أمريكا بتهديد ممرات الملاحة الدولية تقدمت خطوة أخرى هذه المرة، وأسقطت طائرات استطلاع أمريكية متطورة جداً يزيد ثمنها على مئتي مليون دولار.

 

ماذا فعلت أمريكا؟ حاول الرئيس الأمريكي أن يقلل من أهمية الحدث، وسامح الإيرانيين على اعتبار أنهم ربما أسقطوا الطائرة الأمريكية بالخطأ.

 

لكن إيران أحرجت ترامب وتفاخرت بأنها أسقطت الطائرة عن عمد وأظهرت حطامها على شاشات التلفزيون الإيراني.

هل تصدقون أن أمريكا خضعت للتهديدات الإيرانية واعتداءاتها على السفن ولا تستطيع الرد عليها؟ بالطبع لا.

وقد تفاخر ترامب فيما بعد بأن سفينة أمريكية أسقطت طائرة استطلاع إيرانية فوق مضيق هرمز كنوع من حفظ ماء الوجه، لكن إيران كذبت الخبر.

 

وبدل من أن تتقدم أمريكا خطوة أخرى اكتفت بتهديد سخيف، وهي أنها ستقوم بإسقاط أي طائرة استطلاع إيرانية إذا اقتربت من حاملاتها. يا للنكتة! شيء مثير للشفقة والريبة في آن معاً.

إن الإيرانيين والأمريكيين يلعبون لعبة مشتركة لتهديد أمن الملاحة الدولية بقصد ابتزاز الدول كي تدفع لأمريكا مقابل عدم الاعتداء على سفنها؟

ومما يزيد في الشكوك حول هذا الموقف الأمريكي الباهت جداً أن إيران تجرأت على سفينة بريطانية انتقاماً من لندن التي أوقفت سفينة نفط إيرانية في جبل طارق.

 

حتى بريطانيا اكتفت بالتصريحات الهادئة ونفت أي محاولة للتصعيد ضد إيران. والسؤال هنا: هل أن أمريكا أصبحت ضعيفة فعلاً ولا تستطيع التصدي للبلطجة الإيرانية في الخليج وتهديد ممرات النفط العالمية؟

 

نحن نتذكر أنه عندما كان أمن النفط في الخليج يتعرض لأبسط تهديد كانت أمريكا تزلزل الأرض تحت أقدام المشاغبين.

هل نحتاج إلى برهان آخر بعد هذه التصريحات الأمريكية المفضوحة؟ هل أمريكا غير قادرة على وضع حد لإيران في الخليج، أم إن الإيرانيين والأمريكيين يلعبون لعبة مشتركة لتهديد أمن الملاحة الدولية بقصد ابتزاز الدول كي تدفع لأمريكا مقابل عدم الاعتداء على سفنها؟

أما اليوم فإيران تسطو على السفن، وتفجر الناقلات وتستهدف المنشآت الخليجية وتسقط الطائرات الأمريكية، بينما تكتفي أمريكا بالتغريدات. ما الذي يحدث؟ لا شك أن في الأمر إنّ.


لم ننتظر طويلاً حتى ذاب الثلج وبان المرج، فأطل علينا الرئيس الأمريكي وهو يقول إن أمريكا ليست مسؤولة عن أمن السفن في المياه الدولية، وعلى كل دولة أن تحمي سفنها بنفسها.

 

وبعد احتجاز السفينة البريطانية قال وزير الخارجية الأمريكية بكل صفاقة: نحن لسنا شرطياً لحماية السفن.

 

وبعد ساعات خرج ترامب نفسه مرة أخرى ليفضح الأمور أكثر حينما قال: لسنا مستعدين لحماية سفن دول غنية كالصين والسعودية والإمارات وغيرها.

 

وجدتها..وجدتها. هل نحتاج إلى برهان آخر بعد هذه التصريحات الأمريكية المفضوحة؟ هل أمريكا غير قادرة على وضع حد لإيران في الخليج، أم إن الإيرانيين والأمريكيين يلعبون لعبة مشتركة لتهديد أمن الملاحة الدولية بقصد ابتزاز الدول كي تدفع لأمريكا مقابل عدم الاعتداء على سفنها؟ ترامب بدا واضحاً جداً منذ مجيئه إلى السلطة، فهو يريد أن يقبض مقابل أي حماية توفرها أمريكا لأي بلد في العالم.

 

ولطالما سمعناه مرات ومرات وهو يبتز الخليج كي يدفع مقابل الحماية. كم مرة قال ترامب إن السعودية غنية جداً ويجب أن تدفع؟ الآن نفس اللعبة يلعبها ترامب مع بقية دول العالم في الخليج من خلال تهديد ممرات النفط.


هل تصدقون أن أمريكا خضعت للتهديدات الإيرانية واعتداءاتها على السفن ولا تستطيع الرد عليها؟ بالطبع لا.

 

إن الموقف الأمريكي المهادن والمتراخي يدل بشكل مفضوح على أنها لعبة تقوم بها إيران لصالح الأمريكي، هذا إذا لم يكن الأمريكي نفسه يقف وراء بعض الاعتداءات ضد السفن الدولية في الخليج كعملية ابتزاز وحلب مفضوحة ليس للخليج وحده، بل للعالم أجمع.

عن صحيفة القدس العربي

2
التعليقات (2)
سامي ميخائيل
الثلاثاء، 30-07-2019 07:02 ص
باختصار شديد ، إيران ولاية أمريكية منذ عام 1979 و لها أدوار وظيفية تخدم مصالح زعيمة العالم المتفرعنة . أنا متعجب لكون حكام الفرس لم يقيموا حتى اليوم تمثالاً للجنرال الأمريكي "روبرت هايزر " قائد القوات الأمريكية في أوروبا في حينه الذي حضر إلى طهران ليطرد الشاه رضا بهلوي و يضع الكهنوت بدلاً منه عام 1979 . هذا ما كشغته مجلة (NOW ) البريطانية في ذلك الوقت في عددها الأول و الذي اشتريته بالصدفة . بعد ذلك اختفت المجلة ، و الأرجح أن حكومة العالم الخفية الماسونية عاقبت أصحابها على هذا الكشف .
أحمد يوسف علي
السبت، 27-07-2019 05:47 م
إيران حليف استراتيجي لأمريكا تحرص الستيتس على إظهاره بصورة جيدة فالامريكان لا يحبذون الإسلام السني من نموذج القاعدة وداعش وحركات الصومال والسودان وبوكا حرام وكل الانتحاريين التكفيريين رغم أنهم يحرصون في ذات الوقت على تقويتهم وإبقاءهم على قيد الحياة. إيران هي الدجاجة التي تبيض الذهب لأمريكا دون ان تدفع فلسا واحدا. لم أرى بحياتي أغبى من المراهقين بن ناقص وبومنشار الذين يعتقدوا انهم سيرشوا ترامب بنصف تريليون وماخفي في جيب كوشنر كان أعظم. قارة الولايات المتحدة ناتجها القومي ربع ناتج العالم فماذا ستشكل عقودا -نصفها تضخيم من ترامب- بقيمة 200 او حتى 500 مليار من قيمة ناتج أمريكا على مدار أربع سنوات. الحقيقة ان الرئيس ترامب رجل اعلام و"شو" يعرف جيدا كيف يبالغ!