مقالات مختارة

حميدتي وحفتر في القاهرة.. الأسباب والنتائج

أسامة عجاج
1300x600
1300x600

خلال أيام قليلة، زار كل من الفريق أول محمد حمدان الشهير بـ «حميدتي» نائب رئيس المجلس العسكري السوداني، واللواء المتقاعد خليفة حفتر، العاصمة المصرية القاهرة، الأولى كانت علنية، حيث استقبله الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وأجرى معه جلسة مباحثات، والثانية تمت دون إعلان على الأقل من الجانب المصري، وإن كانت وسائل إعلام ليبية محسوبة على حفتر، احتفت بالزيارة ونتائجها، وأشارت إلى أهميتها في ذلك التوقيت، خاصة وأنها الزيارة الثالثة خلال 4 أشهر، منذ أعلن حفتر في 4 أبريل الماضي الهجوم على عاصمة بلاده طرابلس، بحجة تطهيرها مما أسماه الميليشيات المسلحة، رغم أنها مقر الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، كلا الرجلين مجرم حرب، الأول -حميدتي- قائد ميليشيا الجنجويد المتهمة دولياً بارتكاب مجازر ضد الأهالي في دارفور عامي 2014 و2015، ويقودهم تحت مسمى جديد «قوات الدعم السريع»، وفي غفلة من الزمن ولحسابات نظام البشير حصل على رتبة فريق أول، رغم أنه لم يخدم يوماً في الجيش السوداني، وقواته متهمة بارتكاب مجازر في فض اعتصام الثوار أمام مقر رئاسة الأركان، وفي أم درمان والأبيض، والبقية تأتي، ولكنه للأسف يمثل خيارات جهات عديدة من بينها مصر، التي يزورها أول مرة ليكون رقماً صعباً في المعادلة السودانية، وقد يكون رئيساً للسودان بعد أن يخلع لبسه العسكري في أي مرحلة مقبلة، والثاني -حفتر- الذي أربك وجوده في المشهد السياسي منذ عام 2014 الأوضاع السياسية المرتبكة أصلاً في ليبيا، ولكنه أيضاً يمثل رأس حربة في إجهاض مشروع الدولة المدنية في ليبيا، وقطف ثمار ثورة فبراير 2011.


ويبقى السؤال: ماذا جرى في الزيارتين؟ وبعيداً عن البيانات الرسمية التي خرجت من مصر والسودان، التي أشارت حسب المتحدث الرئاسي المصري إلى أن الرئيس السيسي أكد على الموقف الثابت لمصر تجاه دعم استقرار وأمن السودان، موضحاً «أن نائب رئيس المجلس العسكري السوداني استعرض تطورات الموقف الحالي في السودان»، إلا أن تقارير عديدة أكدت أن وراء الزيارة الاطلاع على حجم المعلومات الأمنية التي تملكها مصر، والتي ساعدت المجلس العسكري في إجهاض 4 محاولات لانقلابات عسكرية، أخطرها الأخير والذي قاده رئيس الأركان السابق الفريق أول هاشم عبدالمطلب أحمد، وعدد من ضباط القوات المسلحة وجهاز الأمن والمخابرات الوطني، كما أنها تهدف إلى تعزيز دور المجلس العسكري عربياً من خلال بوابة القاهرة، إلا أن المعلومات التي توافرت حول مناقشات تتعلق بالموقف من سد النهضة، أو الإسراع بمشروعات مشتركة مثل الربط الكهربائي، تثير تساؤلاً مهماً: بأي صفة تتم مناقشة مثل هذه القضية مع حميدتي؟ وهو جزء من مجلس عسكري ينتهي وجوده في السلطة -وفقاً للاتفاق- بنهاية المرحلة الانتقالية، وخلالها يكون هناك وزارة مدنية ومجلس سيادي بالمشاركة بين العسكريين وقوى الحرية والتغيير، يتولى مثل هذه القضايا.


ويبدو الاجتهاد في تفسير زيارة حفتر سهلاً مع رصد الزيارات السابقة، الأولى في أبريل الماضي والثانية في مايو، فالرجل يعاني بشدة من فشل مشروعه التخريبي منذ أبريل الماضي في اقتحام العاصمة طرابلس، والذي يعاني من إخفاقات وهزائم الواحدة تلو الأخرى، آخرها في مدينة غريان، ومحاولته الفاشلة للدخول إلى مصراتة وجرائمه الأخيرة في مرزق، وهو يحاول أن يبحث عن أي مساعدة عسكرية أو دعم سياسي من القاهرة، التي قد تمثل له ولمشروعه البائس طوق نجاة، خاصة وهذا هو الأخطر، ما تم الكشف عنه من إمكانية مشاركة عدد من قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي في القتال مع حفتر، وهو ما يمثل رابطاً موضوعياً بين الزيارتين للعاصمة المصرية، ويضاف إليه مغزى آخر وهو الاتصال الذي تم بين الرئيس المصري والفرنسي ماكرون، والأخير أحد أهم الداعمين لحفتر بحثاً عن مصالح بلاده، حيث تمت مناقشة -وفقاً لبيان الإليزيه- الوضع في ليبيا، بهدف دعم خطة الأمم المتحدة الرامية لإرساء وقف لإطلاق النار في المستقبل القريب، واستئناف الحوار بين رئيس الوزراء فايز السراج وحفتر على أساس اتفاق أبوظبي. كل المحاولات تجري للبحث عن مخرج، بعد فشل مشروع حفتر سواء بتوفير الدعم العسكري من قوات الدعم السريع، وهي محكوم عليها بالفشل، أو السياسي بالعودة إلى طاولة المفاوضات.

 

عن صحيفة العرب القطرية

0
التعليقات (0)