ملفات وتقارير

من هو الرابح والخاسر في اتفاق أمريكا وطالبان؟

قالت واشنطن إن مفاوضين أمريكيين وحركة طالبان بصدد التوصل إلى اتفاق من شأنه أن يحد من القتال في أفغانستان- جيتي
قالت واشنطن إن مفاوضين أمريكيين وحركة طالبان بصدد التوصل إلى اتفاق من شأنه أن يحد من القتال في أفغانستان- جيتي

بعد حرب امتدت 18 عاما بين الولايات المتحدة الأمريكية وحركة طالبان الأفغانية، يقترب الطرفان من إنجاز اتفاق وصف بالتاريخي.

وبحسب تقارير صحفية، فإن "المفاوضات بين الجانبين توصلت إلى اتفاق على مرحلة انتقالية مدتها 14 شهرا، ومن المتوقع أن يتضمن الاتفاق سحب القوات الأمريكية المتواجدة في أفغانستان وفق جدول زمني، ووقف النار بين الطرفين، والتوصل إلى اتفاق رسمي في غضون الأيام القادمة".

ويشير الكاتب والإعلامي السوري، الخبير في الشؤون الأفغانية، أحمد موفق زيدان، إلى أنه "لم يعد بمقدور أمريكا تقديم أكثر مما قدمته في أطول حرب تخوضها خارج حدودها، بعد سحب الرئيس الأمريكي السابق أوباما قواته ثم إعادتها، وبعد تعهد الرئيس الحالي ترامب، لكنه لم ينفذ ما تعهد به".

وأضاف زيدان: "لكن الأهم بعد الانسحاب الأمريكي هو أن الفراغ الذي سيخلفه رحيل القوات الأمريكية سيكون مدمرا لكل من الهند وإيران، فالأولى تدرك كيف انتعشت قوى الحرية والجهادية الكشميرية بعد انسحاب السوفييت من أفغانستان عام 1989، ولعل ما جرى في كشمير وضمها للهند أخيرا له علاقة بالأمر، إذ تخشى الهند أن تنتعش الجماعات الجهادية مجددا بعد انسحاب القوات الأمريكية".

وتابع حديثه لـ"عربي21" بالقول: "أما إيران، فإن الحكومة الأفغانية في عمقها معروفة بولائها لإيران وتأثير الأخيرة عليها، وبالتالي فإن هذا سيضعها في مواجهة مع طالبان قد تتطور لمواجهة مسلحة يستدعي ذلك سحب مليشيات (فاطميون وزينبيون) من سوريا، ما سيؤثر على الحضور الإيراني في الشام، لمواجهة عدو على حدودها لطالما شكل تهديدا استراتيجيا لها منذ الغزنويين والأبداليين، والآن الطالبان".

ورأى زيدان أنه من الصعب تحديد من الخاسر ومن الرابح من وراء هذا الاتفاق، "فهو لا يزال غامضا، وكثير من الاتفاقيات تكون بنودها السرية أكثر من العلنية، ومع الأيام والوقت تتضح البنود السرية من خلال تطبيقاتها وتجلياتها على أرض الواقع، وبالتالي فإن التفاصيل والتطبيقات هي التي ستحدد من الرابح ومن الخاسر".

وأردف: "لكن بالمجمل، فالرابح هو الشعب الأفغاني الذي عانى بما فيه الكفاية طوال العقود الماضية، وتحديدا خلال 18 عاما الماضية من الحرب الأمريكية عليه"، مضيفا: "طالبان في تقديري لم تخضع للشروط، فكل الشروط المعلنة حتى الآن هي تعهد طالبان بمنع تنظيم القاعدة من استخدام أراضيها، والكل يعلم أن القاعدة انتهت، ومشروعها انتهى بعد انطلاق الربيع العربي، وكذلك بعد رحيل زعيمها أسامة بن لادن".

من جهته، قال الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، مروان شحادة، إنه "من الواضح أن أمريكا تسعى لإنهاء تواجدها العسكري في أفغانستان بعد 18 عاما من تواجدها هناك، الذي كلفها مليارات الدولارات، والكثير من القتلى والجرحى، وقد اضطرت للتفاوض مع حركة طالبان، التي أثبتت عبر عقدين من الصراع معها بأنها حركة إسلامية وطنية مقاومة للاحتلال، ولم تندمج في الجهادية العالمية لمواجهة أمريكا".

وأرجع شحادة سعي أمريكا لخوض مفاوضات مع طالبان، والتوصل إلى اتفاق معها، إلى "بحث أمريكا عن ضمان خروج آمن لقواتها من أفغانستان، والموافقة على بقاء قاعدة أو أكثر للقوات الأمريكية، لمراقبة الوضع بعد الفترة الانتقالية، وللمحافظة على توازن القوى والمصالح الأمريكية في المنطقة".

ورأى شحادة في حديثه لـ"عربي21" أن "موافقة الأمريكان على خوض مفاوضات مع طالبان يعتبر مؤشرا قويا على أن الحركة استطاعت عبر صمودها طويل الأمد فرض نفسها من الناحية العسكرية والأمنية والسياسية على المجتمع المحلي، وعلى قوات التحالف الدولية".

ولم يستبعد شحادة أن تُغير حركة طالبان "بعض مواقفها وآرائها المتشددة في عدة قضايا وأحكام، في حال كان هذا التغيير يصب في صالح وصولها إلى الحكم، والسيطرة التامة على أفغانستان".

ولفت شحادة إلى أن حركة طالبان تُعد طرفا رابحا في هذا الاتفاق، "وهو يكلل نجاحها في الصمود لفترة طويلة في مقارعة الاحتلال وحلفائه من الحكومة الأفغانية التي فرضتها ظروف الاحتلال".

وأبدى شحادة في ختام حديثه تخوفه من "إمكانية فشل هذه الاتفاق مع انتهاء الفترة الانتقالية في حال أخلّ أحد الطرفين بشروطه، وهذا متوقع؛ بسبب عدم مصداقية الطرف الأمريكي، وعدم احترامه للاتفاقيات التي يوقعها، خاصة الإدارة الحالية".

 

اقرأ أيضا: واشنطن: نقترب من إبرام اتفاق مع طالبان في أفغانستان

التعليقات (3)
جواد منير
الثلاثاء، 03-09-2019 07:59 ص
كانت أمريكا تطالب طالبان أن تحارب القاعدة وحدها بعد مهاجمتها أمريكا, طالبان لم تقبل, أمريكا هاجتمها و تم تدمير و مقتل الأفغان و هم مسلمون. رضخت طالبان الـأن لأمريكا وقبلت أن تحارب كل الحركات الجهادية في أفغانستان من أجل عيون أمريكا وأن تقبل تقاسم السلطة مع الأخرين. أمريكا كسبت في الأخر وإن لم تحب طالبان, وطالبان رجعت بقوة أقل من ذي قبل بعد أن خسرت كامل سلطتها في 2001. طالبان كانت تستطيع أن تحافظ على سلطتها الكاملة و أن تتقوى اكثر لو كانت تعرف السياسة ولكنها اتخذت قرارات طائشته وتسببت في الدمار للشعب الأفغاني الذي ائتمنهم السلطة و قتلت الألاف من الناس في عملياتها الانتحارية. الخاسر الحقيقي هو الشعب الأفغاني.
الانسحاب
الإثنين، 02-09-2019 11:48 م
التوصل إلى إتفاق بين طالبان و الولايات المتحدة تتوقف بموجبه القوات الأمريكية عن مهاجمة طالبان ، و عن شن الضربات الجوية عليها مقابل توقف طالبان عن قتال القوات الأمريكية ، و عن شن الهجمات الداخلية على الجنود الأمريكيين وغيرهم من الأجانب هو خطوة كبيرة على طريق الانسحاب الكامل للقوات الأمريكية من أفغانستان ، إن لم يكن عمليا انسحابا فعليا للولايات المتحدة من القتال الدائر فى أفغانستان بين طالبان و النظام الموالى لواشنطن فى كابل ! فانسحاب نحو 50 بالمئة من القوات الأمريكية من أفغانستان - تمثل القوة الضاربة للجيش الأمريكى فى البلاد - بموجب ذلك الإتفاق كفيل بتغيير موازين القوى فى القتال الدائر بين طالبان و نظام كابل العميل ، و استعادة طالبان السيطرة على ما لا يقل عن 90 بالمئة من أراضى أفغانستان - بإذن الله - خلال وقت قياسى من دخول ذلك الإتفاق حيز التنفيذ ! فقوات نظام كابل العميل لن تصمد على الأرض فى مواجهة هجمات طالبان دون غطاء جوى أمريكى ، و ستفر مذعورة من مواقعها طلبا للنجاة من الموت أو الأسر على يد المجاهدين ! بينما ستتخلى واشنطن عن نظام كابل ، و إدارة رئيسه " أشرف غنى " متهمة إياها بالفساد ، و سوء إدارتها للبلاد ! و ستبرهن إدارة ترامب للرأى العام الأمريكى أن استعادة طالبان للسيطرة على أراضى البلاد بعد توقيع ذلك الإتفاق ، لم يتسبب فى استئناف القاعدة لهجماتها للعمق الأمريكى كما حدث فى هجمات 11 سبتمبر / أيلول عام 2001 م ، و أن انسحاب ما تبقى من القوات الأمريكية فى أفغانستان صار أمرا آمنا ، لوقف استنزاف الاقتصاد الأمريكى ، و التفرغ لمواجهة طموحات روسيا التوسعية !
غدر الذئاب
الإثنين، 02-09-2019 10:06 م
من يأمن غدر الذئاب فعليه ان لا يبكي فقدان اغنامه