كتاب عربي 21

مطاردو "الإسلام السياسي" في حالة إحباط.. لماذا؟

ياسر الزعاترة
1300x600
1300x600

خلال سبع سنوات ماضية، دفعت أطراف معروفة عشرات المليارات من الدولارات في سياق مطاردة ما يعرف بقوى "الإسلام السياسي"، لكن نتائج هذه المطاردة تبدو محبطة إلى حد كبير.


يحدث ذلك لسببين أساسيين؛ أولهما يتعلق بنتائج المطاردة، بينما يتعلق الثاني باكتشاف عبثيتها من الأساس.


من حيث النتائج، لم يحصد مطاردو "الإسلام السياسي" الكثير على صعيد حذف قواه من الساحة السياسية، فهي لا تزال تحصد ذات النسبة تقريبا من أصوات الجمهور في ظل انتخابات أو استطلاعات تختلط فيها المناطقية بالمصالح والأيديولوجيا. ولا يتعلق الأمر فقط بتصدر حركة "النهضة" للانتخابات التونسية مؤخرا، وإنما يتعلق بعدد كبير من الجولات الانتخابية، بكل ألوانها النيابية والنقابية والطلابية في عدد كبير من الدولة العربية.


أي أن النتيجة، وإن حدث قليل من التراجع، إلا أنها لا تبتعد كثيرا عن النتائج السابقة، دون إنكار بعض النتائج على صعيد محاربة التدين نفسه الذي رآه أولئك حاضنة لـ"الإسلام السياسي"، وهذا التراجع لا يتعلق بنجاحها، وإنما بحالة الإحباط التي سادت نسبيا بعد ربيع العرب، مع ضرورة الانتباه إلى أن مساعي مطاردة "الإسلام السياسي"، عبر مطاردة حاضنته الشعبية ممثلة في التدين والمتدينين، ينبغي أن تحظى بكثير من الاهتمام، لأن النتائج على هذا الصعيد غالبا ما تكون متدرجة، وليست سريعة؛ شأنها شأن الظواهر الاجتماعية.

 

لم يحصد مطاردو "الإسلام السياسي" الكثير على صعيد حذف قواه من الساحة السياسية، فهي لا تزال تحصد ذات النسبة تقريبا من أصوات الجمهور


قد يقول البعض إن مطاردي "الإسلام السياسي"، وهم أنفسهم تيار الثورة المضادة قد حققوا إنجازا تاريخيا بضرب ربيع العرب في حاضنته الأهم (مصر)، ثم ضربوه تاليا في ليبيا، وربما اليمن أيضا، فضلا عن سوريا التي تولتها إيران، وإن ساهمت ذات القوى في نزيفها أيضا.

 

وقد يكون ذلك صحيحا من زاوية، لكنه ليس كذلك من زاوية أخرى، إذ أن الحرب على ربيع العرب ومخرجاته لم تكن متعلقة بهويته الأيديولوجية، بل بمنطقه السياسي ممثلا في الإصلاح والتغيير، بدليل أن الهجمة طالت كل المؤمنين بخيار الحرية والتغيير، وليس الإسلاميين منهم فقط، كما حدث في مصر.

 

وحين تكون الحاجة ماسّة لغير ذلك، يتغير المشهد، بدليل أن "تجمع الإصلاح" في اليمن المحسوب على الإسلام السياسي لم يتعرض لذات الحرب، وإن دخل في إطار التحجيم تبعا للحاجة إليه في مواجهة الحوثي.

 

جولات أخرى ستتوالى تباعا حتى تحقق الجماهير مطالبها في الحرية والتحرر والاستقلال والكرامة والعدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد


والخلاصة أن نتيجة المطاردة لا تتوافق وحجم ما بُذل فيها من أموال ومجهودات، وحيث لا يزال الإسلاميون هم الخيار الأقرب لنسبة معتبرة من الجماهير العربية كلما طُلب منها الذهاب إلى صناديق الاقتراع.


السبب الثاني كما ذكرنا من قبل يتعلق باكتشاف عبثية المطاردة، إذ ها هي كل الاحتجاجات التالية على احتفالات قوى الثورة المضادة، ومطاردي "الإسلام السياسي" بالانتصار، لا زالت تقول إن قضية ربيع العرب لا صلة لها بالدين والتدين، بل بمطالب مشروعة للجماهير، وهي ستتواصل ما لم تتحقق تلك المطالب، سواء حضرت قوى الإسلام السياسي أم غابت، بدليل أن الثورة في السودان كانت بنكهة مضادة للإسلاميين، فيما كانت الأخريات في الجزائر ولبنان (الحراك المصري الذي دعا له محمد علي أيضا) بنكهة عادية مطلبية.


هكذا تتأكد النظرية التي تحدثنا عنها مرارا، وأشار إليها كثيرون ممثلة في أن ربيع العرب لم يُهزم، وأن جولات أخرى ستتوالى تباعا حتى تحقق الجماهير مطالبها في الحرية والتحرر والاستقلال والكرامة والعدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد، ولن يكون أمام أولئك الذين دفعوا المليارات واحتفلوا بالانتصار غير الاستجابة لتلك المطالب، والأفضل لهم أن يلتقوا مع الجماهير في منتصف الطريق، بدل أن يدفعوها دفعا نحو مزيد من التطرف في المطالب؛ وفي أساليب التغيير أيضا.

2
التعليقات (2)
معتز نويرة
الإثنين، 28-10-2019 06:56 ص
الفساد موجود في العلماني و اصحاب رايات الاسلام السياسي على السواء ولكنه بأشكال متعددة، ولكن الغباء و عدم القدرة على التعلم صفة متلازمة مع معظم اقطاب الاسلام السياسي.....الفساد في العلمانيين انهم عملاء لدول الاستعمار القديم و الصهيونية والنهب المستمر للأموال العامة بكل الطرق الممكنة، والفساد في اقطاب الاسلام السياسي اساسه عدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب وعدم دراسة التجارب السابقة وعدم الفهم السياسي و الاقتصادي بل و الاجتماعي للبلد وللعالم ولأن القيادة غبية و جاهلة و ارتجالية تتخذ وسوف تتخذ قرارات غبية تدمر الجماعة، وقد ادمنت هذه القيادة على تبني المظلومية وتقديم نفسها وجماعتها على مذابح الدكتاتورية على قاعدة ان الابتلاء و المحن والابادة لأبنائها هي من الأدلة على اخلاصها وصدق تبني المنهج.....اذا ما العمل؟.... العمل هو التخلص من كل القيادات الفاشلة سواء كان فشلها بسبب سوء نية او عن صدق نية ولا تنسى ايها الكاتب و لاينسى احد ان بعض هذه القيادات تسللت الى قمة اللاسلام السياسي من اجهزة مخابرات معادية،.... ثم دراسة التاريخ و الحاضر بعمق وان تترك التطلع للحكم وأن تجعل هدفها نشر الوعي والمدافعة عن المطالب الاجتماعية العادلة وان تعتبر نفسها جزء من الشعب وليس الشعب كله او نصفه....هذا في النهاية سيحقق لها مكانة في البلد
مصري جدا
الأحد، 27-10-2019 07:26 م
ولا ،،، الاسلام السياسي ،، يقصد به التيارات والأحزاب والكيانات والأشخاص التي تمارس السياسة والنضال السياسي السلمي على خلفية إسلامية ،، وأن كان البعض يعارض على هذا المسمى لكن ليس هذا موضوع التناول ،، ثاتيا ،،الاسلام السياسي ،،،هو احد المكونات الطبيعية للمشهد السياسي العام ضمن مكونات متنوعة ومتعددة في غالبية البلدان العربية والإسلامية وليس نشاز ولا بدعا من العمل العام ،،، ثالثا ،،، الاسلام السياسي هو أكثر التيارات السياسية شعبية وفقا الإحصاءات ونتائج الانتخابات في غالبية بلدان العرب والمسلمين مع اختلاف ها مش الحرية والديمقراطية المتاح لاعتبارات التاريخ والدين والتواجد والخدمات ،،،رابعا ،،، الاسلام السياسي له تجارب متنوعة بين النجاح والفشل تعود لنمط ادارة هذا الكيان لنفسه وعلاقاته وتحالفاته كما تعود لموقف الانظمة القمعية منه ،،،خامسا ،، تعرض الاسلام السياسي لهجوم شرس وحرب ضروس على مستوى العالم بعد الجولة الأولى للربيع العربي بدعم مالي ومخابراتي عربي صهيوخليجي مصري بمباركة أمريكية مدفوعة الثمن ،، مليارات الدولارات ،،، خوفا من تصدير ثورات الربيع العربي لدول الخليج بصفة خاصة وتزعم هذه الحرب الضروس الامارات والسعودية والمؤسسة العسكرية في مصر ،،، سادسا ،،، حقق المربع الصهيوخليجي المصري عدد من النجاحات في محاصرة الاسلام السياسي في مصر وليبيا واليمن والسودان وسوريا ،،، لكنها جولة أثبت الواقع انها ليست بالطويلة خاصة بعد بشائر الجولة الثانية للربيع العربي في الجزائر والسودان ومصر ولبنان ،،، سابعا ،،، أثبتت التجربة قصر عمر الثورات المضادة لاعتبارات مخالفتها السنن الكونية في التغيير وتصادمها مع طبيعة وثقافة الشعوب العربية واعتمادها القمع والتخويف والتضليل بل تحولت إلى القطة التي أكلت أولادها حين اعتقلت مؤيدي الأمس معارضي اليوم ،،، تاسعا ،،، فشلت قيادات الثورة المضادة في تحقيق المطالب الشعبية التي وعدت بها بل تورطت في قضايا فساد مالي وإداري وإنساني فضلا عن تفريطها في التراب الوطني والثروات الوطنية ،، السيسي والمؤسسة العسكرية نموذجا ،،، عاشرا ،،، الثورات المضادة تتراجع للخلف وقد خسرت الحاضنة الشعبية والنخبة المصلحية ولم تعد تملك إلا الآلة القمعية وهي إلى زوال ويبقى السؤال الاهم ،،، هل تعلمت المعارضة الوطنية خاصة الاسلام السياسي الدرس ام أننا في منطقة من العالم لا يتعلم أصحابها ،،،