قضايا وآراء

إسرائيل وتزوير التاريخ الفلسطيني

نبيل السهلي
1300x600
1300x600
تعتبر فلسطين من أغنى دول العالم من ناحية الآثار، حيث تتنافس مع مصر على المرتبة الأولى من حيث الاستحواذ على الآثار في الوطن العربي. وفلسطين من أكثر دول العالم التي مرت بها حضارات، حيث مرّ عليها 22 حضارة، وأولها الحضارة الكنعانية، ولا تزال هناك آثار ماثلة للعيان حتى يومنا هذا.

وقد اهتمت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ عام 1948 بالآثار الفلسطينية الدالة على عروبة فلسطين وهويتها الحقيقية. وقد تم تشكيل لجان من علماء الآثار الإسرائيليين بغية البحث الأركيولوجي في كافة أماكن فلسطين التي أنشئت عليها إسرائيل في الخامس عشر من أيار/ مايو من عام 1948، وكان الهدف من وراء ذلك تزوير التاريخ عبر تزوير الآثار الفلسطينية وإعطاء صبغة يهودية لها. ولم تسلم الأوابد التاريخية في المدن الفلسطينية الرئيسية، مثل عكا ويافا والقدس وطبريا، من الإجراءات الإسرائيلية لجهة تهويدها عبر تزوير الكتابات على جدران تلك الأوابد.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل حاولت إسرائيل عبر مؤسساتها المختلفة تهويد الأزياء الفلسطينية، سواء تلك المتعلقة بلباس المرأة أو الرجل، من خلال عمليات سرقة وتزوير ممنهجة.‏

حقائق ومعطيات

تحتضن فلسطين إرثا تراثيا وتاريخيا يعود تاريخه لآلاف السنين، لكنها تتعرض لسرقة من قبل الاحتلال الإسرائيلي و"مافيات" بيع الآثار والتراث والتاريخ الذي لا يثمن؛ لقاء مبالغ من المال، في وقت تتحرك العديد من الجهات الفلسطينية وتطلق الصرخة لحماية الإرث والتاريخ والحضارة.

وفي هذا الإطار، تشير الدراسات أيضا إلى وجود أكثر من 3300 موقع أثري في الضفة الغربية، وثمة عدد من الباحثين يؤكدون أنه في كل نصف كيلومتر من مساحة فلسطين يوجد موقع أثري ذو دلالة على الهوية الحقيقية لفلسطين.‏

ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى الآثار المدمرة للجدار الإسرائيلي على مستقبل الآثار والأوابد الفلسطينية، حيث ستؤدي عملية الاستمرار في بناء الجدار العازل في عمق أراضي الضفة الغربية في نهاية المطاف؛ إلى ضم أكثر من 50 في المئة من مساحة الضفة الفلسطينية بشكل مباشر، كما سيضم ما يزيد عن 270 موقعا أثريا رئيسيا من جهة أخرى، هذا فضلا عن 2000 معلم أثري وتاريخي، إلى جانب عشرات المواقع الأثرية والأوابد التاريخية التي تم تدميرها في مسار بناء جدار الفصل العنصري خلال المراحل السابقة.‏

إسرائيل وسرقة الآثار

من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن إسرائيل شاركت بمعارض دولية، وعرضت فيها أزياء ومأكولات فلسطينية على أنها أزياء إسرائيلية، وذلك رغم أنها جزء من هوية الشعب الفلسطيني. ولم تتوقف إسرائيل بعد احتلالها للضفة والقطاع في الخامس من حزيران/ يونيو من عام 1967 عن سياساتها الرامية إلى سرقة الآثار الفلسطينية ومحاولات تهويدها، على طريق تهويد الزمان والمكان في نهاية المطاف.‏

وفي هذا السياق، تشير الدراسات المتخصصة بالآثار الفلسطينية إلى أن الآثار في الضفة الفلسطينية تتعرض منذ عام 1967 لمزيد من عمليات السرقة والبيع من قبل إسرائيل. وقد تفاقمت تلك الظاهرة بعد انطلاقة انتفاضة الأقصى في نهاية شهر أيلول/ سبتمبر 2000.

وأشارت دائرة الآثار والتراث الثقافي الفلسطيني التابعة للسلطة الفلسطينية؛ إلى تعرّض ما يزيد عن 500 موقع أثري وأكثر من 1500 معلم أثري فرعي للسرقة والتدمير من قبل لصوص الآثار والاحتلال الإسرائيلي، إلى جانب تعرض عدد من مراكز القرى التاريخية لأعمال التدمير الكلي أو الجزئي. كما أكدت تلك الدائرة أن الآثار والتراث الفلسطيني يواجهان مخاطر كبيرة نتيجة استفحال ظاهرة السرقة والاتجار، وهو ما يهدد باستنزاف الموارد الثقافية والاقتصادية لفلسطين.

وتشير الدراسات الفلسطينية إلى أن من أسباب هذه الوضعية انهيار نظام الحماية في المناطق الفلسطينية بفعل السيطرة الإسرائيلية عليها، وبالتالي وقوعها تحت إدارة الاحتلال المباشرة، هذا فضلاً عن أعمال التدمير التي يقوم بها جيش الاحتلال لمواقع التراث الثقافي كما جرى في القدس ونابلس والخليل وبيت لحم، وغيرها من المواقع الأثرية في المدن والقرى الفلسطينية المختلفة.‏

سبل المواجهة

تعتبر عملية التصدي لتوسع وانتشار ظاهرة سرقة الآثار والاعتداء على المواقع الأثرية الفلسطينية؛ من أكبر التحديات التي تواجه الفلسطينيين للحفاظ على إرثهم الحضاري المهدد بالتهويد وفق سياسات إسرائيلية مبرمجة، الأمر الذي يتطلب نشر وعي ثقافي مجتمعي فلسطيني، من خلال إعلانات وندوات علمية وتوعوية في كافة المراحل الدراسية لمواجهة التحدي الإسرائيلي الجديد القديم.

كما يتطلب الأمر توفير الإمكانيات المادية والمعنوية والإعلامية عبر برنامج وطني عاجل لمواجهة هذه الظاهرة، خصوصاً من خلال التوعية والتثقيف والتربية والتنسيق على المستوى المحلي الفلسطيني والإقليمي والدولي لمكافحة هذه الظاهرة. وقد يعزز هذا التوجه عضوية فلسطين الكاملة في العديد من المنظمات الدولية ذات الصلة، وعلى رأسها اليونسكو.

ومن المفيد نشر دراسات عربية وفلسطينية بلغات أجنبية مختلفة؛ لشرح المخاطر الإسرائيلية التي تهدد الآثار الفلسطينية الدالة على الهوية العربية للمدن والقرى الفلسطينية.‏

ويشار إلى أن الباحثين الفلسطينيين في مجال التاريخ يؤكدون أن الآثار الفلسطينية تشكل ثروة كبيرة، وتمثل في ذات الوقت جزءا هاما من الاقتصاد الوطني الفلسطيني، وخاصة أن أساسها التنوع الحضاري الذي يعود إلى آلاف السنين.
التعليقات (1)
محمد قذيفه
الثلاثاء، 05-11-2019 08:17 ص
قتلت الفلسطيني بعد أن سرقت منه أرضه وهاهي تسرق الآثار مثل السارق الذي يمحو كل مايدينه (لعن الذين كفروا من بني اسرائيل على لسان داوود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ) القرآن لعنهم لم يسلم من تزويرهم حتى كتابهم المقدس التوراة لكن المطبعين معهم سيندمون ولا ت ساعة ندم