ملفات وتقارير

دعاية مضادة للحراك الشعبي بالجزائر.. هل تُقنع الناخبين؟

الجزائر شهدت مظاهرات تدعم قيادة الجيش وتدعو لإجراء الانتخابات- جيتي
الجزائر شهدت مظاهرات تدعم قيادة الجيش وتدعو لإجراء الانتخابات- جيتي

منذ الفاتح من تشرين الأول/ نوفمبر الذي شهد مظاهرة حاشدة في الجزائر العاصمة رفضا لتنظيم الانتخابات، دأب التلفزيون الرسمي في البلاد على إظهار صور لمسيرات تدعم قيادة الجيش وتحث على الذهاب للانتخابات.


ويظهر في هذه المسيرات بعض الشباب وكبار السن ومريدي الزوايا، وهم يحملون لافتات مكتوب عليها عبارة مساندة لرئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، ويرددون شعارات تدعو للمشاركة في الانتخابات، وتحذر من الفراغ الدستوري ومن مؤامرة تستهدف الجزائر، على حد وصفهم.


وأظهر التلفزيون الرسمي أحد المشاركين وهو يقول في ولاية سطيف شرق البلاد: "نعلن دعمنا المطلق للجيش وقيادة الأركان في محاربة الفساد والمفسدين، ونؤكد أنه لا مخرج للجزائر إلا بمؤسساتها القوية، ولا بد أن نذهب للانتخابات حتى نقص الطريق أمام المغامرين والمشككين".


وقال آخر من ولاية بسكرة جنوب شرق البلاد، "إن هذه المسيرة تعد واجبا شرعيا لدعم المؤسسة العسكرية التي أثبت الزمان أنها تسعى لإيصال البلاد إلى بر الأمان في إطار الدستور، عبر سبيل الانتخابات.
وظهر أحد أحيان ولاية تمنراست في أقصى جنوب البلاد، وهو يشيد بقوة بقائد الجيش ويدعو للانتخاب.
وبهذه الطريقة، تتكرر المشاهد نفسها في مختلف الولايات عبر مختلف نشرات التلفزيون الجزائري، مع تخصيص حجم زمني كبير لها يصل إلى عشرين دقيقة.

 

اقرأ أيضا: أحكام بسجن محتجين بالجزائر ومظاهرة طلابية بالعاصمة (شاهد)

ولم تلق هذه الطريقة في الدعاية للانتخابات، الإجماع حتى لدى المنخرطين في العملية الانتخابية، إذ ظهرت عدة انتقادات حول شكلها وأسلوب الترويج لها.
وأوضح عبد الرزاق دريش، وهو أحد داعمي المرشح علي بن فليس، أن هذه المسيرات تعبر عن مخاوف لدى السلطة من العزوف الانتخابي الذي قد يعصف بمصداقيتها أمام الهيئات الدولية، خصوصا بعد إلغاء انتخابات لمرتين متتاليتين.


وأبرز دريش في حديثه لـ"عربي21"، أن ما يشوه هذه المسيرات بغض النظر عن إيمانه بضرورة إجراء الانتخابات، هو اعتمادها في الأساس على بعض المستفيدين من الريع في العهدات السابقة، وهو ما يضر فكرة الدعاية للانتخاب أكثر ما ينفعها في تقديره.


ويدافع دريش بقوة عن تنظيم الانتخابات، لأن الجزائريين كما يقول ليس لهم خيار هذه المرة، فالبلاد تُواجه خطرا كبيرا يجعل من انتخاب رئيس حتى ولو كان بشرعية منقوصة أحسن من البقاء في هذا الفراغ في وقت تتعاظم فيه الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.


"أسلوب قديم"

 
وتثير من جانب آخر، هذه المسيرات التي ظهرت فجأة لدعم الانتخابات، تساؤلات عمن يقف وراءها، خصوصا أن عدد المشاركين فيها قليل ولا يؤدي الغرض المطلوب بإظهار تأييد شعبي كبير للانتخابات.
وقال الكاتب الصحفي، عثمان لحياني، إنه لا يوجد شك في أن السلطة هي من يقف وراء هذه المسيرات، لغايات معلومة هدفها مواجهة التيار الشعبي الكبير الرافض لتنظيم الانتخابات.


ويشبه لحياني في تصريح لـ"عربي 21"، ما يحدث اليوم بنفس ما كان سنة 1995، عندما طرح عقلاء سياسيون حلا للأزمة التي كان مظهرها في ذلك الوقت الإرهاب، وأصرت السلطة بالمقابل على تنظيم الانتخابات وإطلاق حملة تشويه ضد من يرفضها.


وأضاف المتحدث شارحا فكرته: " في سنة 1995 أي بعد 3 سنوات من وقف المسار الانتخابي، اجتمع زعماء سياسيون في سانتيجديو بروما لأنه لم يكن ممكنا أن تحضر قيادات في الجبهة الإسلامية للانتخابات الفائزة في الانتخابات في اجتماع بالجزائر، وخرجوا بما يسمى عقد روما الذي يقترح حلا سياسيا للأزمة".


لكن السلطة، يتابع، رفضت ذلك تماما وحرضت بقوة ضد هؤلاء العقلاء الذين كان يظهر منه الزعيمان عبد الحميد مهري وحسين آيت أحمد، فخرج ما يسمى بـ"المسيرات العفوية" التي تتهم من شارك في سانتيجيدو بالخيانة.

 

اقرأ أيضا: احتدام الجدل بالجزائر بين مؤيدي انتخابات الرئاسة ورافضيها

واليوم يتكرر نفس المشهد، وفق لحياني الذي عايش تلك المرحلة، إذ ثمة عقلاء طرحوا صيغا توافقية لحل الأزمة السياسية المترتبة عن الحراك الشعبي وتداعياته، لكن السلطة رفضتها وتريد أن تفرض بالقوة الانتخابات الرئاسية.


"جوانب عكسية"

 
غير أن المفارقة، ظهرت من جانب آخر في تعاطي الإعلام الرسمي مع الأحداث، فهو من جهة يقوم بعدم بث صور مسيرات الحراك الشعبي التي تعدُّ مئات الآلاف من المتظاهرين، بينما يُخصص وقتا طويلا للدعاية لمسيرات دعم الانتخابات.


وفي اعتقاد رضوان بوجمعة، أستاذ بكلية الإعلام والعلوم السياسية بجامعة الجزائر، فإن التلفزيون العمومي و بالطريقة التي يصور فيها هذه المظاهرات يسيء كثيرا للجيش وهو يعتقد أنه يخدمه.
وأوضح بوجمعة في حديثه مع "عربي 21"، أن طريقة تغطية هذه المسيرات، تعمل على شخصنة هذه المؤسسة وربطها بشخص قائد الأركان، وهذا ما يظهر في اللافتات التي يتم التركيز عليها، كما تظهر في تعليق صحفيي التلفزيون.


واستغرب الأستاذ الجامعي هذه المعالجة الإعلامية قائلا: "ما دخل مساندة الانتخاب و ظهور صور قائد الأركان، وهو غير مرشح فيها، و يقول ويؤكد أنه ليس له أي طموح سياسي".
وخلص بوجمعة إلى أن هذه الطريقة في التغطية قد تكون لها جوانب عكسية، بحيث قد تؤدي بالمترددين والمتوجسين ربما لأن يلتحقوا بالمسيرات الكبيرة الرافضة للاقتراع، أو على الأقل الإعراض عن الانتخابات.

التعليقات (1)
ناقد لا حاقد
الخميس، 14-11-2019 10:25 ص
نفس الدعاية التي قام بها بعض العبيد و القطيع من عصابة السيسي الذي جعل من مصر اضحوكة العالم بعدما مرغ انفها في وحل الذل و الديون ، فقر و بطالة و بؤس و اعتقال و قضبة امنية و عسكرية شديدة لم تشهدها حتى ايام مبارك على حد قول المصريين ، هؤلاء الذين يتم تصويرهم هم حفنة من العبيد و القطيع المغسولي الدماغ الغير القادرين و لا واعيين بمخاطر لعب الجيش لدور سياسي ، ثم قايد صالح الامي و المنتهي صلاحياته مهنيا و اخلاقيا و حتى انسانيا يريد نسخ التجربة المصرية في الجزائر مع بقاء الجيش في الخلف من اجل تحريك الدمى ، هؤلاء المرتزقة و الخونة المؤيدين لمسرحية ديسمبر سوف يكونون اول النادمين لان العسكر لن يرحم احدا و اذا عاد و شرعن لبقائه فانه سوف ينتقم من كل الشعب و ليس فقط من المعارضين ، الشعب رافض لقايد صالح و يرفض اي دور للمؤسسة العسكرية في الشأن السياسي من بعيد او من قريب لان الدستور الذين ينادون به صريح جدا في مواده حول دور الجيش في حماية الحدود و الدفاع عن السيادة الوطنية و الشعب هو مركز و مصدر السيادة و السلطة و الشعب رافض لفكرة انتخابات على شكل تعينات من قبل العصابات و من اوامر تأتي من الثكنات ، انها محاولة انقلاب و التفاف على الشعب و ارادته في التحرر و لا يمكن في اي حال من الاحوال الحديث عن مؤامرة لان ماحدث في تونس حدث في مصر سوريا ليبيا اليمن و الان في لبنان و العراق و الكل همه واحد تحرير البلاد و انقاذ العباد من رجس و نجاسة اركان الفساد سواء مدنيين او عسكرين ، المؤامرة الوحيدة هي من دولة المؤامرات اي الامارات التي تستهدف الشعوب و تسعى الى اركاعهم من خلال دعم انظمة القتل و الشر في المنطقة العربية