صحافة دولية

الغارديان: كيف بات أطراف النزاع الليبي يعتمدون على الدرون؟

الغارديان: أصبحت ليبيا ساحة المعركة الرئيسية لاستخدام الطائرات المسيرة- جيتي
الغارديان: أصبحت ليبيا ساحة المعركة الرئيسية لاستخدام الطائرات المسيرة- جيتي

نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا، أعده كل من دان صباغ وجيسون بيرك وبيثان ماكرنان، يتحدثون فيه عن "حرب الدرون" التي باتت تستخدم في النزاع الليبي الدموي. 

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن استخدام الطائرات المسيرة "الدرون" القاتلة، التي كانت سلاح الولايات المتحدة الوحيد، بات تتسبب بضحايا مدنيين بعدما تم تثوير صناعتها، ودخلت في أكثر من نزاع، واحد منها النزاع الليبي المستمر منذ عام 2011. 

 

ويلفت الكتّاب إلى أن ليبيا أصبحت ساحة المعركة الرئيسية، حيث يحاول كل طرف تأكيد تفوقه باستخدام طائرات درون، إما مصنوعة في الصين أو تركيا، فتلك المصنوعة في الصين تقدمها الإمارات العربية المتحدة للطرف الذي تدعمه وهو أمير الحرب خليفة حفتر، أما طائرات تركيا فتذهب إلى القوات الموالية لحكومة الوفاق في طرابلس. 

 

وتنقل الصحيفة عن كريس كول، الذي يدير مجموعة بحث في استخدام الطائرات المسيرة، قوله إن "ليبيا هي نقطة الصفر لحروب الدرون"، وأضاف: "هناك مجموعة معقدة من الدول التي تشارك فيها، ولا أحد يعرف بالتأكيد ما يعمله الطرف الآخر". 

 

ويفيد التقرير بأن هذه الحرب يشنها خليفة حفتر (76 عاما)، الذي يسيطر على بنغازي ومناطق الشرق ضد حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا منذ نيسان/ أبريل، للسيطرة على طرابلس، مشيرا إلى أنه سقط في هذه الحرب أكثر من ألف شخص، فيما أدت إلى هروب 120 ألف شخص، بحسب تقديرات الأمم المتحدة، التي قالت إن الحملة الأخيرة على طرابلس شهدت أكثر من 900 مهمة استخدمت فيها الطائرات المسيرة.

 

ويقول الكتّاب إنه زاد استخدام هذه الطائرات بعد المكاسب السريعة الأولى لحفتر، حيث توقفت قواته بسبب المقاومة الشديدة من المقاتلين الذين يدافعون عن طرابلس وحكومتها، وهو ما قاد إلى الاعتماد على القوة الجوية للحصول على مكاسب تكتيكية وتجنب خسائر بين المقاتلين. 

 

وتنوه الصحيفة إلى أن الإمارات ومصر والسعودية تدعم الجنرال حفتر، مشيرة إلى أن الإمارات تدير مجموعة من الطائرات المسيرة (وينغ لونغ) التي اشترتها من الصين بكلفة تتراوح ما بين مليون إلى مليوني دولار، وهو سعر زهيد مقارنة مع الطائرة الأمريكية المسيرة "ريبر"، التي تبلغ كلفة الواحدة منها 15 مليون دولار. 

 

ويذكر التقرير أن حكومة الوفاق الوطني تدعمها قطر والقوة الصاعدة في صناعة الدرون تركيا، التي قدمت إليها طائرة "بايركتار تي بي 2"، لافتا إلى أن 45 شخصا قتلوا في آب/ أغسطس، في قاعة بلدية في جنوب غرب ليبيا، حيث ألقي اللوم على حفتر والطائرات الصينية التي استخدمت لاستهداف المكان. 

 

ويفيد الكتّاب بأنه تم استخدام أسلوب "النقرتين" الذي طورته الولايات المتحدة في الهجوم، حيث تتبع الضربة الأولى ضربة ثانية بعد دقائق، ما يعني زيادة الضحايا، مشيرين إلى أن الأشخاص الذين هرعوا لمساعدة الجرحى كانوا أنفسهم ضحايا، وكانت حصيلة القتلى التي شملت على أطفال هي الأعلى منذ بداية الحرب الأهلية في عام 2011 بعد سقوط نظام معمر القذافي. 

 

وتورد الصحيفة نقلا عن الخبير في معهد كلينغيندال في لاهاي، جليل الحرشاوي، قوله إن حفتر تحول في الأشهر الأخيرة لاستخدام الطائرات المسيرة الرخيصة الثمن بعدما فقد الأمل في دخول طرابلس من خلال الحرب التقليدية، مشيرا إلى أن الحملة تهدف لتدمير معنويات أعدائه، وقال: "تؤدي الحرب الجوية دورا كبيرا والطائرات المسيرة مفيدة، وشاهدنا ميلا كبيرا لضرب الأهداف السهلة، وهناك تسامح مع قتل المدنيين، وإن كان ذلك بطريقة تدريجية، وفي غياب شجب دولي". 

 

ويشير التقرير إلى أن الأشهر الأخيرة شهدت حوادث صغيرة الحجم، بما فيها ضرب ناد قريب من مجمع للأمم المتحدة في طرابلس، في بداية تشرين الأول/ أكتوبر، ما أدى إلى جرح أطفال، لافتا إلى أن هذه الحوادث كلها اتهمت فيها قوات حفتر، التي استخدمت الدرون لتدمير الطائرات التركية الصنع على الأرض. 

 

ويجد الكتّاب أن ما يعقد الصورة هو قيام الولايات المتحدة باستخدام طائرات درون في بعض الأحيان لضرب الجماعات المرتبطة بتنظيم الدولة التي تنتشر في جنوب البلاد، مشيرين إلى أنه كشف في الفترة الأخيرة عن غارة قتلت 43 مقاتلا تم شنها من القواعد الأمريكية في إيطاليا والنيجر. 

 

وتنقل الصحيفة عن الطوارق الذين يعيشون في جنوب البلاد، قولهم إن الطائرات الأمريكية المسيرة قتلت 11 مدنيا، لكن واشنطن أكدت أن الهدف كان الإرهابيين، ونفت سقوط مدنيين.  

 

ويفيد التقرير بأن الطائرة التركية "بايركتار تي بي 2" أثبتت نجاعتها في الحرب التي تشنها تركيا ضد الانفصاليين الأكراد "بي بي كي" في جنوب شرق البلاد، التي انتقلت إلى ملاحقتهم في العراق وسوريا، مشيرا إلى أن هذا النجاح حول تركيا إلى مصدر للدرون المتوسطة الحجم، ما لبى حاجة السوق؛ لأن الولايات المتحدة غير مستعدة لبيعها للدول التي تشهد نزاعا في الشرق الأوسط. 

 

ويكشف الكتّاب عن أن حكومة الوفاق الوطني اشترت 20 طائرة مسيرة من تركيا، بالإضافة إلى أن أنقرة عقدت أيضا في عام 2018 صفقة مع قطر لبيعها ست طائرات تي بي2، وباعت هذا العام 12 إلى أوكرانيا، مشيرين إلى قول المحللين إن النزاع في ليبيا استمر بسبب دخول الطائرات المسيرة غير المكلفة إلى ساحة الحرب.

 

وتنقل الصحيفة عن جينفر غيبسون من منظمة حقوق الإنسان "ريبريف"، قولها إن التاريخ السري حول الدرون، واستخدام الأمريكيين، خلقا جوا لا أخلاقيا لاستخدامها، "لا يشعر من يستخدمها اليوم أنهم تحت ضغط الاعتراف بأنهم استخدموها لأن هناك سابقة موجودة". 

 

ويكشف التقرير عن أن تركيا استفادت في تطوير تكنولوجيا الطائرات المسيرة من مصنع في برايتون في بريطانيا، ما جعلها ثاني أكبر منتج للطائرات المسيرة في العالم، مشيرا إلى أن تركيا استخدمت التكنولوجيا لملاحقة مقاتلي حزب العمال الكردستاني، بالإضافة إلى قتل خمسة منهم على الحدود مع العراق، في تقليد للغارات التي شنتها الولايات المتحدة على المناطق الحدودية في باكستان والصومال وليبيا واليمن. 

 

ويستدرك الكتّاب بأن قدرة الشركة التركية على إنتاج الطائرات لم تكن لتتم لولا التعاون مع شركة "إيدو أم بي أم تكنولوجي" في برايتون، لافتين إلى أنه مع أن تركيا قامت لاحقا بتطوير صواريخها الخاصة، لكنها اليوم تملك أسطولا من الطائرات المسيرة مكونا من 86 طائرة.  

 

وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى قول كريس كول من "حروب الدرون": "ما نراه هو تحول دول مثل تركيا إلى لاعب مهم في استخدام الدرون"، فيما باتت اليوم الساحة مليئة بالدول التي تصنعها مثل الصين وتركيا.

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)