ملفات وتقارير

جامعة بيرزيت.. الإدارة ترفض "العسكرة" والطلبة يردّون

جامعة بيرزيت تخشى استغلال الاحتلال مظاهر العسكرة لنيل منها- تويتر
جامعة بيرزيت تخشى استغلال الاحتلال مظاهر العسكرة لنيل منها- تويتر

أزمة جديدة اشتعلت، الأربعاء الماضي، بأروقة جامعة بيرزيت الواقعة إلى الشمال من مدينة رام الله، بين إدارتها وحركتها الطلابية، لكنها لم تتمحور حول الأقساط الجامعية أو غيرها من الأمور الأكاديمية التي عادة ما تُغلق أبواب الجامعة حتى حلها.

بيان رسمي من إدارة الجامعة تضمن منعا باتا لما أسمته "مظاهر العسكرة" داخل حرمها، كان كفيلا بأن يشعل غضب الحركة الطلابية التي تشكل في مجموعها أذرعا طلابية لحركات سياسية حاضرة في الشارع الفلسطيني، فالإدارة اعتبرت أن "أي احتفالات وطنية لأي من الكتل الطلابية يجب ألا تحتوي على عروض بطابع عسكري، وعدم حمل مجسمات لصواريخ وأسلحة أخرى ووجود طلبة ملثمين فيها".

رد الطلبة كان بإقامة عرض موحد يتصدره ملثمون من مختلف الكتل يرفعون صورا لقادة شهداء من مختلف الأطياف، الذين رأوا بأن بيان الجامعة جاء بعد أيام قليلة من نشر الاحتلال مقطع مصور يُحرّض فيه على جامعة بيرزيت، ويتهم الطلبة باستخدام صرح علمي في نشاطات "إرهابية"، في إشارة إلى أعمال مقاومة.

وخلال النشاط الطلابي عمدت الإدارة إلى إخلاء الجامعة، الأمر الذي جعل مراقبين يرون بأن "استخدام مصطلح العسكرة هو أمر مبالغ فيه".

 

رفض "العسكرة"


وحول هذه الأزمة، أكد غسان الخطيب، نائب رئيس جامعة بيرزيت لشؤون التنمية والاتصال، بأن "الطريقة الوحيدة المقترحة من قبل إدارة الجامعة للحل هي الحوار الذي اعتادت عليه من أجل التوصل إلى حلول منطقية وقواسم مشتركة ترضي الجميع".

 

اقرأ أيضا: الاحتلال يعلن اعتقال "خلية" لحماس من طلبة جامعة بيرزيت

 

وفي حديثه لـ"عربي1" أفاد بأن "الإدارة تدعو الطلبة وممثليهم والأساتذة إلى الانخراط في حوارات مستندة على مصلحة الجامعة العليا المشتركة لكل مكونات الجامعة".


ويرى الخطيب بأن "الجامعة ما زالت تعتقد أن مظاهر العسكرة تصب في غير مصلحتها ولا لزوم لها".

ويوضح بأن قرار الإدارة الأخير ليس له علاقة بالتحريض الإسرائيلي على جامعة بيرزيت لأنه "قيد البحث والخلاف منذ فترة انتخابات مجلس الطلبة الماضية، حيث دعت الإدارة الكتل الطلابية لتجنب مظاهر العسكرة، وأقنعتهم بالتوقيع على ميثاق شرف من عدة بنود تتضمن الدعاية الثورية الديمقراطية ولكن دون مظاهر عسكرة".

ويضيف: "الموضوع قيد النقاش ومحل خلاف في الجامعة منذ سنوات، حين قامت إحدى الكتل بإدخال مجسمات لصواريخ ودبابات"، نافيا أن يكون "مرتبطا بحدث آني".

 

وذكر بأن "إدارة الجامعة تبذل جهدا من أجل الحفاظ على شكل بيرزيت دون مظاهر العسكرة، فقامت خلال  مناسبة لإحدى الفصائل تتضمن هذه المظاهر بإغلاق القاعة وقطع الكهرباء". 


وحول آثار هذه المظاهر، يبين الخطيب بأنها نوعان: الأول "حرف تركيز الجامعة وطلابها عن النواحي الجوهرية، فالجامعة هي ثورية وتقدمية بالفكر والجوهر وليس بالمظاهر، وأن ما تخشاه الإدارة هو النقاش والتركيز على أمور مظهرية فيه استعاضة عن الجوهر الثوري".


أما الخطر الثاني فهو "استغلال الاحتلال هذه المظاهر للنيل من مكانة الجامعة بالادعاء أنها تركز على قضايا ليست من اختصاص الجامعة، وهذا ليس من مصلحتها" على حد تعبير المسؤول الجامعي.

 

رد الطلبة

أما القيادي في الحركة الطلابية، عبد الرحمن علوي، فيقول لـ"عربي21" "حتى الآن لا توجد بوادر لحل الأزمة، لأن الجامعة ما زالت متمسكة بقرارها بوقف مظاهر العسكرة".


ويشير إلى أن "إغلاق بوابات الجامعة من قبلهم، الخميس الماضي، لم يكن ردا على القرار، وإنما احتجاجا على عدم تأجيل الامتحانات الخاصة بالطلبة في ظل الأزمة، حيث أن عددا كبيرا منهم عادوا إلى منازلهم في مختلف المحافظات بعد قيام إدارة الجامعة بإخلائها يوم الأربعاء، ثم عادت وأعلنت أن يوم الخميس هو يوم دوام رسمي للطلبة، فيما ردت الحركة الطلابية بإغلاق البوابات وإلغاء الدوام".

وبين علوي بأن "الحركة الطلابية بصدد اتخاذ خطوات عدة إذا لم تتراجع الإدارة عن قرارها بوقف مظاهر العسكرة، وأن الكتل الطلابية مصممة على موقفها كونه امتداد للدور النضالي الفلسطيني".

ويؤكد بأن "الخطوات القادمة لن تكون بإغلاق الجامعة، نظرا لمصادفتها نهاية الفصل الدراسي الأول، فلا يمكن إضاعة الامتحانات النهائية وتسليم المشاريع على آلاف الطلبة"، مشددا بأن "قرار الإدارة لن يمر".

ويضيف:" الخطوات تتمثل مبدئيا بالاستمرار في فعالياتنا الثورية، والتي قد تتضمن مظاهر تسميها الإدارة بالعسكرة، حيث تتضمن وقفات تبين تاريخ الجامعة، وتُذكر الطلبة بدورها الثوري على مدار سنوات النضال الفلسطيني".

ويعزو علوي سبب قرار الإدارة الأخير إلى "اتهامات الاحتلال التي صدرت قبل فترة قليلة بحق طلبة الجامعة"، معتبرا بأن الإدارة اتخذت من هذه الاتهامات "شماعة لتعليق القرار عليه".

 

اقرأ أيضا: هكذا تصدر طلبة "جامعة بير زيت" المشهد الفلسطيني

ويرى بأن "جامعة بيرزيت التي خرجت المهندس الشهيد يحيى عياش والأسير مروان البرغوثي وعشرات الشهداء والأسرى ممن كانت لهم بصمة واضحة في تاريخ المقاومة الفلسطينية، يجب أن تكون منبعا للانتفاضات ومنبرا سياسيا كما هي الآن، ولكن الإدارة تحاول أن تتذرع بمظاهر العسكرة والتي قد يترتب على إنهائها تهميش دور طلبة بيرزيت الوطني".

وأردف قائلا: "لن نسمح أن تكون بيرزيت كالجامعات الأخرى التي تمنع إداراتها أي مشهد وطني داخلها، فبيرزيت تميزت عن غيرها بأجواء الديمقراطية والروح الثورية التي تحدت كل الصعاب على مدار العقود الماضية".

وأعرب علوي عن توقعه بأن "تكون هناك إجراءات من قبل الإدارة رفضا لإصرار الحركة الطلابية على موقفها، والتي قد تصل إلى إغلاق الجامعة مثلما قامت بإخلائها من الطلبة يوم الأربعاء الماضي".

ويوضح بأن الإدارة "أجبرت الكتل الطلابية العام الماضي على توقيع "ميثاق شرف" قبيل الانتخابات الطلابية مشترطة فيه منع مظاهر العسكرة"، مبينا بأن "التوقيع جاء تحت ضغط الإدارة بإقصاء أي كتلة ترفض التوقيع ومنعها من المشاركة في الانتخابات، وأن الاتفاق كان مؤقتا لفترة الانتخابات فقط، بينما تشترط الإدارة الآن أن يكون الإلغاء دائما".

مصطلح "العسكرة"


بدوره يعتبر المحلل السياسي، ساري عرابي بأن "مصطلح "العسكرة" تم استخدامه بشكل غير دقيق من قبل إدارة جامعة بيرزيت التي وظفته في غير مكانه".


ويقول عرابي لـ"عربي21" بأن ما يتم في أروقة الجامعة من الكتل الطلابية هو "استعراضات مدنية وليست عسكرية، أي أنهم يستخدمون المجسمات للأسلحة المختلفة ولكنها ليست عروضا عسكرية حقيقية"،

ويضيف بأن مصطلح "العسكرة" يوحي "بوجود سلاح حقيقي داخل حرم الجامعة"، مبينا بأنه "لم يكن يجدر بإدارة الجامعة استخدامه لأنه يتماهى مع التحريض من قبل الاحتلال، وبالتالي يعارض أهدافها وأغراضها لحماية الجامعة بهذا المصطلح الدقيق المضلل".


ويرى عرابي بأن وقف مثل هذه المظاهر في الجامعة "لن يوقف التحريض الإسرائيلي الممارس عليها، لأن الجامعة تعرضت لاعتداءات منذ ما قبل الانتفاضة الأولى عام 1987؛ والتي شملت كذلك المدارس والمساجد ولم تكن حينها أي مظاهر "عسكرة" بل كان الاحتلال يستهدف كل مؤسسة ومنبر ثوري وكل مكان يقوم بعمل نضالي وتعبوي".


ويوضح بأن "استهداف الاحتلال لبيرزيت لا يتعلق بالمظاهر بل أعمق وأكبر من ذلك؛ ووفقا لتجربتنا التاريخية فهو لا يهتم للمظاهر التي لا يوجد خلفها موقف وطني حقيقي، بل إن أهداف الاحتلال من استهدافها تتعلق بالحالة الراهنة، حيث لا يريد أي نفس مقاوم في الضفة المحتلة حتى أنه يستهدف منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، ولو منعت الجامعة الاستعراضات وسمحت فقط للخطابات سيقوم الاحتلال أيضا باستهداف الطلبة".


ويشير إلى أن "الاحتلال يقوم بمعاقبة الطلبة عن طريق الاعتقال والملاحقة واقتحام المنازل والسكنات الجامعية"، مؤكدا أن الهدف هو "تحطيم الحركة الطلابية كونها ما تبقى من أوراق الحركات الثورية، ولا يريد لها مجالا حقيقيا لإعطاء النفس المقاوم".


ويختم عرابي بالقول: "وقف المظاهر العسكرية يتم اتخاذه ذريعة من أجل تحجيم الحركة الطلابية وتدجينها، وفرض نمط معين من النشاط الطلابي الذي لا يناسب شعبا تحت احتلال".

التعليقات (0)