كتاب عربي 21

ليس لدى "أبو البراميل" من يسمّي له معاركه!

أحمد عمر
1300x600
1300x600
يذكر مفسرو القرآن الكريم أسباباً عدة لسجود الملائكة لآدم، منها أن الله علّمه الأسماء كلها..

لا يُعرف سبب عدم إطلاق بشار الأسد أسماء على معاركه في الحرب الطويلة على الإرهاب، وتقاليد العرب تقتضي إطلاق الأسماء على المواليد يوم ولادتها، ولديه مهلة حتى اليوم السابع من ولادته عند المسلمين، وعلى المعركة قبل اندلاعها أو في أثنائها، وشعاراتها. وأسماء معارك المسلمين أتت إما من اسم المكان، وإما من صفة المعركة. فقد بدأ تاريخ الإسلام بمعركة بدر الكبرى، وهناك أسماء أخرى لها مثل بدر القتال، ويوم الفرقان.. ومعركة بلاط الشهداء لكثرة شهدائها، حتى الغزوات التي لم يُرقْ فيها دم أو لم يُغلّ فيها خيط أو مخيط لها أسماء غنية بالمعاني.. أحياناً لها عدة أسماء، مثل غزوة الخندق، التي لها اسم آخر هو غزوة الأحزاب.

وتطلق إسرائيل أسماء مروّعة على حملاتها العسكرية، مثل أشواك الجحيم، أو المتدحرجة، والسور الواقي، ورحلة بالألوان، وهو اسم يكشف كوميديا العدو السوداء، وأيام الندم، وأمطار الصيف، وكأنها أسماء أفلام سينمائية.. وكذلك تفعل حماس مثل؛ أيام الغضب، أو زلزلة الحصون، أو الوهم المتبدّد، أو براكين الغضب، أو العصف المأكول.. وكذلك تفعل أمريكا بإطلاق الأسماء على حملاتها العسكرية، ومن أسماء حملاتها العسكرية: درع الصحراء، أو عاصفة الصحراء في الحرب على العراق، ومخلب النسر لإنقاذ الرهائن من سفارتها في طهران، والحرية الدائمة في غزوها أفغانستان، أو العزيمة الصلبة في حربها على داعش.. وكانت روسيا تفضل إطلاق أسماء الكواكب على غزواتها في الحرب العالمية الثانية مثل؛ أورانوس، ثم زحل، ثم المريخ..

وكان لمعارك العراق في حربه مع إيران أسماء مقتبسة من القرآن الكريم والتاريخ الإسلامي، مثل القادسية الثانية، ومعارك رمضان المبارك، والأنفال، ثم أمّ المعارك الشهيرة. وكذلك إيران مثل؛ فجر، بأرقامها واحد واثنين وثلاثة، وفتح، وخيبر.. وصاحبتها من الجانب العراقي أناشيد وأغان كثيرة غناها أشهر المطربين العراقيين والعرب، مثل حسين نعمة وفؤاد حجازي الأردني وسعاد محمد المصرية.. وما تزال حاضرة، وعاد بعضها في المظاهرات ضد الطغمة الجديدة التي تحكم من المنطقة الخضراء. وأصدر صدام حسين عشرات الأوسمة وأنواط الشجاعة، وعرض في تلفزيونه أفلاماً أجنبية كثيرة وهندية يسلّي بها شعبه، ويعزّيه ويشغله عن مآسي الحرب، وأنشأ نادياً اسمه نادي أصدقاء الرئيس، كنوع آخر من التكريم للمقربين والأبطال.

والمعارضة السورية تفعل كذلك، وهذه بعض أسماء معاركها؛ الفتح البيّن، ومعركة عاشوراء، ومعركة العزة، ومعركة تحرير الشام، والرماح العوالي، والموت ولا المذلة..

وكذلك تفعل تركيا التي تطلق على معاركها أسماء مثل غصن الزيتون، ودرع الفرات، ونبع السلام، بل إن حملات أمينة أردوغان المدنية كان لها شعارات مثل "هيا يا بنات إلى المدرسة".

وسنحاول معرفة السبب، هو نفس السبب الذي جعل ميشيل كيلو يصرخ مثل أرخميدس، عندما عُقد أول مؤتمر لحزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم بعد أحقاب من التهرب من عقده، فهتف: الحزب الحاكم مؤتمره سرّي وكأنه معارضة؟! وتمنيت لو يقول: إنه حزب باطني، فخذلني.

آخر حروب النظام كانت تحرير قصر بعبدا من حليفه الحالي ميشيل عون، ولم يكن صديقاً وقتها، وقد ذهب عدد كبير من الجند لا يتخيله عقل في حرب تحرير قصر صغير، فكيف سيحرر الجولان؟ والجولان لا يمكن تحريرها بالبراميل ولا بالطناجر، أما حرب تشرين، فالشعب السوري هو الذي حارب ولم يكن الجيش وقتها الجيش الذي شُحط فصار جيش أبو شحاطة. وحرب تشرين التحريرية، اسم ملطّف لحرب تشرين الاستعبادية، فالقنيطرة المحررة ممنوعة من الزيارة، وأبطال حرب تشرين سيقوا إلى السجون، زمرا، وقتلوا تحت التعذيب. أيها السادة: لقد كانت حرباً ضد الشعب السوري.

فلمَ لا يُطلق أبو البراميل أسماءً على معاركه؟

لو فعل، ستكون أسماء معاركه إما معركة: الأسد واحد، والأسد اثنان، وإما مثل أسماء مسلسلات الفانتازيا التاريخية: الجوارح، ومعركة البواسل، وإما أسماء وصفية، مثل معارك: تعفيش البرادات والغسالات، أو بطاطا واحد، وبطاطا اثنان، أو متة واحد، ومتة اثنان، وربما أسماء البراميل والسارين، ولو صدق لسمّى معاركه باسم معركة تركيع الشعب السوري، أو معركة: لا إله إلا بشار الأسد، وظننا أنه لو فكّر في الأمر فهو بين أمرين، إما أن يسميها بأسماء عربية إسلامية، وهذا هو الشائع في حروب الجيوش عامة التي تستلهم تواريخها المجيدة، وقد سخر الأسد وإعلامه من الأمويين وقريش والبدو، وإما أن يسميها بأسماء طائفية، وهو ما سيحرجه أمام جيشه الذي تقوده قيادات طائفية، وقوامه جنود من السنّة.

فقه ظلام النظام يقول: إن الدكتاتورية ضد الذاكرة، سلماً وحرباً، وهو يدير الحرب كأنه فرع مخابرات، فسوريا مدينة فاضلة، والأسد سعيد جداً، لم يُر إلا ضاحكاً سعيداً في سنوات الحرب، وليس في حربه التي دامت تسع سنوات على شعبه أبطال إلا حسب الظهور التلفزيوني، مثل النمر الوردي، وعصام زهر الدين، ورستم غزالي. وقد قتلوا مثل غيرهم من القادة، ليس بيد العدو، فالقاتل معلوم مجهول. والتلفزيون يبثّ البرامج السعيدة، ليس هناك سوى أخطاء فردية ومؤامرة كونية، ولهذا رأينا جنود الأسد يأمرون المتظاهرين بالسجود لبشار الأسد، لأنهم تذكروا اسماً من الأسماء التي علّمها الله لجدّهم آدم، أما جدّ النظام فهو في كتاب أصل الأنواع لداروين.
التعليقات (0)