مقالات مختارة

لا حرب ولا سلام.. بعد اغتيال سليماني

ذعار الرشيدي
1300x600
1300x600

أهم نتائج اغتيال القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني الذي نفذته طائرة مسيرة أميركية أنه أدى إلى إقصاء أحد أهم أجنحة الصقور في النظام الإيراني، الجناح الذي كان حتى قبل اغتيال سليماني يقف حجر عثرة بين أي مشروع مفاوضات سلام أو تفاهم بين إيران وجاراتها أو أي طرف آخر، سواء فيما تعلق بالبرنامج النووي أو محادثات تهدئة أخرى تتعلق بتهدئة الوضع في إقليم الخليج ومناطق الصراع الذي تنشط فيها القوة العسكرية الإيرانية سواء المباشرة أو تلك التي تديرها بالوكالة.

الوضع الذي سيتغير هو أن جناح الصقور في المؤسسة العسكرية الإيرانية خسر أهم أقطابه وربما رجله القوي جدا، وبغض النظر عن ردة الفعل الانتقامية لإيران المنتظرة ضد الولايات المتحدة أو مصالحها، فإن أي مفاوضات قادمة بين الولايات المتحدة وإيران ستسير باتجاه التوافق دون التشدد من أي طرف خاصة الإيراني.

قاسم سليماني وجناح الصقور من الجنرالات يؤمنون بالمواجهة، بل وصل بهم الأمر إلى اعتبار أن حروب الوكالة غير مجدية، وهم من نقل المواجهة بشكل مباشر سواء في تنفيذ عمليات عسكرية بقوات إيرانية أو بكشف وجه الدعم الإيراني، وهذا ما تبين في أحداث سورية مثلا والعراق قبلها وبعدها، ولمعرفة قوة الصقور على أبسط مثال متوفر في التاريخ الإيراني القريب أن سليماني كان من بين 24 قائدا عسكريا وقعوا عريضة يطالبون الحكومة بالتصدي لثورة الطلاب التي اندلعت 1999 مهددين بالتدخل كحرس ثوري وأن الأمر معهم قد يصل إلى حد الإطاحة بالرئيس آنذاك محمد خاتمي.

اغتيال قاسمي سينتج عنه على المدى القريب جدا ردة فعل إيرانية مؤثرة لكنها محدودة العواقب، أي أنه لن ينتج عنها حرب مفتوحة كما هو متوقع، وبعدها في غضون أشهر تبدأ الوساطات لفتح باب العودة لطاولة الحوار بين الطرفين الأميركي والإيراني لحلحلة الأمور العالقة في المنطقة والملفات الشائكة بدءا من العراق إلى اليمن وانتهاء بسورية واتفاق نووي جديد، وبين هذا وذاك لن تكون هناك حرب مفتوحة على جانبي الخليج العربي من أي طرف كان.

فليس من مصلحة الإدارة الأميركية ولا حلفائها أو النظام الإيراني اندلاع حرب مفتوحة أو حتى محدودة في المنطقة، ومعها ستنتهي حروب الوكالة في أغلب بؤر الصراع، طبعا هذا يعني أنه حتى ذلك الحين سيكون التوتر بشقيه السياسي والعسكري قائما ومفتوحا على كل الاحتمالات.

القضية في اغتيال قاسمي وكما تبدو استخدام حل عسكري لأغراض ديبلوماسية لاحقة كما أوضحت وليست جزءا من صراع عسكري يحتمل التصاعد إلى ما ينذر بخطر قيام حرب بأي حجم كانت، وهو ما شرحه الرئيس ترامب من أن ما حدث هو: «لوقف حرب وليس لبدء حرب»، وهذا ما يكشف أن سليماني وجناح الصقور في المؤسسة العسكرية الإيرانية هم من يدفع للمواجهة مع أميركا أو غيرها، وبخروج سليماني من المشهد ينتهي شبح الحرب.

أعتقد أن ربعنا يعون هذا جيدا، بعيدا عن التناولات الطائفية «قصيرة النظر» التي يتداولها المتطرفون المتكسبون من أي حدث له وجهان طائفيان، ولا اعتقد انه هناك داع للقلق داخليا إلا من النفس الطائفي الذي يتمدد بشكل لا يقبله عاقل.

اللعبة -إن جاز تسمية الحادثة بهكذا اسم- لن تتعدى تبعياتها التصعيد الإعلامي ثم الاتجاه نحو عملية إيرانية عسكرية ضد مواقع أميركية في المنطقة، تنتهي بتدخلات وساطة دولية للعودة إلى مفاوضات المربع الأول.

النفس الطائفي لدينا في الداخل الكويتي في الغالب سيتم استخدامه سياسيا لإجراء تغييرات برلمانية، والتحذير منه -رغم وجوب التحذير- ليس سوى باب لإجراء مثل هذه التغييرات المحتملة.

(الأنباء الكويتية)

0
التعليقات (0)

خبر عاجل