صحافة دولية

الحرب في ليبيا: ماذا سيحدث بعد رفض حفتر التهدئة؟

الدول الأوروبية تسعى لتكوين جبهة تدفع نحو السلام وتقف ضد إصرار حفتر على الحل العسكري- جيتي
الدول الأوروبية تسعى لتكوين جبهة تدفع نحو السلام وتقف ضد إصرار حفتر على الحل العسكري- جيتي

نشرت صحيفة "تي بي إي نيوز" الإيطالية تقريرا، سلطت فيه الضوء على مختلف السيناريوهات المحتملة للأزمة الليبية، بعد رفض حفتر التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار في موسكو، ما عقّد الاستعدادات لمؤتمر برلين، في وقت تسعى فيه الدول الأوروبية لتكوين جبهة تدفع نحو السلام، وتقف ضد إصرار حفتر على الحل العسكري.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الحرب في ليبيا تبدو بلا نهاية، خاصة أن الجنرال المتقاعد خليفة حفتر امتنع عن التوقيع عن الهدنة في روسيا، يوم الثلاثاء 14 كانون الثاني/ يناير، حيث قرر أن يستقل الطائرة ويغادر الأراضي الروسية، بينما كان رئيس وزراء حكومة الوفاق الوطني، فايز السراج، قد قبل بكل شروط الهدنة المقترحة من موسكو وأنقرة.

ونقلت الصحيفة عن مصادر قولها إن حفتر لم يكن قادرا على قبول بنود الاتفاق؛ لأن أهدافه لم تتحقق بنسبة مئة بالمئة، إلا أن هذا التأخير يبدو مناسبا لروسيا، وذلك من أجل تغيير موعد مؤتمر برلين، الذي كان مبرمجا ليوم 19 كانون الثاني/ يناير.

الحرب في ليبيا وآمال مؤتمر برلين:


أعلمت ألمانيا بشكل غير رسمي الدول المشاركة بموعد انعقاد المؤتمر. وبعد اللقاء المباشر بين الفرقاء الليبيين في الكريملين، أقرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بالدور الحاسم الذي يلعبه الرئيس الروسي في حل هذا الصراع.

بحسب الصحيفة، تبدو ميركل مدركة تماما أنه من دون تعاون روسيا وتركيا، فإن وضع حد للاقتتال الدموي في ليبيا يبدو مجرد سراب، ولذلك فإن المستشارة سوف تتجه يوم 24 من الشهر الجاري إلى أنقرة؛ للتحدث مع الرئيس أردوغان. كما أن بوتين كان قد أكد دعمه لمسار برلين.

ورغم التقدم الذي أحرزته قوات حفتر في زحفها نحو طرابلس، فإن ألمانيا ملتزمة بالدعوة لحل سياسي لهذا الصراع، وذلك من أجل "تجنب تكرار السيناريو السوري"، بحسب تعبير وزير الخارجية هايكو ماس. حيث تخشى ألمانيا من اتساع رقعة المعارك، وكنتيجة لذلك اقتسام دوائر النفوذ في ليبيا بين روسيا وتركيا وقوى أخرى إقليمية في الشرق الأوسط، في هذا البلد الذي يكتسي أهمية كبرى من حيث الثروات الطاقية، ودوره في منع تدفق المهاجرين نحو أوروبا.

وتقدم روسيا الدعم لقوات الجنرال خليفة حفتر، الذي يهدد بدخول طرابلس، والإطاحة بحكومة فايز السراج. وقد أشار كل من ميركل وبوتين إلى أهمية الدور الذي يلعبه المبعوث الأممي في ليبيا، غسان سلامة.

مهمة في ليبيا: الاتحاد الأوروبي يستعد لإرسال سفن وجنود:


في وقت يعلن فيه الجنرال حفتر عن سيطرته على بعض المواقع على مشارف طرابلس، يصر الاتحاد الأوروبي على إرسال بعثة عسكرية إلى ليبيا، مكونة من جنود وسفن وطائرات، من أربع دول على الأقل: هي إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وألمانيا.

وبالطبع من أجل القيام بهذه الخطوة، يجب أن يتم تقديم طلب رسمي من فايز السراج، مع موافقة من حفتر، وتصويت بالموافقة في برلمانات الدول المعنية. ومن المنتظر أن تتم مناقشة هذه الفكرة على طاولة مجلس الأمن في الأمم المتحدة. وقد تشهد هذه الخطة مشاركة روسيا تحت غطاء مهمة أممية، حيث ينوي بوتين المشاركة في الإدارة السياسية لهذه العملية، مستفيدا من موقعه كدولة دائمة العضوية في المجلس.

الحرب في ليبيا: ثلاثة سيناريوهات للأزمة:


ترجح المجلة أن هنالك ثلاث مراحل أو فرضيات يمكن أن تمر بها الحرب الدائرة في ليبيا، الأولى وهي الأكثر تشاؤما، تتمثل في سيناريو اندلاع حرب شاملة في محيط العاصمة طرابلس، بما أن الخناق بدأ يضيق حول حكومة فايز السراج، الذي يتعرض لضغط كبير من قوات حفتر، التي تتقدم خطوة بخطوة لتسيطر على كافة مناطق ليبيا، في مسعى للسيطرة على كامل البلاد.

أما السيناريو الثاني، وهو الذي يريده السراج، فهو تدخل دولي لوقف المعارك في ليبيا، خاصة وأن حكومته هي الوحيدة المعترف بها من الأمم المتحدة، وهي تحظى بدعم معنوي وعسكري من تركيا. وفي المقابل فإن حفتر يمكنه التعويل على دعم روسيا ومصر وفرنسا والإمارات والسعودية.

وتقول المجلة إن السيناريو الثالث، الذي يمكن اعتباره حاسما على الصعيدين الدبلوماسي والميداني، فهو الذي قد تلعبه أنقرة وموسكو؛ إذ إن أردوغان وبوتين التقيا في تركيا للاحتفال بإطلاق مشروع خط أنابيب ترك ستريم، الذي سيوصل الغاز الطبيعي الروسي إلى شرق أوروبا.

إلا أن هذا الاحتفال مثّل مناسبة لطرح موضوع آخر، وهو الملف الليبي، بما أن هذين الرئيسين اللذين يجمع بينهما تعاون كبير، يلعبان دورا هاما في دعم الأطراف المتنازعة، حيث إن أردوغان يقف مع فايز السراج، فيما يقف بوتين مع حفتر.

ولهذه الأسباب، فإن السراج تحدث مؤخرا عن حرب بالوكالة تدور في بلاده. وتتمثل الاستراتيجية الروسية والتركية في اقتسام الأراضي الليبية، حيث يقوم كل واحد منهما بدعم طرف، ثم يلعبان دور المفاوضين وصانعي السلام.

وفي هذا الصدد، تأتي زيارة السراج لأوروبا، حيث إنه أراد دق نواقيس الخطر، ودفع الاتحاد الأوروبي لتقديم دعم ملموس لحكومته، يتمثل خاصة في السلاح، بما أن الدعم الدبلوماسي لم يعد مفيدا.

هدنة هشة:


وتقول المجلة إنه في الأثناء، تبدو الهدنة في ليبيا ضعيفة جدا، حيث تتجدد الاشتباكات المتفرقة من حين لآخر، والخروقات الخطيرة من كلا الطرفين.

وقد خرج المئات من المتظاهرين في شوارع طرابلس ومصراتة؛ للتعبير عن رفضهم للحرب، ووقوفهم ضد الجنرال خليفة حفتر، الذي يقود مجموعة من القوات المسلحة ضد حكومة الوفاق الوطني. وفي ظل الانقسام الكبير في المواقف الشعبية والرسمية بين الأطراف المتنازعة في ليبيا، يبدو أن الأيام المقبلة سوف تكون حاسمة لفهم الوجهة التي سيذهب فيها هذا الصراع، في انتظار أن يحل السلام.

التعليقات (0)