كتب

كتاب جديد عن الانتخابات والديمقراطية المغربية

باحث مغربي يؤرخ للمسار الانتخابي باعتباره جزءا من تجربة ديمقراطية ناشئة في المغرب  (عربي21)
باحث مغربي يؤرخ للمسار الانتخابي باعتباره جزءا من تجربة ديمقراطية ناشئة في المغرب (عربي21)

ما هو المسار الذي عرفه الفكر والسلوك الديمقراطي بالمغرب؟ ماذا هو المقصود بالتمثيل الانتخابي؟ وأي علاقة تجمع بين النظام الانتخابي والحياة السياسية؟ وماهي انعكاسات ذلك على نوع الحكومات التمثيلية؟ 

وبما أن المغرب عرف دولة قبل العصر الحديث كيف كان تنظيم الحكم فيه؟ هل عرف الدستور؟ وإذا كان الجواب بالنفي، كيف تم ذلك؟ وما هو الإطار القانوني للعملية الانتخابية بالمغرب؟ بمعنى آخر كيف تتشكل الهيئة الناخبة وفق نظريات الاقتراع؟ وما هو الإطار القانونية للترشح، وما هي أنماط الاقتراع وكيف تبنى المغرب نوعا محددا بعينه؟ وكيف تتم المنازعات الانتخابية البرلمانية ؟

المسألة الديمقراطية المغربية تحت البحث الأكاديمي، موضوع كتاب صدر حديثا للكاتب والباحث المغربي رشيد لزرق، بعنوان: "المسألة الانتخابية بالمغرب: مساهمة في دراسة مقارنة للأنظمة الانتخابية"، عن مؤسسة فكر للتنمية والثقافة والعلوم المغربية.

الكتاب، في الأساس هو عبارة عن أطروحة لنيل الدكتوراه أعدها الباحث المغربي رشيد لزرق، وقد اعتمد صاحبه على مجموعة من المناهج للإجابة عن تساؤلات المشهد الديمقراطي المغربي، الذي عرف تحولات عميقة منذ نهايات القرن الماضي، مع ما عُرف بحكومة التناوب التي قادها اليساري المعروف عبد الرحمن اليوسفي، وانهى بعد ثورات الربيع العربي إلى استيعاب الإسلاميين.

المناهج المعتمدة: 

انطلقت هذه الدراسة من المنهج التاريخي وفق مقاربة تحليلية قانونية، تابعت الانتخابات في تطورها التاريخي، سواء من حيث تطور العملية أو النتائج أو السلوكيات. وقد مكنه ذلك من دراسة تطور النظام السياسي المغربي في محاولة لإبراز التطورات الدستورية التي طرأت عليه واستقراء الأحداث التاريخية.

كما استعمل الباحث وبصورة تلقائية، المنهج المقارن بغية تبيان مواضع الضعف والقوة في التشريع المغربي مقارنة بالقانون الفرنسي خاصة، باعتباره أحد المصادر التاريخية للقانون المغربي.

وقد أكد الباحث أن فهم العملية الانتخابية في ظل الهندسة الدستورية والقانونية يبقى عاملا مهما ولكن ليس وحيدا، باعتبارة آلية تحكم سير العملية الانتخابية وتضبط نتائجها.

وأوضح المؤلف أن هدف الدراسة، يتمثل في إبراز معالم تحولات المجتمع السياسي المغربي عبر دراسة النظام الانتخابي، وسيلة علمية لرسم مواطن القوة التي تستحق التدعيم وسبر مواضع الهشاشة التي تتطلب العلاج في مجالي المشاركة والمنافسة السياسيتين.

ورأى الباحث أن هذا الموضوع يكتسي أهمية خاصة نظرا لراهنيتة في ظل التحولات التي باتت تعرفها بعض الدول على المستوى الإقليمي، وأيضا لأنها تخص المغرب باعتبارها تجربة ديمقراطية ناشئة، تشهد محاولة تكريس الخيار الديمقراطي وممارسة التقاليد الحرة في تعيين الحكومات بالكثير من الصعوبات والعراقيل التي تترجم الصراعات الاجتماعية وتجاذب موازين القوى بين مختلف التيارات السياسية الفاعلة في المشهد السياسي. 

 

تطور الفكر الديمقراطي المغربي

وقد قسم الباحث كتابه إلى فصل تمهيدي وبابين وخاتمة، حيث تعرض في الفصل التمهيدي لتطور الفكر الديمقراطي عبر مبحثين: المبحث الأول خصصه لتبلور الفكر الديمقراطي. والمبحث الثاني لتنظيم الحكم بالمغرب.

أما الباب الأول، فتطرق فيه لأطراف العملية الانتخابية، وذلك في ثلاثة فصول: 

الفصل الأول خصصه للهيئة الناخبة، عبر التطرق لنظريات السيادة والتكييف القانوني للانتخاب والفصل الثاني للاقتراع العام، عبر التركيز على توسيع حق الاقتراع ونظام الغرفتين في المغرب على ضوء التجارب الدولية. والفصل الثالث للمرشحين.

أما الباب الثاني فخصصه لدراسة النظام الانتخابي كإطار للمنافسة السياسية، حيث قسمه إلى أربعة فصول: الفصل الأول للتعريف بمختلف أنواع نمط الاقتراع، والفصل الثاني سنتناول فيه النظام الانتخابي والتنافسية السياسية، والفصل الثالث للعملية الانتخابية، أما الفصل الرابع والأخير فسندرس فيه المنازعات الانتخابية .

وعاد الكتاب لبحث مفهوم الديمقراطية تاريخيا وسياسيا، باعتباره أسلوبا في الحكم ووسيلة لبناء "المدينة الفاضلة".. وعن العقبات التي اعترضت هذا المسار في أوروبا حيث نشأ.

وأشار إلى أن الحضارة العربية الإسلامية قد تفاعلت مع الغرب عن طريق الحروب الصليبية والأندلس، مع حلول عصر النهضة وما تبعه من أفكار فلسفية حول حرية الفرد وفصل السلط واستقلالها، مما دفع إلى بروز العديد من الكتابات في المشرق العربي حول المواطنة وما تحتمه من قيم المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات بغض النظر عن الانتماء الديني والاجتماعي واللغوي والعرقي، بحيث تجسد الدولة تلك الحاضنة لجميع الأفراد والمجتمع وفقا لميثاق دستوري يحدد قواعد وأسس اللعبة السياسية. 

وخلص الباحث المغربي إلى أن الديمقراطية تجاوزت المنطق الانتخابي باعتبارها أسلوبا في إدارة مؤسسات الدولة والشأن العام، سواء تعلق الأمر بمؤسسات الدولة أو المجتمع بتعبيراته المدنية وعلاقته مع الدول، بل هي تجاوز للبعد التقني وأدواته، إلى البعد الثقافي الذي يرتبط بمنظومة قيم، تتكرس عن طريق تربية الفرد وجعله قادرا على استيعابها وتمثيلها، واختبارها على صعيد الممارسة والمنهج، إذ بدون قيم ديمقراطية لا تنتج الأثر المتوخى من الانتخابات.

التعليقات (0)