ملفات وتقارير

فوز "شين فين" في أيرلندا: هل تمتد آثار "الزلزال" لبريطانيا؟

غير ماري لو ماكدونالد مسيرة حزب شين فين- جيتي
غير ماري لو ماكدونالد مسيرة حزب شين فين- جيتي

شكلت نتائج الانتخابات البرلمانية في جمهورية أيرلندا مفاجأة في هذا البلد، لكنها أيضا أحدثت ما تصفه الصحف البريطانية "زلزالا" يمكن أن تمتد آثاره إلى المملكة المتحدة، كما وصفت مقالات ما جرى بـ"الصدمة" لبريطانيا.

والسبب في ذلك هو حصول حزب "شين فين" على المركز الثاني بالنسبة لعدد المقاعد في البرلمان رغم استحواذه على أكبر حصة من الأصوات كخيار أول في الانتخابات التي جرت السبت.

وبعد فرز الأصوات في جميع الدوائر الانتخابية الـ39 الأحد الماضي، حلّ "شين فين" في الصدارة بالنسبة لعدد الأصوات مع نسبة 24,5 بالمئة، أمام الحزبين الكبيرين من يمين الوسط، "فيني فيل" الذي حصد 22,2 بالمئة وحزب "فين غايل" الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء المنتهية ولايته، والذي حاز على 20,9 بالمئة من الأصوات.

 

اقرا أيضا: فوز "شين فين" بالانتخابات يرفع حظوظه للمشاركة بحكومة أيرلندا

لكن بالنسبة لعدد المقاعد فقد حل "شين فين" ثانيا مع 37 مقعدا، مقابل 38 مقعدا لحزب "فيني فيل". وهذه النتيجة تجعل "شين فين"، المحسوب على اليسار، شريكا محتملا في أي مفاوضات لتشكيل الحكومة الجديدة، رغم استبعاد الحزبين الكبيرين مشاركته في الحكم. لكن في هذه الحالة، فإن الحزب يسعى للتواصل مع أحزاب اليسار الأخرى لتشكيل أغلبية قادرة على تشكيل حكومة (80 مقعدا على الأقل من أصل 160).

 


وكانت استطلاعات الرأي قبل أشهر تشير إلى حصول الحزب على 11 في المئة من الأصوات فقط، علما أن الحزب حصل على 16 في المئة في الانتخابات السابقة.

ويمكن أن ينعكس هذا الفوز على شمال أيرلندا التي يمثل فيها حزب "شين فين"، الداعي للانفصال عن المملكة المتحدة وإعادة التوحد مع جمهورية أيرلندا، القوة السياسية الثانية في البرلمان المحلي والبرلمان المركزي في ويستمنستر، رغم أن نوابه لا يشغلون مقاعدهم في البرلمان البريطاني لأنهم يرفضون أداء القسم الذي يتضمن إعلان الولاء للملكة.

وشكلت هذه النتيجة ضربة قاسية لسياسة الحزبين (فين غايل، فيني فيل) السائدة في جمهورية أيرلندا، بما يفتح الباب أمام دور محتمل لحزب قومي يساري كان معزولا بسبب اتهامات سابقة بالارتباط بالجيش الجمهوري الأيرلندي الذي كان مسؤولا عن شن هجمات مسلحة في بريطانيا.

وبلغ عزل الحزب درجة حظر زعيمه السابق جيري آدامز وغيره من ممثلي الحزب من الظهور على شاشات التلفزيون أو التحدث في الإذاعات في المملكة المتحدة، بسبب العنف المناهض للحكم البريطاني لأيرلندا الشمالية والذي استمر ثلاثة عقود حتى 1998، تاريخ توقيع اتفاق السلام المعروف باسم "اتفاق الجمعة العظيمة".

ولكن بعد عقدين من السلام وتولي ماري لو ماكدونالد التي تقيم في دبلن، زعامة الحزب، لقيت سياسات الحزب اليساري بشأن معالجة أزمات الإسكان والصحة، تأييدا لدى الناخبين، وخصوصا في صفوف الشباب. ويشبه بعض كتاب المقالات سياسات الحزب بسياسات حزب العمال في بريطانيا.

وبعد تولي ماكدونالد زعامة الحزب خلفا لجيري أدامز الذي يقيم في شمال أيرلندا، أصبحت زعامة فرع الحزب في الشمال لميشيل أونيل، التي تشغل منصب نائب رئيسة الحزب، ونائبة رئيس حكومة شمال أيرلندا.

وأعلنت أونيل الثلاثاء؛ أن الشرطة البريطانية حذرتها من أنها وقيادات أخرى في الحزب قد تكون عرضة لهجمات من أعضاء سابقين في الجيش الجمهوري الأيرلندي. كما أعلن الحزب عن تهديدات لمدارس ومقرات للحزب في بلفاست (عاصمة شمال أيرلندا).

 

وتلقت قيادات الحزب حاليا دورا في مواجهة التاريخ السابق للعنف المرتبط بالجيش الجمهوري.

 


وفي محاولة للنأي عن الماضي، دعت ماكدونالد أعضاء حزبها لتجنب ترديد  الشعارات السابقة والتي كان يستخدمها الجيش الجمهوري الأيرلندي، الذي يوصف بأنه كان الجناح العسكري لـ"شين فين".

 

وقد أشارت تسريبات إلى أن أعضاء في الحزب احتفلوا بفوزهم في الانتخابات عبر ترديد بعض هذه الشعارات، بعد حملة انتخابية طويلة.

 

 


وكان حزب الديمقراطيين الوحدويين وحزب "شين فين" قد اتفقا الشهر الماضي على إعادة تفعيل البرلمان (المعروف باسم ستورمنت) والحكومة في شمال أيرلندا، بعد نحو ثلاث سنوات من تعطل برلمان المنطقة.

هل تبقى "المملكة المتحدة" متحدة؟

ويبدو أن ما جرى في جمهورية أيرلندا قد ترك صدى في بريطانيا. وفي هذا السياق، أبدت وسائل الإعلام البريطانية اهتماما لافتا بصعود "شين فين"، مع تحليل أثر ذلك على وحدة المملكة المتحدة من جهة، واحتمالات تأثير هذه النتيجة على مسار بريكست ومفاضات التجارة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي.

 

اقرأ أيضا: نصف البريطانيين يعتقدون بتفكك المملكة المتحدة بعد أعوام

وعلقت صحيفة الفايننشال تايمز بأن مشاركة شين فين في حكومة أيرلندا؛ قد تجعل مفاوضات التجارة واستكمال إجراءات الانسحاب من الاتحاد الأوروبي أكثر صعوبة، لا سيما ما يخص الحدود بين شطري أيرلندا.

ومع تقديرات بأن بريكست وما ينص عليه اتفاق الخروج من وضع خاص لشمال أيرلندا داخل الاتحاد الأوروبي الجمركي؛ قد يدفع الشطر الشمالي ليقترب أكثر من جمهورية أيرلندا، فإن هذا الوضع قد يعزز التوجهات لدى الأيرلنديين للوحدة، بحسب استطلاع أجراه حزب المحافظين في بريطانيا، وأظهر أن نحو 45 في المئة من سكان أيرلندا الشمالية باتوا مؤيدين للوحدة مع جمهورية أيرلندا.

 

كما اعتبرت صحف بريطانية أن فوز "شين فين" قد يجعله أكثر "عدوانية" تجاه بريطانيا في مفاوضات التجارة بعد بريكست.

 

 


والعام الماضي قالت ماكدونالد إن من "الديمقراطي" إجراء استفتاء بشأن الوحدة بين الشطرين.

وبعد ظهور نتائج الانتخابات الأخيرة، دعت ماكدونالد الاتحاد الأوروبي للعب دور في هذا السياق، وشبهت ذلك بالجهود التي بذلت لتوحيد شطري ألمانيا في السابق.

وأبلغت ماكدونالد "بي بي سي" أن طرح موضوع الاستفتاء على الوحدة سيكون ضمن برنامج عمل أي حكومة يشارك فيها الحزب في جمهورية أيرلندا.

ويشار إلى أن حزب "شين فين" محسوب على أقصى اليسار، ويتخذ مواقف مؤيدة للقضية الفلسطينية. وقد دعا مرارا المجتمع الدولي لدعم الفلسطينيين.

 

 

 

 

 

اقرا أيضا: بلومبيرغ: هل نشهد نهاية وشيكة للمملكة المتحدة؟
التعليقات (0)