اقتصاد عربي

كيف تتلاعب "إيني" الإيطالية بالحكومة المصرية في ملف الغاز؟

"إيني" تمتلك نصف أسهم شركة "يونيون فينوسا جاز" التي حصلت على حكم دولي مؤخرا بتغريم مصر 2.13 مليار دولار- جيتي
"إيني" تمتلك نصف أسهم شركة "يونيون فينوسا جاز" التي حصلت على حكم دولي مؤخرا بتغريم مصر 2.13 مليار دولار- جيتي

فجرت قضية التحكيم الدولي التي كسبتها شركة "يونيون فينوسا جاز"، ضد الحكومة المصرية بقيمة 2.13 مليار دولار، فضيحة من العيار الثقيل، عن علاقة شركة "إيني" الإيطالية، المحتكر الأول للغاز الطبيعي المصري، وقضية التحكيم التي خسرتها مصر.


ووفقا للخبراء الذين تحدثوا لـ "عربي21"، فإن شركة إيني تمتلك 50 بالمئة من أسهم "يونيون فينوسا جاز"، بينما تمتلك شركة "ناتورجي" الإسبانية الأسهم الباقية، ما يعني أن الغرامة التي قررها مركز التحكيم الدولي، على الحكومة المصرية، سوف تذهب مباشرة لإيني المحتكر الأول للغاز الطبيعي بمصر.


ووصف الخبير الاقتصادي المهتم بقضايا الطاقة محمود وهبة، ما قامت به "إيني" بأنه عملية نصب محكمة ضد الشعب المصري بمعاونة الحكومة المصرية، موضحا أن الشركة، رفعت قضية التحكيم أمام جهتين مختلفتين من أجل الحصول على الغرامة مرتين، إلا أن إحدي المحكمتين في إسبانيا، رفضت إصدار حكم لصالحها، بعد اكتشافها أن محكمة أخرى حكمت لصالحها بالفعل بالغرامة، قبل ثلاثة أسابيع فقط.

 

 

وفجر وهبة فضيحة أخري للشركة الإيطالية، عبر صفحته على "فيسبوك"، بأن مكاسب إيني من حقل ظهر تتجاوز الـ15.5 مليار دولار، بينما لن تحصل مصر على أي عائد من الحقل لـ 15 عاما مقبلة، بالإضافة إلى أن العقود التي تم إبرامها مع الشركة الإيطالية، بها شبهات فساد كثيرة نتيجة الامتيازات المشبوهة التي حصلت عليها من الحكومة المصرية.

 

وكان المركز الدولي لتسوية نزاعات الاستثمار، التابع للبنك الدولي قد أصدر في سبتمبر 2018 حكما يلزم مصر بسداد ملياري دولار لصالح يونيون فينوسا جاس.


وفي تشرين الأول/أكتوبر 2018 أقامت الشركة دعوى ضد محكمة فيدرالية في واشنطن لإلزام مصر بتنفيذ حكم الغرامة وطالبت الشركة المحكمة بتحديد موعد نهائي تلتزم مصر خلاله بالرد على مطالبات الشركة.


وفي أعقاب إصدار الحكم في عام 2018، ذكرت تقارير صحفية إن وزارة البترول دخلت في مفاوضات مع يونيون فينوسا لتخفيض قيمة الغرامة، بالإضافة إلى التزام وزارة البترول باستئناف إمدادات الغاز الطبيعي لمحطة الإسالة التابعة للشركة. ونفت الشركة في بيان أصدرته في شباط/فبراير 2019 التوصل إلى اتفاق مع الحكومة المصرية بشأن المصنع. وقالت حينها إن المفاوضات بين الجانبين شهدت تقدما بالفعل لكن "الضمانات المقدمة ليست كافية من أجل التوصل إلى اتفاق شامل من أجل إنهاء النزاع القضائي".

 

اقرأ أيضا: تراجع أسعار الغاز يشكل صدمة مبكرة للاقتصاد المصري

امتيازات مثيرة


وحسب الباحث المختص بشؤون الطاقة، خالد فؤاد، فإن القضية الأخيرة المتعلقة بالتعويضات التي طالبت بها شركة "يونيون فينوسا جاس"، متشابكة ومرتبطة بعلاقات أخرى بين شركة إيني التي تمتلك نسبة 50 بالمئة من أسهم شركة "فينوسا"، بينما تمتلك شركة "ناتورجي" الإسبانية باقي الأسهم، موضحا أن هذه المشكلة على وجه التحديد لها جانب طبيعي متعلق بحقوق الشركة نتيجة عدم وصول الغاز المتعاقد عليه مع الحكومة المصرية لمحطة تسييل الغاز الطبيعي بدمياط، بعد 2012.


ويؤكد فؤاد لـ "عربي21"، أنه في عام 2018 حصلت "فينوسا"، على حكم تحكيم دولي بتعويض قيمته مليارا دولار، ونتيجة لعدم قيام الحكومة المصرية بتسديد الغرامة، رفعت قضية أخري للتأكيد على تمسكها بدفع الحكومة المصرية لقيمة الغرامة وهو ما تحقق بموجب حكم مركز التحكيم الدولي منذ ثلاثة أسابيع، وتحاول مصر في المقابل إجراء تسوية حول القضية باعتبارها أحد التفاهمات التي تم الاتفاق عليها لتوقيع عقد استيراد الغاز الطبيعي من إسرائيل، ولكن لم يتم تنفيذها حتى الآن.


ويشير الباحث بشؤون الطاقة، إلى أن "إيني" رغم أنها ليست طرفا أساسيا في الموضوع، إلا أنه كان يجب أن يكون لها دور في إجراءات التسوية، خاصة أنها تمتلك نصف أسهم شركة "يونيون فينوسا"، كما أنها حصلت على حقوق امتياز في حقل الشروق الذي أتاح لها اكتشاف حقل "ظهر" بمميزات ليس لها مثيل من الحكومة المصرية، وبالتالي فإن إصرارها على دعاوي التحكيم يثير علامات استفهام حول علاقاتها بملف الطاقة المصري بشكل عام.


ويضيف فؤاد قائلا: "أغلب الامتيازات التي قدمتها الحكومة المصرية لشركات الطاقة العالمية بها أخطاء، وإهدار لحقوق الشعب المصري، ولكن الوضع مع "إيني"، كان أكثر فجاجة وبجاحة في الوقت نفسه، حيث قامت مصر بتعديل عقودها مع "إيني" قبل الإعلان الرسمي عن اكتشاف ظهر بأيام معدودة، بزيادة المقابل الذي تدفعه الحكومة المصرية، مقابل شراء النسبة المخصصة لشركة إيني للضعف، بمعنى أن سعر المليون وحدة حرارية من الغاز الطبيعي كانت تقدر في العقد القديم بـ 2.65 دولار، زادات إلى 5.88 دولار، رغم علم الحكومة المصرية أنه تم اكتشاف حقل ظهر العملاق، ومع ذلك قامت برفع القيمة التعاقدية، في تصرف يحمل الكثير من علامات الفساد".


ويختم فؤاد موضحا أن شركة إيني شبه محتكرة للغاز المصري، وتحصل على عوائد ضخمة منه، وبالتالي يجب عليها مساعدة مصر في إنهاء قضايا التعويضات مع شركة "يونيون فينوسا"، حفاظا على شراكتها ومصالحها بمصر، خاصة وأن ما حصلت عليه من أرباح خلال الفترة الماضية أضعاف قيمة التعويض الذي تطلبه.

 

اقرأ أيضا: اكتشاف حقل جديد للنفط والغاز بمصر.. هذه قدرته الإنتاجية

غنيمة كبرى


ويؤكد الخبير الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي لـ "عربي21"، أن ما تقوم به شركة إيني من عمليات استغلال واسعة للحقوق المصرية، أمر طبيعي وفقا لمنظومة الفساد التي تدير شؤون الحكم بمصر، وهي المنظومة التي قدمت ثروات مصر النفطية بدون مقابل للشركات الأجنبية بشكل عام وإيني بشكل خاص.


ويوضح الصاوي أن مصر تمتلك خمس شركات قابضة كبرى، لإدارة ملف النفط والغاز الطبيعي والثروة المعدنية، بالإضافة لشركات أخري تابعة لها، بالإضافة لـ 12 شركة مملوكة للقطاع العام، ما يجعل الشركات الحكومية في هذا القطاع تقترب من 41 شركة متنوعة ومشتركة، ورغم هذا العدد الكبير لشركات الحكومة، والتي ينضم إليها شركات القطاع الخاص، فإن الشركات الأجنبية هي المسيطرة بشكل حقيقي على ملف الطاقة بمصر، ولها امتيازات أكثر بكثير من الشركات المصرية الحكومية والخاصة.


وحسب الصاوي فإن حقل ظهر يعد غنيمة كبرى لشركة إيني، حيث تحصل على 40 بالمئة من عوائد الحقل لاسترداد تكاليف الاستثمار، بالإضافة إلى حصة 35 بالمئة من عوائد الحقل، على أن تكون حصة الشركة 35 بالمئة فقط من عوائد الحقل بعد استرداد تكاليف الاستثمار والمقدرة بمليارات الدولارات.

 

التعليقات (1)
مصري
الأحد، 16-02-2020 07:55 ص
كل هذة الخسائر بسبب السيسي القذر كلب تل ابيب في مصر و مبولة بن زايد و بن سلمان في المنطقة .