ملفات وتقارير

هكذا كشفت انتخابات المحامين المصريين حجم الأزمة السياسية

فاز أحد رجال عهد مبارك بمنصب نقيب المحامين المصريين في الانتخابات الأخيرة- أرشيفية
فاز أحد رجال عهد مبارك بمنصب نقيب المحامين المصريين في الانتخابات الأخيرة- أرشيفية

قال سياسيون ومحامون مصريون إن المعارضة المصرية فشلت في كسب أية نقاط بمعركة انتخابات نقابة المحامين ولم تدفع بمرشح صريح يمثلها وتركت ساحة المنافسة على منصب النقيب بين اثنين من أنصار النظام العسكري الحاكم وفاز أحدهما بالمنصب.


وفي الانتخابات التي أجريت الأحد، فاز المحامي المدافع عن سعودية "تيران وصنافير"، وأحد رجال عهد حسني مبارك رجائي عطية (80 عاما) زعيم "قائمة الإصلاح"، بمنصب نقيب المحامين المصريين؛ بعد هزيمة خصمه اليساري النقيب السابق -مدة 19 عاما أخرها فترتين متتاليتين 8 سنوات- سامح عاشور، أحد أنصار النظام الحالي.


وفشل تيار المعارضة بنقابة المحامين في دعم المرشح أحمد قناوي، على منصب النقيب، الذي راهن عليه بعض المحامين المعارضين بينهم المرشح الرئاسي السابق والمحامي خالد علي.


"صورة للانتخابات المقبلة"


وفي إجابته على التساؤل: كيف كشفت انتخابات المحامين عن حجم الأزمة السياسية في مصر، وعن تقزم المعارضة؟ قال السياسي المصري سمير عليش، إنها "كشفت بوضوح أن رموز التيار الوطني المعارض لا يؤمنون بجدوى الحصول على أي منصب بمنظمات المجتمع المدني، ومنها النقابات في ظل النظام الحاكم الذي أعاد إرساء جمهورية البطش الغاشم بصورة فاقت ستينيات القرن الماضي".


وفي حديثه لـ"عربي21"، أرجع تلك الحالة إلى أن "المعارض لن يستطيع خدمة أعضاء المنظمة أو النقابة حتى حال فوزه، وسيتعرض للتضييق والسجن بدعوى كيدية".

 

ويعتقد عليش، أن "نتيجة انتخابات المحامين تعد مؤشرا على أنه لم يعد هناك خيارات سوى التنافس بين رجال السلطة بالانتخابات التشريعية والمحلية المقبلة، مؤكدا أن "تلك هي الصورة بالانتخابات المقبلة ما لم ينفجر بركان الغضب المكبوت".


من جانبه، قال الكاتب والناشط السياسي المتابع للحركة النقابية حسن حسين: "ليست المرة الأولى التي تعري فيها الانتخابات النقابية مدى هشاشة المعارضة وهوانها وعجزها عن الصعود بمرشحها لمنصب النقيب، فقد سبقت إنتخابات نقابة الصحفيين في التأكيد على الوضع المخزي ليس للمعارضة فقط بل للنخبة المثقفة أيضا".

 

اقرأ أيضا: منظمات مصرية تستنكر استمرار التنكيل بناشط سياسي معتقل

 

وأضاف بحديثه لـ"عربي21": "وحتى لا تلقي كل اللوم على المعارضة وحدها، نوضح أن جماهير الشعب تخذل تلك المعارضة ولا تدعمها ولا تتفاعل معها ولا تشاركها أفكارها وأهدافها، مما يضعف تلك المعارضة ويجعلها غير قادرة على أداء دورها".


وتابع: "أما إنتخابات المحامين؛ فحدث ولا حرج، نقابة دورها وتاريخها الدفاع عن الحريات تنقسم بين مرشحين يمثلان بشكل أو بآخر السلطة المستبدة، حتى لو تخفى أحدهما بقميص عبدالناصر، فقد قام خلال 19 عاما بتأميم العمل السياسي والوطني بالنقابة لصالح النظام، والآخر دافع ومازال عن التفريط بأرض الوطن".


وقال الكاتب والمحلل السياسي المعارض إن "المشهد بأكمله كارثي ومأساوي ويجسد حالة السقوط والانهيار التي يعيشها الوطن".


وأكد أن "الدرس الذي يفرض علينا نفسه هو ضرورة إعادة تأسيس الحركة الوطنية المصرية على أسس ومعايير موضوعية، وتطهير المجتمع المدني بنقاباته وأحزابه من الانتهازيين ومن الطابور الخامس الذي يدعي الانتماء للحركة الوطنية من أجل العبث بها وتخريبها".


"فرع للأمن الوطني"


واعتبر المحامي المصري عمرو عبدالهادي، أن انتخابات نقابة المحامين تعبر عن فشل المعارضة من الداخل، ناعيا النقابة بـ"مزيد من الأسى كمحام وعضو نقابة المحامين التي خرج منها رؤساء وزراء ووزراء وعظماء"، مؤكدا أن "المحامين أصبحت فرعا للأمن الوطني والمؤسسات الأمنية".


وقال لـ"عربي21": "أكرم لنا وضع النقابة تحت الحراسة كما كانت بعهد حسني مبارك، من أن تتنقل بين من يعمل لدى الإمارات وآخر يعمل لدى السعودية، وكانت مصوغات انتخابه قسمه أن (تيران وصنافير) سعودية".


وأكد أن "انتخابات النقابة تدار بين مرشحين تابعين للأمن الوطني وآخرين تابعين للمخابرات الحربية، وهي ليست انتخابات بل توزيع نصيب من التورتة"، موضحا أن "هؤلاء أصلا ينطبق عليهم العزل السياسي، لكن السيسي، إمتداد لمبارك ويستعمل نفس أدواته"، خاتما بقوله: "نقابتنا التي تأتي بحقوق العباد تبيع حقوق أعضائها".


وقال رئيس حزب الوفاق القومي المحامي محمد محمود رفعت: "انتخابات النقابات المهنية لها حسابات مختلفة عن مقولة المعارضة والموالاة، وما جرى بنقابة المحامين أن المعارضة لم ترشح أحدا، وكان التصويت معظمه عقابيا ضد عاشور".


وأوضح بحديثه لـ"عربي21"، أن عاشور أغلق قلعة الحريات التي خاضت معركة بيع هضبة الأهرام، وفتحت أبوابها لمؤتمرات المعارضة، وخرج منها الحزب الناصري والوفد، كما صادر لجان الحريات التي شاركت بالقضايا الوطنية والرأي والفكر، وساهم بتنفيذ مخطط تحويل النقابة لنادي وهو ما يقاومه المحامون".

 

اقرأ أيضا: حزب مصري: لا انتخابات ديمقراطية مع وجود سجناء رأي


وتابع: "ومن هنا كان سقوط النقابة التي كانت ترفع شعار الدفاع عن شعبها ورعاية مصالح أعضائها، وبذلك كان الخيار بين السىيئ والأسوأ، ونجح الأسوأ بأخطاء السيئ".


من جانبه، قال نائب رئيس حزب الجبهة الديمقراطية، مجدي حمدان موسى، إن "الحركة الوطنية لم تكن مشاركة من الأساس، بانتخابات المحامين".


وأوضح لـ"عربي21"، أنه "حدث تصويت عقابي ضد سامح عاشور، الذي حدثت بينه وبين المحامين مشاكل كثيرة، وأي مرشح مكان رجائي عطية كان سيفوز، ولو ترشح منتصر الزيات لاكتسح، كما أن أحمد قناوي، (دعمه معارضون) نفسه لم يكن له بصمة بالنقابة رغم كونه محاميا وحقوقيا".


وفي رؤيته عبر "فيسبوك"، قال السياسي المعارض أمين اسكندر، إن "انتخابات نقيب المحامين كاشفة لأزمة مصر السياسية، وأزمة الحركة الوطنية المصرية، حيث لم تعد هناك خيارات سوى التنافس بين رجال السلطة".


وأضاف: "إذ لم تكن هناك كتلة شعبية كبيرة مؤمنة بأهداف ثوره يناير، سوف تكون الانتخابات بين الجيش والجيش وسوف يكون مجلس النواب بين رجال الأعمال التابعين لسياسات كامب ديفيد".

 
التعليقات (0)