صحافة دولية

ديلي بيست: كيف أدى فيروس كورونا إلى انقسام أوروبا؟

ديلي بيست: فيروس كورونا يقسم أوروبا- جيتي
ديلي بيست: فيروس كورونا يقسم أوروبا- جيتي

نشر موقع "ديلي بيست" تقريرا للصحافيين فلوريان العبدي واتسيو دياز وكريستوفر ديكي وستيفانو ريلانديني، يتحدثون فيه عن تأثير فيروس كورونا على أوروبا، قائلين إن الأخيرة تتحول حاليا إلى قارة من الدول الفردية التي تتخذ قرارات من جانب واحد.

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن ألمانيا انضمت يوم الاثنين إلى الدول الأوروبية التي أعادت القيود على حدودها، والنتيجة هي وقف الحركة في منطقة "الشنغن" التي تتوسطها ألمانيا بعد الإغلاق الجزئي لحدودها مع فرنسا والنمسا وسويسرا ولكسمبورغ والدنمارك، وذلك بالرغم من أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قالت قبل ذلك بأقل من أسبوع بأنه "يجب ألا نعزل أنفسنا عن بعضنا البعض"، وأن نتخذ "مقاربة موحدة ومنسقة بقدر الإمكان".

ويقول الكتّاب إن باريس أغلقت المقاهي، في آخر مظهر من مظاهر مقاومة الوباء في أوروبا، الذي أصبح أكثر من أزمة صحية وأزمة اقتصادية، فغير أسلوب الحياة.

ويذكر الموقع أن تقريرا لباربي لاتزا ناديو، وصف كيف هي الحياة والموت في روما المغلقة، فيما كتب جيمي روس عن المغامرة الخطيرة التي تمارسها حكومة البريكسيت في بريطانيا، التي شجعت انتشار الفيروس بناء على حدس شبه علمي بأن انتشار الفيروس سيكسب المجتمع "مناعة جماعية"، حتى عندما يتسبب بقتل المسنين والمقعدين، فيما قامت كل من بولندا وجمهورية التشيك وسلوفاكيا والدنمارك بفرض قيود على حدودها بدرجات مختلفة.

ويفيد التقرير بأن إسبانيا، التي كانت قبل أسبوع تشجع الناس على الاحتفال بيوم المرأة في الشوارع، تقوم الآن بإغلاق البلد بعد أن أصيب عدد من كبار المسؤولين في الحكومة بالفيروس.

 

ويلفت الكتّاب إلى أن تقريرا للصحافي فلوريان العبدي، قال إن فيروس كورونا ينتشر بسرعة في الدنمارك، بشكل أكبر من أي مكان آخر في أوروبا، مشيربن إلى أن حكومة الدنمارك قامت بتطبيق أشد القيود على مواطنيها منذ الحرب العالمية الثانية، فحدت بعض الحريات الرئيسية التي يجب أن تكون موجودة في ديمقراطية، وهو ما يقلق الكثير من الخبراء السياسيين، لكن المواطنين الدنماركيين يؤيدون حكومتهم.

وينوه الموقع إلى أنه بعد سبع ساعات فقط من تحذير رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي، أورسولا فون دير لين، بأن تغلق الدول الأوروبية حدودها لوقف انتشار الفيروس، فإن رئيسة الوزراء الدنماركية، مته فريدريكسين، قامت بفعل ذلك بالضبط.

ويشير التقرير إلى أن فيروس كورونا تسبب بأول ضحية له في الدنمارك يوم السبت، وهو سجين يبلغ من العمر 81 عاما، فيما ارتفع عدد المصابين منذ 2 آذار/ مارس، من أربع حالات مؤكدة إلى 827 حتى يوم السبت، وهو ما يجعل هذا البلد الاسكندنافي الدولة الأوروبية الأولى في سرعة انتشار الفيروس.

ويستدرك الكتّاب بأن القيود على السفر لم تكن هي الإجراءات الأشد التي تتخذها السلطات الدنماركية، فصوت البرلمان على مجموعة قوانين طوارئ تعطي الحكومة السلطة في الاستيلاء على ممتلكات خاصة وتعليق حرية التجمع، فالاجتماعات التي تزيد على 100 شخص، بما في ذلك المظاهرات، غير مسموح بها.

ويلفت الموقع إلى أن القوانين الجديدة تسمح للسلطات بإكراه الأشخاص "المشتبه بإصابتهم بالمرض، على العلاج والتطعيم"، جاعلة مقاومة الفحص انتهاكا للقانون.

ويورد التقرير نقلا عن المراقبين السياسيين، قولهم إن هذه الإجراءات في الظروف العادية تعد انتهاكا فظيعا للدستور الدنماركي والحقوق الديمقراطية الأساسية، لكنهم يقولون إن الطوارئ التي نعيشها تبرر العديد من التعديات على الحريات.

وينقل الكتّاب عن المعلقة السياسية الدنماركية آن صوفي ألارب، قولها لـ"ديلي بيست": "هذه قوانين طائلة، لكننا نعيش حالة طوارئ ولهذا السبب تصبح مبررة"، مشيرة إلى أن هذه القوانين تنتهي بعد عام من الآن، ومع ذلك فقالت إن ذلك يعد منزلقا خطيرا خلال المناخ السياسي الحالي، حيث تحاول الحكومات الدنماركية المتعاقبة تقييد الحريات الشخصية.

 

وأشارت إلى الحق الذي يتمتع به الدنماركيون من رفض العلاج، قائلة: "لكن هذه طوارئ، وأعتقد أن الناس يؤيدون ذلك، لكنها تأتي في وقت تعاني منه الحريات الشخصية من ضغوط حكومية"، ففي السنوات الأخيرة تعرض الدنماركيون لمزيد من المراقبة وعدد من القوانين المثيرة للجدل، التي تستهدف مناطق تعرفها الحكومة بأنها "مناطق غيتو".

وينوه الموقع إلى أن المحلل السياسي الدنماركي لارز ترير موغنسين يذهب أبعد من ذلك، ويشير إلى أن هذه الإجراءات تعطي الحكومة "سلطة شديدة القسوة"، وذلك بسبب تعليق العديد من الحريات الأساسية، وقال: "إن الإجراءات مبالغ فيها لتحد بعض حرياتنا الأكثر أهمية، مثل حرية التظاهر وحرمة الملكية الخاصة"، وأعرب عن خشيته من أن تتمسك الحكومة ببعض هذه القيود حتى بعد انتهاء صلاحيتها بعد عام.

وبحسب التقرير، فإن ما زاد من التساؤلات حول تصرفات الحكومة الدنماركية هو تصريح المدير التنفيذي لسلطة الصحة الدنماركية، سورين بروستروم، بأن قرار الحكومة إغلاق الحدود قرار سياسي وليس علميا.

ويفيد الكتّاب بأنه لطالما كان فرض المزيد من القيود على الحدود يشكل جزءا من أجندة اليمين، مشيرين إلى تعرض الحكومة اليسارية لانتقادات بسبب تبنيها بعض سياسات اليمين المعادية للهجرة للحصول على أصوات مؤيدي اليمين.

ويذكر الموقع أن الحكومة قد انتقدت في وقت سابق من الشهر عندما طلبت من عمداء المدن وقف طقوس منح الجنسية؛ لأنها تقتضي مصافحة إلزامية، وهو قانون يستهدف المسلمين لأن بعضهم لا يريد مصافحة شخص من الجنس الآخر، ولأنه يجب تجنب المصافحة الآن بسبب الفيروس، بحسب تعليمات السلطات الصحية، فإن على المهاجرين من مختلف الديانات انتظار الحصول على الجنسية إلى أجل غير مسمى.

ويشير التقرير إلى أن عددا من أعضاء البرلمان من الحزب الشعبوي "حزب الشعب الدنماركي"، ألقوا باللائمة في انتشار الفيروس على المهاجرين، واقترحوا احتجاز المقدمين على اللجوء كلهم لمنع الانتشار، بالرغم من الحقيقة المثبتة بأن المرض جاء الى الدنمارك عن طريق الدنماركيين الأثرياء العائدين من إجازات التزلق على الجليد في النمسا وإيطاليا.

ويلفت الكتّاب إلى أن السويد انتقدت الدنمارك لإغلاقها الحدود، وقال عالم الأوبئة الحكومي أندريس تيغنيل، إن التحرك الدنماركي "لا معنى له على الإطلاق"، مشيرا إلى أن السويد اتخذت مقاربة معاكسة تماما للدنمارك، وبقيت المدارس وأماكن العمل مفتوحة، وبقيت عجلات المجتمع تدور وكأن شيئا لم يحصل، وكان أقسى قيد فرضته الحكومة هو إلغاء أي نشاط يشارك فيه أكثر من 500 شخص.

 

ويقول الموقع إنه في إسبانيا أصيبت زوجة رئيس الوزراء بدرو سانشيز وكذلك زوجة نائبه، وهو ما يعني أن الفيروس وصل إلى أقوى الشخصيات في الحكومة الإسبانية، وبأنه يجب عليهم الحجر الصحي، و"إن كان ليس واضحا مدى التزامهم بالقواعد".

وينوه التقرير إلى أن الحكومة أعلنت حالة طوارئ، يوم السبت، تمنح الحكومة سلطة حجز الناس وإخلائهم، وتم استدعاء الجيش، وأغلقت المطاعم والبارات والنوادي في مدريد وحولها، وكان قد تم إغلاق المدارس سابقا.

ويستدرك الكتّاب بأنه بالرغم من إصابة 6 آلاف شخص بالمرض، ووفاة 200، إلا أن رئيس كاتالونيا، كيم تورا، رفض أن يطبق حالة الطوارئ التي أعلنتها الحكومة المركزية بحجة أن سانشيز يحاول استخدام ذلك ليسيطر على سلطات الصحة والسلامة والنقل، مستخدما "حجة" فيروس كورونا. 

ويختم "ديلي بيست" تقريره بالإشارة إلى أنه لجعل المشهد أكثر جنونا، فإن حزب "فوكس" اليميني المتطرف عرض أن يعطي أصواته للاشتراكي سانشيز.

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)