سياسة دولية

حياة الرفاهية للنخب الروسية في مرمى العقوبات الغربية

روسيا تعد أول بلد أوروبي من حيث عدم المساواة - جيتي
روسيا تعد أول بلد أوروبي من حيث عدم المساواة - جيتي

قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين؛ إن داعمي آلة بوتين الحربية، لا ينبغي أن يكونوا قادرين على التمتع بنمط حياتهم الفخم فيما تتساقط القنابل على الأبرياء في أوكرانيا.

وجاء حديث المسؤولة الأوروبية، عقب قرار الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، الثلاثاء، السير على خطى الولايات المتحدة من خلال فرض حظر على صادرات السلع الكمالية إلى روسيا، وهي خطوة لن تغير جذريا نمط حياة "الأوليغارش"، إلا أنها تبعث برسالة سياسية للروس كافة، وفق "فرانس برس".

وبدأت ملامح العقوبات الغربية المفروضة على روسيا على خلفية غزوها أوكرانيا منذ 24 شباط/فبراير تتضح بشكل ملموس، بدءا من انهيار الروبل ووصولا إلى تراجع القدرة الشرائية للمواطنين الروس، لكن الغربيين يريدون أن يصعبوا أكثر فأكثر حياة حفنة من الشخصيات المقربة من فلاديمير بوتين.

وقرر الاتحاد الأوروبي حظر صادرات السيارات الفاخرة والشمبانيا والمجوهرات والسلع الثمينة إلى روسيا وهي المفضلة لدى الأوليغارش، ويتعلق الأمر تحديدا بالسلع التي تزيد قيمتها عن سقف معين مثل مبلغ 50 ألف يورو فيما يخص السيارات.

بدورها، بادرت بريطانيا إلى اتخاذ خطوة مماثلة وفرضت حظرا على قطاع الموضة وأيضا الأعمال الفنية.

وكانت الولايات المتحدة قد اتخذت قرارات مماثلة قبل بضعة أيام، تعتبر استثنائية، حيث إن الصادرات الكمالية كانت في السابق محظورة حصرا على كوريا الشمالية.

ورأى بروفيسور جان فيركويل من المعهد الوطني للغات والحضارات الشرقية، أن "هذه الرسالة موجهة إلى النخبة بهدف جعلها تفهم بأنه لا يزال هناك وقت للانفصال عن فلاديمير بوتين".

وأضاف: "هناك ارتباط انفصامي لدى الأوليغارش مع الرفاهية الأوروبية والأمريكية".

وأوضح الخبير المتخصص في اقتصاد دول ما بعد الاتحاد السوفياتي، أن "الغرب هو نموذج في كل ما يتعلق باستهلاك التباهي، لكن في خطاباتهم، فإن النخب مضطرة إلى انتقاد الغرب المنحط. لأن مبادئه ليست هي نفسها التي يحمل فلاديمير بوتين".

وأكد أن الرسالة من وراء حزمة العقوبات الجديدة، التي تمس بشكل خاص البضائع الفاخرة، هي ليست موجهة فقط للأوليغارش، حيث يتعلق الأمر أيضا بتكثيف حالة الانفصال بين الأشخاص فاحشي الثراء وبقية السكان.

وبين أن "أغلب الروس يصطدمون بواقع عدم المساواة المحيطة بهم والطريقة التي تم بها جمع تلك الثروات".

 

اقرأ أيضا: بريطانيا تفرض عقوبات على 7 أثرياء روس بينهم مالك "تشلسي"

نمط حياة "متميز"

ولا يبدو أن للعقوبات الجديدة فرصة لإرباك نمط الحياة المترف لكبار الضباط ورجال الأعمال والسياسيين، الذين يسيرون في ركب الكرملين.

واعتبر برونو لافانيا صاحب كتاب "الجغرافيا السياسية للرفاهية"، أن "مطاردة هؤلاء الأشخاص الذين يتمتعون بقوة مالية هائلة تبقى معقدة، حيث إنهم يسافرون ولديهم عادة جنسية مزدوجة".

ووفق وسائل إعلام إماراتية، فقد "غادر أثرياء أوليغارش روس بلدهم للاستقرار والاستثمار في الإمارات العربية المتحدة أو تركيا، بهدف حماية أصولهم المالية، ولكن أيضا للتمتع بنمط حياة مميز.

ولفت إلى أن المشترين الروس يمثلون 5 بالمئة من السوق العالمية، ومن ثم فسيكون قطاع الكماليات قادرا على التعافي، خصوصا بعد أن أثبت مرونته خلال الأزمة الصحية".

وأشارت "فرانس برس" إلى أن كازاخستان هي بمنزلة بوابة مثالية للأثرياء الروس للحصول على الشمبانيا والملابس والساعات الفاخرة، حيث "يوجد اتحاد اقتصادي أورو-آسيوي سيسمح للنخب الروسية باقتناء هذه السلع دون دفع رسوم جمركية إضافية".

روسيا.. السعفة الذهبية لعدم المساواة في أوروبا

وبحسب "فرانس برس"، فإن روسيا تعد أول بلد أوروبي من حيث عدم المساواة، حيث كشف تقرير "للقرض السويسري" أن 74.5 بالمئة من الثروات الوطنية الروسية هي بحوزة 1 بالمئة من الشعب، وأن 10 بالمئة من الروس يحتكرون 89 بالمئة من الخيرات.

وترجع عدم المساواة هذه إلى ارتفاع فلكي في الرواتب العالية خلال التسعينيات، وهي ظاهرة مرتبطة باحتكار النظام الاقتصادي من طرف حفنة من رجال الأعمال، واستمرت تلك الفجوة في الاتساع بسبب الارتفاع المتواصل في أسعار البضائع الأساسية.

وتقدر قلة من الروس على إنفاق آلاف اليوروهات من أجل شراء حقيبة يد من دار شانيل أو برادا، وهم لا يمثلون سوى جزء قليل من السكان.

ووفقا لشركة "إل في إم إتش" الرائدة عالميا مع علامات مثل كريستيان ديور وكينزو أو حتى مويت وشاندون، فإن روسيا لا تمثل سوى 2 بالمئة من إجمالي حجم مبيعاتها، أما الشمبانيا، فتستورد روسيا حوالي 1.5 مليون قارورة سنويا أي 0.5 بالمئة من السوق، وهي بمنزلة قطرة ماء بالمقارنة مع 34 مليون قارورة بيعت في الولايات المتحدة عام 2021.

وأظهرت العديد من المجموعات الكبرى منذ بداية شهر آذار/مارس دعمها لأوكرانيا عبر إغلاق مؤقت لمتاجرها في روسيا، ورغم ذلك، أعلن بعضها مثل "إل في إم إتش" عن الاستمرار في دفع مرتبات موظفيها في البلد.

التعليقات (0)