قضايا وآراء

محور الشر.. بوتين وخامنئي والقبضة المرتخية

أحمد موفق زيدان
1300x600
1300x600
كشفت قمة الأمن الجماعي الأخيرة في يريفان بأرمينيا وبحضور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن حجم الضرر الذي ألحقه عدوانه الأخير على أوكرانيا، حين ابتعد الرئيس الأرمني باشينيان عن الرئيس الروسي بوتين أثناء التقاط صورة جماعية للمؤتمرين، وسبقه حشد باشينيان للدول المشاركة في عدم دعم إعلان رسمي للقمة، مما عكس غضبه الواضح لعدم تجاوب المنظمة وتحديداً الرئيس الروسي بوتين بدعمه فيما اعتبره هجوم أذربيجان الأخير عليه، ولذا فقد توجه نحو الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ليترأس جلسة محادثات، لكن رد الطرف الأذربيجاني كان سريعاً حين رفض وساطة ماكرون واعتبره منحازاً ضد بلاده.

هذا الحدث ترافق مع تصديق البرلمان الأوروبي على تصنيف روسيا كدولة راعية للإرهاب، وهو الأمر الذي تولّت الرد عليه عصابات فاغنر الروسية من خلال إرسال صندوق للآلة الموسيقية الكمان، لكن في داخله كان كماناً روسية، وهو عبارة عن بلطة ملطخة بالدماء. وصاحب ذلك استمرار الهجمات الوحشية البلطجية على مدن أوكرانيا لتحرم الشعب الأوكراني من المياه والكهرباء والتدفئة، وسط مساع أمريكية للتهدئة واسترضاء النمر الجريح في الكرملين، وكأن أمريكا تسير على نصيحة الرئيس الباكستاني السابق الجنرال ضياء الحق لمدير مخابراته يومها الجنرال أختر عبد الرحمن، خلال الحرب الأفغانية ضد السوفييت: "دع الماء يغلي بدرجة متصاعدة لكن بطيئة".

من الواضح أن غوص الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الوحل والرمال الأوكرانية سيفقده حلفاءه الأقربين والمباشرين، وقد تجلى ذلك في دول وسط آسيا التي بدت حريصة على تنويع سياساتها الخارجية بالاعتماد على أمريكا والغرب والصين وتركيا، وليس على روسيا فقط
من الواضح أن غوص الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الوحل والرمال الأوكرانية سيفقده حلفاءه الأقربين والمباشرين، وقد تجلى ذلك في دول وسط آسيا التي بدت حريصة على تنويع سياساتها الخارجية بالاعتماد على أمريكا والغرب والصين وتركيا، وليس على روسيا فقط، بينما كانت الرسالة واضحة في قمة يريفان الأخيرة، أن بوتين لم يعد كما كان في السابق بعيون حلفائه المباشرين، ولذا فإن التوجه السياسي الأرمني اليوم بتنويع مصادر سياسته الخارجية، والتوجه إلى أوربا وأمريكا والصين، وحتى إلى تركيا، دليلاً على ذلك، لا سيما وأن أرمينيا فقدت ثقتها بحليفها الإيراني نتيجة انشغاله بدعم الروسي في عدوانه على أوكرانيا، خصوصاً بعد تعاظم الحصار الدولي عليها، والأسوأ من ذلك هو زيادة الضغط والحصار الشعبي عليها، نتيجة الثورة الحاصلة في إيران هذه الأيام.

الواضح أن الانتقادات الأرمنية التي كانت همساً، وعلى نطاق ضيق وسط النخب الأرمنية المثقفة تحوّلت اليوم إلى استياء حقيقي تجاه السياسة الروسية، لا سيما وهي المنشغلة حتى آذانها في أوكرانيا، وهو ما سيضعفها ليس على الجبهة الأرمنية، وعلى جبهات حلفائها الأقربين، وإنما على جبهات بعيدة كالجبهة السورية لصالح الثورة السورية وحلفائها. وقد سبق هذا أيضاً انتقاد ضمني للرئيس الكازاخستاني قسيم جومارات توكاييف خلال خطابه في جلسة الأمم المتحدة في أيلول/ سبتمبر الماضي، للغزو الروسي إلى أوكرانيا، وهو ما خلف غضباً داخل أروقة الكرملين، بالإضافة إلى كونه جرّأ حلفاء روسيا الآخرين على الابتعاد عنها، لا سيما وقد انتقد هذا الغزو من قبل كل من الصين والهند.

أما إيران خامنئي اليوم فتعاني من غليان حقيقي يراه الكثيرون أنه أشبه ما يكون بغليان ما قبل سقوط نظام الشاه، وقد انعكس ذلك وتجلى أكثر في الإصرار الإيراني الكبير على استمرارية الثورة، بالإضافة إلى حجم العداء الشعبي والمختزن داخل أحشاء الشعب الإيراني ضد الحكم، ودعم ذلك كله الاتساع الجغرافي والديمغرافي الثوري الذي شمل كل إيران من تضاريس جغرافية، إلى تضاريس ديمغرافية، بحيث شملت الثورة الكرد والعرب والأذريين والبلوش، وكذلك عرقية الفرس، حيث كانت المظاهرات قد انطلقت ولا تزال من معاقل آيات الله في أردبيل وقم وخمين، والتي توجت بحرق بيت الخميني ذاته.

إيران خامنئي اليوم فتعاني من غليان حقيقي يراه الكثيرون أنه أشبه ما يكون بغليان ما قبل سقوط نظام الشاه، وقد انعكس ذلك وتجلى أكثر في الإصرار الإيراني الكبير على استمرارية الثورة، بالإضافة إلى حجم العداء الشعبي والمختزن داخل أحشاء الشعب الإيراني ضد الحكم، ودعم ذلك كله الاتساع الجغرافي والديمغرافي الثوري الذي شمل كل إيران
موقف الفريق الرياضي الإيراني الأخير في كأس العالم بالدوحة، كان لافتاً حين رفض ترديد النشيد الوطني الإيراني، وأتت تغريدة قائد الفريق السابق علي كريمي: "إن كان من يحكم ويدير إيران هم أحفاد الرسول والسائرين على خط الإمام الحسين، فبالتأكيد إن يزيداً كان على صواب". وأعلن لاعب إيراني آخر أن الفريق الوطني الرياضي مع الثورة الإيرانية، ومع ضحايا 400 قتيل راحوا ضحية القمع الحكومي، ومن بينهم 50 طفلاً.

وقد تزامن ذلك مع انشقاق ممثلات إيرانيات مشهورات عن النظام، وأعلنّ دعمهن للثورة الإيرانية والاحتجاجات، مما أعطى الثورة عمقاً نخبوياً، خصوصاً وقد شملت اتحادات التجار والبازار وغيرهم.

يعتقد كثير من الخبراء أن إيران بدأت تئن تحت استمرار هذه الاحتجاجات، وقد شوهدت تغيرات في سلوكيات المليشيات الإيرانية حول دمشق بإعادة ممتلكات الأهالي المصادرة من قبلها، أو بتغير في مليشيات موالية لها كحزب الله وفاطميون وانسحابهم من سوريا، وقدر البعض أن يكون الانسحاب باتجاه الاحتجاجات في إيران. ولا يستبعد خبراء إيرانيون أن يلجأ الملالي إلى نقل النموذج السوري الذي اشتغلوا عليه، بحيث يقتلون بشكل جماعي، وحينها ستندلع الحرب الأهلية، وسيرد المحتجون على ذلك بالنار، وبالسلاح الذي سيأتي بالتأكيد من مناطق بلوشية، وكذلك من مناطق الأكراد، وحينها الحرب الأهلية احتمال حقيقي ووارد تماماً.

التعليقات (0)