تشكل المقاطعات العشر التي ضربها
الزلزال في الجنوب التركي، 15 بالمئة من إجمالي الأراضي الزراعية في البلاد.
وقال الكاتب فخري يافوز في تقرير في مجلة "
كريتر" ترجمته "عربي21"، إنه بينما تستمر الآثار الطويلة المدى لتغير المناخ، فإن جائحة كورونا التي ظهرت بداية عام 2020 واستمرت لما يقرب من العامين، وتلتها الحرب الروسية الأوكرانية، كانت لها آثار سلبية كبيرة على الزراعة وأمن الإمدادات الغذائية.
وبينما كانت تختفي هذه الآثار السلبية تدريجيا، فقد تعرضت
تركيا لزلزالين كبيرين في منتصف الشتاء، في أكبر كارثة في العالم على الإطلاق.
ووقع الزلزال الأول على عمق 8.6 كيلومتر والثاني على عمق 7 كيلومترات، ولهذا يعتبر كلاهما "زلزالين ضحلين" لقربهما من سطح الأرض، وعلى عكس الزلازل الكبيرة التي حدثت في العالم، فإن وقوعهما على عمق قريب جدا من الأرض زاد من حجم الدمار الذي أحدثته، وتسببا في نزوح شبه جزيرة الأناضول ثلاثة أمتار إلى الغرب، وإن الشقوق والانخفاضات في الحقول الزراعية تدلل على حجم الآثار السلبية على القطاع الزراعي.
وللزلازل تأثيرات مختلفة تتعلق بالتوقف المؤقت للأنشطة الزراعية، فضلا عن الأضرار التي لحقت بموارد الإنتاج وصعوبة الوصول إليها. كما أن التصدعات والانزلاقات الأرضية التي حدثت في الأراضي الزراعية تجعل من الأمر صعبا إمكانية استخدامها، بالإضافة إلى ذلك، فإن أنظمة الري الزراعي لحقها الضرر.
اظهار أخبار متعلقة
كما أن الهجرة الناجمة عن هذه الظروف المعاكسة جراء الزلزال قد تعيق الإنتاج الزراعي في تلك المناطق.
من ناحية أخرى، فإن الزلازل التي تحدث خلال فترة الإنتاج تلحق الضرر أيضا بأنشطة الإنتاج النباتي والحيواني. وقد تكون هذه الأضرار على شكل تأخير أو عدم القدرة على القيام بأنشطة الإنتاج الزراعي، وكذلك فقدان المنتجات والمدخلات المخزنة والمخلفات الحيوانية أثناء الحصاد.
وقد يؤدي الضرر في الأراضي في جعل الحصاد صعبا بل مستحيلا، كما يمكن أن يتسبب انقطاع الطاقة على المدى الطويل أثناء عمليات الإنتاج النباتي والحيواني التي تحتاج إلى الطاقة في خسائر كبيرة.
الإمكانات الزراعية للمناطق التي ضربها الزلزالان في تركيا
الإمكانات الزراعية لكل مقاطعة من المقاطعات الـ 10 المتضررة من الزلزال عالية جدا. وما يقرب من 15 بالمئة من إجمالي الأراضي الزراعية في تركيا، أي 3.6 مليون هكتار من 23.9 مليون هكتار من الأراضي بالبلاد، تقع في محافظات منطقة الزلزال، وخاصة شانلي أورفا وديار بكر وأضنة.
ويبلغ عدد المؤسسات الزراعية والمزارعين المسجلين في منطقة الزلزال حوالي 270 ألفا. ويتم إنتاج حوالي 20 بالمئة من إجمالي إنتاج
المحاصيل فيها، بينما يقع حوالي 15 بالمئة من الثروة الحيوانية في تلك المقاطعات.
وتبلغ المساحة الإجمالية للأراضي، حيث تزرع فيها المحاصيل التي تحتوي على الحبوب والمنتجات النباتية الأخرى في المقاطعات العشر 15.5 بالمئة من إجمالي تركيا.
وتغطي مناطق الزلزال أيضا 15.2 من مساحة إجمالي إنتاج الخضراوات في تركيا، و25 بالمئة من زراعة الفاكهة والتوابل.
وتعد شانلي أورفا وديار بكر وأضنة في طليعة المحاصيل الحقلية، بينما تتمتع أضنة وهتاي بوزن كبير في الخضروات وغازي عنتاب تشتهر بالفاكهة.
من ناحية أخرى، فإن ما يقرب من 20 بالمئة من صادرات تركيا هي من المنتجات الزراعية والخشبية من منطقة الزلزال. وتشكل ولاية غازي عنتاب عصب المنتجات الزراعية، حيث يتم تصدير أكثر من نصف المنتجات منها في مناطق الزلزال.
وتشكل مناطق الزلزال العشرة 9 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لتركيا، فيما تبلغ حصة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي 14.3 بالمئة.
آثار زلزال القرن على الزراعة
وقد تؤدي الخسائر الكبيرة في أرواح السكان المسنين، الذين يتواجدون أساسا في الريف والقرى، إلى مزيد من الانخفاض في عدد الزراعيين غير الكافي أصلا وتعطيل النشاط الزراعي. وقد لا يتمكن أولئك الذين فقدوا أقاربهم من العمل بكفاءة لبعض الوقت بسبب الصعوبات النفسية. وبالإضافة إلى الخسائر في الأرواح، فإن هناك أيضا هجرات محتملة بسبب صعوبات الحياة في المناطق الريفية.
وتسبب تدمير الحظائر في الأرياف إلى جانب المباني السكنية، في فقدان الثروة الحيوانية، وإلحاق الضرر بالآلات والمعدات والأدوات، وانخفاض المدخلات مثل البذور والأعلاف، وانخفاض جودتها.
وبدءا من شهر آذار/ مارس الجاري، فقد تكون هناك أيضا مشاكل في توريد المدخلات مثل وقود الديزل والأسمدة والبذور والأدوية المستخدمة في الإنتاج الزراعي، وبالتالي فقد تكون هناك اضطرابات في إنتاج المحاصيل.
اظهار أخبار متعلقة
من ناحية أخرى، فإن الصعوبات التي ستنشأ في مراحل النقل والمعالجة والتعبئة والتخزين وتجارة الجملة والتجزئة في سلسلة القيمة الغذائية، فضلا عن خسائر المنتجات الزراعية والغذائية مع الدمار الكبير في المدن، ستؤثر على الأمن الغذائي.
ولكن نظرا لعدم وجود الموسم لإنتاج المحاصيل هناك، فلن تكون هناك خسائر كبيرة بسبب الإزاحة في الأرض، أو تعطل عمليات الإنتاج الزراعي أو الحصاد. ووفقا لذلك فقد تكون الزيادات في أسعار المنتجات الزراعية والمواد الغذائية محدودة، حيث لن يكون هناك انخفاض كبير في الإنتاج، ولكن إذا لم يتم اتخاذ التدابير اللازمة لفترة الإنتاج التالية بشكل فعال، فقد ينعكس ذلك سلبا، ما يتسبب في تضخم أسعار الغذاء.
الدعم الزراعي لمنطقة الزلزال
وتسهم الخيام والمنازل المؤقتة والمساعدات المقدمة في القرى والمدن التي تعرضت للزلزال، في إبقاء المزارعين الذين تعرضت منازلهم للضرر في المنطقة، ومنع توقف الأنشطة الزراعية.
وإلى جانب المساعدات الطارئة فإن الدعم الحكومي لضحايا الزلزال له أهمية كبيرة، مع ضرورة البدء بتنفيذ التحول الريفي الطويل الأجل والدائم، الذي سيحسن ظروف العمل والمعيشة في الأرياف، في أقرب وقت ممكن، بما يتماشى مع ما يتم التخطيط له.
وأعلنت الحكومة التركية، أنها ستعمل على تعويض خسائر المزارعين العاملين في تربية الحيوانات في المقاطعات العشر، والمناطق القريبة منها والتي تضررت جراء الزلزال، وسيتم توفير المواشي والدواجن وخلايا النحل وغيرها من الحيوانات الصغيرة بقدر الخسارة، للمزارعين مجانا من وزارة الزراعة والغابات التركية.
كما أنه دخل القرار الرئاسي بشأن تقديم الأعلاف لمزارع الحيوانات في المقاطعات التي تضررت من الزلزال حتى نهاية العام الجاري حيز التنفيذ، كما أنه ستتم تلبية الحاجات العاجلة من السكر لنحو مليون و483 ألف خلية نحل لـ12 ألف مربي نحل في المقاطعات العشرة على الفور. وسيتم سداد مدفوعات دعم الديزل والأسمدة لعام الإنتاج 2022، نقدا على الفور للمزارعين المسجلين في نظام تسجيل المزارعين في المناطق التي تضررت من الزلزال.
اظهار أخبار متعلقة
وفي منطقة الزلزال، فإن من الضروري إجراء صيانة الزراعة الشتوية في الوقت المحدد، والتوجه إلى الأرض لبدء الزراعة الربيعية دون انقطاع، وإعادة بناء سلسلة القيمة الغذائية المتدهورة.
ولقي بعض المزارعين الذين يعملون في الأنشطة الزراعية مصرعهم في الزلزال، وهاجر البعض الآخر من المنطقة بسبب عدم توفر الظروف المعيشية المناسبة والصدمة النفسية، ومن أجل منع الهجرة وضمان العودة في وقت قصير, فإن من الضروري بشكل عاجل ضمان ظروف العمل من خلال القضاء على أوجه القصور في الجرارات والأدوات ومدخلات الإنتاج اللازمة لأنشطة الإنتاج.