قضايا وآراء

تحرّكات أمريكيّة في العراق.. ثمّ ماذا؟

جاسم الشمري
ما هي سيناريوهات التغيير في العراق؟- الأناضول
ما هي سيناريوهات التغيير في العراق؟- الأناضول
تتوالى منذ أكثر من أسبوعين، التحليلات العسكريّة والسياسيّة لخبراء ومحلّلين سياسيّين تَتعلّق بالتحرّكات العسكريّة والدبلوماسيّة الأمريكيّة في العراق.

وأخبار تلك التحرّكات تُتَداول بين العراقيّين مثل انتقال النار في الهشيم تماما، ووصلت لدرجة أنّ بعض الوكالات وحسابات مواقع التواصل الاجتماعيّ، تصرّ عبر منشورات مصوّرة على أنّ القوّات الأمريكيّة تجري مناورات عسكريّة في قاعدة فكتوريا بمطار بغداد الدوليّ، والحقيقة أنّ الأفلام المُتَداولة هي صور قديمة لتخلُّص الجيش الأمريكيّ من ذخائره خلال انسحابه من أفغانستان في العام 2021.

وتزامنت هذه المنشورات مع زيارة كبيرة وغامضة لوفد عسكريّ عراقيّ إلى واشنطن، في التاسع من آب/ أغسطس الحاليّ، ضمّ العديد من كبار ضبّاط الجيش والأجهزة الأمنيّة، وعلى رأسهم وزير الدفاع ثابت العباسي، وقائد جهاز مكافحة الإرهاب الفريق الأوّل عبد الوهاب الساعدي.

وقد عقدوا اجتماعات "غامضة" مع وزير الدفاع الأمريكيّ لويد أوستن، والعديد من المسؤولين في وزارتي الدفاع والخارجيّة ومجلس الأمن القوميّ.

وهذه الزيارة تحمل في طياتها العديد من الرسائل لبغداد، ولكن حتّى الساعة لم يُفصح عنها.

تُكرّر واشنطن بأنّ تأجيل زيارة السوداني مُرتبط بانشغالات الرئيس جو بايدن، والحقيقة فإنّ تبريرات البيت الأبيض غير مقنعة، وهنالك ربكة في العلاقات العراقيّة والأمريكيّة.

وتعتبر هذه الزيارة الأهمّ والأبرز لمسؤولين عراقيّين، وبالذات مع استمرار عدم إعطاء واشنطن الضوء الأخضر لرئيس حكومة بغداد محمد شياع السوداني لزيارة البيت الأبيض، رغم مرور عشرة أشهر تقريبا على تسنّمه لمنصبه.

وتُكرّر واشنطن بأنّ تأجيل زيارة السوداني مُرتبط بانشغالات الرئيس جو بايدن، والحقيقة فإنّ تبريرات البيت الأبيض غير مقنعة، وهنالك ربكة في العلاقات العراقيّة والأمريكيّة.

كما أنّ السفيرة الأمريكيّة ببغداد، إلينا رومانوسكي، بعد عودتها من واشنطن منتصف الشهر الحاليّ التقت خلال (48) ساعة فقط، بما يقرب من عشر شخصيّات "ثقيلة"، بينها الرئيس السوداني، وزعيم دولة القانون نوري المالكي، ورئيس مجلس النوّاب محمد الحلبوسي، وآخرون.

وقد انشغل الشارع العراقيّ بهذه اللقاءات، لدرجة أنّ بعض السياسيّين والإعلاميّين أكّدوا بأنّ رومانوسكي تُناقش ساسة العراق ويدها على الزناد.

وبعد لقاءات رومانسكي، تناقلت بعض الوكالات المحلّيّة والأجنبيّة أنباءً "مؤكّدة" عن تحرّكات أمريكيّة بمحافظات صلاح الدين شمالي بغداد، والأنبار الغربيّة، وبالتحديد في قاعدتي "عين الأسد"، و"التَّنَف" الواقعة على الحدود السوريّة مع الأردن والعراق، أيضا في الموصل الشماليّة بقاعدة القَيّارة.

وهكذا يستمرّ تداول أنباء تلك التحرّكات في العديد من المدن الأخرى، وكأنّ الاستهداف الأمريكيّ لهدف ما، قاب قوسين أو أدنى.

وجميع هذه المعطيات المهمّة والخطيرة، دفعت الكثير من العراقيّين للظنّ بأنّ بلادهم سائرة نحو تغيير سياسيّ وأمنيّ مرتقب.

فهل ستقلب واشنطن الطاولة على الجميع وتغيّر كفّة الحكم وتسلّم البلاد لقيادات عسكريّة "تثق" بها، ربّما كان بعضهم ضمن زيارة الوفد العسكريّ لواشنطن بداية الشهر الحاليّ؟

قضيّة تغيير النظام العراقيّ، فهذه على الأقلّ في المرحلة القريبة المنظورة، مُستبعدة؛ كون واشنطن لا تريد فتح جبهات أخرى، وكونها حقّقت ما تصبو إليه من احتلالها للعراق وخضوعه شبه التامّ لإرادتها؛ فلهذا لا يوجد مبرّر منطقيّ وعسكريّ وسياسيّ، يدفع واشنطن للتفكير بقلب الطاولة العراقيّة في المرحلة المنظورة.

أمْ إنّ واشنطن ستمزّق أجنحة إيران في العراق، والمتوقّع بأنّها ستساند طهران في حال توجيه ضربة أمريكيّة ضدّ القوى والمصالح الإيرانيّة في سوريا؟

أمْ إنّ القضيّة مجرّد تحرّكات تكتيكيّة، خصوصا مع وجود أكثر من 2500 عسكريّ أمريكيّ في العراق؟

أتصوّر أنّ واشنطن إن أرادت توجيه أيّ ضربة لأيّ هدف مهم، فيُمْكنها عبر طائراتها المسيّرة والدقيقة التصويب، أن تُنفّذ خطّتها.

أما قضيّة تغيير النظام العراقيّ، فهذه على الأقلّ في المرحلة القريبة المنظورة، مُستبعدة؛ كون واشنطن لا تريد فتح جبهات أخرى، وكونها حقّقت ما تصبو إليه من احتلالها للعراق وخضوعه شبه التامّ لإرادتها؛ فلهذا لا يوجد مبرّر منطقيّ وعسكريّ وسياسيّ، يدفع واشنطن للتفكير بقلب الطاولة العراقيّة في المرحلة المنظورة.

وأتوقّع أنّ واشنطن ستستخدم الملفّ الاقتصاديّ، بالذات مع سيطرتها التامّة على سوق الدولار في العراق، وتحكمها بمبيعات النفط العراقيّ التي تدخل للبنك الفيدراليّ الأمريكيّ، ومن ثمّ تُرسل إلى العراق.

والعقوبات الأمريكيّة الأخيرة على 14 مصرفا عراقيّا ووضعها في القائمة السوداء، ومنعها من دخول سوق الدولار في العراق؛ لاعتقادها بأنّ هذه المصارف مُساهمة في سياسة غسيل الأموال لصالح إيران، تدخل ضمن الملفّ الاقتصاديّ.

وخلال الأسبوع الماضي، وصل إسماعيل قاآني قائد فيلق القدس الإيرانيّ لبغداد، وهي زيارته الرابعة خلال مرحلة حكم السوداني، ولا شكّ بأنّ للزيارة علاقة بالتطوّرات الميدانيّة المُتسارعة.

جميع السيناريوهات السابقة متوقّعة، إلا أنّ سيناريو "الانقلاب" العسكريّ هو الأبعد، وسيناريو العقوبات الاقتصاديّة التي ستقود إلى تغيير معيّن في العراق، هو الأقرب والممكن.

وأرى أنّ الملفّ الأقوى يرتبط بالخدمات وبالذات بمعضلة الطاقة الكهربائيّة غير المستقرّة، وهذه بدورها ستقود إلى الورقة الأهمّ والأخطر، وهي الاحتجاجات الشعبيّة التي تتخوّف منها القوى الحاكمة ببغداد.

وقد تكون جميع تلك التحرّكات جزءا من أوراق "الكسب" للديمقراطيّين في الانتخابات الرئاسيّة العام المقبل.

وربّما هي جزء من تفاهمات أمريكيّة روسيّة وصينيّة سرّيّة لتقاسم الكعكة العالميّة في الشرق الأوسط وأفريقيا وأوكرانيا، وهذا السيناريو وارد، وبقوّة، وهذا ما ستكشفه المرحلة القادمة.

وفي المقابل، قد تدفع بعض القوى العراقيّة الفاعلة لنشر أخبار التغيير لـ"تخدير" الناس، وترقّبهم لتغيير خارجيّ، وهذه من أكبر الحُقن المخدّرة.

ومعلوم أنّ الشعوب الساكنة لن تنال ما تصبو إليه من حياة حرّة كريمة.

جميع السيناريوهات السابقة متوقّعة، إلا أنّ سيناريو "الانقلاب" العسكريّ هو الأبعد، وسيناريو العقوبات الاقتصاديّة التي ستقود إلى تغيير معيّن في العراق، هو الأقرب والممكن.

twitter.com/dr_jasemj67
التعليقات (3)
غزوان
الأحد، 27-08-2023 01:08 م
الاخ كاظم صابر // في العراق و حتى سوريا هناك نوعين من الميليشيات الشيعيه نوع ملتزم بالاوامر الايرانيه على سبيل المثال فيلق بدر و نوع غير ملتزم بل اصبح متمردا مثل الحشد الشيعي و هناك آخرون ... هؤلاء يقدمون مصالحهم على تنفيذ الاوامر بل وصل الامر بهم الاسبوع الماضي الى تهديد محمد السيستاني وهو يعتبر ممثلا للمرجعيه الشيعيه فلقد طلب بارجاع اراضي استولى عليها الحشد في بغداد /الجادريه من اصحابها الشيعه فقالوا له انك ليس عراقي فلا تتدخل و قاموا بتهديده و الخبر مؤكد . هؤلاء هم من سيجعل امريكا تتدخل فهم من يقصف القوات الامريكيه كما حصل منذ اسابيع على الحدود السوريه وهم من قام بتهريب اسلحه متطوره لحزب الله ( بمقابل ) و لعلك تعرف قصه الشاحنه التي انقلبت في لبنان فلقد كانت تحمل تلك الاسلحه و افتضح الامر و المصيبه لا يعرف كم شحنه قبلها هربوا . حاول ان تبحث في اليوتيوب عن فلم بعنوان ( ابو عزرائيل يستعرض بسلاحه الامريكي ) فهو كما يبدو من تلك التي هربت للبنان ..ثم ان بقاء العراق بلا نظام يصعب على الشركات الامريكيه العمل بالاضافه ان الامريكان وصلوا لقناعه بانه حان الوقت لتقليم اظافر ايران لانها تجاوزت الخطوط الحمر . و السعوديه بدأت تضغط على الامريكان بعلاقات مع دول أخرى و رفض تقليل سعر النفط بحجه بما انكم لا تحمونا فلم ننفذ أوامركم و خير دليل على برود العلاقات استقبال أمير مكه لبايدن منذ شهور اثناء مشاركه بايدن في أحدد القمم التي نظمتها السعوديه و هذا بروتوكوليا اهانه .. اما الحشود الامريكيه الحاليه فهي للتهديد و حرق الاعصاب والا فانهم اي الامريكان ( أقسم غير حانث ) يستطيعون تغيير الوضع بالتلفون لانهم هم من وضعهم بالسلطه سواء شيعه العراق او ملالي ايران ثم انهم جبناااء و بلا رجوله ايران تقاتل بالعراقي و السوري و الافغاني و بالباكستاني اما الايراني فلا . اليوم قطعت الحدود بين العراق و سوريا هل تتصور انهم بقوا لقتال الامريكان طبعا لا !!! الحافلات تنقلهم على مدار الساعه الى لبنان !! البارحه بعض ميليشيات ايران بالعراق فتحت باب التطوع لقتال الامريكان مقابل 150 دولار شهريا هل تنقصهم قوات والا هم يريدون من يقاتل وهم يتفرجون ( اذهب انت وربك فقاتلا انا ها هنا قاعدون ) الكلام كثير و المقام لا يسمح تحياتي
كاظم صابر
الأحد، 27-08-2023 05:24 ص
عندما احتلت أمريكا العراق عام 2003 ، كان عدد قواتها حوالي 130 ألف و شارك في الغزو 45 ألف جندي بريطاني ثم زعمت أمريكا أنها سحبت جيشها و بالطبع انسحب الجيش البريطاني فعلياً . في هذا التحرك الحالي عام 2003 ، صار عدد قوات أمريكا في العراق 150 ألف من دون مشاركة جيوش من أيَ دولة . انتشرت هذه القوات من الموصل شمالاً إلى البصرة جنوباً و بالطبع تبنت مليشيات جيش الحشد الشعبي " المُسماة اختصاراً ج ح ش" موقف (إذا حضر الماء بطل التيمم) . نشرت أمريكا حالياً 3 آلاف جندي من المارينز في قاعدة أسطولها الخامس في البحرين و هؤلاء قام الإعلام بالتركيز عليهم . انتشرت غواصات و سفن قتالية أمريكية حالياً في البحر الأحمر و بحر العرب و الخليج و علم الناس بوجود حاملتي الطائرات أبراهام لنكولن و جورج واشنطن في الخليج فهذا أمر لا يمكن إخفاؤه . زادت أمريكا من عدد قواتها في سوريا و صار لها 28 قاعدة عسكرية في محافظة الحسكة لوحدها و أدخلت لهذه المحافظة 1700 دبابة مع أسلحة متطورة أخرى و زادت أيضاً من عدد المليشيات الموالية لها . باختصار ، أصبح لأمريكا قوى ضاربة تستطيع تحطيم إيران و مليشياتها ، و لكنها لن تفعل ذلك لأن نظام الكهنوت في طهران عميل لها و قام بتأدية دوره الوظيفي في المنطقة تماماً كما أرادت و ها هي أمريكا تكافئ الملالي بمليارات الدولارات . إذن لماذا هذا الحشد الأمريكي الضخم ؟؟؟ هذا هو السؤال الذي يحتاج إلى إجابة .
غزوان
السبت، 26-08-2023 06:56 ص
هذه الفرصه الاخيره امام الامريكان لانقاذ ما يمكن انقاذه و ذلك بتغيير الوضع و تصفيه قاده الميليشيات الايرانيه و ملاحقه اعضائها بما في ذلك حشد السيستاني الشهور القليله القادمه ان لم يحصل تغيير سيعاد تشكيل جماعات مقاومه للنظام المدعوم ايرانيا و الامريكان لكن هذه المره ستكون مشتركه بين الشيعه و السنه .. لعبه الطائفيه لدى الشيعه انتهت بعد ان ادركوا بان تسلمهم الحكم لا يعني تغيير وضعهم و فقرهم .. اليوم غالبيه الشيعه يتمنى لو رجعت ايام صدام