قضايا وآراء

انتخابات رئاسية جديدة في مصر.. هل من جديد؟ (1)

حمزة زوبع
هل يأتي التغيير عبر الانتخابات الرئاسية؟- عربي21
هل يأتي التغيير عبر الانتخابات الرئاسية؟- عربي21
تنص المادة 226 من دستور 2014 الذي استحدثه العسكر بعد الانقلاب على الرئيس مرسي والتجربة الديمقراطية الوليدة على أنه يحق لرئيس الجمهورية أو خُمس أعضاء مجلس النواب طلب تعديل مادة أو أكثر من الدستور مع بيان تلك المواد وأسباب التعديل، وهي نفس المادة التي جعلت من المحظور تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية أو بمبادئ الحرية أو المساواة ما لم يكن التعديل متعلقا بمزيد من الضمانات. ورغم الحظر قام الجنرال بتعديل المادة 140 من دستور 2014 والتي كانت تنص على أن "يُنتخب رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات ميلادية، تبدأ من اليوم التالى لانتهاء مدة سلفه، ولا يجوز إعادة انتخابه إلا لمرة واحدة"، ورغم الحظر الدستوري قام الجنرال بتعديل الدستور والمادة 140 لكي يضمن استمراره في السلطة لست سنوات بعد أن كانت أربعا فقط، وأصبحت على النحو التالي بعد التعديل: "يُنتخب رئيس الجمهورية لمدة ست سنوات ميلادية، تبدأ من اليوم التالى لانتهاء مدة سلفه، ولا يجوز أن يتولى الرئاسة لأكثر من مدتين رئاسيتين متتاليتين".

لم يكتف الجنرال بذلك، بل قام باضافة مادة جديدة هي المادة 241 مكرر والتي تنص صراحة على انتهاء الفترة الأولى في 2018.

الجنرال يملك البلد وما فيها وبمقدوره تغيير كل قواعد الترشح والانتخاب وفي قبضة يده كل السلطات

إذن ووفقا للدستور المعدل أو المهجن فإن الجنرال الحالي قد ترشح وحكم لفترتين رئاسيتين منذ 2014 وحتى 2024، ولا يجوز له أن يتقدم للانتخابات مرة أخرى لأنه إن فاز فسوف يكون إجمالي مدد البقاء في السلطة ثلاث فترات متتالية، وهو بذلك يخالف الدستور... أليس كذلك؟ هذا السؤال طرحته مذيعة قناة البي بي سي العربية على مصطفى بكري، أحد أكبر مؤيدي الجنرال، فلم يستطع تقديم جواب شاف وتلجلج وتلعثم وكاد أن يسطو على المذيعة وهو ينظر إليها شذرا وكأنما يقول لها لماذا أنت غير مقتنعة؟

تفسير جهابذة النظام وأساتذة تفصيل القوانين والتشريعات أن التعديلات التي جرت على الدستور تمنح الجنرال الترشح لفترتين متتاليتين بعد التعديل، أي نبدأ من أول وجديد كما يقول العامة، ويصبح من حقه الترشح لفترة ثالة في 2024 ولكن لن نسميها فترة ثالثة حفاظا على شكل المجلس النيابي الذي قام بهتك عرض الدستور ومنح الجنرال عامين إضافيين لكل مدة وفترة رئاسية جديدة تنتهي في 2030 إن شاء الله.

دعك من هذا الجدل البيزنطي حول دستور العسكر فالجنرال يملك البلد وما فيها وبمقدوره تغيير كل قواعد الترشح والانتخاب وفي قبضة يده كل السلطات، وحتى الرجل الذي قام بالتعديلات الدستورية وتحمل الأذى من أجلها (رئيس مجلس الشعب السابق الدكتور علي عبد العال) قام بفصله وحرمه من السيارات الخاصة به والحماية التي تحرسه.

تعال ننزل إلى أرض الواقع التعيس لننظر فيما جرى وما يجري وما يمكن أن يحدث ونسأل بعض الأسئلة:

1- هل بمقدور أي قوة أن تمنع الجنرال المتمترس خلف الدبابات والعربات المصفحة في الداخل وفي إسرائيل والخليج النفطي في الخارج من مواصلة الحكم بأي شكل من الأشكال؟

هل تعتقد أنه بمقدور ما يسمى بالقوى المدنية أو الوطنية أن توقف قطار الجنرالات السريع، وهي التي نادت به في 2013 وتمنت عليه التدخل للإطاحة بالرئيس المنتخب ولأول مرة في مصر؟

2- هل يمكننا القول بأن مصر يمكن أن يحدث فيها تغيير سلمي وبإرادة شعبية في الوقت الذي تمارس السلطة كل أنواع البطش والتعذيب والاعتقال والأحكام الجائرة؟

3- هل تتوقع ولو بدرجة ضعيفة أن تكون هناك نسبة من الحرية في أي انتخابات تجرى في عصر الجنرالات وخصوصا الجنرال الحاكم؟

4- إذا افترضنا وجود احتمالية للتغيير السلمي عبر الصناديق في مصر فهل تعتقد أن الجنرال الذي يبني عاصمته العسكرية ويشيد قصوره الفخمة ويشتري طائرة جديدة بالمليارات؛ سيسمح لأحد أن يسكنها من بعده وربما من بعد أولاده؟

5- هل تعتقد وبضمير وطني خالص أنه بمقدور أي شخص مهما علا شأنه وارتفعت رتبته المدنية؛ منافسة الجيش المدجج بالسلاح والشرطة والمخابرات وجحافل البلطجية المنتشرين عبر القرى والمدن والنجوع والكفور؟

6- هل تصدق مثلي أن غياب الإخوان عن الشارع يضعف العملية السياسية حتى ولو كانت حرة ونزيهة؟

7- وهل تصدق أن الجنرال سيلتزم بالدستور المعدل في 2019 أم أنه وبمجرد تأكيد فوزه المقبل لا قدر الله سيقوم بتعديل الدستور كما صرح رئيس البرلمان السابق علي عبد العال في نيسان/ أبريل 2019: "لن تمر 10 سنوات على مصر إلا بوجود دستور جديد بالكامل، فنحن في حاجة إلى دستور جديد كلية من أول إلى آخر مادة"؟

8- هل تعتقد أنه بمقدور ما يسمى بالقوى المدنية أو الوطنية أن توقف قطار الجنرالات السريع، وهي التي نادت به في 2013 وتمنت عليه التدخل للإطاحة بالرئيس المنتخب ولأول مرة في مصر؟

9- هل تؤمن بأن الجيش وحنرالاته على وجه الخصوص يمكنهم التخلي عن المزايا التي تفوق الخيال والإقطاعيات التي يحكمونها بلا مراقبة ولا محاسبة من أجل أن يصل رئيس مدني منتخب من الشعب مباشرة؛ من الممكن أن يقوم بفتح ملفاتهم العفنة والتي وصلت رائحتها إلى زامبيا في الجنوب ونيوجرسي في أمريكا عبر الأطلسي؟

10- هل تعتقد أن في الجيش شخصا واحدا يؤمن بحق الشعب في أن يحكمه رئيس مدني؟

11- وهل تعتقد أن الجنرال الحالي بمقدوره إصلاح الوضع المهترئ والاقتصاد المنهار وإعادة بناء الدولة التي تفككت أوصالها على يديه في فترة مقبلة مدتها ست سنوات؟

12- وسؤال بسيط آخر ملحق بالسؤال السابق: هل تصدق أن لديه الرغبة في إصلاح ما أفسده، أم أن إفساد كل شيء كان مخططا ومطلوبا ومرغوبا، وأنه لن يترك السلطة حتى تصبح مصر في مؤخرة الأمم؟

13- هل تؤمن بأن الوضع خطير وينذر بثورة أو فوضى أو بكليهما؟ ويبقى فقط التوقيت إلا أن تدركنا ثورة سلمية خالصة أو تدخل إلهي يحول بين الجنرال وبين استمراره في الحكم أيهما أقرب؟

دون الدخول في تفاصيل متكررة ومعتادة في كل موسم انتخابي، فالفريق الملكف بإعادة تنصيب الجنرال لديه خطة لإنجاز المهمة، وإن ما تراه من عملية دفع لمرشحين محسوبين على الليبراليين والاشتراكيين أو ما يسمى بالتيار الوطني أو المدني حتى تخرج الصورة كما يراد لها أن تخرج. بالتالي فمن الطبيعي أن تجد الحرب معلنة والسيوف مشهرة على المرشح المحتمل، ولا ندري هل سيصبح مرشحا حقيقيا على قيد الحياة أم يحولون بينه وبطريقة ناعمة وبين دخول حلبة المنافسة، أو سيفعلون ذلك بطريقة خشنة إن تمادى في تصوره وخياله وجرأته في منافسة الجنرال والنيل منه علانية. وهنا أرجوك لا تندهش ولا تحرك حاجب التعجب فهذا النظام قتل الرئيس المنتخب "عيني عينك"، ولا أظن أن أحمد الطنطاوي عزيز عليهم.

الإخوان هم الغائب الحاضر في كل مناسبة سياسية ومع كل استحقاق انتخابي رغم أنهم مبعدون ومطاردون، ورغم أنهم صرّحوا غير مرة بأنهم لن يخوضوا غمار المنافسة على السلطة من جديد، كما أعلن الدكتور حلمي الجزار، رئيس المكتب السياسي للإخوان المسلمين

دون اتهام لأحد فإن المرشحين لنيل شرف منافسة الجنرال هم كومبارس تم التعاقد معهم ترغيبا وترهيبا في قاعة الاجتماعات الخاصة بالأجهزة السيادية، وتم تسريب ذلك في آذار/ مارس 2023، وها نحن اليوم نرى من يسمون بالمدنيين والليبراليين يتقدمون من أجل الترشح ويرفضون الاتفاق على مرشح واحد، خصوصا بعد أن ارتفعت أسهم أحمد الطنطاوي شعبيا وبدا نجمه في البزوغ، مما يوحي باحتمال ولو بسيط بتغيير المعادلة، هنا تحرك من بيده كافة الخيوط وقام بالضغط أو بالطلب من فريد زهران (الاشتراكي) وجميلة اسماعيل (الليبرالية) كما فعل مع عبد السند يمامة (الوفدي) دخول الانتخابات، مع تقديم أسباب ترشحهم وعلى رأسها كراهيتهم للإخوان واستعراض مواقفهم من الإخوان وكأنها الانتخابات تجرى من أجل إسقاط الإخوان وليس إزاحة الجنرال..

الإخوان هم الغائب الحاضر في كل مناسبة سياسية ومع كل استحقاق انتخابي رغم أنهم مبعدون ومطاردون، ورغم أنهم صرّحوا غير مرة بأنهم لن يخوضوا غمار المنافسة على السلطة من جديد، كما أعلن الدكتور حلمي الجزار، رئيس المكتب السياسي للإخوان المسلمين، في لقائه على قناة الشرق المعارضة.

لست متشائما ولا رافضا لفكرة التغيير عبر الانتخابات رغم إيماني بأنها ستزوّر، وأفضّل دائما الاستمرار في النضال السياسي حتى تحقيق التغيير المنشود، ولكنني أراه من الصعوبة بمكان أن يحدث إلا بشروط، وهذا ما سأتناوله في المقال المقبل إن شاء الله.
التعليقات (2)
علاج بلحة ابن مليكة
الجمعة، 29-09-2023 05:39 م
لنتخيل ان طنطاوي أعلن ان أول قراراته لو أصبح رئيسا هو ان يلغي التجنيد الإجباري..... لصوت له شباب مصر كلهم .... و لسقط بلحة من أعلى النخلة و معاة سباطة البلح المعفن كله بتاع الجيش.
أم الحفر
الأربعاء، 27-09-2023 01:00 ص
الشعب يريد صناديق بطاطس وطماطم.. وليس صناديق أو مراحيض بلحه ، الإنتخابات لها قيمتها عندالدول و ليس الحفر