رجح أوستن سارات، أستاذ التشريع والعلوم
السياسية بكلية أمهرست، أن تكون لأحداث غزة اليوم تأثير على فرص جو
بايدن في
الانتخابات الرئاسية القادمة.
وقال في مقال نشر موقع "
ذي هيل"
إن هناك رابطا بين طريقة تعامل بايدن مع الحرب في الشرق الأوسط وفرص عودته إلى البيت
الأبيض بعد تشرين الثاني/ نوفمبر 2024.
وأضاف أن الرئيس بايدن يجد نفسه أمام منعطف
سياسي منذ هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر. فحدسه السياسي وإيمانه القوي بحق "إسرائيل"
بالدفاع عن نفسها ضد الهجوم يكلفه دعما من الجناح الليبرالي في الحزب الديمقراطي وأماكن
أخرى، لكنه لو خفف من التزاماته من خلال الدعوة لحماية وضمان أرواح الفلسطينيين، فإنه
قد يخسر قطاعات واسعة من اليهود الأمريكيين وبعض المعتدلين.
في البداية لم يظهر بايدن أي اهتمام بهذه
التداعيات، ومنح "إسرائيل" دعما لا لبس فيه وقال في خطاب ألقاه من البيت الأبيض: "لا تبرير للإرهاب ولا يوجد هناك أي عذر". ووصف الرئيس "حماس"
بأنها شر مطلق، وصور حملتها ضد إسرائيل بأنها "جريمة على قاعدة مروعة"، وأكد
أن أمن الولايات المتحدة على المحك، وأعلن عن نشر أرصدة عسكرية أمريكية مهمة في المنطقة.
وأكد على هذا برحلته إلى دولة الاحتلال في 18 تشرين الأول/ أكتوبر حيث عانق رئيس الوزراء
بنيامين نتنياهو، حقيقة وبالفعل.
وفي 27 تشرين الأول/ أكتوبر نشرت وكالة
"رويترز" خبرا قالت فيه إن بايدن وفريقه بدأوا بالتحول في نبرتهم بالأزمة،
وتحركوا من الدعم المطلق إلى ضرورة حماية المدنيين في غزة، وقبل الغزو البري الإسرائيلي.
وبحسب مسؤول طلب عدم الكشف عن هويته، واستشهد به في تقرير، إن التغير نابع من
"عدم توقع الإدارة زيادة القتلى المدنيين بهذه الطريقة السريعة، وأن يتدهور الوضع
الإنساني بهذه الطريقة". وفي خطابه للأمة في 20 تشرين الأول/ أكتوبر عبر الرئيس
قائلا "أشعر، مثل الآخرين، بحزن شديد على الخسارة المأساوية لحياة الفلسطينيين
بما في ذلك الانفجار في مستشفى بغزة والذي لم يرتكبه الإسرائيليون". وأضاف:
"نحزن على كل حياة بريئة فقدت، ولا يمكننا تجاهل إنسانية الأبرياء الفلسطينيين
الذين يريدون العيش بسلام والحصول على فرصة"، وأكد على موقفه من حل الدولتين.
ويرى سارات: حتى أنه مع تطور موقف بايدن،
فإنه يواجه وضعا سياسيا معقدا، فالتداعيات السياسية المحلية كانت سريعة ودرامية وتشير
إلى مشاكل جديدة لإعادة انتخابه. ففي 26 تشرين الأول/ أكتوبر أظهر استطلاع لغالوب
أن الدعم الشعبي لأداء بايدن بين الديمقراطيين تراجع 11% إلى 75% في الشهر الماضي،
وهي الأسوأ في رئاسته ومن حزبه.
وأدى هذا التراجع إلى التراجع العام بأربع نقاط إلى 37% وهي النسبة الأسوأ له. ولاحظ استطلاع غالوب أن شعبية بايدن بين المستقلين
تراجعت بأربع نقاط إلى 35%. ويعكس التراجع لشعبيته داخل الحزب أن التعاطف مع الفلسطينيين
داخل الذين يعرفون أنفسهم كديمقراطيين هي أعلى من التعاطف مع "إسرائيل".
وفي استطلاع لغالوب نشرت نتائجه في آذار/ مارس 2023 وجدت أنه "بعد عقد أظهر فيه الديمقراطيون
تقاربا باتجاه الفلسطينيين، فتعاطفهم في الشرق الأوسط يقع مع الفلسطينيين أكثر من الإسرائيليين،
49% ضد 38%". وفي عام 2020 اختار الناخبون اليهود بايدن على الرئيس الجمهوري دونالد
ترامب بهامش 77% إلى 21%، ولو استمر التحول في التعاطف الذي وثقته غالوب وكلف بايدن
الدعم اليهودي في 2024 فإن فرص إعادة انتخابه ستتضرر.
وبعد هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر كان دعم
بايدن بين المستقلين خفيفا، فمع أن نسبة 54% دعمت مواقفه من "إسرائيل"، قالت
نسبة 33% إن على الولايات المتحدة ألا تقول أو تفعل شيئا. ولاحظ استطلاع غالوب أن نسبة
الدعم لبايدن هي محل خلاف جيلي، فنسبة الداعمين لـ"إسرائيل" من المولودين
بعد الحرب العالمية الثانية عالية، أما المولدون بعد الألفية وقبلها بسنين فتعاطفهم
هو مع الفلسطينيين أكثر من "إسرائيل".
اظهار أخبار متعلقة
وعكست الاستطلاعات التي أجريت بعد هجمات
حماس هذا الانقسام، ففي استطلاع "أن بي أر/بي بي أس" قالت نسبة النصف من
الجيل الجديد إن على أمريكا دعم "إسرائيل" مقابل نسبة 83% من المولودين بعد
الحرب العالمية الثانية أو نسبة 86% من المولودين قبلها. إلا أن الاستطلاعات بين الطلاب
تقدم صورة أوضح عن هذا الانقسام، فقد حملت نسبة 52% الهجمات على حماس، ولامت نسبة
11% "إسرائيل"، و14% حكومات الشرق الأوسط، و25% على طرف آخر.
ولا يستطيع بايدن أن يتحمل خسارة الجيل
الشاب الذي خرج للتصويت له بأعداد كبيرة في 2020. ولكن استطلاعات 2023 تعطي صورة أن
الجيل الشاب غير راض عن بايدن حتى قبل هجمات حماس. وأظهرت استطلاعات أخيرة أن الدعم
الكامل الذي قدمه بايدن لـ"إسرائيل" أثار غضب العرب والمسلمين الأمريكيين
وبخاصة في ميتشغان. وفي 2020 نال حصة الأسد من أصواتهم وساعدوه على الفوز بالولاية.
وأشارت صحيفة "نيويورك تايمز" إلى أن النقد المتصاعد في أروقة الكونغرس هي من
الديمقراطيين الأفارقة والهسبانو الذين ساعدوا على انتصاره عام 2020. وطالبت كوري بوش بوقف الدعم الأمريكي عن "إسرائيل"، فيما وقع عدد من النواب الأمريكيين على
رسالة لخفض التوتر. وبالنسبة لرئيس كان فوزه على الهامش في الولايات المتأرجحة، فالنقد
من الشباب والمستقلين والنواب التقدميين هي أخبار سيئة له.
فالحرب المأساوية في الشرق الأوسط تعقد
وضع بايدن المتأرجح وتضع مصاعب حقيقية أمام إعادة استراتيجية انتخابه. والكثير سيحدث
بين الآن ويوم الانتخابات في العام المقبل، ولكن ربما ظهر أن معالجة بايدن للوضع في
الشرق الأوسط سيكون حرجا لمنظور بقائه في البيت الأبيض.