ملفات وتقارير

"حرب التجويع" تبلغ ذروتها في غزة.. ما هدف الاحتلال في استخدامها؟

مساعدات غزة أمام معبر رفح - جيتي
مساعدات غزة أمام معبر رفح - جيتي
منذ بدء الحرب على قطاع غزة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، عمد الاحتلال على استخدام التجويع كسلاح ضد المدنيين، من خلال قطع المياه والغذاء والكهرباء عنهم، والتحكم بمقدار المساعدات التي تدخل عبر معبر رفح وآلية توزيعها.

ما هو حال أبناء القطاع ؟ 

قال الصحفي مؤمن قريقع في تسجيل صوتي على منصة أكس " تويتر سابقا " أن قطاع غزة دخل مرحلة التجويع نتيجة قيام الاحتلال بقصف أكبر مخبز يقدم الغذاء للعائلات في مستشفى الشفاء وقصف المخابز كاملة في القطاع ومخازن الطحين، فهو يدمر كل شيء له علاقة بالغذاء. 

وتداول ناشطون فيديوهات تظهر حجم المعاناة التي يعيشها أهالي قطاع غزة، إذ نشر فيديو يظهر عشرات النازحون يتزاحمون في مدينة رفح للحصول على طبق من العدس. 



رئيس مكتب الإعلام الحكومي في غزة، سلامة معروف قال في مؤتمر صحفي أن الاحتلال يهدف من حرب التجويع في قطاع غزة إلقاء المواطنين في صحراء سيناء.

قال محمد علاء وهو أحد أبناء القطاع عبر منصة أكس ( تويتر سابقا ) :" أن الوضع الغذائي في مدينة غزة وشمال القطاع كارثي لأبعد الحدود، المحلات التجارية على مرأى عيني فارغة تمامًا من أي مواد تموينية، ذهبنا لنشتري المعلبات وغيرها ولم نجد في ما يزيد عن 10 محلات في المنطقة، والموجود هو بأضعاف السعر، يقتلوننا بشتى الطرق انتقامًا من إخواننا المجاهدين".
 
أما عن البدائل، أظهرت مقاطع فيديو لبعض العائلات في القطاع تقوم بالطهي على الحطب نتيجة لغياب الغاز، وفيديوهات أخرى تظهر المحال التجارية فارغة من المواد الغذائية وسط تفشي الجفاف والأمراض في ظل الحصار الإسرائيلي المستمر. 



 كيف تعاملت المنظمات الإنسانية داخل القطاع مع المساعدات ؟ 


أشعرت قوات جيش الاحتلال المنظمات الإنسانية والإغاثية التي اعتادت أن تتخذ من قطاع غزة مقرا لها، أن عليها إخلاء المكان بالتوجه إلى جنوب وادي غزة. 

استجابت تلك المنظمات، وبالتزامن مع ذلك وجه جيش الاحتلال نفس الإشعار إلى سكان قطاع غزة الذي يتجاوز عددهم مليوني إنسان، إذ عليهم ترك منازلهم والتوجه الى جنوب وادي غزة. 

سرعان ما رد المكتب الإعلامي الحكومي أن هذه الإشعارات هي"دعاية زائفة وحرب نفسية" مطالبا سكان القطاع عدم الاستجابة لها، وبالفعل لم يستجيبوا لنداء الاحتلال وبقوا مرابطين في مناطقهم،  في حين انسحبت المنظمات الإغاثية من المشهد، وجعلت سكان غزة  أمام خيارين إما اللحاق بها والحصول على خدماتها أو البقاء في القطاع ومواجه سلاح التجويع. 

في المقابل، الوضع الإنساني للعائلات المتواجدة في جنوب قطاع غزة لم يكن أحسن حالًا، إذ تداول ناشطون مقطع الفيديو يظهر عددا من المدنيين، دفعهم الجوع ونقص الإمدادات الغذائية إلى اقتحام مخزن أونروا في مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، ومخازن أخرى وسط القطاع، للحصول على بعض المواد الغذائية. 
 
جاء ذلك وسط حديث الاونروا أنها لا تملك المساعدات في حين أظهرت الفيديوهات أن المخازن يتواجد بها مواد غذائية، مما دفع ناشطون لتوجيه اتهامات أنها متواطئة في تجويع الفلسطينيين. 



تجويع سلاح لتهجير سكان شمال غزة 


في 21 تشرين الأوّل/ أكتوبر الماضي، دخلت أولى قوافل المساعدات الدولية إلى غزة، تضم 20 شاحنة محملة بمياه الشرب ومساعدات طبية وأغذية.

وجاء ذلك نتاج ضغوط دولية وشروط أمريكية إسرائيلية، وتم الاتفاق على تسليم هذه المساعدات إلى 3 جهات فقط، وهي: الأمم المتحدة (الأونروا)، ومنظمة الصحة العالمية، والهلال الأحمر الفلسطيني.

تلك المساعدات وصلت إلى جنوب قطاع غزة، في حين أن مدينة غزة وشمالها غزة لم يرى شيئا من تلك القوافل.

أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية أيمن براسنه يقول لـ "عربي21" أن الاحتلال يعمل على تهجير سكان قطاع غزة من خلال تجويعهم والعمل على استنزاف المقاومة مراهنا على الوقت، النداءات المتكررة التي يوجهها للسكان دليل قطعي على نية مبيته للاحتلال .

وأضاف أن قطع المساعدات و التضييق ممنهج ومدروس، من خلال الضغط على المنظمات الإغاثية على الخروج من شمال القطاع.

وتابع بأن مجمل المساعدات التي تصل هي من جهات مانحة بعضها يدعم الاحتلال، بالتالي يتم توظيف المنظمات لتحقيق أهداف الحرب المتمثلة في تهجير أهل غزة من خلال تجويعهم. 

إطلاق الاسرى أو خنق القطاع 


يقول المحلل السياسي خالد شنيكات لـ "عربي21" إنه  منذ بدء الحرب على قطاع غزة لم تدخل مساعدات بشكل كافي وتم مقايضة بينها وبين إطلاق الأسرى لدى المقاومة. 

وأضاف أن خنق القطاع جزء من استراتيجية الحرب، مشيرا إلى أن قبلها كان هناك 400 شاحنة تدخل على القطاع يوميا، اليوم بالكاد تصل 60 شاحنة، أملا من الاحتلال في أن ترفع حماس الراية البيضاء. 

أين توجد مصر في المشهد ؟ 


يعتبر معبر رفح المتنفس الوحيد لسكان قطاع غزة على العالم، بعد أن أغلقت السلطات الإسرائيلية جميع منافذه خلال الحرب، إلا أن السلطات المصرية لم تستطيع إدخال المساعدات إلى القطاع إلا بعد موافقة الاحتلال.
 
بات معبر رفح محط الأنظار والاهتمام الدولي، رغم عدم وجود قوات إسرائيلية على الحدود بين مصر وغزة.

وفي معركة طوفان الأقصى قام الاحتلال في قصف المعبر عدة مرات خلال عملية "طوفان الأقصى"، واستهدف القصف المنطقة العازلة بين البوابتين المصرية والفلسطينية للمعبر، مما أدى إلى وقوع أضرار أدت إلى إغلاقه. 

تحذير من المخطط الاسرائيلي 

حذر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن "حرب التجويع الإسرائيلية تبلغ ذروتها في قطاع غزة من خلال منع الإمدادات الغذائية وقصف المخابز وخزانات المياه".

وأوضح المرصد، وهو منظمة مستقلة مقرها جنيف، أن "إسرائيل تهدف إلى مفاقمة الوضع المعيشي في غزة، الذي وصل إلى مستويات كارثية".

وشدد على أنها تتعمد كذلك تركيز هجماتها مؤخراً على استهداف المولدات الكهربائية ووحدات الطاقة الشمسية التي تعتمد عليها منشآت تجارية ومطاعم ومؤسسات مدنية في الحفاظ على الحد الأدنى الممكن من عملها.

وتشير تقديرات برنامج الأغذية العالمي إلى أن المخزونات الحالية من السلع الغذائية الأساسية ستكون كافية لأربعة أيام على الأكثر قبل أن تنفد بشكل نهائي.

وأكد المرصد الأورومتوسطي أن الحصول على الخبز في قطاع غزة بات يشكل تحدياً وجودياً، إذ لا تزال المطحنة الوحيدة العاملة في غزة غير قادرة على طحن القمح بسبب نقص الكهرباء والوقود.

ولليوم الحادي والثلاثين يشن الجيش الإسرائيلي "حرباً مدمرة" على غزة، قُتل فيها 9770 فلسطينياً، منهم 4800 طفل و2550 سيدة، وأُصيب أكثر من 24 ألفاً آخرين، كما قُتل 153 فلسطينياً واعتُقل 2080 في الضفة الغربية، حسب مصادر فلسطينية رسمية.
التعليقات (0)