سياسة عربية

"100 يوم من النزوح".. غزيون يروون لـ"عربي21" مآسي من حياتهم اليومية جراء العدوان

يواصل الاحتلال حرب الإبادة الجماعية ضد أهالي قطاع غزة لليوم الـ107 على التوالي- الأناضول
يواصل الاحتلال حرب الإبادة الجماعية ضد أهالي قطاع غزة لليوم الـ107 على التوالي- الأناضول
مر أكثر من 100 على حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على قطاع غزة وجريمة تهجير الفلسطينيين إلى المناطق الجنوبية، التي اكتظت بنحو مليوني شخص، ضمن ظروف معيشة مأساوية.

ويعيش الفلسطينيون الذين بقوا في شمال غزة أوضاعا أكثر صعوبة وقسوة وسط شخ كبير في المواد الغذائية والتموين وغلاء منقطع النظير في الأسعار مع انعدام فرص العمل.

نرصد في "عربي21" الكارثة الإنسانية غير المسبوقة في قطاع غزة مع دخول الحرب شهرها الرابع.
يقول سامي (35 عاما)، إنه نزح عن بيته في شمال قطاع غزة منذ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ومنذ ذلك الحين وهو في حالة نزوح مسترة من مكان إلى آخر.

ويضيف سامي الذي يعمل مهندسا وانقطع مصدر دخله حاليا: "قبيل الحرب، عملت كاستشاري في عمل جزئي، ولولا الله ثم الدخل الذي توفر من هذا العمل لكنت لا أعرف ما الذي سأفعله أو أوفر الطعام لعائلتي".

ويوضح خلال حديثه لـ"عربي21": "منذ الصباح الباكر، تبدأ المعاناة من إشعال النار من أجل إعداد الخبز، ثم طهي الطعام إن كان هناك ما يوجد لإعداده، ثم البحث عن مياه مالحة من أجل دورات المياه، ومياه حلوة من أجل الشرب".

اظهار أخبار متعلقة


ويشر إلى أنه كان في السابق يعاني من نوبات الأرق الشديد، وعدم تمكنه من النوم لليلة أو أكثر، قائلا: "أنام الآن كطفل صغير وأنا جالس.. ليس بسبب خلو الرأس من الهموم، إنما بسبب التعب الذي يهد الحل".

بدوره، يقول أحمد إنه فقد والده خلال الحرب بسبب جلطة قوية، بحسب ما قال الأطباء، موضحا: "في الحقيقة والدي طق من الزعل والوضع الذي وصلنا له، كان والدي صاحب أموال وعقارات ومشاريع في مدنية غزة".

ويضيف أحمد أن والده الذي لم يتجاوز عمره 55 عاما كانت تصله أخبار خسارته تواليا، سواء تدمير محل تجاري أو سقوط عمارة سكنية يملكها أو احتراق مخزن بضائع يستأجره.

ويذكر: "كنا نهون عليه ونقول له المهم صحتك بالدنيا كله معوض والمال بروح وبيجي، لكنه لم تهن عله نفسه ولا زوجته وبناته، بعدما انتقلنا للعيش في خيمة في رفح، من رحلة نزوح مرت على أكثر من مدينة ومخيم".

ويضيف: "راح المال وراح صاحب المال، والدي لم يكن مريضا أو صاحب علات مزمنة، لكن هذه الحرب لا تقتلنا بالصواريخ فقط، هذه حرب بشعة تقل الإنسان من داخله".

من جهتها، تقول فايزة إنها فقدت أختها وأخاها في قصف إسرائيلي لهم في أثناء جمعهم للحطب من أرض لهم في مدينة دير البلح، ثم توفي زوجها بسبب مضاعفات نقص عملية الغسيل الكلوي التي تقلصت لأقل من الثلث.

وتكشف فايزة (38 عاما)، أن زوجها حاله حال الكثير من المرضى تأثر من الازدحام الشديد على قسم الغسيل في مستشفى أبو يوسف النجار في مدينة رفح، وذلك بعد تقليص ساعات الغسيل من 12 ساعة أسبوعيا إلى 4 ساعات فقط.

وتوضح أن عملها وفر لها مكانا للإقامة منذ بدء عمليات النزوح، ما جنبها معاناة الخيمة وعدم توفر دورات المياه وغيرها من أبسط تفاصيل الحياة، قائلة: "أنا مستعدة لمقايضة كل ذلك مقابل ما خسرت من أهلي وعائلتي".

وتضيف: "أنا الآن لا أنتظر أي شيء.. أنا مستعدة للصمود في هذه الحرب سنوات وسنوات، أهلي فقدتهم وزوجي المريض فقدته، ولا أعرف أي شيء عن مصير بيتي".

من جهته، يعتبر نبيل أن هذه الحرب أخرجت أفضل وأسوأ ما في الناس خلال لحظاتها الحرجة، قائلا: "بصراحة لدي قريب كنت لا أحبه، وعندما كان يزورني في غزة، كنت أتثقل منه وأنتظر لحظة رحيله، لكن عندما حدث النزوح كلمني مباشرة وأصر علي للمجيء إلى بيته في الجنوب، وأكرمنا كل الكرم رغم وضعه المادي المتواضع".

ويضيف نبيل (56 عاما): "تركنا منزل قريبي من خانيونس، وفي الواقع ليست كل الناس شهمة وتساند الغير، لكن في كل مكان يوجد الخير والمساعدة رغم الظروف الصعبة على الجميع".

أما حسام (33 عاما)، فيقول إنه بقي في غزة رافضا النزوح، وإنه نجا مع عائلته من الموت المحقق أكثر من مرة بفضل العناية الإلهية، مضيفا: "كل مرة أنظر للسيارة وكيف تحولت أبوابها إلى ما أشبه بالمصفاة بفعل الرصاص الحي، أتعجب كيف لم يصب أحد منا بأذى.

ويذكر حسام لـ "عربي21": "انتقلت بين بيوت كثيرة، لا أستطيع حتى تذكر عددها؛ بحثا عن الملجأ من القصف والموت، وكلما كنت أحدث أحد الأقرباء من الناجين كانوا يقولون لي اذهب إلى بيتنا.. اكسر الباب إن كان مغلقا وخد ما تريد من الاحتياجات والطعام".

اظهار أخبار متعلقة



ويؤكد: "حياتنا صارت أشبه بأفلام ومسلسلات الزومبي ونهاية العام.. نبحث في البيوت عن الملاذ والطعام والشراب مع دمار في كل مكان".

ويختتم حديثه بالقول: "في الحقيقة، أستيقظ في بيت ولا أعرف أين سأمسي في بيتي أم في بيت قريبي أو حتى في بيت لناس لا أعرفه".

ولليوم الـ107 على التوالي، يواصل الاحتلال ارتكاب المجازر في إطار حرب الإبادة الجماعية التي يشنها على أهالي قطاع غزة، مستهدفا المنازل المأهولة والطواقم الطبية والصحفية.

ويعاني أهالي قطاع غزة من كارثة إنسانية غير مسبوقة، في ظل تواصل العدوان والقصف العشوائي العنيف، وسط نزوح أكثر من 1.8 مليون نسمة داخليا إلى المخيمات غير المجهزة بالقدر الكافي ومراكز الإيواء.

وارتفعت حصيلة ضحايا العدوان المتواصل على قطاع غزة إلى نحو 25 ألف شهيد، فيما تجاوز عدد الجرحى حاجز الـ62 ألف مصاب بجروح مختلفة، فضلا عن الدمار الهائل في الأبنية والبنية التحتية.

التعليقات (0)